| أنثروبولوجيا الاستعمار .. | |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22581 ::: :
| موضوع: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-17, 3:47 am | |
| مثلما تدل على ذلك شتى أصناف الأدلة التاريخية، فالفعل الإستعماري قديم قدم التجمعات البشرية، وحرب طروادة مثلا (1250–1184 ق.م) لا تروي في جوهرها سوى مسيرة إلتقاء الآخيين Achéens، بزعامة أغاممنون Agamemnon، بالشعوب الآسيوية، ومن ثمة فكلمة “إستعمار” لم تكن قد حُمِّلت بالمعاني التي صارت تنطوي عليها الآن، فإذا أخذنا مثلا لفظ Colon، المشتق من أصل لاتيني، فإننا نجده يعني في فرنسية القرن الرابع عشر: المزارع الذي يفلح أرضا لقاء أجر عيني، وسوف يتطور معنى هذا اللفظ ليعني في القرن الثامن عشر: كل من يؤسس أو يُعمِّر أرضا خارج وطنه. أما التحرر فبالرغم كونه مصطلحا حديثا ويعود في ظهوره إلى فترة الحرب العالمية الأولى، إلا أنه كسيرورة إنعتاق الشعوب المستعمرة من سلطة وهيمنة القوى المستعمرة لبلدانها قديم قدم الإستعمار، غير أنه يبدأ في العصر الحديث باستقلال مستوطني الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا عام 1776. وقد تحول التحرر إلى ظاهرة مرتبطة بالفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وبتنامي الوعي الوطني لدى الشعوب المستعمرة. ولأن الكثير من الشعوب لا تزال ترزح تحت نير الإستعمار (الشعبين الفلسطيني والصحراوي مثلا)، فإنه لا يمكننا وضح حد لتاريخ ظاهرة التحرر هذه.إن إلقاء نظرة سريعة على تاريخ الإغريق القديم لتكشف لنا عن الأصل “الطبيعي” لمعنى هذا اللفظ، ذلك أن شعب اليونان، الذي نشأ من تدفق شعوب كثيرة على البلاد التي سوف تحمل إسم بلادهم (اليونان)، سوف يقدم لنا العناصر الأولى التي تسمح لنا بشرح معنى كلمة إستعمار بداية من الألف الثانية قبل الميلاد، ومن بين تلك العناصر: الهجرة، الهروب تحت ضغط هجرات جديدة، البحث عن أراضي جديدة … الخ. لا يعني ما سلف أن الإستعمار قد إتخذ في البداية معنى إيجابيا، فباستثناء تعمير المناطق غير المأهولة، ستُرافق الفعل الإستعماري ردود أفعال شتى، كالإستهجان والتنديد والإستنكار والمعاداة الصريحة، ومن طرفي العلاقة الإستعمارية، أي ردود فعل المناطق المستعمرة وكذا ردود أفعال بعض الأطراف في المجتمع الإستعماري نفسه، ومن جهة أخرى سترافق كل عملية إستعمارية أفكار تبررها بما في ذلك المبررات التي تنشأ داخل المستعمرة وسط أبنائها أنفسهم.
تعريف الإستعمار بدأ الحديث عن الإستعمار Colonisation بمعناه الحديث إبان القرن السابع عشر ليَدُلَّ في الآن نفسه على فعل الإستعمار وعلى نتيجته، وحسب جاك بارك وشارل أندري جوليان وغيرهما فإن: “الاستعمار حركة توسع تاريخية للحضارة الصناعية، نبعث من بعض الأوطان، المحددة تاريخيا وجغرافيا، بداية من القرن التاسع عشر؛ والتخلص من الاستعمار هو الحالة التي ينتقل خلالها أكبر قدر من المبادرات إلى الأوطان المتلقية وتجنح في خضمها الحضارة الصناعية (وكذا عدد من أنماط التفكير والقيم السائدة فيها) إلى العولمة” من الإستعمار كفعل أُشتقت الكثير من المفاهيم في اللغة الفرنسية مثل: - الإستعمار Colonialisme: مصطلح بدأ الحديث عنه في القرن العشرين ويعني أساسا مبررات الاستعمار؛ - Colonisation: فعل الإستعمار ونتيجته؛ - Anticolonialisme: الموقف المعارض للإستعمار؛ - Coloniste: ظهر هذا المصطلح إبان فترة تردد الفرنسيين بشأن الإستمرار في إحتلال عموم الجزائر أو تركها لأهلها (1833 – 1834)، ويعني أنصار فكرة الإبقاء على الجزائر مستعمرة فرنسية؛ - néo-colonialisme: مصطلح ظهر في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين ويعني جملة الطرق التي تُبقي بواسطتها الدول الإستعمارية على الدول المتحررة لتوها تابعة لها إقتصاديا. تاريخ الإستعمار يوفر لنا تاريخ الكريتيين والفينيقيين والإغريق والرومان، بصفة خاصة، معطيات هامة لدراسة تاريخ الإستعمار لدى شعوب الحضارات القديمة في حوضي المتوسط والبحر الأسود مثلا. وقد تجسد ذلك الإستعمار في إنشاء مكاتب تجارية ومحطات تموين ومدن ومستعمرات عسكرية وزراعية (المكاتب العسكرية التي أنشأتها أثينا ومنحت فيها قطعا أرضية cleros لفقرائها، مما أوجد نظام الكليروكيات مثلا) … الخ. وقد عرف الحوضان، السالف ذكرهما، تنافسا حادا بين الكريتيين والفينيقيين والإغريق والرومان وامتزجت التجارة والقرصنة بالنشاط الإستعماري، فمثلا تمكن الكريتيون من إبعاد الفينيقيين من بحري إيجة وقزوين خلال الألف الثانية قبل الميلاد، كما أدى تأسيس الثيريين (مستوطنو Théra)، الذين قدموا من بلاد السيكلاد Cyclades، لقورينا Cyrène، في ليبيا الحالية، إلى وضع حد لإمكانية توسع الفينيقيين- البونيقيين نحو الشرق. وقد بلغ التنافس الإستعماري في القديم أشده بين الرومان والقرطاجيين، حيث إصطدم الطرفان في حربين عنيفتين: بدأت الأولى عام 241 ق.م وانتهت بانتصار روما بعد 23 سنة من الحرب التي كانت صقيلية ميدانها الرئيسي. وفي 218 ق.م. إصطدمت روما مرة أخرى بقرطاج على الأراضي الإسبانية، وكان النصر حليفا للقائد القرطاجي هانيبال وخاصة في معركة كان Canne. وبعد مرور 18 سنة من المعارك، تمكن الرومان من سحق الجيوش القرطاجية في معركة زاما عام 202 ق.م، وسوف تستمر تلك المعارك إلى غاية سقوط قرطاج عام 149 ق.م. مثال عن الإستعمار s، صاموس Samos، فوصيا Phocée، تيوص Téos وغيرها. الإغريقي في القديم تميزت حركة توسع الإغريق في بدايتها بطابع كونها حركة هجرة وإستيطان سكانية. فقد هاجر الأيوليون ثم الأيونيون والدوريون واستوطنوا الشواطئ الغربية لآسيا الصغرى، وقبل احتلال الدوريين للبيلوبونيز، أسس الأيوليون عام 1124 ق.م أول مستعمرة لهم في ميزي Mysée، شمال غرب آسيا الصغرى. وفي 1044 ق.م استوطن الأيونيون المناطق الواقعة بين هرموس Hermos ومياندر Méandre وأسسوا مدن: ميلي Milet، كيوص Chio في 1049 وصلت الهجرة الدورية إلى رودس Rhodes وكوص Cos وكريت وميلوص Mélos وكل الساحل الجنوب الغربي لآسيا الصغرى، أي إلى المنطقة التي سيطلق عليها الدوريون تسمية دوريد Doride. بين منتصف القرن الثامن ومنتصف القرن السابع ق.م، عرف الاستيطان الإغريقي مرحلة جديدة تسببت فيها الأوضاع الاجتماعية لجزء كبير من السكان، نتيجة لنقص الأراضي واستيلاء العائلات الكبيرة على الجزء الخصب منها، ولذلك سوف يتخذ الاستعمار الإغريقي في هذه الفترة طابع الاستيطان الزراعي في آسيا الصغرى وسواحل البحر الأسود، قبل أن يضحى تجاريا نتيجة نمو تجمعات المزارعين وتحولها إلى مراكز حرفية ومخازن لشتى المنتجات، ومن جهة أخرى اتجهت الحركة الاستيطانية، في نهاية الفترة، نحو الحوض الغربي للمتوسط وتركزت بصفة خاصة في جنوب إيطاليا وصقلية، المنطقة التي صارت تعرف باسم اليونان الكبرى، وتدريجيا أصبح البحث عن المواد الأولية وممارسة التجارة ثم النية في مراقبة الطرق التجارية، أهم أسباب التوسع الإغريقي. رغم أن كلمة متروبوليسMetropolis (المدينة الأم) يونانية الأصل، إلا أن حقيقة العلاقات القائمة بين المستعمرات ومدنها من جهة والمدن الأصلية التي قدم منها المستعمرون من جهة ثانية، لم تكن تنم عن وجود سياسة إستعمارية رسمية، ومن ثمة فالمستعمرات لم تكن تمثل توسعا للمدن الأصلية، لقد كانت المستعمرات مستقلة عن الوطن الأم ولا ترتبط معها سوى بروابط ثقافية ودينية وتجارية. أوائل الإمبراطوريات الإستعمارية خلال القرنين السادس عشر والثامن عشر: إجتمعت جملة عوامل وأسباب، في نهاية العصور الوسطى، لتعطي الفعل الإستعماري معاني جديدة كالهيمنة والإستغلال، مما سيجعل من الإستعمار إحدى الدعائم الأساسية لسياسات الكثير من الدول الأوروبية. تندرج العوامل المشار إليها أعلاه، ضمن التحولات الكبيرة التي عرفتها المجتمعات الأوروبية وخاصة الغربية منها، في نهاية العصور الوسطى، والتي يمكن إيجازها في: - تفسخ النظام الإقطاعي وإزدياد قوة الدول ومن ثمة نفقاتها؛ - تطور قوي الإنتاج وميلاد الحاجة إلى المعادن الثمينة، بعدما إستنفذت معظم مناجم أوروبا، - سيطرة الأتراك على مصر وغلقهم لتجارة المتوسط مما سيضطر الأوروبيين إلى البحث عن طريق آخر للوصول إلى مصادر التوابل، التي إزداد الطلب عليها بفعل تطور التعودات الغذائية، التي أفرزتها النهضة؛ - تطور علوم وفنون ركوب البحر (الخرائط، البوصلة، بناء السفن، تنظيم الرحلات الكبيرة…الخ)، مما سيساعد على بداية عصر الكشوفات الجغرافية الكبيرة (إكتشاف كريستوف كولومب Christophe Colomb للعالم الجديد عام 1492 وفاسكو دو غاما Vasco de Gama للطريق البحري المؤدي إلى آسيا عبر جنوب إفريقيا عام 1498 …الخ). وهكذا، وباكتشافهم للطريق البحري المؤدي إلى آسيا وكذا للعالم الجديد، سيكشف الأوروبيون عن نواياهم في نهب خيرات القارات الأخرى، وذلك ما سيؤدي إلى ظهور أولى إمبراطوريتين إستعماريتين في الفترة الحديثة: البرتغال وإسبانيا. أ- الإمبراطورية البرتغالية: كان البرتغاليون سباقين في إرساء أسس إمبراطورية إستعمارية إبان الثلث الأول من القرن السادس عشر، وقد عرفت تلك الإمبراطورية تنظيما واضحا، حيث حكموا مناطق واسعة في آسيا بين 1505ـ1515 بواسطة نائبي الملك: المايدة Almeida وألبوكيرك Albuquerque. فما أن فرغوا، بمعية الأسبان، من ملاحقة المسلمين الفارين من الأندلس إلى شمال إفريقيا، حتى إستولوا على معظم جزر المحيط الأطلسي واكتشفوا غينيا وأنغولا ورأس الرجاء الصالح وسيطروا على باب المندب ومضيق هرمز، واتجهوا صوب الهند وجاوة وماكاو واليابان. وقد تمكن البرتغاليون تدريجيا من إقامة تجارة نشطة بين أوربا وآسيا، ومن التحكم في تجارة التوابل بصفة خاصة؛ غير أن عدم توغلهم في الأراضي التي اكتشفوها وأسسوا فيها مكاتب تجارية، ومن ثمة عدم استيطانهم فيها، سيؤدي ببعض الأمم الأوربية الأخرى، كإسبانيا وهولندا، إلى مزاحمتهم في السيطرة على تلك المناطق، كما سيؤدي احتلال الإسبان لبلادهم بين 1580ـ1640 إلى انهيار إمبراطوريتهم. لاحقا سوف يركز البرتغاليون اهتمامهم على البرازيل (التي إكتشفها كابرال Gonçalo Velho Cabral عام 1500) وعلى مستعمراتهم الإفريقية. ب- الإمبراطورية الإسبانية: في أقل من قرن تمكن الإسبان من إنشاء إمبراطورية إستعمارية مترامية الأطراف تشمل أجزاء واسعة من العالم الجديد إلى جانب الفيليبين، التي إحتلوها عام 1570، وجزر ماريان وكارولينا وبعض المدن الساحلية في شمال إفريقيا كوهران عام 1509 وطرابلس عام 1510 وتونس في 1535. وفي العالم الجديد ـ الذي اكتشفه كريستوف كولمبس عام 1492 وأكد أميريغو فوزبوتشي Amerigo Vespucci عمليا أنه اكتشف قارة جديدة وليس الهند مثلما كان الإعتقاد سائدا وقتذاك ـ إكتشف الإسبان وإحتلوا مناطق واسعة، بين 1518ـ1561، في المكسيك وأمريكا الوسطى والبيرو والشيلي وغيرها. نقل الإسبان نظام بلادهم الإداري إلى مستعمراتهم وحكموها بنواب الملك وأخذوا يحدثون فيها تنمية تعود عليهم وحدهم بالفائدة. فعلى كاهل الهنود الحمر إستخرجت المعادن الثمينة ومنها الفضة، التي كان منجمها في بوطوزي Potosi، المكتشف عام 1545 يعطي إسبانيا سنويا 300 طن من ، وعلى كاهل الزنوج الأفارقة أدخلت الكثير من المزروعات الجديدة إلى*الفضة المستعمرات الإسبانية في القارة الجديدة، كما إستعمل هؤلاء وأولئك في تربية المواشي وفي أعمال كثيرة أخرى وفق نظام السخرة اللا إنساني. لقد لعب الإسبان دورا كبيرا في نشأة ثقافة أمريكا اللاتينية، غير أن ذلك لم يتحقق سوى بعد تخريب فرانشيسكو بيزارو Francisco Pizarro González لحضارة الإنكا، وإستغلال الهنود الحمر في نظام الإنكوميوندا Encomienda الإقطاعي، الذي تسبب في زوال نصف سكان المنطقة خلال قرن واحد، وأيضا الأفارقة الذي سيقوا بالآلاف إلى العالم الجديد للغرض ذاته مما تسبب في تخلف القارة السمراء**. نحو الصبغة القانونية للإستعمار منذ بدايتها، بدت حمى المنافسة أنها ستكون طابعا مميزا لمعظم حملات الكشوفات الجغرافية وأولى العمليات “الإستعمارية”، ولذلك سوف تصطدم مصالح ونوايا الإسبان والبرتغاليين في ما بينها إلى أن يتدخل البابا الإسكندر السادس Alexandre VI ويصدر قرارا تحكيميا بين البرتغال وإسبانيا، بتاريخ 3/5/1493، يقرر فيه بأن الأراضي المكتشفة والواقعة على بعد 100 فرسخ غرب خط الطول، المار عبر الساحل الأخضر، ستؤول للإسبان وأن الأراضي الواقعة شرق ذلك ستكون من نصيب البرتغاليين. وفي 2/7/1494 وقع كل من فرديناند الثاني Ferdinand II، ملك أراغونة، وإيزابيلا الأولى، ملكة قشتالة، اتفاقية توردصيلاص Tordesillas، التي توسع نطاق ممتلكات البلدين عن طريق زيادة بُعْد خط الطول عن الساحل الأخضر بـ 370 فرسخا، مما أعطى البرتغاليين الجهة الغربية التي تقع فيها البرازيل. وفي 22/04/1529، وبعد إتمام ماجلان Fernand de Magellan (1480-1521) لرحلته عبر العالم، جرى توقيع إتفاقية سراغوسة Saragosse التي تمد نفوذ الدولتين في شرق خط الطول، المشار إليه، حيث أُعتبر أرخبيل الملوك Moluques نقطة فاصلة تقع الممتلكات البرتغالية غربها على بعد 297,5 فرسخا، ليتم بذلك التعرف على كل الأراضي الواقعة شرق خط الطول. وهكذا أدت هذه الإتفاقيات إلى منح البرتغال وإسبانيا لنفسيها حق تقسيم العالم مما سيفتح شهية المنافسة أمام الإمبراطوريات الإستعمارية الناشئة الأخرى كفرنسا وإنجلترا وهولندا. لقد كان قرار التحكيم ـ الذي أصدره البابا عام 1493، مباشرة عقب إكتشاف العالم الجديد عام 1492 ـ بمثابة بداية لواحدة من أكثر ظواهر التاريخ البشري عالمية: الإستعمار؛ وكذا بمثابة أرضية ، وفضلا عن ذلك،*لاتفاقيات مماثلة سيعرفها العالم إلى غاية القرن العشرين سوف تجد مثل مظاهر التنافس تلك تعبيرها في نظام الإستعمار بواسطة الشركات Compagnie à Charte (سيلي الحديث عن هذا النوع من الإستعمار)، الذي نجم عن عجز الإمبراطوريات الإستعمارية الأولى، مطلع العصر الحديث، عن تحمل نفقات التسيير الإداري المباشر لمستعمراتها، التي لم تكن تجلب منها سوى جزء من إجمالي مداخيلها، فضلا عن تخلف النظم الإقتصادية التي أرسيت في المستعمرات: فمثلا لم يكن النظام الإقتصادي الذي أحدثه الإسبان في مستعمراتهم في العالم الجديد، إلى نهاية القرن السادس عشر، يختلف كثيرا عن إقطاعية إسبانيا نفسها. على كل، ومثلما يكشف لنا عنه تتبع تاريخ الإستعمار، فإن الغرض الذي تحدث عنه البابا الإسكندر السادس Alexandre VI، في وثيقة “تقسيم العالم” بين البرتغاليين والإسبان عام 1493*، لم يكن سوى تعبيرا عن دافع مطابق لروح عصر الكشوفات الجغرافية، مثلما ستطابق دوافع الإستعمار الأخرى طابع كل فترة لاحقة إلى أن يتحدث دافيد ليفينغستون (1813–1873) David Livingstone باقتناع على أن “المسيحية والتجارة والحضارة** ستحرر إفريقيا من العبودية والبربرية”، وكل ذلك قبل إكتشاف القرن العشرين، وخاصة الإشتراكيين، بأن توسعات الأوروبيين في العالم ليست سوى وسائل لخدمة الرأسمالية. على ماذا يدل ما سلف؟ إنه يدل ببساطة على أن الفعل الإستعماري يسبق دائما الأفكار الإستعمارية (التي يسمى أصحابها بأنصار الإستعمار Coloniaux)، التي تضفي عليه الشرعية وكذا الأفكار المنددة أو الرافضة أو المناهضة له. أ – تطور الأفكار المبررة للإستعمار: وجد الفعل الإستعماري الكثير من الشخصيات السياسية والدينية والثقافية … الخ، التي تبحث له عن شتى المبررات: فخوان دو سيبولفيدا (1490– 1573) Juan Ginés de sepulvida مثلا كان يرى في الهيمنة الإستعمارية واجبا وفي الحرب المعلنة على الهنود الحمر حربا عادلة*** خاصة وأن هؤلاء وثنيين ومشعوذين ويقربون البشر للآلهة. وقد أعطى خوان دو سيبولفيدا برأيه هذا، مبررا شرعيا للحرب التي صارت وسيلة رجال الدين المسيحيين المفضلة، إلى جانب ممارسات الإنكوميوندا encomienda الأخرى، في إستعباد الهنود الحمر وإرغامهم على إعتناق المسيحية. مع مطلع سبعينات القرن التاسع عشر حدث تحول نوعي في السياسات الإستعمارية وبدأ الحديث عن الإستعمار التوسعي Colonialisme expansionniste والإمبريالي، الذي وجد بدوره مناصرين كثيرين من كتاب ورجال صحافة وسياسة، كما ظهرت جمعيات مساندة له مثل: لجنة إفريقيا الفرنسية، *المعهد الاستعماري الملكي (البريطاني)، الجمعية الألمانية للاستعمار وغيرها، وقد قُدمت الكثير من المبررات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية إلى أن تجرأ جول فيري Jules Ferry على الحديث صراحة، في خطابه أمام النواب الفرنسيين في 28/7/1885، على أن “الأمم ليست كبيرة سوى بنشاطها، لأن البروز بدون أي تأثير أو إهتمام بشؤون العالم (…) هو تراجع وإنحدار من المرتبة الأولى إلى الثانية أو الرابعة (…). إن للأعراق المتفوقة حق على الأعراق الدنيا (…) لأن عليها واجب: واجب تحضير الأعراق الدنيا” . لن يكف الأوربيون عن تقديم مثل هذه المبررات وسوف يتحدث المؤرخ راؤول جيراردي عن أن “الغرب يمثل الأنوار في مواجهة الظلمات” ، وسوف يصوِّت البرلمان الفرنسي في فيفري 2005 على نص يتحدث عن محاسن الإستعمار. ب – تطور الأفكار المعادية للإستعمار: وجدت جميع أشكال الهيمنة والإستغلال، المرتبطة بالإستعمار، معارضين ومنددين من جميع الفئات، فقد عارض مثلا كل من لاس كازاس Las Casas (1474–1566) وفرانشيسكو دو فيتوريا Francisco de Vitoria (1492–1549) أفكار أمثال خوان دو سيبولفيدا وَوَقَفَا ضد الإنكوميوندا. وقد إهتم الأدب الإنساني بالممارسات الاستعمارية ضد شعوب العالم، ففي الفصل المعنون: “آكلات لحوم البشر”، قارن مونتان Montaigne بين الهنود الحمر والبرتغاليين بالكيفية التي تجعل قارئة ينتهي إلى التساؤل عما إذا لم يكن البرتغاليون هم البرابرة الحقيقيون . وبقوله: “لا أجد في هذه الأمة ما يدل على بربريتها ووحشيتها”، قبل أن ينتهي إلى أن “كل واحد يصف ما لم يألفه بالبربرية”، يكون قد كشف عن نسبية الأمور، بل لقد اعتبر نفسه من الهنود الحمر وعَرَّى الإسبان والبرتغاليين من مجدهم الزائف مذكرا إياهم بأنه لا شرف في قتل شعبٍ (الهنود الحمر) أعزل وعاري، بالبنادق والمدافع. ولم يختلف عنه فرانسوا رابلي (1553–1483) François Rabelais، حيث رأى في الشعوب المستعمرة نباتات غُرست لتُوِّها ومولودين جددا تجب رعايتهم، وإنتهى الإثنان إلى الحلم باستعمار إنساني يُصلح الجانب البربري في الإنسان ويحرره. ويمكننا أن نستشف أقوالا كثيرة في هذا السياق لدى الأب راينال Abbe Raynal (1713–1797)، الذي عارض إحتلال الأراضي المأهولة، أو لدى بنتام Jeremy Bentham (1748–1832) ونيكر Jacques Necker (1732–1804) اللذين دعيا إلى إلغاء تجارة الرقيق … الخ. وفي 1791، فوَّضّ المجلس التأسيسي، للثورة الفرنسية، للمجالس الاستعمارية أمر توسيع دائرة التمتع بحقوق الإنسان لتشمل أهالي المستعمرات الفرنسية، فكان ذلك بمثابة أرضية مبكرة لسياسة الإدماج وخطوة عملية تجسد صيحة المحامي روبسبيار M. de Robespierre (1758–1794) حين قال: “فلتسقط المستعمرات !’”. من جهتهم، ورغم الدور الكبير الذي لعبوه في استعمار أوروبا للكثير من مناطق العالم، أخذ رجال الدين المسيحيين يتراجعون بحذر عن مواقفهم السابقة بغرض تحقيق أهداف مرتبطة أساسا بمكانتهم في المجتمعات الغربية (التي أخذت تهتز بسبب توجه تلك المجتمعات نحو فصل الكنيسة عن الدولة) وفي العالم. فقد وقف الكاثوليك في فرنسا مثلا ضد سياسة جول فيري الإستعمارية بهدف إفشال سياسته التعليمية، ومع تطور حركات التحرر في العالم المستعمر عقب الحرب العالمية الثانية، بدأت الكنائس الأوروبية في الدول الإستعمارية، تميز بين مجالها الخاص ومجال القوى الإستعمارية، وعملت على إنشاء إكليروسات محلية في المستعمرات وتعيين أساقفة من أهاليها. …. يتبع |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22581 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-17, 3:49 am | |
|
عوامل نشأة الإمبريالية الإستعمارية أ – الأزمة الاقتصادية: إنفجرت الأزمة الصناعية الأولى في بريطانيا عام 1825، وفي 1847– 1948 هزَّت أزمة، فيض الإنتاج، أيضا الولايات المتحدة وعددا من دول أوروبا الغربية، وكانت أول أزمة عالمية. أما أعمق أزمة عرفها القرن التاسع عشر فكانت تلك التي حدثت عام 1873 وسجلت بداية الإنتقال من الرأسمالية ما قبل الإحتكارية إلى الرأسمالية الإحتكارية (الإمبريالية). وتعرف الفترة الفاصلة بين أزمتين باسم الحلقة الإقتصادية والتي تنقسم إلى أربعة أطوار هي: - الأزمة: وتتميز بفيض الإنتاج وهبوط الأسعار وكثرة حالات الإفلاس وتقلص الإنتاج وانتشار البطالة وهبوط وتقلص التجارة (الداخلية والخارجية)؛ - الركود: يبدأ بيع مخزون الفوائض بأسعار منخفضة وتظهر المزاحمة والمنافسة حول الأسواق لتصريف الفوائض ومصادر المواد الأولية، وهنا يبدأ إدخال التحسينات الفنية لتخفيض كلفة الإنتاج؛ - الإنتعاش: إستمرار صمود الشركات التي نجت من الأزمة عن طريق رأسمالها الثابت وتوسيع إنتاجها، مما يسمح بانتعاش التجارة وإرتفاع أسعار البضائع؛ - النهوض: جنوح الإنتاج نحو النمو المستمر وعرض المزيد من السلع في الأسواق. * مميزات الرأسمالية الإحتكارية: ـ تمركز الإنتاج: بسبب خراب بعض الرأسماليين نتيجة شدة المنافسة، وهكذا يغتني بعض الرأسماليين ويتمركز الإنتاج في مؤسسات قليلة توظف أعدادا كبيرة من العمال وشيئا فشيئا يستحيل التمركز إحتكارا؛ ـ زيادة حصر نمو الرأسمال: عن طريق إبتلاع كبريات الشركات لصغرياتها. * أشكال الإحتكار: الإحتكار تكتل لقسم كبير من الإنتاج في عدد قليل من الأيدي الرأسمالية أو تصريف لقسم كبير من هذا الإنتاج من قبل هؤلاء.
1ـ الكارتل: تكتل رأسماليين وإتفاقهم على تقاسم أسواق التصريف وأسعار البيع، وعلى تحديد سقف الإنتاج. 2 ـ السانديكات: فقدان المنتجين لاستقلالهم التجاري لأنهم ينتجون في جو حر (مستقلين عن بعضهم البعض) ولأنهم يشترون المواد الأولية بأنفسهم ولذلك فهم ينشئون جهازا تجاريا مشتركا لهم. 3 ـ التروستات: إمتلاك جميع المؤسسات بالأسهم، ويجري حساب الأرباح وفق مساهمة كل مالك. 4 ـ الكونسورسيوم: إتحاد أكبر التروستات أو الشركات أو البنوك وشركات النقل والتأمين على أساس تبعية مشتركة (ماليا) لفئة أكبر ممثلي الرأسمال النقدي.
ب – نشأة الدولة الوطنية في أوروبا: فقد قال جول فيري في خطابه الشهير أمام غرفة النواب بتاريخ 28/7/1885: “ليست الأمم عظيمة في زمننا سوى بالنشاط الذي تبذله [...] أن تُشِعَّ أمة ما دون سعيها إلى التأثير على الآخرين أو الإهتمام بشؤون العالم [...] معناه التراجع ثم، وبأسرع مما تتخيلون، الإنحدار من المرتبة الأولى إل الثالثة أو الرابعة”. جـ – زيادة النمو الديموغرافي في أوروبا: إرتفع عدد سكان أوروبا من 180 مليون نسمة عام 1800 إلى 430 مليون نسمة م. ن. عام 1914، هاجر 55 مليون نسمة منهم إلى المستعمرات، وكان معظمهم من الدول التي تخلفت فيها الصناعة كإيطاليا أو من تلك التي عرفت نموا ديموغرافيا سريعا كألمانيا وبريطانيا. السنوات 1850 1870 1900 أوروبا 266 310 400 آسيا 671 700 860 إفريقيا 100 115 130 أمريكا الشمالية 40 85 106 أمريكا الجنوبية 20 25 38 نسبة الأوربيين %24 %25,6 %26 د– الضرورات الإستراتيجية: كتطوير البحرية الحربية، التي تحتاج إلى مراكز التموين وقواعد الدعم، وقد وجدت فرنسا في توسعها الإستعماري إبان هذه الفترة محوا لعارها أمام بروسيا، التي إنتزعت منها الألزاس واللورين، واللتين لم تكن فرنسا قادرة على إسترجاعهما إلى ذلك الوقت. هـ – المثال الإنساني: بررت القوى الإستعمارية هجمتها في هذه الفترة بـ “إيقاض الأعراق من غفلتها الطويلة” ، على حد تعبير كليمونطال E. Clémentel ؛كما تحدث جول فيري، في خطابه المشار إليه أعلاه، عن أنه للـ “أعراق المتفوقة حق حيال الأعراق الدنيا (…) لأنها عليها واجب تجاهها، واجب تحضير الأعراق الدنيا.” و – تصدير رؤوس الأموال: إقتصرت التجارة الخارجية، في المجتمعات الرأسمالية ما قبل الإحتكارية، على تصدير البضائع؛ وعند ظهور الرأسمالية الإحتكارية، ظهرت الحاجة إلى تصدير رؤوس الأموال قصد تحقيق الربح وتوطيد الموقع والمكانة الإقتصادية والسياسية في الصراع من أجل الأسواق الخارجية وتوسيع ميادين الإستثمار الرأسمالي، أي إستغلال البلدان المتخلفة صناعيا (إقتصاديا). ورغم أن رواد فكرة تصدير رؤوس الأموال إلى الشعوب المتخلفة، حاولوا تغليف فعل دولهم ذلك بتطوير المستعمرات إقتصاديا، إلا أن الواقع أثبت أن تلك المستعمرات ظلت مستودعا للمواد الخام، التي تستنفذها الدول الصناعية، ومناطق زراعية متخلفة. وهكذا تمكنت الدول الرأسمالية من تقاسم حوالي 25 مليون كلم2 من المستعمرات (بين 1876 و1914)، أي على ما يضاهي مرة ونصف مساحة الدول الإستعمارية. وبعدما كانت ألمانيا والولايات المتحدة واليابان لا تملك أية مستعمرة عام 1876، فإنها إستولت مع فرنسا إلى 1914 على مستعمرات تبلغ مساحتها 14,1 مليون كلم2 ويقطنها 100 مليون نسمة، وقد صار العالم كله، مع مطلع القرن العشرين، مستعمرات تقريبا مما أدى إلى نشوب نزاعات حول المستعمرات، فقامت الولايات المتحدة مثلا عام 1898 بانتزاع الفيليبين وبورتوريكو وغوام وكوبا وجزر هاواي وجزر سامو من إسبانيا. ي – الهيمنة الإقتصادية: 1 – إلزام المستعمرات بتقديم المواد الخام للوطن الأم: أ – المنتجات الزراعية: إقتصاد الرق Economie de traite كما هو الشأن في المغرب وتونس ومصر وإفريقيا الغربية الفرنسية AOF، وإفريقيا الغربية البريطانية وأوغندا ومدغشقر، أين يقوم الأهالي بضمان الإنتاج، الذي يصدر في شكله الخام، ومثال ذلك: القطن في بومباي، الجوت في البنغال. وقد تلجأ القوى الاستعمارية إلى نظام الإرغام Culture Forcée للحصول على ما تحتاج إليه من غلال زراعية، مثلما هو الأمر في نظام فان دان بوش Van den Bosch في الهند، الخاضعة لهولندا بين 1830 – 1877، حين أرغم السكان على تقديم خُمُس أحسن أراضيهم وخُمُس وقتهم لإنتاج البن والشاي وقصب السكر والفلفل الأسود والقرفة والتبغ والنيلة…إلخ للهولنديين، كما عرفت جنوب إفريقيا نظام الإرغام هذا. وقد تم أيضا الاستيلاء على الأراضي المخصصة للرعي وتجفيف المستنقعات ومصادرة الأراضي من الأهالي (الجزائر مثلا) ومنحها في شكل امتيازات مجانية لشركات كبيرة وللمستوطنين، وأدخلت زراعات جديدة في بعض المستعمرات (عنب وحمضيات في الجزائر، الفول السوداني في السنغال، الشاي في أسام…) واستخدم لإنتاجها، عمال زراعيين أهالي. ب – المنتجات المنجمية: فحم طونكين، فوسفات وحديد الجزائر، ألماس وذهب جنوب إفريقيا، نحاس روديسيا الشمالية…؛ وقد سيطرت الشركات الرأسمالية على الصناعات الإستخراجية في المستعمرات “الإتحاد المنجمي لكاتانغا العليا”، وقد كانت “سوسييتي جينرال البلجيكية” (الشركة العامة البلجيكية) وراء ميلاد هذه الشر– 2-تنمية المستعمرات: باستثناء بعض المستعمرات كالهند والجزائر والسنغال، وعدد يسير آخر من المستعمرات، فإنه لا يمكننا الحديث عن مشاريع تنموية أو إستثماريات في المستعمرات. ففي إفريقيا مثلا ظهر ما عرف باقتصاد النهب Economie de pillage، حيث كانت الشركات المتمتعة بالحقوق الملكيةDroits régaliens تنهب كاوتشوك وعاج وأهالي إفريقيا الوسطى والشرقية دون أن تستثمر أرباحها في تحقيق أية تنمية في المناطق التي يتركز فيها نهبها. وإذا إستثنينا الصناعات الإستخراجية، فإن القوى الإستعمارية لم تقم سوى بربط موانئ بعض المستعمرات (إفريقيا السوداء مثلا) بالأنهار الكبرى بواسطة خطوط السكك الحديدية، وتعد الهند والجزائر أهم مستعمرتين أُنشئت فيهما شبكة نقل بالسكك الحديدة، كما تعد مدن لاغوس وداكار وكوتونو، أهم المدن التي جُهزت بموانئ حديثة. أشكال الإستعمار مَيَّزَ بول لوروا-بوليوPaul Leroy-Beaulieu ، في كتابه (عن الإستعمار لدى الشعوب الحديثة) الذي ألفه عام 1874، بين عدة أصناف من الإستعمار. - المستعمرات التجارية أو المكاتب التجارة Colonie de commerce ou comptoirs؛ - المستعمرات الزراعية أو المستغلةColonie de plantations ou d’exploitations ؛ - المستعمرات الاستيطانيةColonie de peuplement ؛ - مستعمرات الصرف Colonie déversoirs؛ - المستعمرات المستودعات Colonie Déversoirs؛ - المستعمرات غير المصرح بها أو الإستراتيجية Colonie inavouées ou stratégiques؛ ولأن أشكال الإستعمار تحددها طبيعة الروابط القانونية بين القوى الإستعمارية ومستعمراتها، أي النظام الذي تخلقه السياسة الإستعمارية في المستعمرات، فإن تاريخ البشرية الحديث لم يعرف سوى شكلين قانونين (نوعين) من المستعمرات: - المستعمرات التي جرى ضَمُّها (إدماجها، إلحاقها…) Colonies incorporées: والتي أدارتها القوى التي أنشأتها (إستعمرتها) بواسطة إدارة مباشرة؛ - المستعمرات المحمية Colonies protégées: وتدار بطريقة غير مباشرة (في شكل محميات، أراضي تحت الوصاية …). كما أن الإستعمار فرضُ للهيمنة من ثلاث جوانب: - الإقتصادية: إنتزاع الأراضي ممن يزرعونها ويرعون ماشيتهم فيها أو تحويلها لإنتاج محاصيل تعود بالفائدة على المستعمر وفق إجراءات شتى؛ - السياسية: إحلال منظومة تبعية بكيفيات مختلفة؛ - الثقافية: فرض ثقافة ولغة، وأحيانا أخرى دين، المُسْتَعْمِر على المسْتَعْمَر. ولأن الإستعمار هيمنة، فهو يستدعي: أ – إستعمال العنف ضد كافة أشكال المقاومة؛ ب– تدمير بنية المجتمع الذي لا يتكيف مع الوضع الذي يخلقه الوجود الإستعماري؛ جـ- خلق هوية ثقافية جديدة يجري فيها التمييز بين شتى فئات سكان المستعمرة، حيث يصنف المستوطنون في أعلى الترتيب ثم يليهم المتعاونون ثم المستعدون لذلك… الخ، ويمثل قدر (حجم) الحقوق والحريات، الذي تتمتع به كل فئة، معيار ذلك التصنيف ومظهرا لشعور المستعمر بالإنتصار والتفوق على المستعمر. إن الإستعمار تخريب وبناء في الآن نفسه، ولكن لصالح المستعمِر في معظم الأحوال. وإجمالا، يمكننا ذكر أشكال الإستعمار التالية: أ- المستعمرة: هي الأرض التي تحتلها القوة الإستعمارية وتمارس عليها سيادتها بواسطة حاكم، ولأنها تحرم سكانها من التمتع بالحقوق والحريات التي يتمتع بها أبناءها (أبناء الوطن الأم) فإن هؤلاء يظلون رعايا. ومن أمثلة ذلك: مستعمرات التاج البريطاني (الجزء الذي أُحتل بداية من 1858 + إفريقيا السوداء الناطقة بالإنجليزية) وإفريقيا السوداء الفرنسية ومدغشقر. وقد تم تجمع هذه المستعمرات في إفريقيا الغربية الفرنسية AOFعام 1895 وإفريقيا الإستوائية الفرنسية AEF عام 1910، ووضعت تحت إمرة حاكم عام؛ كما أتبعت الطريقة ذاتها في مستعمرات ألمانيا. أما داخل تلك المستعمرات، فجرى تسييره بواسطة الزعامات الأهلية، بل وتطور عدد منها: كالمارتينيك وغوادلوب وغويانا وكاليدونيا الجديدة وبولونيزيا وكوشيشين وخمسة مكاتب تجارية في الهند وأهم مدن السنغال، خلال فترة الجمهورية الفرنسية الثالثة، وتحصل سكانها على المواطنة الفرنسية، مما سمح لهم بانتخاب مستشارين عامين وأعضاء في البرلمان ومجلس الشيوخ (في باريس)، أما الجزائر فكان لها نظام خاص. ب- الإستعمار بميثاق Colonie a charte: ظهر (الوقف l’Exclusif)، ولم يختف باختفائه، فقد تم الإستعمار*في فترة الحصر بواسطة شركة بميثاق Compagnie a charte: وهوة منح دولة استعمارية ما حق إستغلال أرض، في ما وراء البحار، لشركة خاصة وكذا حق تكوين موظفين وجيش لقاء عائد تمنحه لهذه الدولة الإستعمارية، على أن تتكفل هذه الأخيرة بتغطية العملية كلها دبلوماسيا وحماية الشركة بواسطة أسطولها البحري. وقد كانت الهند، إلى تاريخ إندلاع ثورة السيباي Cipayes عام 1858، مستعمرة بشركة الهند، كما تأسست عدة شركات إستعمارية بمواثيق بين 1870 – 1890 كالجمعية العالمية الإفريقية لاستغلال الكونغو البلجيكي AIECB والشركات الألمانية الأربعة، بإيحاء من بسمارك، ثم البريطانية، ومنها شركة جنوب إفريقيا لصاحبها سيسيل رودس Cecil Rhodes. وفي حدود 1900، إختفت هذه الشركات وصارت المناطق التي ظلت تستغلها إلى ذلك التاريخ. ج- الدومينيون Dominion: مستعمرة بريطانية قديمة تحصلت على مؤسسات وهياكل الدولة ولكنها ظلت تابعة للوطن الأم في كل ما يتعلق بأمور الدفاع والسياسة الخارجية. وفي هذا النوع من المستعمرات تكون سيادة بريطانيا عليها رمزية، حيث تُبقي على حاكم بدون سلطات في ذلك. تمتعت بهذا النظام بعض مستعمرات الإستيطان كـ: كندا (1867)، أستراليا (1901) نيوزيلندة (1907)، إتحاد جنوب إفريقيا (1910). د- الحماية Protectorat: ويحافظ فيها الحاكم المحلي على سلطاته في حكم البلاد المحمية مثلما يحافظ المجتمع على بنيته وتنظيمه التقليديين، غير أن الدولة التي فرضت حمايتها عليه، تراقب سياسته الخارجية وتصدر له الأوامر بشأن الكثير من الأمور الداخلية، ومن أمثلة ذلك: تونس (حماية فرنسية 1881)، المغرب (1912)، طونكين، أنام، كمبودتشيا، اللاووس، ويمثل فرنسا في هذه المحميات، مقيم عام Résident général، أما بريطانيا فيمثلها حكم أو نائب ملك (مثلما هو الأمر في هند الأمراء) ومصر (بداية من 1914). هـ- الكوندومينيوم Condominium: خضوع سكان بعض المستعمرات لسيادة مزدوجة لبعض القوى الإستعمارية وخضوع المستوطنين لسلطات أوطانهم الأمهات، ومثال ذلك: الكوندومينيون الفرانكو- بريطاني على نوفال إيبريد، والكوندومينيون الأنجلو- ألماني على ساموا والكوندومينيون الأنجلو- مصري على السودان، كما خضعت أجزاء كثيرة من الصين لهذا الشكل من الإستعمار بداية من 1850، وهو تاريخ حصول الكثير من القوى الإستعمارية على بعض الإمتيازات فيها : فمثلا تحصلت عام 1898 على ما يعرف بالأراضي المكتراتTerritoires a bail لمدة تتراوح بين ¼ قرن وتسعة وتسعون سنة، حيث فقدت الصين سيادتها على تلك الأراضي (تحصلت بموجب ذلك ألمانيا على جياوتشو في شاندونغ، وفرنسا على غوانغتشوان في الجنوب، وروسيا على بور آرثر وداليان في لياودونغ، والمملكة المتحدة على جيولونغ ووايهاواي. و- الهيمنة السياسية بواسطة التأثر الثقافي: كلما أنشأت القوى الإستعمارية المدارس في مستعمراتها فإنها تهدف أساسا إلى تكوين رعايا مخلصين للوطن الأم، وقد سهرت الحكومتان الفرنسية والألمانية عل جعل التعليم شأنا حكوميا، بعكس بريطانيا، التي لعب مبشروها دورا كبيرا في تعليم سكان المستعمرات وخاصة اللغة الإنجليزية. |
|
| |
Basma Mostafa :: تريكاوي 100 100 ::
المشاركات : 918 العمر : 32 محل الاقامة : Cairo الوظيفة : Faculty of Fine Arts. لاعبك المفضل : Messi تاريخ التسجيل : 17/04/2011 التقييم : 2 نقاط : 6080 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-29, 11:29 pm | |
| كلام كبير اوووووووووووووى والله بحاول اتعمقه ربنا يديكى يابنتى ويكملك بعقلك :D لا بجد حلو يا مرمورة |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22581 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 5:38 pm | |
| هههههههههه حاولى يابنتى ربنا يعينك ميرسي يا بوسى نورتى |
|
| |
foaa zamalek :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 2048 العمر : 29 محل الاقامة : دمياط الوظيفة : طالبه بتشجع نادي إيه : الزمالك لاعبك المفضل : حازم امام و كرستيانو رونا تاريخ التسجيل : 20/01/2010 التقييم : 1 نقاط : 7508 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 5:46 pm | |
| نعم يا حبيبتى ؟؟؟؟؟؟ دا من ايه دا ان شاء الله و على اى اساس مطلوب منى افهمه بس عامتا هو جهد مشكور اكيد اهنيكى انك فاهاماه يا بطوطى
|
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22581 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 5:50 pm | |
| هههههههه والله كلام لذيذ بس افهميه نورتى التوبيك يا فوووووووووءا والله مبسوطة جدا انك رديتى |
|
| |
لؤلؤة التريكاوية :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 8324 العمر : 29 محل الاقامة : Damietta الوظيفة : طالبة الهوايات : العزفـــــ بتشجع نادي إيه : نادى القرن لاعبك المفضل : ابو تريكة تاريخ التسجيل : 25/12/2008 التقييم : 18 نقاط : 14408 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 5:53 pm | |
| اى نعم دى 5 مرة ادخل التوبيك علشان اقرؤه كله بس والله حلو تقريبا كدة جميل بجد
تسلم ايدك |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22581 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 5:55 pm | |
| معلش يا الوشا نورتى التوبيك والله |
|
| |
rofy :: تريكاوي 100 100 ::
المشاركات : 676 العمر : 37 بتشجع نادي إيه : الاهلى فوق الجميع لاعبك المفضل : عماد متعب تاريخ التسجيل : 08/01/2011 التقييم : 2 نقاط : 5824 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 6:02 pm | |
| انا لازم اقراه اكتر من مره عشان استوعبه كويس ربنا معايا هههههههههههههه يسلموا على التوبيك |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22581 ::: :
| موضوع: رد: أنثروبولوجيا الاستعمار .. 2011-06-30, 6:10 pm | |
| هههههههههههههه ربنا يعينك نورتى يا روفى والله |
|
| |
| أنثروبولوجيا الاستعمار .. | |
|