حسن شحاتة
بقلم/ياسـر أيــوبالأربعاء، 16 ديسمبر 2009
الكتابة عن حسن شحاتة مشكلة حقيقية.. ليس
بسبب الجدل الدائر حاليا حول الإبقاء عليه لعامين آخرين أو أربعة أعوام أو
شهرين فقط.. ولكن لأنك حين تكتب عن هذا الرجل بحياد كامل وتجرد حقيقى بدون
أغراض أو هوى.. تصبح تلقائيا ضد كل هؤلاء الذين يحبونه بتطرف لا يسمح لهم
بأن يروا له أى أخطاء أو عيوب، فإن لم ينجح شحاتة فهو الاتحاد أو
الظروف أو السياسة أو أى أحد آخر.. وضد كل هؤلاء الذين يكرهونه بمنتهى
الغل والحقد والغيظ لدرجة أنهم لا يجدون له أى مزايا أو حسنات..
فإن فاز
شحاتة وانتصر فهو التوفيق أو الحظ أو دعاء الوالدين.. وباتت النتيجة
الطبيعية لكل هذا هى أننا لم نعد نعرف من هو حسن شحاتة الحقيقى.. هل
هو الفارس والمنقذ وصانع بهجة هذه الأمة كما يروج لذلك فريق مجاذيب
شحاتة.. أم هو الذى لا يستحق كل هذا الهيلمان والشهرة والثروة ولكنها
المصادفة العمياء التى أجلسته فوق هذا المقعد وأسندت له هذا الدور كما
يشيع ذلك المرضى بالغيرة من شحاتة؟..
وأنا مبدئيا لا أوافق مطلقا
على ما يقوله أى فريق منهما.. فلا حسن شحاتة هو القديس الذى لا يخطئ، أو
الفارس الذى لا يتعثر، أو المغامر الذى أبدا لا يفشل أو يضل الطريق.. وهو
أيضا فى المقابل ليس المحظوظ عديم القدرة والموهبة الذى جاءته كل
انتصاراته بمحض المصادفة واعتمادا على بركة السماء وحدها.. الحقيقة
الواضحة تبقى أن حسن شحاتة هو أحد أفضل المدربين المصريين
على مر العصور..
وهو مثل كل الكبار فى كرة القدم أو غيرها.. له انتصاراته الكبرى..
وله أخطاؤه الكبرى أيضا.. وعلى رأس هذه الأخطاء كان إصرار حسن شحاتة
نفسه على أن يكون كأى قائد آخر فى مصر.. لا يعير اهتمامه ولا يلتفت أو
يصغى إلا للذى يشيد بفضائله فقط ويثنى عليه طول الوقت.. أما الذى ينتقد أو
يتحدث عن عيوب أو أخطاء فكلهم كارهون وحاقدون وأعداء..
وهكذا انفصل حسن شحاتة،
كأى قائد آخر فى مصر، عن الواقع والحقيقة، وفقد مع سبق الإصرار
والترصد نعمة وميزة أن يحاوره الناس فيكشف لهم عن مواجعه ومخاوفه،
ويكشفون له عن عيوبه ونقاط ضعفه ويقدمون له النصيحة بمنتهى الود
والإخلاص والاحترام..
وأنا أعرف أن هناك من يكرهون شحاتة لدرجة التحريم ولدرجة أن
يتمنوا خسارة مصر كل معاركها حتى تسنح لهم الفرصة للخلاص من شحاتة..
لكن
ليس كل من ينتقد شحاتة مثل هؤلاء.. والأزمة بقيت أن شحاتة فقد القدرة على
التفرقة بين من ينتقده حبا لمصر وبين من يكره مصر بسبب شحاتة.. كما أنه
أخطأ أيضا حين استسلم تماما لمشاعره.. وارتبط عاطفيا وإنسانيا بمن يحارب
بهم حروبه ومعاركه.. فبات الود الشخصى والذكريات الجميلة المشتركة واقتسام
فرحة انتصارات قديمة هى أسس اختيار الرجال والإبقاء عليهم فى مراكزهم بصرف
النظر عن مقاييس الكفاءة أو القدرة..
وأصبح من الممكن أن يرى المصريون
وجوها فيتساءلوا: لماذا هى ليست موجودة داخل الدائرة؟ وفى المقابل
يرون داخلها وجوها أخرى فيتساءلون عن السر فى الإبقاء عليها.. ولم ينتبه
حسن شحاتة إلى أن الدول الأخرى تعيش دائما حالة من التغيير والتجديد بينما
أبقى الرجل على فريقه كما هو سنة وراء أخرى.. وهذه ليست سنة الحياة ولا
قواعد السياسة أو كرة القدم.. وهى أخطاء أتمنى أن يتداركها شحاتة
وأظنه قادراً على، ذلك لأنه بالفعل قائد حقيقى وجميل ورائع تستحقه مصر
المتعبة والحزينة والحالمة بأى نقطة ضوء أو لحظة فرحة.