24 جمادى الأولى 635هـ ـ 21 يناير 1138م





مفكرة الإسلام: إن المشكلة الأساسية التي عانت منها دولة الإسلام في الأندلس، هي غياب القيادة الصالحة الربانية القادرة على التصدي لحرب الاسترداد الإسبانية، فمنذ أن غاب عن ساحة الأحداث بالأندلس رجال أمثال عبد الرحمن الناصر والمنصور بن أبي عامر ومجاهد العامري ويوسف بن تاشفين وأبو يعقوب المنصور، تولى قيادة الأندلس رجال لا خلاق لهم ولا هم لهم سوى الدنيا ولذاتها وشهواتها، فأدى ذلك إلى ضياع الأندلس في النهاية، وكان كلما لاح في الأفق نجم قائد جديد صالح أسرعت أيدي الغدر الآثمة بالتخلص منه قبل أن تنال البلاد عافيتها.

بعد أن سقطت معظم قواعد الأندلس التليدة بأيدي الأسبان، انحاز كثير من المسلمين إلى غرناطة حيث رأوا فيها الملاذ الآمن والحصن الأخير للإسلام بالأندلس، خاصة بعدما انهارت دولة الموحدين الحاكمة في الأندلس، وفي تلك الآونة ظهر زعيم أندلسي جديد قوي هو محمد بن يوسف بن هود الجذامي وهو سليل بني هود ملوك سرقسطة القدماء، استطاع أن يستولي على «مرسية» من الموحدين الذين كانوا من أسباب انهيار الأندلس، وذلك سنة 625هـ، وأعلن «ابن هود» أنه سيحرر الأندلس من الموحدين والصليبيين معًا، وسوف يطبق أحكام الشريعة وسننها التي اندرست، ودعا للخلافة العباسية، وأرسل ببيعته للخليفة المستنصر العباسي الذي اعترف به أميرًا على الأندلس وأرسل إليه بالخلع والمراسيم وتلقب ابن هود من يومها باسم المتوكل على الله.

دخل ابن هود في معارك كثيرة ضد الموحدين والأسبان، وهذا أرهقه بشدة هو وجنوده، وأعطى الفرصة للنصارى لأن يستولوا على العديد من المدن في الأندلس، أضف إلى ذلك ظهور زعيم أندلسي نافس ابن هود على زعامة البلاد وحاربه على ذلك وهو ابن الأحمر، فأصبح ابن هود يحارب على ثلاث جهات، مما جعل الأسبان يحتلون قرطبة، وبدأ ابن هود في لم صفوفه وتوحيد جهوده من أجل القضاء على المنافسين والتفرغ للصليبيين، ولكنه ما لبث أن قتل على يد نائبه «عبد الله الرميمي» بسبب جارية نصرانية بارعة الجمال أراد «الرميمي» أن يأخذها من ابن هود عنوة ولكن ابن هود رفض فتآمر عليه «الرميمي» حتى قتله بالسم، وانقضى حلم الأندلس في بضع سنين ومات ابن هود في 24 جمادى الأولى سنة 635هـ ـ 21 يناير 1138م، وهو في ذروة سلطانه ومشاريعه لإنقاذ الأندلس.
م
ن
ق
و
ل