هل ضاقت الحيوانات ذرعا ببني البشر¿ فراحت تحيك له
المؤامرات وتدبر له الأزمات¡ لتسقط العشرات من الضحايا¡ الذين لا يدرون بأي ذنب
قتلوا¿ هل ملّت الحيوانات من الانقياد للإنسان¡ وأعلنت التمرد عليه¿

أسئلة
كثيرة فرضت نفسها بقوة أخيرا¡ بعد سلسلة غير قصيرة من الحوادث شهدها العالم في
سنواته الأخيرة¡ وربما لم يصل الأمر بعد إلى حد ما يمكن وصفه بـ «الظاهرة» ولكن
تتابع هذه النوعية من الحوادث¡ بوتيرة متسارعة تضع الحيوان في قفص الاتهام¡ جنبا
إلى جنب مع مجرمي الحروب من بني البشر¡ الذين يرتكبون جرائم إبادة ضد
أقرانهم.

مصر مثلا شهدت الأسبوع الماضي حادثين¡ أولهما مؤلم.. وثانيهما طريف
في سببه ومؤلم أيضا في نتائجه¡ ولكن النهاية سقوط العشرات بين قتلى ومصابين¡ أما
السبب في الحادثين.. فكان «جاموسة».

الحادث الأول. حصل مطلع الأسبوع الماضي
بمدينة العياط المصرية (80 كيلو مترا جنوب القاهرة)¡ عندما تسببت جاموسة الفلاح
البسيط صابر إبراهيم في حصول تصادم بين قطارين¡ أودى بحياة 18 مصريا وإصابة مثلي
هذا الرقم¡ واستقالة وزير النقل المصري محمد لطفي منصور.

أما الحادث الثاني
فحصل الأربعاء الماضي¡ عندما اندلعت هوشة في سوق للماشية بمحافظة المنوفية (70 كيلو
مترا شمال العاصمة المصرية) بين عائلتين¡ بسبب جاموستين¡ أسقطت 30 مصابا¡ حالة
بعضهم خطيرة.

وبحسب تقارير صحافية فإن حالة من التقارب جمعت بين الجاموستين
«ذكر وأنثى» كادت تصل إلى الفعل الفاضح في سوق عام فردد القوم بيت الشعر المشهور لا
يسلم الشرف الرفيع من الأذى... حتى تراق على جوانبه الدم.

واندلعت هوشة
استخدمت فيها الأسلحة البيضاء¡ أصابت المصريين الـ 30.
والشهر الجاري. شهد
توليفة أخرى من الحوادث¡ التي كان سببها جاموسة¡ ففي أبريل الماضي تمردت جاموسة على
صاحبها السبعيني فتحي مجاهد عبدالهادي¡ ونطحته فيما كان يضع لها طعامها¡ فكسرت
جمجمته¡ وأصابته بتهتك في جمجمة الرأس¡ وأردته قتيلا¡ في تلك الحادثة التي وقعت
بمحافظة البحيرة.

والجاموسة كانت حاضرة بشكل غير مباشر عندما أردى مصري
زوجته خنقا والسبب أن المغدورة كانت تصر على شراء جاموسة بعد بيع محصول القمح¡
بينما القاتل كان يريد شراء بقرة.

هذه النوعية من الحوادث لم تعد قاصرة على
مصر¡ ولكنها امتدت بتفاصيل أكثر إثارة إلى دول أخرى ففي 8 مايو من العام 2008 قتلت
جاموسة شاردة 3 أشخاص في زيمبابوي.

ولعل أطرف الأزمات التي أثارتها
الحيوانات كانت في يوليو الماضي¡ عندما تسببت بقرة في أزمة ديبلوماسية بين تركيا
واليونان¡ وبحسب تقارير صحافية فإن بقرة يونانية تسللت إلى داخل الأراضي التركية
عبر الحدود المشتركة للبلدين وأمسكت بها قوات حرس الحدود¡ واحتجزتها خشية أن تكون
حاملة لمرض¡ قد يؤدي إلى إصابة الحيوانات التركية.

ونقل الأمر إلى وزارة
الخارجية التركية التي حررت مذكرة رسمية بعثت بها إلى الخارجية اليونانية تطالب
فيها السلطات اليونانية باسترداد البقرة¡ لكن الخارجية اليونانية لم
ترد.

وبعد هذا السرد «التاريخي» للحوادث التي لعبت فيها الجاموسة دور
البطولة المطلقة¡ أو دورا رئيسيا. هل يمكن تبرئة هذه الحيوانات من دماء الضحايا¿ أم
لا نستبعد نظرية «المؤامرة» التي من الممكن أن تكون محركا قويا لتلك الدواب
المتمردة التي تفكر وتخطط من أجل التنكيل ببني البشر¡ أم أن الأمر يتطلب تدخلا
فوريا من منظمة الأمم المتحدة أم تشهد السنوات المقبلة تحركا بشريا لتدشين جمعيات
تهدف إلى الرفق بالإنسان من بطش الحيوان¿

وقبل فترة غنى الفنان المصري يونس
شلبي لـ «الجاموسة» في مسرحية «العيال كبرت» «جاموسة راحت تقابل جاموسة... لقتها
بقرة يا عيني» ثم اختفت الجاموسة لتعود إلى الواجهة بحوادث عدة متتالية.