لا يعرفون ساويرس ولا يعرفهم! بقلم/سليمان جودة Mon, 18/01/2010 - 08:00
الذين تابعوا صدور حكم القضاء الإدارى، لصالح المهندس نجيب ساويرس، فى
نزاعه مع الشركة الفرنسية «فرانس تليكوم»، لابد أنهم قد تساءلوا عن موقع
الدولة عندنا، وقبل الدولة تساءلوا عن موقع الحكومة من مساندة وإنصاف ودعم
رجل أعمال وطنى، بصرف النظر عن اسمه، أو المجال الذى يعمل فيه!
كان
الإنصاف غائباً، منذ البداية، وكان الدعم غائماً، وكانت المساندة لا وجود
لها، رغم أن الحكومة تعرف، أن مساعدة رجل الأعمال.. أى رجل أعمال جاد..
تعنى شيئين لها، هما دفع الضرائب لخزانتها، وتوفير فرص العمل لعاطليها، ثم
تعنى شيئاً واحداً له، هو تحقيق الربح.. إذا تحقق!
ولابد أن الذين
تساءلوا، على هذه الصورة، بينهم وبين أنفسهم، أو حتى على الملأ، كانوا
يفعلون ذلك، وفى أذهانهم أن مسؤولين كباراً فى بلاد كثيرة لا يجدون أدنى
حرج فى السفر إلى عواصم الدنيا، من أجل المساعدة فى اتجاه إتمام صفقة أو
أكثر، لصالح شركة من الشركات الكبرى فى بلادهم...
وقد حدث هذا، لعدة
مرات، من جانب رؤساء أمريكان سابقين بإيعاز من الرئيس الجالس فى البيت
الأبيض، لصالح شركة «بوينج» مثلاً، أو غيرها، وكان الهدف فى كل مرة، ليس
«بوينج» طبعاً، ولا أى شركة مماثلة لها، وإنما كان الغرض دوماً، أن إتمام
صفقة على هذا المستوى، سوف يصب على الفور فى صالح الاقتصاد الوطنى.. لا
أكثر من ذلك ولا أقل!
وقد تابعنا منذ فترة كيف أن إحدى الشركات
الأجنبية، قد راحت تعرض شراء شركة «ستروين» الفرنسية، وكيف أن حكومة فرنسا
رفضت العرض، وظلت تقاومه، وترفضه، حتى أجهضته، ليس حباً فى الشركة إياها،
فى حد ذاتها، وإنما إدراكاً لحقيقة مهمة، هى أن هذه الشركة جزء أصيل من
اقتصاد البلد، وأن مساندتها تظل بالتالى مساندة لهذا الاقتصاد فى إجماله!
وقد
كانت حكومتنا تدرك جيداً، أن شركة «أوراسكوم تليكوم» شركة مصرية، أولاً
وأخيراً، قبل أن تكون تخص «فلان» أو «علان».. وهى ليست شركة عادية، ولكنها
تمتد بفروعها فى الجزائر، وباكستان، والعراق، وغيرها، وتعمل الآن على أن
تكون حاضرة فى إيطاليا بقوة!
كانت الدولة تعرف هذا، وتعرف أكثر منه،
وكان دعمها للرجل فى أزمته، مع شركة أجنبية، فرض عين عليها، ولكنها تخاذلت
بشكل أو بآخر، ولم يشعر المتابعون للأمر من أوله إلى نهايته، بأن هناك
يداً ممدودة لشركة وطنية فى نزاع لها مع شركة من خارج الحدود، أياً كان
الموقف القانونى لكل واحدة فيهما!
لهذا السبب، تعاطف الناس فى
غالبيتهم، مع الشركة الوطنية، حين صدر الحكم لصالحها، ثم تعاطفوا لسبب
آخر، هو أنهم وجدوا أنفسهم أمام رجل أعمال أعزل، لا يراهن على شىء فى
نزاعه، قدر رهانه على وجدان الناس، الذين كان كل واحد فيهم يشعر بأنه أعزل
هو الآخر، وقد تعاطف أعزل مع أعزل، وظهر هذا المشهد الوطنى الدافئ، من
جانب مواطنين عاديين لا يعرفون ساويرس، على المستوى الشخصى، ولا هو يعرفهم!