أفكار مونديالية: هواجس الأمن .. والمفاجأة الاولي

أخيراً وصلنا إلي حافة المونديال ، ووصلنا اليوم موعد مع الافتتاح والمباراة الاولي بين جنوب افريقيا والمكسيك ، وقبلها رقصات شاكيرا وخلفها العشرات والمئات يتمايلن ويرقصن ويغنين للكرة العالمية والقارة السمراء التي تستقبل المونديال للمرة الاولي منذ انطلاقه من 80 عاماً وربما للمرة الاخيرة أيضاً!!

رغم زياراتي المتعددة إلي جنوب افريقيا، وأخرها منذ أقل من عام لتغطية كأس القارات وفي أجواء شبيهة بالمونديال ، فإنني أبداً لم أسلم أبداً من شكوكي وهواجسي الامنية .. ويحضرني موقف طريف حيث كنت عام 1998 موجودا بالعاصمة جوهانسبرج لتغطية دورة الالعاب الافريقية ، وذات مساء كنت اتجول داخل ساحة خارجية للفندق الكبير الذي كنا نقيم به مع مجموعة من الصحفيين ، وكنت مطمئناً علي غير عادتي ، لانه كان يرافقني في جولتي زميلي العزيز في القسم الرياضي بالاهرام حسن الحداد بطل مصر وافريقيا وخامس اوليمبياد لوس انجلس في المصارعة للوزن الثقيل ، وحسن يتمتع بطول فارع ينافس لاعبي كرة السلة ووزن ضخم يتجاوز ال 130 كيلو جراماً وقتها ، وبينما كنا نتمشي ووصلنا الي قرب حافة ساحة انتظار السيارات داخل حرم الفندق ، سمعنا صوت موتور موتوسيكل ينطلق مسرعا في الظلام ، وبينما كنت استجمع شجاعتي وأقاوم فكرة ابداء الوجل او الخوف ، حتي لا أسمع" تريقة " أو اتهام بالجبن من زميلي المصارع العملاق وأنا أمشي بجواره بكل ثقة وغرور ، فإذا بي فجأة لم أجده بجواري ، وشاهدت شبحاً ضخماً يقفز مبتعداً ، وتجمدت من الدهشة وانا أتابع خطوات جريه السريع بسرعة تعادل عدائي المائة متر !!.. وسخرت منه بالطبع كثيرا عندما لحقت به وأخذت ألقنه دروساً في الشجاعة وقضيت الليل كله أضحك علي الموقف ، وفضحته وسط البعثة كلها ، لكنه كان صريحاً ويقول مامعناه ان "الجري نص الجدعنة وان من خاف سلم " وهي أمثال مصرية تحث علي ضرورة شعورك بالخوف ومحاولة الابتعاد عن مصدر الخطورة عندما تشعر بها.

ورغم حذري، فقد خضت مغامرات عديدة في رحلة كأس القارات كادت تودي بي الي الهلاك والذهاب ضحية لمجلة سوبر - رحمها الله - ورغم تراجع العنف المسلح وجرائم السطو المسلح والخطف والقتل بشكل نسبي بعد انخفاض عدد القتلي اليومي إلي خمسين قتيلا فقط ، فإن كل شيء ممكن ومحتمل في مونديال جنوب افريقيا ورغم حشد 200 ألف شرطي لحماية أسرة المونديال وخاصة لاعبي وبعثات المنتخبات ال32 ، ورغم استحكامات الامن الرهيبة في الاستادات والفنادق واماكن التدريب والاقامة ووسائل المواصلات ، فإن الحوادث بدأت مع العد التنازلي للمونديال ، ولم يسلم منها العناصر المختلفة للعبة، فمن سرقة اموال ومتعلقات لمنتخب اليونان ، إلي السطو علي كاميرات واموال صحفيين داخل فندقهم الفخم ، إلي مهاجمة صحفيين آخرين في طريقهم الي متابعة أحد التدريبات والاغرب سرقة حقيبة اليجري المدير الفني لمنتخب المكسيك طرف مباراة الافتتاح اليوم امام المضيف الملقب ب "البافانا بافانا" ، وقد أسقط في يد الرجل ، لانه كان يحتفظ في هذه الحقيبة بكل اسراره الفنية عن المباراة ، وخاصة طريقة لعب فريقه وبدائله وتكتيكاته ورؤيته لنقاط القوة والضعف في منتخب جنوب افريقيا .. ورغم إدانتهم للجرائم والعنف ، فسوف يعتبر الجنوب افريقيون هذه السرقة مهمة وطنية بالتأكيد ، وقد تصل هذه الحقيبة الي كارلوس البرتو باريرا المدير الفني لمنتخبهم لتفعيل الاستفادة بقراءة ما يدور في رأس مدرب المكسيك ،وسرقة أفكاره وربما سرقة نقاط المباراة وإطلاق المفاجأة الاولي !