وضعت مزاعم الرشوة والفساد التي تحيط بالاتحاد الدولي لكرة القدم
(الفيفا) هذا الكيان الكبير في نفس الموقف الذي عاشته من قبل اللجنة الاولمبية
الدولية.
ويواجه سيب بلاتر رئيس الفيفا ضغوطا من شركات راعية وسياسيين من
الدول الأعضاء بل ومن أعضاء في الفيفا نفسه من أجل إصلاح الاتحاد بينما تواجه قطر
مزاعم تنفيها بأنها رشت وفودا من الفيفا للحصول على أصواتهم من أجل الفوز باستضافة
نهائيات كأس العالم 2022.
وعام 1998 وجدت اللجنة الاولمبية الدولية نفسها في
فضيحة رشى مقابل أصوات تتعلق بحصول مدينة سولت ليك سيتي الأمريكية على حق تنظيم
دورة الألعاب الشتوية عام 2002.
وسرب أحدهم حقيقة أن العديد من أعضاء اللجنة
الاولمبية الدولية الذين كان من حقهم في ذلك الوقت زيارة المدن المتقدمة للفوز
باستضافة الألعاب الاولمبية حصلوا على هدايا مقابل التصويت لعرض المدينة
الأمريكية.
فهل سيسير الفيفا على خطى اللجنة الاولمبية الدولية في
الإصلاح؟
وقال مصدر من داخل الفيفا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويته "يعرف
الفيفا ما يجب القيام به. على الاتحاد فقط معرفة ما حدث في اللجنة الاولمبية
الدولية وإلى أي مدى يمكن أن تصل التبعات.. لا توجد الكثير من الوسائل للخروج من
هذه الأزمة. تحتاج لتقليل خسائرك."
لكن خبراء اولمبيين يؤكدون أن التغيير في
اللجنة الاولمبية الدولية قد يكون أسهل من الفيفا لأن المؤسسة الاولمبية لديها عدد
كبير من أصحاب الحق في التصويت ولأن المنتج الذي تقدمه يحتاج لمزيد من الحرص. فهل
كرة القدم كبيرة جدا لدرجة أن محاولات إصلاحها قد تفشل؟
وقال هارتموت زاسترو
الرئيس التنفيذي لشركة سبورت+ماركت لاستشارات الأعمال متحدثا لرويترز "كأس العالم
لكرة القدم هي أكبر حدث رياضي من حيث المشاهدة والاهتمام. إنه حدث مهم للغاية على
مستوى العالم. من منظور الرعاة لا توجد فرصة أكبر من الارتباط بكرة القدم لمدة
أربعة أسابيع والأسابيع والشهور التي تسبق كأس العالم حيث يهتم الجميع
بالمشاهدة."
وتفجرت فضيحة الألعاب الاولمبية التي تدر الملايين عام 1998
بعدما كشف السويسري مارك هودلر عضو اللجنة الاولمبية الدولية عن فساد واسع النطاق
بين أعضاء باعوا أصواتهم لسولت ليك سيتي مقابل فرص دراسية وعطلات للتزلج ورشى
مالية. وفي المقابل حصلت المدينة الأمريكية على حق استضافة الألعاب الشتوية عام
2002.
وأسفرت القضية عن بدء تحقيقات في داخل اللجنة الاولمبية الدولية وفي
الولايات المتحدة الأمريكية وتضررت بشدة مصداقية اللجنة وتهددت دوراتها المهمة التي
تدر المليارات من وراء بيع حقوق البث التلفزيوني وعقود الرعاية.
وتحت ضغط
شديد من الرأي العام أجبرت اللجنة الاولمبية الدولية على التحرك. واستبعد عشرة من
أعضاء اللجنة أو أجبروا على الاستقالة بينما عوقب عشرة أعضاء آخرون في لحظة وصفها
الرئيس السابق للجنة الاولمبية الدولية خوان انطونيو سامارانش بأنها "الأسوأ" في
تاريخ المؤسسة.
ومنذ ذلك الحين تدير اللجنة الاولمبية الدولية عملية الترشح
لاستضافة الألعاب الاولمبية بصرامة شديدة وتحظر على الأعضاء السفر إلى المدن
المرشحة ما لم يكن هذا ضمن لجنة تقييم رسمية.
وجاء انتخاب جاك روج الرئيس
الحالي للجنة الاولمبية الدولية وهو رجل لم تمسه أي شائبة في فضيحة سولت ليك سيتي
ليخلف سامارانش عام 2001 بهدف تعزيز الصورة بأن اللجنة الاولمبية الدولية قد بدأت
عملية التنظيف.
وعلى النقيض من الفيفا هناك الآن في اللجنة الاولمبية
الدولية قيود عمرية على الأعضاء الجدد وحتى الرئيس نفسه يمكنه البقاء في منصبه لمدة
أقصاها 12 عاما. وشغل سامارانش المنصب لمدة 21 عاما.
وحتى الآن لا يظهر
الفيفا سوى إشارات قليلة على استعداده للقيام بمثل هذه الإجراءات التصحيحية الجادة.
وأوقف الفيفا أربعة من الأعضاء البارزين بسبب اتهامات بأنهم عرضوا بيع أصواتهم ثم
وعد الرئيس سيب بلاتر "بإصلاح جذري" يشمل تقوية لجنة القيم.
لكن وعودا
مماثلة قدمت من قبل دون أن يتحقق تغيير جوهري. ويعتبر منتقدون أن بلاتر نفسه الذي
يشغل المنصب منذ عام 1998 بعد 24 عاما من رئاسة البرازيلي جواو هافيلانج هو جزء من
المشكلة.
ويتم اختيار البلدان المستضيفة لنهائيات كأس العالم بواسطة بضع
وعشرين عضوا في اللجنة التنفيذية بينما يملك أكثر من مئة عضو في اللجنة الاولمبية
الدولية حق التصويت لاختيار المدينة المنظمة للألعاب الاولمبية وهو ما يجعل الصوت
الواحد أقل تأثيرا.
كما تختلف الألعاب الاولمبية عن كأس العالم في أنها
بطولات تنظم بحرص لتقام فيها عدد كبير من المنافسات في رياضات مختلفة وتحتاج لجهد
كبير لتجذب مشاهدين ورعاة وتجلب إيرادات إعلامية.
أما كرة القدم فهي على
النقيض تحظى بالفعل بشعبية طاغية.
وتعهد بلاتر أمس الأربعاء بأن العروض
المتقدمة لاستضافة كأس العالم لن يتم اختيارها فقط من أعضاء اللجنة التنفيذية مثلما
حدث حتى اختيار قطر لتنظيم نهائيات 2022 بل سيكون التصويت عن طريق جميع أعضاء
الفيفا وعددهم 208 اتحادات حول العالم.
فهل سيكون هذا كافيا؟
وقال
ديك باوند الذي قاد حملة اللجنة الاولمبية الدولية ضد الفساد في عملية اختيار سولت
ليك سيتي يوم الأحد الماضي محذرا "إن لم يقم الفيفا بما يكفي فقد يكون على اسرة كرة
القدم القيام بشيء تجاه الفيفا."