MiCoN :: مراقب عام ::
المشاركات : 22577 العمر : 32 محل الاقامة : Alexandria الوظيفة : Engineering Student الهوايات : Football and swimming بتشجع نادي إيه : Al Ahly football club لاعبك المفضل : Treika & Wael Gomaa
تاريخ التسجيل : 21/09/2009 التقييم : 121 نقاط : 32815 ::: :
| موضوع: مسلمون يعبدون الأوثان 2010-07-30, 3:09 am | |
|
قال جابر رضي الله عنه: "لا تجعلوا من أنفسكم أصناماً يعبدها الناس"، عبارة وقفتُ أمامها طويلاً، هل يمكن أن يُوحّد الإنسان ربه ويشهد لنبيه بالرسالة، ثم يُكشف له عن وجه من الحقيقة فيجد نفسه كان يعبد صنماً، صنعه بيديه وبأفكاره وبمعتقداته!
هناك لمحات تكلّم عنها كثير من الصحابة والتابعين والصالحين من عباد الله تنفي معنى التوحيد بداخلنا، وتخرجنا من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار.
سيدنا إبراهيم، عندما رزقه الله بسيدنا إسماعيل وهو الذي وصفه الله بأنه "أواه حليم"، تعلّق به وأحبه فما كان من الله إلا أن أمره في رؤيا أن اذبح ولدك؛ فما الذي كان يذبحه إبراهيم؟ هل كان سيذبح ولده ويُزهق روحه؟ أبداً، ودليل ذلك أن الله فداه بذبح عظيم ولم يشأ له أن يفعل هذا.. ولكن للصالحين لمحة في ذلك أنه لما تعلّق قلب إبراهيم بولده كان على الله أن يُخرجه من دائرة حب غيره إلى دائرة حبه هو.. هو وحده، وقد ذبح هذه المحبة بمجرد امتثاله لأمر الله، أما وقد تحقق المراد فلا داعي هناك لأن يذبح الجسد.
ومن هنا تعلّم الصالحون درساً غالياً أننا قد نصنع من أولادنا صنماً نعبده وننشغل به عن رب العزة، وهذا يأباه الله لمن اختصهم بعبادته وتوحيده.
المرأة قد نصنع منها صنماً نعبده إذا بلغ العشق مداه، وبات القلب هائماً في دوائرها غافلاً عن حقيقة الجمال ورب الجمال، وبهذا نصنع من المحبوب وثناً، في حين أنه وحده المستحق للحب الكامل، وفي هذا إشارة جاءت على لسان رسول الله لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أشار إليه أنه لا يؤمن حتى يكون الرسول أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه.. فقال سيدنا عمر: أَمِن نفسي؟! وكأنه لم يتحقق بها بعد؛ فلما أكّد رسول الله على هذا المعنى قال الآن يا رسول الله.
فقد يحب الإنسان نفسه ويصنع من أهوائه ورغباته وغروره صنماً يعبده، بل ويطالب الناس بعبادته دون أن يدري بأن يوقروه ويعطوه المكانة التي يرى أنه يستحقها بحكم علمه أو منصبه أو ماله أو جاهه.. فإن لم يفعلوا غضب.. وكأنه يريد أن يكون وثناً وهو لا يشعر.
نترك هذه الأمور الخاصة جداً لنتحرّك في إطار العلاقات العلاقة بين كل حاكم وكل محكوم..
إن فرعون مصر قال يوماً :"أنا ربكم الأعلى".. من شدة ما تعامل معه الناس بأنه الذي يملك لهم كل شيء حتى الحياة والموت.. فكان من المُغرَقين.
وقد توارث الكثير من المسلمين فكرة التعامل مع الرؤساء والحكام باعتبارهم يملكون أرزاقهم.. ومفاتيح سعادتهم في أعمالهم، سواء أكانوا على حق أو على باطل.
ادخل المصالح الحكومية، وانظر كيف يتذلل البعض للمديرين من أجل مكافأة يعطونها أو ترقية يريدون الحصول عليها لترى كيف نصنع الأوثان..
ادخل في الشركات والمؤسسات لترى محاولات التقرّب من المسئولين بكل الأشكال ولو كان هذا القرب ثمنه الوشاية بالزملاء واختلاق الحكايات طمعاً في أن يكون الرسول الأمين والخادم المطيع الذي ينقل لحاكمه أحوال الرعية.. وما هو إلا عابد لوثن صنعه وهو لا يشعر.
إن الطغيان والتجبّر من كل حاكم وكل مسئول، والخضوع والإذلال الذي يعيشه كل فرد لا سبب له سوى العبودية التي اعتدناها، والاستعباد الذي لو لم نجده لبَحَثنا عنه بأيدينا.. فمَن يخاف الله لا يخاف أحداً غيره، ومن عرف الله أحبه ولم يشاركه في حبه أحد؛ بل كما قال الصالحون "خذ من حبه وأعطِ من تحبه".
لا سعادة لعبد اتخذ وثناً يعبده، ولا حرية، ولا أمل في حياة كريمة لذليل؛ فإن كان الله يقول في حديث قدسي: "ما وسعني أرض من أرضي ولا سماء من سمائي، بل وسعني قلب عبدي المؤمن".
فالقلب هو بيت الله فينا، هو الكعبة التي يجب أن نطهّرها، وقبل أن نشعر بحقيقة التوحيد ونشهد بحق أن الله واحد، قبل أن نشعر بجمال وروعة الحياة وحقيقة الكرامة التي لا تشوبها شائبة ذل، علينا أن نحطّم الأصنام.
|
|