تمهيد
:
"
دَمْعَة مُوَحِّد "
شعارها لا إله إلا الله
و مبدؤها "التوحيد"
و رسالتها آية الله في كتابه العزيز "قل هذه سبيلي"
فأما "الدمعة و العَبرَة"
..
فهي دمعة تختلف تمامًا عن عبرات الوجع الدفين و الحزن الأليم أو
القلب الكسير المتعلقة بدنيا الفناء ..
ليست دمعة جزع و وجع
و لا ألم و سقم ..
هي دمعة الحب المزدان رغم فصول القلب المتقلبة ،
هي دمعة الشوق و الحنين للقاء ربّ العالمين
.
هي دمعة خشوع و ركوع في رحاب صلاة
سافر بها القلب إلى معاقل الخضوع ..
لا لأي أحدٍ و إنمّا
لله وحده وهناك أبى الرجوع إلى دنيا المعاصي و الرذائل و الفسوق
.
دمعة تطأ الجنّة و تسقى من ماء
المعين في حوض الكوثر و يمتد ناظرها للرحيم ، للنور ، للتواب ، للكريم ،
للرحمن الرحيم ، لربّ تفرد بالعبودية و الألوهية المطلقة و
الربوبية العادلة الرحيمة بالعباد .
هي دمعة خائف و دمعة راجٍ و
دمعة محبٍّ و دمعة فرحٍ
و دمعة رقيقٍ تمازجت في قالبٍ واحد
..
"دَمعَة
مُوحِّد"
رزقنا الله و إيّاكم طعم هذه الدمعة الحلو و مذاقها
الساحر و أسكننا و إيّاكم الجنّة و سقانا من معينها
.
و أما "لا إله إلا الله"
فهي .. نداء التوحيد
الأول و ركيزة الإيمان
هي الدافعة للحنين و
التوق للقاء ربٍّ رحيم..
كلمة التوحيد تُقر
بها النفوس المطمئنة بالتصديق الجازم
و تستسلم لها
الجوارح المنقادة بالفعل الطيب ..
و تحلو بها الأفواه العذبة بالذكر الحسن و
القول الصادق العطر
"التوحيد"
هو رسالة البشر و
الرسل أجمعين ..
حروفه تتردد على مسامعنا في كل آذان ، في كل صلاة ،
في كل تكبيرة أو تهليله ..
أسمعها في تسبيح أمي
و أقرأها في كتبي و سجلاتي
و أدونها في دفاتر
ذكرياتي ..
هي كلمات تبعث في النفس و الروح
اطمئنانا و سكينةً و انشراحا
..
ترسم على ملامح المحيّا تفاصيل السعادة الكبرى
و الهناء الدائم في دار الآخرة
..
هي كلمات تلامس شغاف القلب
و تليّن الفؤاد
الملطخ بالذنوب و المعاصي ..
و عندها تنتفض دمعة
و تسترسل أخريات ،
تنسكب في قلب روي
بالإيمان بعد أن داسته رذالة الخطيئة
و لكنّه عاد لله و
تاب و آب ..
- ها هي ذي تحمل
رسالة -التَوحِيدْ-
و تمضي في سبيل الله
شعارها لا إله إلا الله و رسالتها
"قل هذه سبيلي" و طهارتها دمعة!
[:~ دَمْعَة
مُوَحِّد ~:]
أيّ عين تلك التي يَجمُلُ بها أن تستبقي في محاجرها دمعة واحدة، فلا
تريقها،
وهي ترى الفئام تلو الفئام، حائرين في
الظلمات والأوهام ..
وأي قلبٍ يستطيعُ أن
يستقرّ بين جنبي صاحبه،
فلا يطير جزعاً، وهو
يرى حينما يرى الحائرين على الأعتاب، في ركوع وسجود، ودعاء وصمود، لغير الله الواحد
المعبود.
وما أجمل أن يعيش العبد مع الله، دون ما
سواه،
فإذا حزبه أمر لم يفزع إلا لله،
وإذا نابته حاجة لم يرفع أكف الضراعة إلا
لمولاه.
[:~ دَمْعَة
مُوَحِّد ~:]
.. يسكبها قلب الموحد قبل عينه
..
دمعة موحد
..
حرقة
تعيشها أمة التوحيد حينما تلتفت هنا وهناك
وهي ترى الانتهاكات التي تحدث ليلاً
ونهارا ، سرا ًوجهارا ، لتهدم سبل النجاة وطريقها ..[: التوحيد:]
[: التوحيد:]
أعظم وأهم مسألة في حياة العبد على
الإطلاق
أهمية التوحيد للعباد
:
قال تعالى : ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾[الذاريات: 56]
التوحيد هو الغاية من خلق الجن والإنس
.
خلق الله
الخلق للعبادة وأسكنهم في الأرض وأدر لهم الرزق ليستعينوا بها على
عبادته
ولكي
يُعرف طريق العبادة ؛ أرسل الله الرسل ،
فأجمعوا عليهم الصلاة والسلام على أن
العبادة التي خلق الخلق من أجلها هي
توحيد الله في العبادة فلا يعبد أحد
معه
قال
تعالى : ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ
اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]
ما من أمة
متقدمة أو متأخرة إلا بعث فيها رسولا وكلهم متفقون على التوحيد وهو عبادة الله وحده
لاشريك له ..
ومن أجل ذلك
:
كان التوحيد رأس المحبوبات وأول الأوامر
وقوله تعالى
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[الإسراء:23]
الآية.
فيه
إشارة إلى أن عبادة الله وترك عبادة ما سواه أفضل المأمورات التي يحبها الله ،
وإذا حققت
العبودية صرت محبوبا لله ..
وفي آية الحقوق العَشَرة :
في قوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا﴾[النساء:36]الآيات
كان توحيده سبحانه وتعالى أول الحقوق
العَشَرة وأهمها ,,
وفيها أن اجتناب الشرك شرط لصحة العبادة ، لأن الله قرن أمره بالعبادة مع
النهي عن الشرك .
وقد نبهنا الله تعالى على عظم هذه المسألة في آيات سورة
الأنعام ،
فبين أن الشرك به سبحانه أول وأعظم المحرمات
قال تعالى: ﴿قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[الأنعام: 151]
الآيات.
فالشرك أكبر المحرمات والتوحيد أوجب الواجبات
.
لذلك كانت وصية رسول الله النهي عن الشرك ..
بل إن الرسول أخبر معاذاً رضي الله عنه
أن حق الله على عباده هو :
توحيده بأن يعبد ولايشرك معه أحد
..
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رِديفَ النبي
صلى الله عليه وسلم. عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ لي: «يَا مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا حَقّ
اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقّ العبادِ عَلَى الله؟» قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ
أَعْلَمُ. قَالَ: «حَقّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوه وَلاَ يُشْرِكُوا
بِهِ شَيْئا. وَحَقّ الْعِبَادِ عَلَى اللّهِ أَنْ لاَ يُعَذّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ
بِهِ شَيْئا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُبَشّرُ النّاسَ؟ قَالَ: «لاَ
تُبَشّرْهُمْ. فَيَتّكِلُوا». أخرجاه (البخاري ومسلم )
وهذا يبين أن حق الله على عباده هو عبادته تعالى وترك عبادة ما
سواه
فإذا حقق العبد هذه المسألة حصلت له
سعادة الدنيا والآخرة ..
وبعد ذلك كله //
فإن علم
التوحيد هو العلم الأساسي
الذي تجدر العناية به تعلماً وتعليما
وعملاً بموجبه
لتكون الأعمال صالحة مقبولة عند الله عز وجل ، نافعة للعاملين
..
فالأعمال
الصالحة بنيان أساسه التوحيد الخالص
ومن أردا علو بنيانه فعليه بتوثيق أساسه
وإحكامه، وشدة الاعتناء به ..
فأشرف ما يتعلمه الإنسان ويعلمه لغيره
أمور التوحيد ..
وإيمانا منا بذلك كانت لنا هذه الحملة المباركة بحول الله تعالى
وقوته
لأجل
نشر التوحيد و تصحيحه في النفوس ..
وما هذه الحملة إلا جهد مقل مقصر
ولنعلم أنها
مفاتيح للولوج بها في بحر علم العقيدة الواسع ..
وأهل الإسلام عليهم أن يجعلوا لتعلم
التوحيد شيئا من أوقاتهم ..
ويبذلوا فيه بعض من مجهوداتهم
..
هذا
..
وراجين من
الله العلي القدير أن ينفع بها الإسلام والمسلمين و يجعلها حجة لنا لا علينا
و لتكون
إسهاما في نشر العلم وتصحيح العقيدة ..
التوحيد
..
جنة الدنيا من عاشه عاش في سعادة
في الدارين
نسأل الله عز وجل أن ينفع بهذه الكلمات
ويتقبلها
::
رائع أن تسيل دمعة من قلوبنا قبل
أعيننا
دمعة خشوع
دمعة
موحد
نسأل الله أن يرزقنا
التوحيد
وتكون حياتنا حياة الصالحين المتبعين لأوامر الله
سبحانه وتعالى
الناهين عمّا نهانا عنه
جلَّ وعلا
الله خلقنا من أجل أن
نعبده
ولا نشرك به
شيئاً
فلما لا نكن وحياتنا
لله..!
ونخلص له سبحانه بكل قول
وعمل
ونفتح قلوبنا ومسامعنا للسير بطريق الهداية
والصلاح
ونسكب دمعة بنزولها لذة وهي دمعة
موحديقول الحق تعالى :
(فَمَنْ كَانَ
يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدً))
أسأل الله لنا ولكم
المعونة والسداد في الأقوال
والأعمال
االلهم إنك ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدوك ويوحدوك
ويخلصوا العبادة لك
اللهم نسألك بحق كلمة
لا إله إلا الله
أن تهدي القلوب للحق وتجعل التوحيد لك
هو الغاية وتنير الطريق
إليه
اللهم أعن ويسر طريق كل من دعا إليك
واجعل عمله خالصا لك
ووفقه وسدد رأيه وثبته
موفقات بإذن الله
المراجع :
كتاب التوحيد الشيخ محمد بن عبد
الوهاب