ياحكومتنا : أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ؟
بقلم/
حمدى حسنبعد مرور عام علي الحرب الصهيونية اللا إنسانية علي غزة - والتي أُعلنت
للأسف من القاهرة - أصبح موقف الحكومة المصرية أشد وضوحا وأنها تتواطأ
الآن وتدعم وبشكل علني ودون خجل سياسات الكيان الصهيوني ضد أهالينا في غزة
ويبدو هذا في ثلاثة مواقف : قافلة شريان الحياة 3، وناشطو غزة الحرة في
القاهرة، وجدار مبارك الفولاذي الذي تقيمه الحكومة المصرية بسرية وتكتم
تامين علي الحدود مع غزة.
هذه المواقف كشفت النقاب عن الوجه القبيح
الحقيقي لاستراتيجية الحكومة المصرية تجاه أشقائنا في غزة والمتواطئة مع
الكيان الصهيوني والتي جعلت الأمن الصهيوني أهم لديها من أمن غزة !
فحكومة
مصر تَمُد الكيان الصهيوني بالغاز وبثمن بخس دعما لاقتصادياته، بينما هذا
الكيان يُشَدد حصاره بكل الوسائل تجاه أهالينا في غزة، بل يستخدم هذا
الغاز في إنتاج الأسمنت، بينما مصر تصادر بضعة شكائر أسمنتية كانت مُعَدة
للتسريب في الوقت الذي يُمنع فيه دخول الأسمنت رسميا من أي منفذ.
حكومة
مصر تَمْنع قافلة شريان الحياة المكونة من برلمانيين وناشطين من 17 دولة
معهم 240 سيارة من الدخول عبر طريقها الطبيعي ويخرج مارشال الخارجية
السيد أبو الغيط يهدد ويتوعد ويحدد مكاناً معاكساً لمسار القافلة البري الطبيعي
نكاية أو تلكيكا، محددا توقيتا محددا باليوم والساعة لدخولها من ميناء
العريش وإلا.... وكأن هؤلاء المدنيين الناشطين إنسانيا جيش مسلح يُهدد
السيادة المصرية وأن دخولها من نويبع يُهدد الأمن القومي المصري!
أليس
غريبا إصرار الخارجية علي منع دخول القافلة برا من نويبع إلي العريش بدعوي
حماية الأمن القومي المصري وأن هذا قرار يمس السيادة المصرية ؟
أين الأمن القومي المصري والسيادة المصرية من دخول الصهاينة
دون تأشيرة من الكيان إلي سيناء ؟
أين
الأمن القومي المصري والسيادة المصرية من الاعتداءات الصهيونية علي
المدنيين علي حدودنا، حتي قارب عدد الشهداء من المجندين والمدنيين ومنهم
أطفال ما يقرب الـ 70 شهيدًا؟
أين الأمن القومي المصري والسيادة
المصرية من الاعتداءات الصهيونية علي المجال الجوي المصري وضرب أهالينا
في غزة من الأجواء المصرية، وفقا لشهود عيان إبان الحرب علي غزة ؟
أين الأمن القومي المصري والسيادة، بل الكرامة المصرية حين استولت
إسرائيل علي إحدي سفن كسر الحصار من المياه الإقليمية المصرية ؟
أما
موقف الحكومة المصرية من النشطاء الأوربيين في حركة غزة الحرة المتظاهرين
أمام سفاراتهم بالقاهرة لمنعهم من دعم المحاصرين في غزة فهو موقف يدعونا
إلي الإشادة بالحكومة التي لم تقتلهم مثلما قتلت السودانيين بميدان مصطفي
محمود أو تتعامل معهم كما تعاملت مع المصريين الذين ينادون بكسر الحصار عن
غزة في ثلاث حملات نظموها وتعاملت معهم برقة مدهشة، لا ولم ولن نراها مع
النشطاء المصريين في مواقف مماثلة !!!
وأتساءل: ما الذي يمس السيادة المصرية ويضر الأمن القومي المصري
من أن يدعم هؤلاء الناشطين أهالينا المحاصرين في غزة ؟
أخيرا يبقي اللغز الكبير حول جدار مبارك الفولاذي الذي يبني تحت الأرض
ومعه أنابيب مياه عملاقة من البحر لتجعل التربة رخوة.
الهدف
الحقيقي من إنشاء هذا الجدار هو هدم الأنفاق ومنع حفرها مستقبلا، وبالتالي
سيؤتي الحصار الصهيوني- المصري علي أهالينا في غزة أكله وثماره. إذ إنه
رغم الحصار الخانق المفروض علي أهالينا ورغم الحرب الشرسة عليهم وباستخدام
أحدث الأسلحة بل أسلحة مجرمة دوليا لم تستطع أن تؤثر في إرادة أهالينا أو
إجبارهم علي الخضوع للإرادة الصهيونية، وهذا لأن أهالينا يعتمدون في ذلك -
بعد الله - علي الأنفاق التي تمدهم بكل أسباب الحياة والمقاومة التي
تجعلهم يصمدون أمام هذا الحصار الظالم.
لذلك فإن جدار مبارك
الفولاذي يهدم الأنفاق المقامة ويمنع حفر غيرها، ويصب في النهاية لصالح
الكيان الصهيوني وليس لصالح أهالينا في غزة، وهذا يدل دلالة صريحة علي أن
الحكومة المصرية أصبحت تُؤَمِنْ الكيان المحتل وتلقي أهالينا في غزة إلي
التهلكة بالتعمد مع سبق الإصرار.
الأنكي أن جدار مبارك الفولاذي
جاء تنفيذا للاتفاقية الأمنية بين أمريكا واسرائيل - ومصر ليست طرفا فيها
- ولكن يتم تنفيذها علي الأراضي المصرية، بينما تدعي الحكومة أن إنشاء
الجدار قرار سيادي يحمي الأمن القومي، ولا ندري تكلفته ولا من الذي يقوم
بالصرف ولا من أي بند إذا كان من موازنة الشعب المصري ؟
إن تشديد
الحصار الخانق علي أهالينا سيجعلهم يتصرفون وبطريقة جماعية أي تصرفات
طائشة غير مأمونة العواقب، فليس أمامهم من سبيل غير ذلك بعد أن سُدت في
وجوههم كل سبل الحياة الكريمة !
كما أن جريمة أنبوب المياه الضخم
الذي سيحمل المياه من البحر بطول 10 كم مما يجعله يلوث مياه الآبار العذبة
القليلة التي يشرب منها أهالينا هي جريمة ضد الإنسانية، لا أدري من الذي
سيتحمل عواقبها !
الأخطر هو إصرار المسئولين المصريين وبأعلي
مستوياتهم علي أن من حق مصر أن تبني في أراضيها ما تشاء، سواء جداراً فوق
الأرض أو تحت الأرض أو حتي في الهواء، فهذا قرار يخص مصر فقط ويعبر عن
سيادتها ولحماية أمنها القومي، بصرف النظر، ودون أدني اهتمام بالقانون
الدولي ولا بالاتفاقيات الدولية ولا بالأضرار المتوقعة علي الأمن القومي
المصري نتيجة هذا الموقف غير المسئول!
فبنفس هذا المنطق الأعوج
تستطيع إثيوبيا أن تبني سدودا علي أراضيها فوق الأرض وتحت الأرض تمنع
المياه التي تجري علي أراضيها من الوصول الي دول المصب «علما بأن 85%
من نهر النيل الذي يجري في الأراضي المصرية تأتي مياهه من إثيوبيا » وإذا
قامت الدول الأخري بالمنطق المصري الأعوج ذاته ببناء سدود علي أراضيها،
فهل تستطيع مصر أن تعارضهم ؟ واذا استدلوا بتصرفات الحكومة وتصريحاتها
ومواقفها ببنائها الجدار الفولاذي مع غزة وعدم اعتدادها بالمواثيق
والقوانين والمعاهدات الدولية فما الحل ؟
ألا يدل هذا علي مدي الجُرم الذي ترتكبه الحكومة المصرية في حق
الشعب وفي حق الأمن القومي المصري وفي حق السيادة المصرية؟
يا سادة ألا تفهمون أن معبر رفح بالنسبة للفلسطينيين
مثل نهر النيل بالنسبة للمصريين !!
يا سادة أليس منكم رجل رشيد ؟