من هو أبو ذر؟!
هو أبو ذر جندب بن جنادة كان طوالا آدم
وكان يتعبد قبل مبعث رسول الله وكان شجاعا ينفرد وحده فيقطع الطريق ويغير
على الناس كأنه السبع.
إسلامه
... ودخل أبو ذر -رضي الله عنه-
مكة متنكرا، يتسمع إلى أخبار أهلها والدين الجديد، حتى وجد الرسول -صلى
الله عليه وسلم- في صباح أحد الأيام جالسا، فاقترب منه وقال: (نعمت صباحا
يا أخا العرب)... فأجاب الرسول: (وعليك السلام يا أخاه)... قال أبو ذر:
(أنشدني مما تقول)... فأجاب الرسول: (ما هو بشعر فأنشدك، ولكنه قرآن
كريم)... قال أبو ذر: (اقرأ علي)... فقرأ عليه وهو يصغي، ولم يمض غير وقت
قليل حتى هتف أبو ذر: (أشهد أن لا اله الا الله، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله)...
وسأله النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ممن أنت يا أخا العرب)... فأجابه أبو
ذر: (من غفار)... وتألقت ابتسامة واسعة على فم الرسول -صلى الله عليه
وسلم-، واكتسى وجهه بالدهشة والعجب، وضحك أبو ذر فهو يعرف سر العجب في وجه
الرسول الكريم، فهو من قبيلة غفار... أفيجئ منهم اليوم من يسلم؟!... وقال
الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يهدي من يشاء)... أسلم أبو ذر من
فوره، وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس، فقد أسلم في الساعات
الأولى للإسلام
إسلام غفار
ويعود -رضي الله عنه- إلى قبيلته،
فيحدثهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الدين الجديد، وما يدعو
له من مكارم الأخلاق، فيدخل قومه بالإسلام، ثم يتوجه إلى قبيلة (أسلم)
فيرشدها إلى الحق وتسلم، ومضت الأيام وهاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم -
إلى المدينة، وإذا بموكب كبير يقبل على المدينة مكبرا، فإذا هو أبو ذر -
رضي الله عنه - أقبل ومعه قبيلتي غفار وأسلم، فازداد الرسول - صلى الله
عليه وسلم - عجبا ودهشة، ونظر إليهم وقال: (غفار غفر الله له... وأسلم
سالمها الله)... وأبو ذر كان له تحية مباركة من الرسول الكريم حيث قال: (ما
أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء، أصدق لهجة من أبي ذر)...
اقتدائه بالرسول
عاش أبو ذر -رضي الله عنه- مقتديا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو يقول:
(أوصاني خليلي بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى
من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن
أصل الرحم، وأمرني أن أقول الحق ولو كان مرا، وأمرني ألا أخاف في الله
لومة لائم، وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله)... وعاش على هذه
الوصية، ويقولالروابط (لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر)...
وكان يقول أبو ذر لمانعيه عن الفتوى: (والذي نفسي
بيده، لو وضعتم السيف فوق عنقي، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قبل أن تحتزوا لأنفذتها)...
ورآه صاحبه يوما يرتدي جلبابا قديما فقال له: (أليس لك
ثوب غير هذا؟... لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين؟)... فأجابه أبو ذر:
(يا بن أخي، لقد أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني)... قال له: (والله انك
لمحتاج إليهما)...
فأجاب أبو ذر: (اللهم غفرا انك لمعظم للدنيا، ألست ترى
علي هذه البردة، ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها،
فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟)...
وفاته
في (الربذة) جاءت سكرات الموت لأبي
ذر الغفاري، وبجواره زوجته تبكي، فيسألها: (فيم البكاء والموت حق؟)...
فتجيبه بأنها تبكي: (لأنك تموت، وليس عندي ثوب يسعك كفنا !)... فيبتسم
ويطمئنها ويقول لها: لا تبكي، فاني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من
الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين)... وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في
جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري، وهأنذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق
فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فاني والله ما كذبت ولا كذبت)... وفاضت
روحه إلى الله، وصدق...
فهذه جماعة مؤمنة تأتي وعلى رأسها
صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما أن يرى وجه أبي ذر حتى تفيض
عيناه بالدمع ويقول: (صدق رسول الله، تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث
وحدك)... وبدأ يقص على صحبه قصة هذه العبارة التي قيلت في غزوة تبوك كما
سبق ذكره...