من أزمة الإعلانات والعقود إلى اللوائح والنقود.. تسقط الكرة وتحيا الفوضى بقلم/ياسر أيوب
Fri, 30/04/2010 - 05:00
■ لا أريد التقليل من شأن أزمة تعاقد المدير الفنى للأهلى وعدد
من لاعبيه مع إحدى شركات الاتصالات لتصوير إعلان تليفزيونى جديد، بحيث
أوافق من يؤكد أنه لا أزمة هناك ولا أى مشكلة أو حتى خلاف.. ولا أريد
فى المقابل تضخيم تلك الأزمة إلى درجة أن يصورها البعض وكأننا أمام جريمة
جنائية وقعت خلف أسوار الأهلى أو فضيحة أو مؤامرة خطط لها مسؤولون
كبار للتخلص من حسام البدرى.. فكل ذلك ليس صحيحاً.. نعم هناك أزمة..
ولكنها ليست جريمة ولا مؤامرة.. وإدارة الأهلى ليست فى حاجة لكل ذلك،
ولم تكن لتنتظر ذلك إن كانت تريد الخلاص من حسام البدرى والاستعانة
بمدير فنى جديد.. والحكاية كلها يمكن تلخيصها فى فوضى الحقوق والواجبات
والتعاقدات والمفاهيم.. ليس بالنسبة للأهلى فقط، الذى من المؤكد أنه
الأكثر تنظيماً وهدوءاً واستقراراً وانضباطاً.. وإنما لكل الأندية
وداخل اتحاد الكرة أيضا.. فالأهلى تعاقد مع إحدى شركات الاتصالات لتصبح
واحدة من رعاة النادى الكبير..
ووفقا لهذا التعاقد لم يعد مسموحاً للنادى الأهلى بالمشاركة فى أى نشاط أو
دعاية تقوم بها أى شركة اتصالات أخرى.. وافق الأهلى على ذلك وقبض
الثمن.. لكنه نسى أن يعيد صياغة كل عقوده مع لاعبيه ومدربيه ليلزمهم
بنفس هذا الذى التزم به النادى نفسه.. اعتمد الأهلى على المجاملات
والخواطر وحب الجميع داخل النادى وانتمائهم له.. حتى حين وقعت أزمة
أبوتريكة مع موبينيل وشركة اتصالات منافسة..
واضطر أبوتريكة للتنازل عن المليون جنيه احتراماً لحقوق الأهلى وتعاقداته
مع رعاته.. لم ينتبه المسؤولون فى الأهلى إلى ضرورة تقنين كل الأوضاع
والعلاقات.. فبقى الأمر على حاله حتى جاءت الأزمة الأخيرة.. واكتشفت
الشركة الراعية أن المدير الفنى وعدداً من لاعبى الأهلى يقومون بتصوير
إعلان تليفزيونى لمصلحة شركة منافسة بالمخالفة لتعاقدها مع الأهلى..
فاضطر الأهلى لإقناع مديره الفنى ولاعبيه للتراجع عن هذا الإعلان..
وبالفعل وافق كثيرون منهم، رغم أن الأهلى لا يملك قانوناً أن يطلب ذلك
من معظمهم.. ولكننا عدنا مرة أخرى للخواطر والمجاملات.. وهو الأمر الذى
لابد أن ينتهى وهذا هو الشىء الإيجابى الوحيد فى تلك الأزمة الأخيرة هى
أنها ستضع نهاية لفوضى طويلة وقديمة عاشتها الكرة المصرية وأنديتها
ونجومها، واختلطت فيها كل الأوراق والحقوق والصفات أيضاً..
ليس فى الأهلى فقط ولكن باتت الأندية مطالبة فى تعاقداتها مع كل لاعبيها
بالنص الواضح والملزم على كل الحقوق الخاصة بالإعلانات والحملات
الدعائية مدفوعة الثمن.. ومتى يصبح اللاعب حراً، ومتى يملك النادى حق
الاعتراض.. وبهذا الوضوح ستختفى مسألة التعاقد مع لاعب بمقابل مالى ثم
مراضاته بعدة حملات إعلانية.. فهذا لا يجرى فى أى مكان فى العالم..
ولاعبو الأهلى الذين أحسوا بالغضب لأن أحمد حسن تعاقد على حملة إعلانية
كبرى..
قد يكون معهم الحق ولهم العذر طالما أن إدارة الأهلى تقحم نفسها فى هذا
المجال.. والمفترض أن اختيار اللاعبين النجوم للحملات الإعلانية من
اختصاص الشركات التى تريد الإعلان فقط، دون أى تدخل من الإدارة..
وبالتالى لا يصبح من حق أى لاعب الاعتراض.. ولا مطالبة المعاملة
بالمثل.. فهناك لاعبون وهناك نجوم..
وهناك من يكتفى الناس بمشاهدتهم فى الملعب، بينما هناك من يسير وراءهم
الناس فى تسويق أى سلعة أو فكرة.. ولكننى بهذه المناسبة أود التوقف عند
أحمد حسن.. وأتضامن معه أيضا ضد هجوم غير مبرر على الإطلاق وتجاوزات
فاقت كل حدود الممكن والمقبول من كاتب كبير مثل محمود معروف..
فلا أحمد حسن أهان الزمالك فى أى إعلان تليفزيونى.. ولا الشركة التى
قامت بالإعلان خطر لها ذلك أبدا.. وكنت أتمنى من كاتب بحجم محمود معروف
أن يشارك بقلمه وصوته وتجربته فى حسم كثير من الأمور بدلا من إشعال
مزيد من الحرائق.. ومن المؤكد أن قامة أحمد حسن وتاريخه ومكانته وعطائه
تبقى أهم وأكبر وأغلى من استخدامهما كمجرد عرض فى سيرك طمعا فى تصفيق
بعضهم، أو مزيد من الصخب والشهرة والاهتمام.
■ المهندس شريف حبيب.. عضو مجلس إدارة نادى المقاولون العرب والذى سبق
له أن استقال من عضوية لجنة شؤون اللاعبين غضبا ورفضا لكل ما شاهده من
فوضى وفساد وخلط للأوراق وإلغاء للعدالة والقواعد.. فاجأ الجميع مؤخراً
بمستندات تؤكد أن ريعو.. لاعب الاتحاد السكندرى.. شارك بالفعل مع
الاتحاد فى مباريات كثيرة هذا الموسم وبتواريخ سابقة لقرار رفع الإيقاف
عنه..
وكأن لجنة شؤون اللاعبين قد أوصت بإيقاف اللاعب بعد شكوى من وكيل أعماله
نتيجة خلافات مالية وحقوق ضائعة.. وصدر قرار اتحاد الكرة باعتماد هذه
التوصية لتصبح قرارا بالإيقاف ملزماً للجميع.. ولكن فجأة قرر الاتحاد
السكندرى إشراك ريعو.. ولم ينتبه أحد لذلك كعادة الفوضى السائدة فى مؤسسة
الكرة المصرية.. حتى واجه المحلة تهديد الهبوط وعاش المنصورة مواجع
الهبوط بالفعل..
فقرر الناديان فتح هذا الملف والمطالبة بشطب نتائج الاتحاد السكندرى
لإشراكه لاعباً موقوفاً.. ولكن تصدى مجدى عبد الغنى كرئيس سابق للجنة
لكل ذلك، وأكد سلامة موقف الاتحاد وقانونية مشاركة ريعو.. وفجأة أخرج
شريف حبيب مستندات رسمية تؤكد أن قرار رفع العقوبة جاء تاليا لمشاركة
ريعو بالفعل وليس العكس كما هو مفترض.. وهو ما يعنى أن اتحاد الكرة
الآن بات مطالبا بالتحقيق الجدى فى هذه الواقعة.. فإن ثبت أن شريف حبيب
على صواب وأن مستنداته صحيحة.. فلابد من وقفة حاسمة وعاجلة أيضا..
هل يتم شطب نتائج الاتحاد ونزوله للدرجة الثانية أو يتم إلغاء الهبوط هذا
الموسم أم أن هناك حلولاً قانونية عادلة لابد أن يفرضها اتحاد الكرة
على الجميع بمن فيهم أعضاء مجلس إدارة الاتحاد نفسه، الذين أخطأوا
وأهملوا ولم يراعوا الحقوق والحدود.. وهذا هو كل ما يمكن قوله لأننى لا
أريد أن أصدق كلاما ينتثر هنا وهناك بشأن فضائح مالية ومبالغ تم الحصول
عليها بطرق غير مشروعة..
كما أننى أود التساؤل أصلا عن فكر يحكم لجنة شؤون اللاعبين، وكيف يمكن
لهذه اللجنة أن تصدر قراراً بإيقاف لاعب، لأنه لم يعط وكيله مستحقاته
المالية.. فالإيقاف هناك لم يكن عقاباً للاعب الذى أخطأ بل كان عقاباً
للنادى الذى لم يخطئ.. ففى وقت صدور قرار الإيقاف..
لم يكن الاتحاد السكندرى أخطأ فى أى شىء حتى تقرر لجنة شؤون اللاعبين
معاقبته بإيقاف أحد لاعبيه الذين تعاقد معهم النادى، ودفع لهم الكثير من
المال.. لكن نادى الاتحاد أخطأ بعد ذلك حين أشرك لاعباً موقوفاً بقرار
رسمى قبل رفع الإيقاف عنه.. وأظن أن كل هذه الأفكار القديمة بات من
الضرورى تغييرها فى زمن الاحتراف الحقيقى، الذى نتمنى أن تعيشه وتمارسه
الكرة فى بلادنا.
■ بمناسبة الاتحاد السكندرى.. فوجئت بعدد ضخم من لاعبى الفريق بدأوا
الضغط على إدارة النادى لتعديل عقودهم وزيادة مستحقاتهم المالية.. وهدد
هؤلاء اللاعبون ناديهم بالرحيل إن لم تستجب لهم الإدارة وتضاعف قيمة
تعاقداتهم.. من يتقاضى ربع مليون يريد النصف ومن يتقاضى النصف يريد
المليون..
وليس لاعبو الاتحاد وحدهم.. وإنما يريد لاعبو غزل المحلة أيضا مضاعفة
أرقامهم.. وأنا بالتأكيد لا أعترض على كل من يريد زيادة دخله بالصورة أو
النسبة التى ترضيه وتكفيه.. وليس لى أن أتدخل أو أناقش ذلك.. كما أننى
أيضا لست من النوع الذى يستهويه المقارنة بين دخل لاعب الكرة فى مصر
وبين الطبيب أو المحامى أو العالم وأستاذ الجامعة.. فهى مقارنة ليست
صحيحة على الإطلاق..
وليست مصرية أيضا بالمناسبة.. إنما هو واقع يعيشه العالم كله.. فى كل مكان
فى الدنيا يتقاضى لاعبو الكرة أضعاف ما يتقاضاه العلماء والموظفون وحتى
الملوك والرؤساء والوزراء.. ولكننى فقط أناقش مبرر طلب الزيادة.. فلا
لاعبو الاتحاد أو المحلة حققوا انتصارات رائعة للمطالبة بزيادة عقودهم..
ولا هم أصبحوا نجوما يجذبون الجماهير للمدرجات أو يجبرون القنوات
التليفزيونية على زيادة ثمن بث مباريات الناديين..
ولم يفز الاتحاد أو المحلة بأى بطولة.. ومن هذه النقطة أصل إلى نقطة أخرى
أكثر أهمية.. وهى إلى ماذا يستند الذين يقيّمون أسعار لاعبى الكرة فى
مصر.. ففى السينما والتليفزيون والأفلام والبرامج ممكن الاستناد إلى
المساحات الإعلانية ويصبح من حق الذى ينجح وتأتيه إعلانات أكثر أن يطالب
بزيادة ما يتقاضاه.. والمهندس أو الطبيب أو المحامى الذى يجتهد ويبرع
فى عمله فتزداد إيرادات الشركة أو المستشفى أو المكتب من حقه أيضا أن
يطالب بالزيادة.. حتى البائع فى المحل حين يجيد فنون البيع وتزداد
المكاسب والأرباح ممكن أن يطلب مضاعفة دخله..
ولكن متى يمكن للاعب الكرة أن يطلب مضاعفة دخله وعلى أى أساس.. فلا الأهلى
أو الزمالك حين يتعاقد أحدهما مع لاعب ما.. يستطيعان تحديد زيادة دخل
النادى بسبب التعاقد مع هذا اللاعب.. فلا عدد الجمهور يزيد أو مقابل
البث التليفزيونى ولا حتى هناك ملكية فكرية تسمح للنادى منهما باحتكار حق
بيع فانلة هذا اللاعب..
وبالتالى لا يمكن حتى الآن فهم كيف ينال لاعب ما مليون جنيه فى العام
الماضى يصبحان مليونين هذا العام ثم أربعة ملايين فى العام المقبل،
بينما لا تزيد إيرادات الناس فى الأعوام الثلاثة جنيهاً واحداً إن لم
تكن تتناقص عاما بعد عام.. وهو الأمر الذى يوحى بأن الكرة المصرية
مقبلة على كارثة مفزعة.. وليس صحيحا أنها كارثة ستقضى فقط على الأندية
الشعبية وحدها..
إنما ستقضى على كل الأندية بما فيها أندية الهيئات والشركات أيضا.. لأنه
قطعا سيأتى الوقت الذى تعجز فيه كل هذه الأندية عن الوفاء بالتزاماتها
وستعلن إفلاسها.. وسيأتى اليوم الذى تصحو فيه مصر لتكتشف أنها تملك
نجوما بالملايين ولكنها لا تملك ناديا واحدا قادرا على التعاقد مع أى
منهم..
فالنادى الشعبى لن يجد مستقبلا محافظا يجرؤ على سداد الملايين من خزينة
المحافظة لشراء لاعبى كرة.. وأى هيئة أو شركة قد تدفع اليوم خمسين
مليونا فى السنة من أجل كرة القدم لكنها غدا لن تجرؤ ولن تستطيع أن
تدفع مائة أو مائتى مليون حتى لو كانت ستفوز بكل بطولات الجمهورية.. وأظن
أنها قضية أخطر من أزمة البث التليفزيونى، وتستحق أن تصبح هى الأولى
والأحق بالرعاية واهتمام وانشغال مسؤولى الأندية فى رابطتهم التى يريدون
تشكيلها وإشهارها.
■ فى غمرة اهتمام العالم وصحافته الورقية والتليفزيونية والإلكترونية
بالفضيحة النسائية التى تابعها الناس هنا فى مصر، بعد أن طالت كثيرين من
لاعبى منتخب فرنسا.. وعلى رأسهم النجم الكبير ريبيرى المحترف حاليا فى
صفوف فريق البايرن ميونيخ.. لم ينتبه كثيرون منا بالشكل الكافى أو
اللائق إلى أن انزعاجهم فى الغرب كان انزعاجا أخلاقيا أو قانونيا..
بمعنى أن اعتراض الناس والنقاد والمسؤولين كان بدافع الحرص على الأخلاق
ورفض انغماس نجوم كبار فى الرذيلة والسعى وراء ممارستها.. أو اعتراض
قانونى لأن اللاعبين أقاموا علاقات جنسية مع فتاة قاصر لم تبلغ السن
القانونية وهى جريمة فى القانون الفرنسى لا تقل عقوبتها عن الحبس ثلاث
سنوات.. لكن لا أحد تحدث عن انخفاض مستوى اللاعبين أو تراجع لياقتهم فى
ملاعب الكرة.. مع أننا فى مصر لا ننزعج إلا لهذا السبب..
كلما تكشفت فضيحة للاعب ما أو شوهد بصحبة نساء وفتيات فى مكان غير مناسب
وغير لائق.. صرخ الكثيرون منا بأن هذا اللاعب سيتراجع مستواه أو سيفقد
لياقته أو لن يعود صالحا للبقاء فى فريق أو منتخب.. وقتها لا نتحدث عن
الأخلاق ولا القانون.. مع أن ذلك هو الأساس وليس تلك الأوهام التى
اخترعناها نحن وصدقناها وحدنا بأن هذه العلاقات تؤدى إلى انخفاض أو
تراجع المستوى الفنى فى الملعب.. وهو كلام ليس له أى أساس علمى أو طبى..
بينما يبقى الأساس الأخلاقى الذى ننساه أحيانا أو غالبا، رغم أنه
الأهم والأولى باهتمامنا وانزعاجنا.
■ أحترم جدا حرص النجم السكندرى الشهير جدو على مناشدة اللواء عادل لبيب
محافظ الإسكندرية تخصيص قطعة أرض مناسبة لنادى الاتحاد يقيم عليها
ملعباً يليق بالنادى الأكبر والأجمل والأهم فى فى الإسكندرية كلها..
ولا أملك أى حق للاعتراض على قيام جدو بحملة إعلانية جديدة لأحد أشكال
البطاطس..
ولا أضيق مطلقا بالحفلات والسهرات التى يحضرها جدو لتكريمه والاحتفاء به..
بل على العكس أنا سعيد بكل ذلك، لأنه يقطع الشكوك ويخرس الألسنة التى
تزعم أن جدو لم يعد بعد من أنجولا، حيث أقيمت بطولة كأس الأمم
الأفريقية.. لأن لقاء جدو مع المحافظ وصوره فى لوحات الإعلانات الضخمة
والملونة وأخبار تكريمه وحفلاته دليل قاطع على أنه موجود فى
الإسكندرية.. ويبقى فقط أن أناشده بالعودة إلى نادى الاتحاد وكرة القدم
ومصر كلها التى أحبته وراهنت عليه ولا أحد منا يريد أن تخسر مصر هذا
الرهان الجميل