موقفنا من المواقع التي تسيء إلى الإسلام ، وبيان طرق نصرة الإسلام
السؤال:
هناك الكثير من المواقع التي تهاجم الإسلام ، ويتم فيها سب الله ورسوله
وصحابته وزوجاته بأقذع الألفاظ . ويتصدى لهذا المواقع مسلمون جهلة ، وصغار
، يتخبطون في الرد عليهم ، فيبدو الرد هزيلاً ، والشبهة قوية ، ويسيئون
للإسلام كثيراً . وهذه المواقع لا مصداقية لها فإن جاء الرد على الشبهة
داحضاً لها ممن منّ الله عليهم بالعلم ، وهم قلة في هذه المواقع ، يتم حذف
الرد تماماً ، أو إزالة بعض منه ، فيبدو الرد ضعيفاً ، وإن كان الرد من
جهلة : تركوه . فهلا وجهتم لمن يتصدى لهذه المواقع من جهلة المسلمين كلمة
تنذرهم مما يفعلوه ؟ . وهلا أرشدتمونا نحن الذين لا نملك العلم إلى طرق
ننصر بها الإسلام وندعو إليه ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا
تختلف مواقع الإساءة لدين الله وللرسول صلى الله عليه وسلم عن المجالس
التي تشتمل على مثل ذلك الكفر ، وفي كلا الحالين يحرم المكث في تلك
المجالس ، ويحرم الدخول لتلك المواقع ، إلا لمنكِرٍ عليهم يستطيع إيقاف
تلك الإساءات ، فإن لم يستطع واستمر أولئك : فلا يحل له البقاء في ذلك
المجلس ، كما لا يحل له الدخول إلى تلك المواقع .
قال تعالى : ( وَإِذا
رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا
تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/ 68 .
(
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ
اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ
حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ )
النساء/140 .
وقد حذَّر علماء الإسلام – قديماً وحديثاً – عموم
المسلمين من النظر في كتب أهل البدع والضلال ، ومن محاورة الزنادقة
والملحدين ، إلا لمسلم عالِم بدينه ، وعالم باعتقاد وفكر المقابل له ؛
خشية أن تخطف شُبه أولئك المخالفين للشرع قلب ذلك الضعيف أو الجاهل .
وقد بينا هذا بوضوح في أجوبة الأسئلة :
ثانياً:
بناء
على ما سبق : فمن كان ضعيف العلم والبصيرة لا يحل له دخول تلك المواقع
للنظر فيها ، كما لا يحل له محاورة أولئك الكفرة والرد عليهم ؛ لعدم وجود
قوة البصيرة ؛ ونعني بها العلم الصحيح المحقق الذي يحافظ به على اعتقاده ،
ويحارب به أعداءه .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
" وقوله ـ أي :
قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصيته ـ " ينقدح الشك في قلبه بأول
عارض من شبهة " : هذا لضعف علمه ، وقلة بصيرته ، إذا وردت على قلبه أدنى
شبهة : قدحت فيه الشك والريب ، بخلاف الراسخ في العلم ، لو وردت عليه من
الشبَه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ، ولا قدحت فيه شكّاً ؛ لأنه قد
رسخ في العلم ، فلا تستفزه الشبهات ، بل إذا وردت عليه : ردها حرسُ العلم
وجيشُه ، مغلولة ، مغلوبة ، والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين
انكشاف الحق له ، فمتى باشر القلبَ حقيقةُ العلم : لم تؤثر تلك الشبهة فيه
، بل يقوى علمُه ويقينُه بردِّها ومعرفة بطلانها ، ومتى لم يباشر حقيقةَ
العلم بالحق قلبُه : قدحت فيه الشك بأول وهلة ، فإن تداركها ، وإلا تتابعت
على قلبه أمثالها حتى يصير شاكّاً مرتاباً ... " انتهى من " مفتاح دار
السعادة " ( 1 / 140 ) .
وإنه حتى العالِم أو طالب العلم القوي لا يحل
له دخول تلك المنتديات إذا كان لا يُمكَّن من قول الحق ، أما أن يعلم أن
كلامه سيحذف منه ما فيه حجة على الخصم الكافر : فلا ينبغي له البقاء بين
أظهرهم ، أو المشاركة في مجالسهم ومنتدياتهم ؛ لتحقق المفسدة بوجوده في
أماكن الضلال والانحراف ، دون مصلحة تغيير المنكر ، أو النهي عنه والأمر
بالمعروف .
ثالثاً:
إذا كان دخول العامي لا يجوز ، ودخول طالب
العلم أو العالِم – إذا لم يمكَّن من الرد عليهم – لا يجوز ، فما هو الحل
؟ والجواب : أن الحل يكون بنشر الاعتقاد الصحيح في المنتديات والمواقع
الإلكترونية التي تسمح بقول أهل الإسلام الحق الذي عندهم دون حذف لكلامهم
، والحل يكون بإنشاء مواقع تجمع تلك الشبهات وتدحضها بالعلم ، ويحال عليها
المسلمون لتعلم دينهم ، ولمعرفة ما عند خصوم الإسلام من الجهل والكذب .
رابعاً:
نصرة
الإسلام واجبة على كل مسلم بما يستطيعه ، وسواء كان المسلم عاميّاً أو
عالماً ، ذكراً أو أنثى : فإنه يستطيع أن يصنع شيئاً يخدم به الإسلام ،
وينصر به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :
1. أن يقوِّي معرفته
بدينه الإسلام ، فيطلب العلم ، ويتعلم ، حتى يقي نفسه من شبهات خصوم
الإسلام ، وحتى يزداد يقيناً بأنه على الحق المبين .
2. أن يكون المسلم طائعاً لربه تعالى ، مبتعداً عما حرَّم ، وهذا من أعظم ما يفعله المسلم لنصرة دينه .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
"
فالذين يرتكبون جميع المعاصي ممن يتسمون باسم المسلمين ثم يقولون : إن
الله سينصرنا : مغررون ؛ لأنهم ليسوا من حزب الله الموعودين بنصره ، كما
لا يخفى .
ومعنى نصر المؤمنين لله : نصرهم لدينه ولكتابه ، وسعيهم
وجهادهم في أن تكون كلمته هي العليا ، وأن تقام حدوده في أرضه ، وتُمتثل
أوامره ، وتجتنب نواهيه ، ويحكم في عباده بما أنزل على رسوله صلى الله
عليه وسلم " انتهى من " أضواء البيان " ( 7 / 252 ) .
3. أن يساهم
بنشر المواقع العلمية ، والدعوية ، بين المسلمين وغيرهم ، وذلك بعمل قوائم
بريدية يستعملها في المراسلات ، أو من خلال مراسلة من يعرف من الأصدقاء
ليقوم كل واحد بدوره في نشر ذلك الخير والعلم بين الناس .
4. دعم
المواقع الإسلامية العاملة ، ودعم الغرف الصوتية في " البالتوك " ، وبدعم
المسلم لهؤلاء العاملين للإسلام يساهم في نصرة الإسلام .
5. تفريغ دعاة
وطلبة علم لتولي دعوة الناس لدين الله ، وتعليم المسلمين أحكام الشرع ،
فالحاجة ماسَّة لتفريغ طائفة من هؤلاء ليقوموا بمهمة الدعوة والتعليم .
والله الموفق[/size]