المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ
-هو من المساجد التي يشد الرحال إليها! وهو المسجد المبارك الذي أسس بنيانه النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه، وقد بنى يدا بيد مع المسلمين بناؤه الطاهر، وهو مركز الدعوة الأولى إلى الله تعالى، عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـلا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الأقصى والمسجد الحرام ). روى ابن حبان وأحمد الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق ).
وأفضل ما في المسجد النبوي الشريف الروضة الشريفة قال صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ). وروى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي ). وروى أحمد عن سهل بن سعد
مرفوعا (منبري على ترعة من ترع الجنة ))، وفيه المحراب والمنبر والأساطين وأيضا من الأماكن المفضلة الحجرة النبوية الشريفة، وهي الحجرة التي سكنها النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه وأزواجه المطهرات وتقع الحجرة
بجوار مسجده صلى الله عليه وسلم وفيها قبره عليه الصلاة والسلام وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وعلى الزائر الذي ينوي الوقوف بقبر النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي بالآداب التي تليق بصاحب هذا القبر العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، من سكينة ووقار تصاحب ترحاله إلي المكان، وعليه أن يكون جميل المظهر بزيارة
النبي عليه الصلاة والسلام وأن يصلي عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء ذلك، كما يصلي ركعتين تحية للمسجد ثم يتوجه للقبر الشريف مستقبلا له مستدبرا للقبلة، فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقوله: السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته – وإن أراد الزيادة على ذلك قال: السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خير خلق الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا سيد المرسلين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – ثم يتأخر نحو ذراع إلى الجهة اليمنى فيسلم على أبي بكر الصديق ويتأخر نحو ذراع آخر فيسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
وعند الدعاء يستقبل القبلة ويدعو لنفسه وللمسلمين، وعلى الزائر أن يتحاشى البدع كالتمسح بالحجرة أو تقبيل الجدران لما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ).
وعلى الزائر أن يكثر من الدعاء والتلاوة في الروضة الشريفة.
ويعتبر المسجد النبوي الشريف " أول مدرسة في الإسلام " حيث كان المسجد النبوي الشريف مقراً لتعليم الصحابة أمور دينهم.
معالم المسجد النبوي الشريف
· قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
· مهبط الوحي
· المواجهة الشريفة
· الروضة الشريفة
· بيت السيدة فاطمة الزهراء
· بيت السيدة عائشة
· بيت السيدة حفصة
· بيت السيدة سلمة
· خوخة سيدنا أبو بكر الصديق
· الحصوة والبئر والشجرة
· الصفة ( دكة الأغوات)
· المكبرية
· حَمَام الحرم
بناء المسجد و عمارته عبر التاريخ
عرض مفصل لعمارة المسجد النبوي الشريف
في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
أُمِـر الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة المنورة، وعند قدومه من مكة نزل عليه الصلاة والسلام في قباء وأقام بها عدة أيام وبنى مسجد قباء ( كانت من ضواحي المدينة والآن إحدى أحيائها ) وهو أول مسجد أسس على
التقوى، حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر رضي الله عنهما ببنائه، ثم توجه إلى المدينة المنورة وكان الأنصار يعترضون ناقته ويمسكون بزمامها، وكلٌ منهم يريد أن يتشرف بنزول الرسول صلى الله عليه وسلم عنده، فيقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( خلوا سـبيلها فإنها مأمورة ).
حتى بركت الناقة في مربد لغلامين يتيمين من الأنصار هما سهل وسهيل، فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما أن يشتري منهم المربد ليبني فيه مسجده فقالا: ( بل نهبه لك يا رسول الله... فأبى عليه الصلاة والسلام إلا أن يبتاعه منهم فدفع لهم ثمن المربد عشرة دنانير.
خريطة المدينة المنورة
وبعدها شرع النبي صلى الله عليه وسلم في بناء مسجده، وكان في المربد نخل وشجر وخرب، فأمر أصحابه بإصلاح المكان وتجهيزه فقطع النخل وسويت الأرض، وبدأ الرسول الكريم مع أصحابه في بنائه ويعمل معهم بيده الشريفة، فينقل الحجارة ويحمل اللبن بنفسهوهم يرتجزون فيرتجز معهمويردد:
اللهم إن العيش عيش الآخرة
فارحم الأنصار والمهاجـرة
وقد جعل أسـاس المسـجد من الحجارة وبعمق ثلاثة أذرع تقريبا. وبنى حيطانه من اللبن، وأعمدته من جزوع النخل وسـقفه من الجريد وترك وسـطه رحبة وكانت القبلة أول بنائه باتجاه بيت المقدس.
وكانت أطوال جدرانه في بنائه الأول، الجدار من الجنوب إلى الشمال سـبعين ذراعاً، وعرضه من الشرق إلى الغرب سـتون ذراعاً ( أي أن مساحة المسجد 4200 ذراعاً )، وقد جعل له ثلاثة أبواب، الباب الأول في جنوب المسجد (
جهة القبلة اليوم ) والباب الثاني باب عاتكة ( باب الرحمة ) من جهة المغرب، والباب الثالث جهة الشرق ويعرف بباب عثمان ( باب جبريل ).
وحين أمر الله سبحانه وتعالى بالتوجه إلى الكعبة المشرفة في الصلاة فتح رسول
الله صلى الله عليه وسلم باباً في الجهة الشمالية وأغلق الباب الجنوبي، وكانت أول صلاة صلاها صلى الله عليه وسلم بعد تحويل القبلة هي صلاة العصر.
بعد عودته صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر سنة 7 هـ. وكان قد ضاق
المسجد بالمصلين فزاد في مساحة المسجد من جهة الشرق والغرب والشمال ليصبح شكل المسجد مربعاً، وطول ضلعه 100 ذراعاً. ( الذراع = 50 سم ) تقريباً.
المدينة المنورة قديماً
أولاً / توسعات المسجد النبوي الشريف
بعد الزيادة النبوية الشريفة والتي أصبحت مساحة المسجد بعدها 2475 متراً مربعاً، زاد في مساحة المسجد النبوي الشريف الخليفتان الراشدان عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ثم الوليد بن عبد الملك ثم الخليفة
العباسي المهدي، فالخليفة العباسي المعتصم بالله، ثم الأشرف قايتباي ثم السلطان عبد المجيد العثماني ثم مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز أل سعود (رحمه الله) ثم التوسعة الحالية لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (حفظه الله).
وفيما يلي شروح موجزة لهذه التوسعات.
* التوسعات حتى نهاية الخلافة العثمانية
· في عهد الخلفاء الراشدين
توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه / سنة 17 هـ:
لم يزد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في عهده بالمسجد النبوي الشريف لانشغاله بحروب الردة. ولكن في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضاق المسجد بالمصلين لكثرة الناس.
فقام رضي الله عنه بشراء الدور التي حول المسجد النبوي الشريف وأدخلها ضمن المسجد، وكانت توسعته من الجهة الشمالية والجنوبية والغربية.
فقد زاد من ناحية الغرب عشرين ذراعاً، ومن الجهة الجنوبية ( القبلة ) عشرة أذرع، ومن الجهة الشمالية ثلاثين ذراعاً. ولم يزد من جهة الشرق لوجود حجرات أمهات المؤمنين رضي الله عنه أجمعين.
فاصبح طول المسجد 140 ذراعاً من الشمال إلى الجنوب، و120 ذراعاً من الشرق إلى الغرب.
وكان بناؤه رضي الله عنه كبناء النبي صلى الله عليه وسلم فكانت جدرانه من اللبن وأعمدته من جذوع النخيل وسـقفه من الجريد بارتفاع 11 ذراعاً، وقد فرشـه بالحصباء والتي أحضرت من العقيق. وجعل له سترة بارتفاع ذراعين أو ثلاثة، و تقدر هذه الزيادة بحوالي 1100 متر مربع.
وجعل للمسـجد 6 أبواب أثنين من الجهة الشرقية، وأثنين من الجهة الغربية، وأثنين من الجهة الشمالية.
توسـعة عثمان بن عفان رضي الله عنه / سـنة 29 هـ:
في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه ضاق المسجد بالمصلين فشكوا إليه ذلك فشاور أهل الرأي من الصحابة رضوان الله عليهم في توسعة المسجد النبوي الشريف فاسـتحـسنوا ذلك ووافقوه الرأي.
فبدأ رضي الله عنه في توسعة المسجد، فزاد من جهة القبلة ( الجنوب ) عشرة أذرع، ومن جهة المغرب 10 أذرع ومن الجهة الشمالية 20 ذراعاً. ونجد أنه لم يوسعه من الجهة الشرقية وبقى كما كان على عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوجود بيوت أمهات المؤمنين.
وأصبح طوله من الشمال إلى الجنوب 170 ذراعا ومن الشرق إلى الغرب 130 ذراعا. وتقدر هذه الزيادة بحوالي 496 متراً مربعاً.
وقد اعتنى رضي الله عنه ببنائه عناية كبيرة حيث بنى جداره من الحجارة المنقوشة والجص، وجعل أعمدته من الحجارة المنقورة وبداخلها قضبانا من الحديد مثبة بالرصاص، وسـقفه بخشـب السـاج.
ولم يزد في أبواب المسجد النبوي الشريف بل بقيت كما كانت سـتة أبواب بابين من الجهة الشمالية وبابين من الجهة الغربية وبابين من الجهة الشرقية.
· في عهد الخلافة الأموية و العباسية:
توسعة الوليد بن عبد الملك
بقي المسجد النبوي الشريف على ما هو عليه بعد زيادة سيدنا عثمان رضي الله عنه، وحتى عهد الوليد بن عبد الملك سنة 88 هـ دون أي زيادة.
فكتب الوليد إلى واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز( 86 – 93 هـ ) يأمره
بشراء الدور التي حول المسجد النبوي الشريف لضمها إلى التوسعة، كما أمره أن يدخل حجرات أمهات المؤمنين في التوسعة، فوسع المسجد النبوي الشريف وأدخل فيه قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
فكانت زيادة الوليد من ثلاثة جهات وهي الشرقية والشمالية والغربية، وأصبح طول الجدار الجنوبي 84 م، والجدار الشمالي 68 م، والغربي 100 م، وتقدر هذه الزيادة بحوالي 2369 متراً مربعاً.
وفي توسعة الوليد أحدث لأول مرة بالمسجد النبوي الشريف المنار، حيث عمل للمسجد أربعة منائر في كل ركن منارة.
وعمل شرفات في سطح المسجد، كما جعل ميزاباً، وكذلك عمل محراباً مجوفاً لأول مرة، حيث لم يكن قبل ذلك المحراب مجوف.
توسعة الخليفة المهدي
لم تحدث أي توسعات في المسجد النبوي الشريف بعد توسعة الوليد ولكن كانت هناك بعض الإصلاحات والترميمات فقط.
وعندما زار الخليفة المهدي المدينة المنورة في حجه سنة 160 هـ، أمر عامله على المدينة جعفر بن سليمان بتوسعة المسجد النبوي الشريف. وقد دامت مدة التوسعة خمس سنوات. وكانت توسعته من الجهة الشمالية فقط، وكانت الزيادة
بنحو مائة ذراع، فأصبح طول المسجد 300 ذراع وعرضه 80 ذراعاً، وعمّره و زخرفه بالفسيفساء و أعمدة الحديد في سواريه كما فعل الوليد بن عبد الملك، وتقدر هذه الزيادة بحوالي 245 متراً مربعاً.
توقف التوسعات
احترق المسجد النبوي الشريف سنة 654هـ، فأسهم في عمارة المسجد النبوي الشريف عدد من الملوك والرؤساء المسلمين، و أوّل من أسهم آخر
الخلفاء العباسيين المستعصم بالله فأرسل من بغداد المؤن والصناع و بدئ في
العمل سنة 655هـ، ثم انتهت الخلافة العباسية بسقوط بغداد في أيدي التتار.
بعدها تبارى ملوك ورؤساء المسلمين في عمارة المسجد النبوي الشريف وهم:
· المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك الصالحي، حاكم مصر.
· المظفر شمس الدين يوسف بن المنصور عمر بن علي، حاكم اليمن.
· ركن الدين الظاهر بيبرس البند قاري، حاكم مصر.
· الناصر محمد بن قلاوون الصالحي، حاكم مصر.
· الأشرف برسباي.
· الظاهر جقمق.
· حيث لم تحدث أي توسعات في المسجد النبوي الشريف حتى سنة879 هـ، سوى بعض الإصلاحات و التوسعات في السقوف وما إلى ذلك، ولم تشمل هذه الأعمال توسعات في مساحة المسجد النبوي الشريف.
وعندما شب الحريق الثاني بالمسجد النبوي الشريف سنة 886 هـ. استحوذ الحريق على أجزاء كثيرة من سقف المسجد النبوي الشريف وعقوده وأعمدته وأبوابه وما فيه من خزائن.
التوسعات في عهود مختلفة
· التوسعات في العهد العثماني
ولم يكد الخبر( خبر الحريق ) يصل إلى السلطان قايتباي ( حيث كتب أهالي المدينة المنورة للأشرف قايتباي حاكم مصر) حتى بادر فوراً بإرسال المؤن و العمال و كل المواد و النقود. فعمره وتم تسقيفه وكان ذلك سنة 888هـ،
وبنى للمصلى النبوي محراباً كما بنى المحراب العثماني في الزيادة القبلية، وعند بناء القبة الخضراء على الحجرة النبوية الشريفة التي دفن فيها صلى الله عليه وسلم ظهر ضيق جهة الشرق فخرجوا بالجدار الشرقي بنحو ذراعين و ربع
ذراع فيما حاذى ذلك، وتمت العمارة حوالي سنة 890هـ وتعتبر هذه التوسعة هي آخر توسعة جرت إلى العهد العثماني و العهد السعودي، وتقدر هذه التوسعة بحوالي 120 متراً مربعاً.
رسم للمسجد النبوي الشريف في عهد قايتباي
ولم يطرأ على المسجد النبوي الشريف أي تغيير منذ عمارة السلطان قايتباي لمدة 387 سنة (لكن خلال هذه المدة تم عمل الكثير من الإصلاحات والترميمات بمنائر وأبواب المسجد، واستبدال الأهلة التي تعلو المنائر والقبة،
وترميم جدران المسجد والكثير من أعمال الإصلاحات اللازمة، ولكن لم يكن هناك هدم كامل وبناء إلا في عهد السلطان عبد المجيد ). وهذه المدة كافية لأن تجعل كثيراً من أجزائه يعتريها الخراب وقد آلت بعض سقوفه للسقوط مع
وجود تصدع في أجزاء من المسجد النبوي الشريف، فرفع شيخ الحرم وقتئذٍ
داوود باشا الأمر إلى السلطان عبد المجيد خان الثاني في استانبول عاصمة الخلافة العثمانية سنة 1263هـ، فاهتم بالأمر وبعد أن أمر بالكشف و تحقق من الخراب و حاجته إلى العمارة و الترميم، صدر أمره سنة 1265 هـ بإرسال الصناع والمهندسين والعمال و الخبراء و النجارين و المؤن وكل ما يلزم لإعادة تعمير وتوسعة المسجد بأكمله .
فبدأت العمارة لكامل المسجد سنة 1265 هـ وانتهت سنة 1277 هـ حيث استغرقت العمارة نحو 13 سنة، وكانت العمارة من الحجر الأحمر من جبل غرب الجماوات بذي الحليفة ( والجبل معروف حالياً بجبل الحرم وبه آثار
تدل على ما أخذ من أحجار للمسجد النبوي الشريف)، حيث استخدمت حجارته لبناء الأعمدة، أما الجدران فكان من حجر البازلت الأسود.
وكانت أضخم العمارات التي جرت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
و أتقنها وأجملها وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الجزء القبلي ويبدو هذا الجزء حتى الآن قوياً متماسكاً جميلاً رائعاً، وأكثر ما يميز هذه العمارة القباب التي حلت بدلاً من السقف الخشبي ( حيث سُقِّف المسجد بالقباب كاملاً )،
كما زينت بطون هذه القباب بصور طبيعية جذابة كما كتبت في جدار المسجد القبلي سور من القرآن الكريم و أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم بخط جميل بقلم الثلث، وذهبت الحروف بالذهب الوهاج (فكانت زخرفة إسلامية بديعة )،
كما أن أبواب المسجد بنيت بشكل جميل وجذاب أبدعت يد الفن في إنشائها. وتم بناء أعمدة السقف القبلي في موضع جذوع النخل التي كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد زاد السلطان عبد المجيد الكتاتيب ( لتعليم
القرآن الكريم) والمستودعات من الجهة الشمالية، كما زاد في الجهة الشرقية نحو خمسة أذرع وربع من المنارة الرئيسية إلى ما يلي باب جبريل لضيق المسجد في ذلك الموضع. وتقدر تلك التوسعة بحوالي 1293 متراً مربعاً.
آيات من القرآن الكريم وأسمائه صلى الله عليه وسلم
على الجدار القبلي داخل الحرم النبوي الشريف
التوسعات في العهد السعودي
توسعة الملك عبد العزيز وعمارته للمسجد النبوي
بعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود يرحمه الله، كان من اهتماماته الأولية رعاية شئون الحرمين الشريفين.
ففي عهد المؤسس الملك عبد العزيز أجريت عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف.
شعر الناس بضيق في المسجد النبوي ولا سيما أيام المواسم بعد توسعته من العهد العثماني، وفي حوالي سنة 1365هـ لوحظ تصدع في بعض العقود الشمالية وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل ملفت للنظر.
فصدر أمر جلالة الملك عبد العزيز آل سعود (بعد دراسة المشروع) بإجراء العمارة والتوسعة لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ أو شرط مع توسيع الطرق حول المسجد النبوي
الشريف.
وأعلن جلالة الملك عبد العزيز في خطاب رسمي سنة 1368 هـ عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف، وفعلا أصدر أمره إلى المعلم بن لادن ليتولى مباشرة العمل والبدء بالمشروع، وفي سنة 1370 هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف.
من أسباب التوسعة الزحام الشديد حول الحرم
وفي ربيع الأول 1374هـ احتفل بوضع حجر الأساس للمشروع بحضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية.
ونظراً لأن عمارة السلطان عبد المجيد كانت في أحسن حال، فضلاً عما تتسم به من جمال و إتقان، فقد تقرر الإبقاء على قسم كبير منها، واتجهت التوسعة إلى شمال و شرق و غرب المسجد الشريف.
وبعد وضع حجر الأساس للمشروع بدئ في تنفيذ وبناء المشروع، وقد انتهت العمارة والتوسعة في سنة 1375 هـ. في عهد جلالة الملك سعود يرحمه الله، وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح والمزايكو.
( أشرف على مشروع التوسعة الشيخ محمد بن لادن، وكان المدير العام للمشروع الشيخ محمد صالح قزاز، والسيد جعفر فقيه كان الرجل الثالث في المشروع وقطب الرحى الميدانية فيه)
ونتج عن هذه التوسعة أن أضيف إلى مسطح المسجد 6033 مترا مربعاً، وقد احتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو وهو ما كان صالحاً للبقاء. وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12271 متراً مربعاً.
وقد أقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة، عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة، وقسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية وزخرفت بأشكال نباتية، وعملت الأعمدة المستديرة تيجان
من البرنز وزخرف أيضاً، أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها 72 م تتكون كل واحدة من أربع طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حليت جدران المسجد بنوافذ جميلة، وجعل للمسجد صحنين مفصولين برواق بدلا من واحد. وقد تم تغطيت أرضية المسجد بالرخام. وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.
مشروع جلالة الملك فيصل رحمه الله
بعد فترة زمنية بسيطة من التوسعة السعودية الأولي للمسجد النبوي الشريف أصبح المسجد يضيق بالمصلين، وذلك لتزايد الأعداد الوافدة إليه وخاصة في موسم الحج والزيارة، وذلك يعود لعدة أسباب أهمها سـهولة المواصلات
والتنقل، والراحة التي يلقاها الحاج والزائر في هذه البلاد الطاهرة، حيث وفرت له الحكومة السعودية كل ما يحتاجه من أمن واسـتقرار وتوفر المتطلبات الأساسية له.
هذا كله جعل أمر توسعة المسجد النبوي الشريف أمراً ضرورياً حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، فقد أصدر جلالة الملك فيصل يرحمه الله أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط.
وقد تمثلت إضافة 000 , 35 متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف ، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها ، بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلىً كبير مظلل ، يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد ، ثم أضيفت مساحة 5550 متر مربع وظللت كذلك ، مما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين وكان ذلك سنة 1395 هـ .
صور من التوسعة في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز
مشروع جلالة الملك خالد
وفي عهد جلالة الملك خالد يرحمه الله حصل حريق في سوق القماشة سنة 1397 هـ وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف.
وقد تم إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها، وتم تعويض أصحاب الدور والعقار، وتم
إضافتها لمساحة المسجد النبوي الشريف، وقد بلغت المساحة 43000 متر مربع وهو ميدان فسيح مظلل ، وأضيف إلى أرض المسجد النبوي ولم تتناول عمارة المسجد . وقد تم تخصيص جزء منها مواقف للسـيارات.
توسعة خادم الحرمين الشريفين للحرم النبوي الشريف
لفت نظر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية التفاوت الكبير بين مساحة الحرم المكي الشريف والحرم النبوي الشريف فأمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للحرم النبوي تعد الأكبر
من نوعها في تاريخ العالم الإسلامي كله، وكان دافعه إلى ذلك كله أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم الإسلامي.
وعني حفظه الله بالإشراف بنفسه على مشروع توسعته، وحدد الخطوط العريضة للمشروع بما يحقق زيادة في مساحة الحرم الشريف يستوعب الأعداد الهائلة للمصلين وخاصة في المواسم الدينية.
وفي سنة 1405 هـ تم وضع حجر الأساس بيده لأكبر مشروع وتوسعة تتم للمسجد النبوي الشريف عبر التاريخ.
هذا وبوشر المشروع في التنفيذ في اليوم التاسع من المحرم عام 1406هـ.
مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف
تضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82000 متر مربع يستوعب 167000 مصلٍّ وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف 98500 متر
مربع كما أن سطح التوسعة تم تغطيته بالرخام والمقدرة مساحته بـ 67000 متر مربع ليستوعب 90000 مصلٍّ، وبذلك يكون استيعاب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة لأكثر من 257000 مصلٍّ ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165500 متراً مربعاً، وتتضمن أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي (بدروم) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى.
كما يشتمل المشروع كذلك على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها 23000 متر مربع تغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية متعددة جميلة، خصص منها 135000 متر مربع للصلاة يستوعب 250000 مصلٍّ. ويمكن أن يزيد عدد المصلين إلى 400000 مصلٍّ
في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالحرم النبوي الشريف، مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد عن 650000 مصلٍّ لتصل إلى مليون مصلٍّ في أوقات الذروة.
وتضم هذه الساحات مداخل للمواضئ و أماكن لاستراحة الزوار تتصل بمواقف السيارات التي تتواجد في دورين تحت الأرض. هذه الساحات مخصصة للمشاة فقط وتضاء بوحدات إضاءة خاصة مثبتة على مائة وعشرين عموداً رخامياً.
أما الحصوات المكشوفة التي تقع بين المسجد القديم والتوسعة السعودية الأولى فقد تم إقامة اثنتي عشرة مظلة ضخمة بنفس ارتفاع السقف تظلل كل منها مساحة 306 متر مربع يتم فتحها و غلقها أوتوماتيكياً وذلك لحماية المصلين من وهج الشمس و مياه الأمطار والاستفادة من الجو الطبيعي حينما تسمح الظروف المناخية بذلك.
واخيراً اتمني ان تكون هذه التطوافة في رحاب المسجد النبوي اعجبتكم
ورزقنا الله واياكم الزيارة
والسلام علي الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم
المصدر
موسوعة المدينة المنورة
علي ساكنها الصلاة والسلام