حاجة تكسفبقلم/سليمان جودة ١٤/ ٢/ ٢٠١٠
فى الساعة الثامنة تماماً، من اليوم
الثامن، من الشهر الثامن، من عام ٢٠٠٨، كانت الصين قد افتتحت على أرضها
دورة الألعاب الأوليمبية الشهيرة، وقد كان افتتاحاً مُبهِراً فى العاصمة
بكين، إلى حد أثار وقتها إعجاب العالم كله على امتداد الأرض، ليس فقط
بتوقيته الذى جرى اختياره عن قصد، بدقة، وإنما بمساحة الإثارة والتشويق
فيه!
وكانت الصين، وهى تستضيف الدورة، ثم وهى تنظم لها افتتاحاً على
ذلك المستوى، الذى كنا قد تابعناه فى وقته، تعرف جيداً، أن استضافة بطولة
عالمية من هذا النوع على أرضها، بشكل لائق، سوف تؤدى إلى مجىء بطولات
أخرى، وسوف تؤدى ذلك فى النهاية إلى اكتساب الصين، كدولة، سُمعة عالمية فى
هذا الاتجاه!
ونعرف جميعاً أن الدولة هناك، قد انتهزت الفرصة،
وأعادت بناء مدن وأحياء كاملة من العدم، من أجل استقبال الضيوف من العالم،
وأنها قد أنفقت على العملية ٤٥ مليار دولار.. وقد ثبت فيما بعد، كما
رأينا، أن الإنفاق كان فى محله، وأن العائد عليهم كان أكبر من المبلغ الذى
جرى إنفاقه بكثير!
ولابد أن الذين شاهدوا حفل افتتاح بطولة أفريقيا
لكرة اليد، على القناة الثانية، مساء الخميس، قد أحسوا بنوع من الإهانة،
عندما جاء الافتتاح بائساً إلى حد التعاسة!
فالبطولة بطولة أفريقية،
على مستوى دول القارة كلها، بما يعنى أنها دولية بمعنى من المعانى، وليس
من المتصور أن يكونوا قد قرروا تنظيمها على أرضنا فجأة، لأن دولة أخرى
اعتذرت مثلاً، وإنما كان موعدها معروفاً من قبل، وكان الاستعداد لها، بحفل
عالمى لائق، مسألة لا يجوز أن تكون محل نقاش،
ومع ذلك، فإن الفرقة
الشعبية، التى كانت تؤدى فقرة فى الافتتاح، لم تكن تصلح لأداء فقرة من هذه
النوعية على مسرح دمنهور قبل أن يتحول إلى دار أوبرا، وكان مستواها لا
يليق بحفل افتتاح مجزر فى حى شعبى، فضلاً عن أن يكون صالحاً لتشريف بلد
وتمثيله فى افتتاح بطولة دولية، وكانت هناك فرقة أخرى تؤدى أداء متواضعاً
ومقلداً لفرقة رضا للفنون الشعبية، وكنا فى الإجمال فى مستوى أقل بمراحل
من مستوى يليق ببلد فى حجم مصر، من حيث تاريخه وإمكاناته وتراثه وثرواته!
وإذا
كانت جنوب أفريقيا، سوف تنظم المونديال على أرضها، هذا العام، بعد أن كانت
قد انتزعته منا فى منافسة شهيرة، فإن ذلك ليس إلا لأنها عرفت وتعرف جيداً
كيف تعرض للعالم ما عندها، وتعرف أيضاً كيف تُفرِّق بين حفل يقام فى مدينة
بعيدة عن العاصمة، وبين حفل آخر يقام على مرأى ومسمع من العالم!
الذين
نظموا حفل الافتتاح إياه، مساء الخميس، تعاملوا معه وكأنه حفل فى عيد من
أعياد الثورة!!.. وكانوا يتكلمون فيه مع أنفسهم، مع أن المفترض أنها
مناسبة لنتكلم فيها مع العالم.. كان الحفل كعادتنا فى أمور كثيرة مشابهة،
نوعاً من «المونولوج» مع الذات، وكان المفروض فيه أن يكون «ديالوج» مع
الغير!.. حاجة تكسف!!