أن الوليد بن المُغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقرأ عليه القرآن, فكأنه رقّ له
فقال الوليد :
والله
لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة،
وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى
عليه، وما يقول هذا بشر.
فقالت قريش:
صبا الوليد لتصبون قريش كلها. وكان يقال للوليد ريحانة قريش؛ فقال أبو جهل:
أنا أكفيكموه. فمضى إليه حزينا؟ فقال له: مالي أراك حزينا. فقال له: ومالي
لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك
زينت كلام محمد، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل
طعامهما
فغضب الوليد وتكبر، قال: فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني, ولا أعلم برجزه مني, ولا بقصيده, ولا بأشعار الجنّ, والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا
وقال: أنا أحتاج إلى كسر محمد وصاحبه، فأنتم تعرفون قدر مالي، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك
وإنما أنتم تزعمون أن محمدا مجنون، فهل رأيتموه قط يخنق؟ قالوا: لا والله،
قال: وتزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه نطق بشعر قط؟ قالوا:لا والله.
قال: فتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط؟ قالوا: لا والله.
قال: فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط، ولقد رأينا للكهنة أسجاعا وتخالجا فهل رأيتموه كذلك؟ قالوا: لا والله.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمى الصادق الأمين من كثرة صدقه.
فقالت قريش للوليد: فما هو؟
ففكر في نفسه، ثم نظر، ثم عبس، فقال ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟
هنا نزل قوله تعالى:
{ إِنّهُ
فَكّرَ وَقَدّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدّرَ * ثُمّ قُتِلَ كَيْفَ قَدّرَ *
ثُمّ نَظَرَ * ثُمّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ *
فَقَالَ إِنْ هَـَذَآ إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَـَذَآ إِلاّ قَوْلُ
الْبَشَرِ }.
صلاة الله وتسليماته عليك يا سيدي يا رسول الله