أزمة الكلام.. فى بلد كل ما فيه على مايرام
بقلم/ ياسر ايوبالأربعاء، 20 يناير 2010 - 20:13
لم أكن أعرف أن محمود سعد، ومنى الشاذلى، وعمرو أديب، وخالد صلاح، وخيرى رمضان،
ومعتز الدمرداش، وسيد على، ومى الشربينى، وتامر أمين، وهناء السمرى.. جميعهم أعداء
للوطن.. يشوهون مصر ولا يظهرون إلا سلبياتها وخطاياها، بل يرتكب جميعهم جريمة
الإساءة لمصر أكثر مما تقوم به أى برامج للتوك شو فى الدنيا بأسرها فيما يخص حديثها
عن بلدانها..
هكذا أكدت تقارير وتصريحات وتعليقات وشهادات المجلس القومى
للمرأة بكل من فيه ومن يتولون مسئوليته وأمانته، وعلى الرغم من أننى لست على
استعداد لقبول أى إدانة أو حتى اتهام لكل هؤلاء النجوم، بل على العكس من ذلك، أشيد
بهم وأشد على أيديهم شكراً وامتناناً واحتراما، لكننى لن أعتب أو أعيب على السيدات
والسادة مسئولى المجلس القومى للمرأة، فهم مثل كل مسئولى وكبار بلدنا، يعتبرون أى
حديث عن أخطاء وخطايا وعيوب وتجاوزات وجرائم بمثابة تشهير بمصر.
ولأن برامج
التوك شو فى بلدى لا تستر على هؤلاء، طمعاً فى أن يسترها الله يوم القيامة، وإنما
ترفع بدلاً من ذلك شعار ومبدأ وعقيدة أن الذى يرى المنكر يصبح مطالبا بتغييره بأى
وسيلة يملكها ويقدر عليها، ولن أستطيع أن أحصى كم المنكرات التى ما كان ممكنا كشفها
وتغييرها لولا هذه البرامج وأصحابها، فالناس لم تعد تحفظ أسماء نواب تحت قبة
البرلمان ولم تعد تلجأ لأحزاب بحثاً عن حقوق ضائعة، وفقدت ثقتها واطمئنانها لأى
مسئول وأى حكومة، ولم تعد تجد إلا هؤلاء النجوم وبرامجهم ساحة لعدالة يفتقدونها
وبرلمانا ينطق بلسان حالهم وتتجسد على شاشاته مواجعهم.
أما الاتهام الآخر..
والدائم.. لهذه البرامج وأصحابها.. فهو أنهم كلهم لا يتفقون ولا يلتقون عند نقطة
محددة وواضحة، وإذا كان الاتهام الأول الخاص بالإساءة إلى السمعة دائماً يأتى على
لسان المسئولين وأصحاب المناصب، فإن الاتهام الثانى يأتى غالباً من الشارع والبيوت،
ففى مصر لم نتعلم بعد قيمة الاختلاف وضرورته.. وعلى سبيل المثال.. تخيل بعضنا أن
جريمة نجع حمادى.. الموجعة والقاسية.. لا يمكن الاختلاف بشأنها، مع أن ذلك ليس
صحيحاً.. فالاختلاف قائم، سواء فى تحديد المسئول الحقيقى عن هذه الجريمة، أو ضمانات
عدم تكرارها..
وأنا شخصياً مع الذين عقدوا المقارنات بين رد فعل المسلمين عقب حادثة
اغتيال مروة الشربينى فى ألمانيا حين رفضوا اعتبار ذلك حادثا فرديا، ولكنه سلوك
جماعى يكره الإسلام والمسلمين.. بينما نفس المسلمين يريدون إبقاء ما جرى فى نجع
حمادى مجرد حادث فردى، وليس مناخا عاما يفيض بالشوك والكراهية والتعصب..
وليس من مصلحة أحد تكميم الأفواه وتأميم الآراء والكلام بدعوى الحفاظ على
الوحدة الوطنية.
ولست أناشد نجوم برامج الكلام فقط بطرح هذه القضية دون خوف أو سقف
أو حدود للكلام.. وإنما أتمنى أيضاً أن يناقشوا بنفس المنهج قضايا أخرى كثيرة
وشائكة.. فأنا لست متعاطفا مع إبراهيم سليمان كوزير سابق للإسكان.. ولست على
استعداد لمسامحته وغفران ذنوبه وجرائمه إن ثبتت إدانته.. ولكننى لست فى المقابل
أيضاً على استعداد لمسامحة كل من كان يعرف وسكت..
أتمنى أيضاً من نجوم وأبطال برامج
الكلام أن يبقوا على حالهم دون خوف أو تراجع أو حساب لأى أحد.. فيفتحون ملفات
فساد قرار الحكومة إنفاق مليارى جنيه لمجرد توصيل مياة النيل لمزارع وقصور طريق
الإسكندرية الصحراوى، أو جريمة قرار شركة السويس للنسيج استقدام ألف عامل من
بنجلاديش فى بلد يشكو شبابه من الفقر والبطالة والإحباط.