المدمر..!

بقلم /
حسن المستكاوى

18 فبراير 2010 10:30:30 ص

** هذا ليس اسما لفيلم يعرض بسينما على بابا فى شارع 26 يوليو ضمن برنامج يتضمن
ثلاثة أفلام منوعة: عربى، هندى، إنجليزى، على مدار الساعة، ويبدو من اسمه أنه من
تلك الأفلام التى يصارع فيها البطل، جاكى شان، كل الأعداء، ويسقطهم كما تسقط صغار
العصافير من أعشاشها، بهز فرع الأشجار.. (Devastating) أو المدمر هو اللقب الذى
أطلقه أليكس فيرجسون المدير الفنى لفريق مانشستر يونايتد على نجمه ورأس حربته واين
رونى الذى كان وحشا كاسرا فى الشوط الثانى وصارع وحده دفاع ميلان، وسجل هدفين.

المباراة كانت حافلة بالصراع هجمة هنا وهجمة هناك، فى إطار إيقاع سريع..
وكان رونالدينيو كما كان منذ سنوات، ساحرا يمزج سحره بالتهريج.. وفى بعض اللحظات
مهرجا يحاول أن يكون ساحرا.. وهذا لا ينطبق أبدا على رونى رأس حربة مانشستر
يونايتد، الذى يعد نموذجا للشاب الإنجليزى الذى عرف طريق كرة القدم عبر عمله فى أحد
مصانع النسيج فى مانشستر (رونى عامل بناء أصلا وغير متعلم) والمدمر لقب يستحقه هذا
النجم، لأنه يلعب بجد، ويدرك أن عمله هو تسجيل الأهداف وتحقيق الفوز، ولا يعنيه أن
يبهر الحضور بمهاراته، أو يضحك المتفرجين بنكاته كما يفعل رونالدينيو..!

لعب مانشستر يونايتد بطريقة عرفها عرب الجاهلية ويطلق عليها: «من أين تؤكل
الكتف؟!». فكان البناء الدفاعى صلبا، والهجمات المضادة خطيرة، فأكلوا كتف ميلان
لأول مرة فى تاريخ مواجهات الفريقين فى سان سيرو.

** كانت المباراة ممتعة،
لكن ما كان أكثر إمتاعا هو ما جرى بعدها.. فقد صافح لاعبو مانشستر زميلهم ومواطنهم
دافيد بيكهام الذى يلعب لفريق ميلان (لم يعتبر خائنا).. وعلى الرغم من شدة الصراع،
والنضال المستعر بين لاعبى الفريقين، على الرغم من ذلك، فور انتهاء المباراة تصافح
اللاعبون وتبادلوا القمصان والمزحات وتركوا الملعب وهم يرتدون جميعا ثوب الروح
الرياضية، فلا عراك ولا سباب ولا اشتباكات.. وتبادل الهولندى كلارنس سيدروف صاحب
الهدف الثانى لميلان العناق مع الشيطان الأحمر المنافس رونى..

وهذا لأنهم يلعبون
رياضة، وساحة سان سيرو مجرد ملعب وليست ميدان حرب، ومهما كانت قسوة النقد والهجوم
على لاعبى ميلان إعلاميا فإنهم يدركون أنهم يستحقون النقد، فالهزيمة فشل، لكنه فشل
لا يتعدى حدود العشب الأخضر. فشل لا يطول الشعب الإيطالى ولا علم إيطاليا ولا حضارة
الرومان ولا حزب فورزا إيطاليا الحاكم الذى أسسه بيرلسكونى.. لا يحدث ذلك أبدا فى
هذا العالم الآخر.. كما لم يقطع تليفزيون الـ«بى بى سى» فى بريطانيا برامجه ليذيع
أغنية: «ماشربتش من التايمز» أو أغنية «عملوها الرجاله».. كما يعتقد المتخلفون
الذين يحاربون فى اللعب، ويلعبون فى الحرب، ويرون الفريق وطنا.. فقط فى حالات
الفوز بمباراة..!