شعب كفر الشيخ! بقلم/ابراهيم عيسىالإثنين, 2010-01-18 21:28
جلسة الرئيس مبارك أمس الأول مع من سموهم القيادات الشعبية والحزبية في
كفر الشيخ لن يخرج منها إلا بانطباع واحد، وهو أن الدنيا تمام، والوطن ميه
ميه، والشعب في منتهي السعادة؛ فكل المشاكل التي يعاني منها المصريون
صغيرة وهامشية وتتعالج بنظرة لوزير الزراعة و«شوف الموضوع ده »، وإشارة
بالكف لوزير الري و«اهتم بالحكاية دي»، وخلاص، مَنْ المجنون الذي يمكن أن
يقنع الرئيس مبارك بعد هذه اللقاءات بأن الشعب يعاني وأن الشعب غاضب وأن
الشعب تعبان ؟!
إذا كنت أنا ياللي اسمي أنا بعد متابعتي هذا اللقاء العاطفي بين الرئيس
وشعبه بدأت أسأل :هل الشعب المصري غاضب علي وضعه فعلا ؟
الحقيقة لا أعرف!
الحزب
الوطني يقول إن الشعب يثق في قائده وزعيمه، وزعيمه وقائده يشكر حكومته علي
تنفيذ برنامجه الانتخابي، وكفرالشيخ تنطق وتصرخ دليلا علي ذلك! لكن هل هذا
هو الشعب؟!.. إذا لم يكن مَنْ قابلهم الرئيس في كفر الشيخ هم الشعب طيب
فين الشعب ؟
دور عليه تلقاه يا اللي عينيك شايفاه وبرضه بتدور!
هناك
في الحقيقة شعبان وليس شعبًا واحدًا؛ شعب الحزب الوطني، وهذا شعب يشكو من
أشياء بسيطة وعادية والحكومة تعكف علي تعديلها، وهناك شعب آخر تعتقد
المعارضة المأجورة إنه مش طايق نفسه وأنه ساخط غاضب!
طيب لو ساخط
ومضايق قوي كده ما يورينا أو يقولنا أو يعمل حاجة تبين أنه ليس راضيًا عن
الوضع بل حانق علي الموضوع المتموضع في وضعه وكأنه لن يتنحنح عن
موضعه أبدًا!
عمومًا اللي يشوف الشعب يبقي يسأله يا جماعة.
في
المجتمعات الطبيعية الإنسانية هناك ثلاث وسائل لمعرفة ما يريده الشعب أو
إدراك موقفه من إدارة الحكم ومدي رضاه أو رفضه الوضع القائم والقاعد
والكابس! الوسيلة الأولي هي الانتخابات، والتي تقدم نتائجها الحقيقة كاملة
أو كاملة بالقدر المستطاع، لكن الكارثة أن الانتخابات في مصر مزورة
ومزيفة، ولا يمكن أن تصبح النتائج مُعبِّرة عن رأي الشعب لأن الشعب لا
يدلي بصوته في الانتخابات المصرية، الذي يدلي بصوته فيها هو السيد الرئيس
بتوجيهاته،
والسادة جمال مبارك وأحمد عز بأوامرهما والسادة الوزراء
بتعليماتهم، والسادة الضباط ومشرفو اللجان الانتخابية بأيديهم، حيث يسودون
بطاقات الاقتراع ويحرفون الأرقام عن مواضعها فتأتي النتائج علي حسب الهوي
والتعليمات ومعبرة عن صوت الحزب الحاكم وليست معبرة عن الشعب المحكوم!
إذن
لا تنفع حكاية الانتخابات، ندخل علي الوسيلة الثانية وهي استطلاعات الرأي،
والمفروض أنها مستقلة ومحايدة فتأتي بمؤشرات تدل علي الرأي الحقيقي للشعب،
لكن عندنا في بلدنا ذات الأربعة آلاف سنة، وفي رواية أخري سبعة آلاف سنة
حضارة، ممنوع عمل استطلاعات رأي من جهات غير حكومية، أما الجهات الحكومية
فاستطلاعات الرأي فيها تنافس في التلقائية استطلاع هلال رمضان في الدول
العربية،
استطلاعات ذات نتيجة واحدة تماثل نتائج الانتخابات المزورة حيث
الحكومة زي الفل وأن ريسنا ملاح ومعدّينا عامل وفلاح من أهالينا، ثم هناك
نوعية أخري من استطلاعات رأي قامت بها جهات ومراكز دولية في مصر (طبعًا
مغرضة وبنت ستين في سبعين من وجهة نظر سعادة البيه الحزب).
من هذه
الاستطلاعات مثلاً ما يؤكد أن المصريين أكثر شعوب العالم سخطاً
علي حكومتهم (13% فقط من المصريين راضون عن حكومتهم).
وحسب مؤسسة بيوبول الأمريكية
في استطلاع تم في 2009 عن الاتجاهات العالمية في 47
دولة، فإن المصريين هم أكثر الشعوب ميلاً إلي الاعتقاد بأن المستقبل لا
يحمل شيئاً إيجابياً لأطفالهم، وأن ستة من كل عشرة مصريين (60%) غير راضين
عن حياتهم، وأن ثلاثة أرباع المصريين (73%) يعتبرون أن الوضع الاقتصادي في
مصر عموماً «سيئ».
احترنا أكتر في هذا الشعب الذي لا نعرف هو مبسوط كما بدا مع الرئيس
في كفرالشيخ أم أنه غاضب وحزين وبائس كما يظهر مع حركة كفاية!
إذن
هناك الوسيلة الثالثة وهي المظاهرات، حيث تخرج الشعوب المحترمة في مظاهرات
سلمية بالملايين وبالآلاف في حالة رغبتها في التغيير أو دعوتها لسقوط
حكومة أو رفضها قراراً أو قانوناً! ولكن المظاهرات محرمة ومجرمة عندنا،
والذي يخرج في مظاهرة هم فدائيون أكثر فدائية ممن يخرج في مظاهرة في ساحة
المسجد الأقصي ضد إسرائيل!
ومن ثم فإن عدد المظاهرات والمتظاهرين
ليس دليلا علي أن الشعب غاضب ولا علي Bنه مبسوط، فالخروج
ليس متاحًا والتظاهر ليس مباحًا ومن ثم ليس معيارًا!!
المفاجأة أننا لن نعرف
رأي هذا الشعب أبدًا، ومن ثم يمكن جدًا أن يدعي الحزب الحاكم أن الشعب
مبسوط ويمكن جدًا أن تزعم المعارضة أنه غاضب، وابقي قابلني لو الشعب
هو الآخر عارف رأيه أو نفسه!