السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
في الماضي كان الإقتراب من هاتف
المنزل محظوراً وممنوعاً إلا على الأولاد وإذا رنّ الهاتف يتعالى صوتهم
الآمر من بعيد «لحد يرد» ، فهذا الجهاز الساحر ارتبط بمفهوم الأخلاق
والحياء وكان اقتراب البنات منه يماثل خروجهنّ في الشارع دون غطاء رأس من
حيث الجرم والعقوبةهَ !
- في الماضي كان أقصى مَ يمكن أن يشاهده الصغار في التلفزيون أفتح ياسمسم ، والحكايات العالمية الساحرة ، ومغامرات سندباد !
- في الماضي كان الأب عملاقاً كبيراً ، نظرة من عينه تخرسهم ، وضحكته تطلق
أعياداً في البيت ، وصوت خطوته القادمة إلى الغرفة تكفي لأن يستيقظوا من
عميق السبات ويصلّوا الفجر !
- في الماضي كانت المدرسة التي تبعد كيلوين قريبة لدرجة أنّهم يتمشّون
إليها كل صباح ويعودون منها كل ظهيرة ، لم يحتاجوا لباصات مكيّفة، ولم
يخشُوا على أنفسهم وهم يندسّون في الحواري ليشتروا الفيمتو المثلّج في
أكواب بلاستيكية ويعودون للبيت بملابس تبقّعت به !
- في الماضي لم تكن هناك جراثيم على عربات التسوّق ، ولم يعرفوها في أرضيات
البيوت المكسوّة بالبلاستيك ، ولم يسمعوا عنها في إعلانات التيلفزيون ،
ولم يحتاجوا لسائل معقم يدهنوا به أيديهم كل ساعتين ، ومع هذا لم يمرضوا !
- في الماضي كانت للأمّ سلطة، وللمعلمة سلطة، وللمسطرة الخشبية الطويلة
سلطة، يزدردون ريقهم أمامها ، وهي وإن كانت تؤلمهم لكنّها جعلتهم يحفظوا
جزء عمّ، وجدول الضّرب، وأصول القراءة وكتابة الخط العربي وهم لم يتعدّوا
التاسعة من العمر بعد !
- في الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة مساءً تصبح فارغة ، وكان النساء
يمكثن في بيوتهن ولا يخرجن أبداً في المساء ، وكان الرّجال لا يعرفون مكانا
يفتح أبوابه ليلاً سوى المستشفى والمطار !
- في الماضي كان النقاب غريباً ، وكان الستر في الوجوه الطيبة الباسمة،
وكانت أبواب البيوت مشرعة للجيران ، وكانت صواني « الذواقه » تدور كل ظهيرة
بين الدور وفي السكيك والحواري !
- في الماضي لم يكن الأب متعلما ولا الأم مثقفّة ، وكان الصغار ينجحون دون
مدرسين ، ويفهمون دون درُوس خصوصية ، ويسجلون النتائج الكبيرة في المدارس
الحكومية !
- في الماضي كان للحياة عطر وأريج
كانت الحياة اجتماعيّة أكثر ، طيبة أكثر مليئة بالفرح أكثر ، صارت اليوم
سهلة ، عملية ، لكن الحُب تسرب من تفاصيلها حتى غدى السّتر غريب !
* فقط في الماضي !