تمثال الحريةنبذة تاريخية فى القرن التاسع عشر وتحديداً عام 1869 قام
فريدريك بارتولدي(بالفرنسية:
Frédéric Auguste Bartholdi) بتصميم نموذج مصغر لتمثال يمثل
سيدة تحمل مشعلاً، وعرضه علي الخديوي إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل
قناة السويس المفتتحة حديثا في وقتها ؛ لكن الخديوي إسماعيل إعتذر عن قبول
إقتراح بارتولدي نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، حيث لم
يكن لدي مصر السيولة اللازمة لمثل هذا المشروع خاصة بعد تكاليف حفر القناة
ثم حفل إفتتاحها.
في هذا الوقت، كانت الجمهورية الفرنسية الثالثة (1870-1940) تتملكها فكرة
إهداء هدايا تذكارية لدول شقيقة عبر البحار من أجل تأصير أواصر الصداقة
بها، لذلك تم التفكير في إهداء الولايات المتحدة الأمريكية هذا التمثال في
ذكري إحتفالها بالذكري المئوية لإعلان الإستقلال، والتي يحين موعدها في 4
يوليو 1876
وبدأت الإستعدادات علي قدم وساق، حيث تم الإتفاق علي أن يتولي الفرنسيون
تصميم التمثال بينما يتولي الأمريكيون تصميم القاعدة التي سوف يستقر
عليها. من أجل ذلك، بدأت حملة ضخمة في كل من البلدين لإيجاد التمويل
اللازم لمثل هذا المشروع الضخم؛ ففي فرنسا كانت الضرائب ووسائل الترفيه
التي يستخدمها المواطنون وكذا اليناصيب هي الوسائل التي إستطاعت من خلالها
فرنسا توفير مبلغ 2,250,000 فرنك لتمويل التصميم والشحن إلي أمريكا.
علي الضفة الأخري من المحيط الأطلسي كانت هناك حملة لتوفير الأموال لبناء
قاعدة التمثال من خلال المعارض الفنية وغيرها ، وكانت يقود هذه الحملة
السيناتور وعمدة نيويورك
ويليام إيفارتز (بالإنجليزية:
William M. Evarts)
- الذي أصبح وزير خارجية الولايات المتحدة فيما بعد -
غير أن هذا لم يكن
كافيا، مما حدى بـ
جوزيف بوليتزر (بالإنجليزية:
Joseph Pulitzer) - صاحب
جائزة بوليتزر فيما بعد - أن يقوم بحملة من خلال الجريدة التي كان يصدرها
تحت إسم العالم (بالإنجليزية: The World)، وأتت هذه الحملة ثمارها ونجحت
في دفع الأميركيين للتبرع لصالح المشروع. ثم لاحقا تم إختيار موقع المشروع
علي جزيرة الحرية التي كانت تعرف حينها بإسم
جزيرة بدلو (بالإنجليزية:
Bedloe) حتي عام 1956.
من ضمن هذه الجهود أيضا ما قامت به الشاعره الأمريكية
إيما لازاروس(بالإنجليزية:
Emma Lazarus)، حيث قامت بتأليف قصيدة تسمي قصيدة التمثال
الجديد (بالإنجليزية:
The New Colossus) في 2 نوفمبر 1883، علي
أن هذه القصيدة لم تصبح مشهورة إلا بعد ذلك بسنوات كما سوف يأتي لاحقا.
وهكذا، توفرت الأموال الازمة، وقام المعماري الأميريكي ريتشارد موريس هنت
(بالإنجليزية: Richard Morris Hunt) بتصميم القاعدة وإنتهي منها في أغسطس
من العام 1885 ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من نفس الشهر. وبعدها بعام
إكتملت أعمال بنائها في 22 إبريل 1886. أما عن الهيكل الإنشائي ، فكان
يعمل عليه المهندس الفرنسي
يوجيني لو دوك (بالفرنسية:
Eugène
Viollet-le-Duc) لكنه توفي قبل الإنتهاء من التصميم، فتم تكليف
غوستاف
إيفل (بالفرنسية:
Gustave Eiffel) ليقوم بإكمال ذلك العمل.
وبالفعل قام
إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال
يتم تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال..
الموقع والمساحةيستقر التمثال علي جزيرة الحرية الواقعة في خليج نيويورك؛ حيث يبعد مسافة
600 مترا عن مدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي و2.6 كيلومترا إلي الجنوب الغربي
من مانهاتن، بمساحة إجمالية تقدر بـ 49,000 متر مربع
التمثال الإسم الرسمي لهذا التمثال هو "الحرية تنير العالم" (بالإنجليزية: Liberty
Enlightening the World)، وهو يمثل سيدة تحررت من قيود الإستبداد-التي
ألقيت عند إحدي قدميها. تمسك هذه السيدة في يدها اليمني مشعلا يرمز إلي
الحرية، بينما تحمل في يدها اليسري كتابا نقش عليه بأحرف رومانية جملة "4
يوليو 1776"، وهو تاريج إعلان الإستقلال الأمريكي، أما علي رأسها فهي
ترتدي تاجا مكونا من 7 أسنة تمثل آشعة ترمز إلي البحار السبع أو القارات
السبع الموجودة في العالم.
يرتكز التمثال علي قاعدة أسمنتية-جرانيتية يبلغ عرضها 47 مترا (154 قدم)،
ويبلغ طوله من القدم إلي أعلي المشعل 46 مترا (151 قدم)، بينما يبلغ الطول
الكلي بالقاعدة 93 مترا (305 قدم). ويتكون من ألواح نحاسية بسمك 2.5 مم
(0.01 إنش) مثبتة إلي الهيكل الحديدي، ويزن إجماليا 125 طنا.
يحيط بالتمثال ككل حائط ذو شكل نجمي (نجمة ذات 10 رؤوس)، وقد تم بناؤه في
عام 1812 كجزء من حصن وود (بالإنجليزية: Fort Wood) والذي إستخدم للدفاع
عن مدينة نيويورك أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (1812-1815).
الزوار يتم الوصول إلي الجزيرة بإستخدام العبارات، ثم يقوم الزوار بالصعود إلي
التاج أعلي التمثال بإستخدام السلالم، ومنه يطلوا علي مشهد بانورامي لخليج
نيويورك وما حوله. ويمكن للزائر أن يتعرف علي تاريخ التمثال من خلال زيارة
المتحف الموجود في قاعدة التمثال، ويتم الصعود إليه بإستخدام المصاعد.
في
الذراع اليمني الممسكة بالمشعل يوجد سلماً يصعد لهذا التاج لكنه مقصورا
فقط علي العاملين بالتمثال؛ حيث يتم إستخدامه في أعمال الصيانة اللازمة
للإضاءة الموجودة بالتاج. أما الصعود للمشعل فكان معمولا به حتي عام 1916
حيث أغلق أمام الجمهور. ويتعدي عدد زواره سنويا حاجز 3,000,000 (ثلاثة
ملايين) زائر (3,618,053 زائرا في 2004
شحن وتركيب التمثال إنتهت أعمال تصميم التمثال في فرنسا مبكرا في يوليو عام 1884 فتم شحن
التمثال علي الباخرة الفرنسية إيزري (بالفرنسية: Isere)، حيث وصلت إلي
ميناء نيويوك في 17 يونيو 1885. وتم تفكيك التمثال إلي 350 قطعة وضعت في
214 صندوق لتخزينها لحين إنتهاء أعمال بناء القاعدة التي سيوضع عليها
والتي إنتهت في وقت لاحق لوصول التمثال.
وهكذا في 28 أكتوبر 1886 - أي بعد إنتهاء إكتمال بناء قاعدة التمثال 6
أشهر - قام الرئيس الأمريكي
جروفر كليفلاند (بالإنجليزية:
Grover
Cleveland) بإفتتاح التمثال في إحتفال كبير، وقد ألقي فيه السيناتور وعمدة
نيويورك الذي قاد حملة التبرعات -
ويليام إيفارتز (بالإنجليزية:
William
M. Evarts) - كلمة بهذه المناسبة.
القرن العشرون في عام 1903 تم وضع لوحة تذكارية من البرونز علي حائط قاعدة البرج
الداخلية مكتوبا عليها كلمات الشاعره الأميريكية
إيما لازاروس
(بالإنجليزية:
Emma Lazarus) بعد 20 عاما من كتابتها في 1883.
في عام 1916 - في إطار الحرب العالمية الأولي - وقع إنفجار في مدينة جيرسي
ألحق أضرارا بالتمثال بلغت قيمتها 100,000 $ دولار أمريكي مما أدي إلي
تحديد حجم الزئرين حتي تم الإصلاح.
في 15 أكتوبر 1924 تم إعلان التمثال والجزيرة كأثر قومي، وتقوم بإدارتها
إدارة الحدائق الوطنية (بالإنجليزية:
National Park Service - NPS)، وهي
تعتبر الجهة الفيدرالية المنوط بها إدارة المناطق الآثرية في جميع أنحاء
الولايات.
في عام 28 أكتوبر 1936 مثل اليوبيل الذهبي لإنشاء التمثال، لذلك قام
الرئيس الأمريكي
فرانكلين روزفلت (بالإنجليزية:
Franklin D. Roosevelt)
بإعادة إهداء الثمثال والإعتراف بفضله علي الأمة الأمريكية.
أما في عام 1984، فقد إنضم التمثال إلي قائمة مواقع التراث العالمي التي تقوم بتصنيفها اليونسكو.
وبعدها بسنتين في عام 1986 وإستعدادا للإحتفال بمئوية التمثال، فقد تم عمل
ترميم شامل له وتم تركيب طبقة ذهبية جديدة للمشعل تتلألأ عليها أضواء
مدينة نيويورك ليلاً.
القرن الحادي والعشرونبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، قامت السلطات الأمريكية بإغلاق
التمثال والمتحف والجزيرة أمام الجمهور لمراجعة الإجراءات الأمنية
وتطويرها، ثم أعيد افتتاح الجزء الخارجي في 20 ديسمبر 2001.
ظلت باقي
الأجزاء مغلقة حتي تم افتتاح القاعدة مرة أخرى أمام الجمهور في 3 أغسطس
2004 م -أي بعد 3 سنوات من الإغلاق- لكن لا يسمح بعد بالدخول إليه.
ويتعرض الزائرين لتفتيش أمني مشابه لذلك المعمول به في المطارات ضمن
الإجراءات الأمنية الجديدة.
منقــــول