حين ننتظر الإجابة ممن لا يسمع السؤال!بقلم/ ابراهيم عيسىوهل يسمع الرئيس مبارك أسئلة من أحد؟
بذمتك ما آخر مرة التقي فيها الرئيس أحد معارضيه؟
حتي أولئك المعارضين الطيبين المستأنسين أصحاب الاستجداءات والمناشدات؟
هل تتذكر فعلا آخر مرة جمعهم حتي ليتفاءل بهم أو يضيف لألبوم صوره صورة مع معارضيه!
هو
رئيس إذن لا يسمع المعارضين خصوصا مع حرصه الشديد علي مدي سنوات حكمه علي
إذاعة حقيقة أنه لا يقرأ صحفا غير حكومية، ففرصة أن يتعثر في سؤال معارض
صدفة باتت شحيحة وهو غالبا يعرف معارضيه من تقارير الأجهزة الأمنية أو
ملخصات دكتور زكريا عزمي الشفوية أو مناقشاته الأبوية مع نجله جمال!
والمتأمل
لطريقة الرئيس مبارك في الاستماع للأسئلة التي كانت توجه له من مثقفين حين
يقابلهم أثناء التقليد السنوي الذي كان يشهده معرض الكتاب سيكتشف أن
الرئيس يسمعهم لكن لا يصغي إليهم، هو يتلقي السؤال من شخصيات منضبطة تماما
ومختارة ممن يدير اللقاء بعناية المسئول الذي يعرف حمولة السائل واحتمال
المجيب، يسمع الرئيس السؤال بابتسامة لطيفة لا تغيب عن ملامحه، ثم يأخذ
مقطعا من السؤال جملة أو كلمة مثلا فيعلق عليها بما هو أقرب للمداعبة
فيضحك الجمع استجابة لروح الرئيس المتبسطة ثم يجيب الرئيس بما يريد أن
يقوله وليس بما يجيب عن السؤال! ثم لا يستطيع السائل أن يعلق أو يراجع
أو يناقش .. الكل ينتظر تمام إجابة الرئيس أيا كانت .. ثم يصفق.
الأسئلة
الوحيدة التي تحمل شيئا من صراحة المواجهة هي الأسئلة الموجهة من الصحافة
الأجنبية للرئيس وليس غريبا أنها الحوارات الوحيدة التي نخرج منها
بمعلومات جديدة يقولها الرئيس فيعرفها شعبه لأول مرة عبر حوار مع غريب
نبيه!
إذن الرئيس مبارك منذ 29عاما لا يتلقي أسئلة حقيقية يهتم
بإجابات واضحة والأسئلة التي يسمعها من إعلامه ورجالات حزبه هي الأسئلة
المادحة والمداحة والمنتظرة منحة من حكمته وهي أسئلة تصفق للإجابة قبل أن
تسمعها وتنبهر بالجواب قبل أن يقوله!
إذن هل نتوقع بعد هذا العمر
أن يسمع الرئيس فضلا عن أن يجيب عن أسئلة من سياسيين ومعارضين مشغولين
بمصر ومصيرها والبلد ومسيره مع العام الجديد 2010؟
ما الذي جد كي تتجدد الأسئلة وما الذي حصل حتي نتحصل الآن علي إجابة من الرئيس؟
الشارع
السياسي في مصر لا يختلف كثيرا عن الشارع المروري فيها سواء في زحامه
وفوضاه وتعطله وتكدسه واختناقاته وتلوثه واختلال معاييره واختلاط إشاراته
وكثرة مخالفاته، ومن ثم يبدو كل عابر في هذا الشارع الذي يضج بصخبه
وضوضائه كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي، فإذا بنا جميعا مكدسين في نفق
صادف أنه مظلم وبلا منافذ طوارئ فالذي نسمعه منا وبيننا من أسئلة هي ضجة
المحشورين في النفق الأخير وزعقة الساخطين من الشلل المروري في طرقنا
السياسية، وأمامنا رئيس لا يشعر بهذا الشلل ولا ذلك الملل ولا بهذا الصخب
ولا بذلك الغضب، معزول لا معتزل ويركب طائرة بلا عوائق مرورية أو تتوقف
الشوارع والميادين وتفرغ من زحامها وضجيجها وغضبها حين عبوره ومروره!
فإذا
بنا جميعا وقد وصلنا إلي 2010عام الانتخابات البرلمانية وبداية أي حملة
محتملة لمرشح الرئاسة في 2011 وقد وصل الأمر إلي أنه حتي القريبون من
الرئيس والملتفون حوله والمحيطون به لا يعرفون رأسهم من رجليهم فمنهم من
يظن أن التوريث قادم ومنهم من يري أن التوريث قائم، ومنهم من يتمني اعتذار
الرئيس عن الترشيح ومنهم الذي يرتعب من اعتزاله، ومنهم المتهيب من قفز
النجل علي العرش ومنهم المتأهل للقفز مع النجل!
مصر تموج بالأسئلة ومشكلتها الأصيلة أن الإجابات يملكها
رجل واحد لا يهتم بالأسئلة أصلا!