السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"قالت لي امي اني سأذهب لمساعدة خالة خلال الصيف، واني ساعود بعد ذلك الى المدرسة لكن هذا الصيف لم ينته، فهمت اني اصبحت عاملة منزل"... هذه شهادة رشا، ذات الاعوام الثلاثة عشر. وهي احدى الاطفال المصريين الذين حولوا للعمل في المنازل، في واحدة من اكثر المهن انتشارا في البلاد، واكثرها افلاتا من اي مراقبة او مساءلة.
ونقلت هذه الشهادة واحدة من الدراسات القليل التي تعالج عمالة الاطفال في مصر، وقد اعدها مركز دراسات الهجرة واللاجئين في الجامعة الاميركية في القاهرة.
بالنسبة الى نهى، ربة منزل في السابعة والعشرين، فان تشغيل الاطفال في المنازل امر له محاسنه، اذ انه "من الاسهل ان تعطى التعليمات الى الفتيات الصغار".
وتشاطرها رأيها ماجدة، ربة منزل اخرى، لكنها تعطف سببا آخر لهذا الرأي، وهو "الشعور بالامان" مع الاطفال اكثر من الكبار.
يقدر عدد الاطفال العاملين في مصر بمليونين الى مليونين ونصف مليون، يعملون باعة متجولين، او مزارعين، او في ورش البناء، او في المصانع والمشاغل. لكن ما من تقدير لعدد اولئك الذين يجبرون على ترك منازلهم للعمل خدما في المنازل رغم انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع، وفقا للدراسة.
غير ان هذه الدراسة التي اقتصرت على محافظات الفيوم والمنيا واسيوط تشير الى وجود 53 الف طفل يعملون خدما في المنازل.
وقال راي جريديني احد واضعي الدراسة التي طلبتها منظمة ارض البشر غير الحكومية بتمويل من السفارة السويسرية، ان عمالة الاطفال في المنازل "نشاط غير منظور، وغير معترف فيه، وحساس من الناحية الاخلاقية".
فقد تطلب اجراء 74 مقابلة مع اطفال عاملين في المنازل او عائلاتهم او مشغليهم او وسطائهم، ستة اشهر من الجهود المضنية.
الغالبية العظمى من الاطفال الذين يعملون في المنازل هم من الفتيات، ومعظم هذه الحالات تحدث في عائلات ريفية معدمة تتخلى عن اطفالها بسبب العجز عن اعالتهم او أملا بدخل اضافي.
ويؤدي هؤلاء الصغار في المنازل اعمال التنظيف والتسوق، ورعاية الاطفال وغيرها من الاعمال التي قد تنطوي على مشقة اكبر، او استخدام لمواد سامة.
ويمكن للفتيات بين سن التاسعة والسادسة عشرة ان يعملن بين خمس ساعات وعشر يوميا، الا انهن في واقع الامر متأهبات للعمل في أي وقت كان. فيما تراوح اجورهن بين 100 جنيه و300 (18 الى 55 دولارا)، وتدفع غالبا الى اسر الفتيات وليس اليهن مباشرة. اما مكان النوم فهو عادة فراش على الارض في احدى غرف المنزل.
لكن هذه الظروف التي تواجهها الفتيات العاملات في المنازل قد تبدو للبعض، احسن حالا في بعض الاحيان من الظروف التي كن يعشن فيها في منازل اسرهن.
وفي هذا السياق تؤكد كريمة (19 عاما) التي بدأت العمل في سن التاسعة انها لا ترغب في ترك العائلة التي تعمل لديها، وتقول "الحياة هنا مريحة اكثر، الطعام جيد والملابس نظيفة".
غير ان الدراسة نقلت في المقابل شهادات من ثلاث فتيات تعرضن لاعتداءات جنسية من مستخدميهم.
يجري تشغيل الفتيات من خلال الاقارب او الجيران، او من خلال "المخدماتية"، وهي التي تنتقل بين القرى بحثا عن فتيات لهذه الغاية.
تدعو هذه الدراسة الى اجراء احصاء دقيق عن الظاهرة في الدرجة الاولى، ومن ثم اجراء التحرك التشريعي لمواجهتها. وهي تركز على هذه الظاهرة في مصر ولا تتعداها الى ارسال الاطفال للعمل في الخارج.