هذا هو الأهلى.. فأين الزمالك؟!بقلم/سليمان جودة
Fri, 07/05/2010 - 08:03
سألتُ فى إسبانيا السؤال الآتى: إذا كان «ثاباتيرو»، رئيس وزرائهم الحالى،
قد جاء إلى رئاسة الوزراء قبل مجىء الدكتور نظيف إلى رئاسة حكومتنا بثلاثة
أشهر تقريباً، وإذا كانت المقارنة بين الحكومتين، رغم هذا العمر الذى يكاد
يكون واحداً، تبدو صعبة للغاية، لأسباب كثيرة.. فما هو يا ترى الشىء الذى
يميز أداء حكومة «ثاباتيرو» نفسها، عن أداء الحكومات التى سبقتها هناك،
لعلنا نستفيد من مقارنة من هذا النوع؟!
وكان الجواب، أن الفارق بين حكومتهم الحالية والحكومة السابقة عليها لا
يمكن أن يكون واضحاً، إلا إذا عرفنا الخلفية التى جاءت منها الحكومة
القائمة.. وإذا كنا راغبين فى التعرف على الخلفية، فلابد أن نعود إلى
انتخابات 2004 فى مدريد، التى جاءت بالحزب العمالى الاشتراكى إلى الحكم،
بعد أن فاز بـ164 مقعداً فى البرلمان، ثم ارتفعت مقاعده فى انتخابات 2008
خمسة مقاعد، ليصبح 169 مقعداً، بينما فاز الحزب الشعبى المنافس الذى يظل
الأقوى له، الذى كان قد حكم من عام 96 إلى 2004، بـ154 مقعداً، وكان تشكيل
الحكومة بالتالى من حق الحزب العمالى، وهو ما حدث!
وأنت تستطيع أن تخمن سياسات حكومة يشكلها حزب اسمه الحزب العمالى
الاشتراكى، فالطبيعى أن يكون حزب، هذا هو اسمه، منحازاً إلى العمال، على
وجه الخصوص، ثم إلى الطبقات الكادحة على وجه العموم!
صحيح أن حكومة الحزب تواجه مشكلة متفاقمة، هى ارتفاع عدد العاطلين، عاماً
بعد عام، وهو الأمر الذى تواجهه فى جانب منه من خلال إعانات بطالة اجتماعية
مستمرة، ولكن تفاقم المشكلة، خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية، لم يمنع
الحكومة، من أن تنال إعجاب الإسبان، لسبب آخر أهم، هو أنها كانت بارعة
جداً ولاتزال، فى حسن توزيع الدخل على الناس، بما يجعل التوزيع يعود
بفائدته الأكبر، فى النهاية، على الطبقات الفقيرة التى تضررت، ولاتزال، من
تداعيات الأزمة!
يقال عن حكومة «ثاباتيرو» إنها لم تنجح بعد، فى خلق الثروة فى البلد،
ولكنها نجحت، بامتياز، فى توزيع ما فى يديها من ثروات على مواطنيها، بحكمة،
وبما أنها حكومة عمالية اشتراكية فى الأساس، فالطبيعى جداً أن تراعى وهى
توزع مصالح الطبقات محدودة الدخل، وأن تكون هذه الطبقات راضية عن حكومتها،
إلى حد بعيد!
ولكن.. علينا أن نفهم أن حكومة من هذا النوع، لم يكن من الممكن لها أن
تتصرف على هذه الصورة، ما لم يكن وراءها حزب فاز بأغلبية نسبية فى برلمان
يصل عدد مقاعده إلى 350 مقعداً، ولم يكن لها أن تتصرف أيضاً على هذه
الصورة، ما لم يكن الحزب الذى تعبر هى عنه، حزباً عمالياً اشتراكياً، يرى
طول الوقت، أن عليه، من خلال حكومته، أن يأخذ ضرائب تصاعدية من الأغنياء،
وأن يعود بحصيلة الضرائب على البسطاء، فى صورة خدمات ممتازة، تتمثل أساساً
فى علاج مجانى على أعلى مستوى، وفى تعليم يتيح حتى للذين جاءوا إلى البلد،
بطريق الهجرة غير الشرعية، أن يلتحق أولادهم بالمدارس ذات المستوى الرفيع،
وهو بالمناسبة مستوى رفيع دائماً، على كل حال، سواء كان والد الطالب فيها
من إسبانيا، أباً عن جد، أو كان قد دخل البلاد، متسللاً دون وجه حق!
وسوف يتبقى عندنا، فى النهاية، سؤالان، أولهما أن حكومة نظيف، إذا كانت
حكومة الحزب الوطنى، فما هى - بالضبط - سياسة الحزب التى تطبقها الحكومة
وهل هذه السياسة، خصوصاً فى أبعادها الاجتماعية، واصلة بما يكفى إلى
المواطنين، كما تصل سياسة «ثاباتيرو» إلى مواطنيها؟!
والسؤال الثانى: إذا افترضنا، وهو فرض صحيح، أن الحزب العمالى عندهم، هو
النادى الأهلى عندنا، وأن الحزب الشعبى المعارض، هو الزمالك، فإن الحزب
الوطنى، هو الأهلى فى السياسة المصرية، دون أن يكون أمامه «زمالك».. وهذا
هو أصل المشكلة!