السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتمنى ان تعجبكم هى حقا رائعه وتستحق ان نكملها الى النهايه
كى نعلم ان كل شئ بيد الله وان نحمد الله دائما على ما نحن فيه
قرئتها فى محنة وخرجت منها متفائلا
اليكم
انهى عمله في المجلة حمل الصندوق معه الى منزله هنالك في المنزل سيكون لقراءة ما ذلك الدقتر من خفايا واسرار
وفي منزله جلس مجبور يقرأ ما في ذلك الدفتر على نور المصباح كهربائي صغير
وكانت الصفحة الاولى من الدفتر تحتوي على كلمة واحدة كتبت بحرف كبير
رامونا
رامونا
الفصل الاول
اشعل الصحافي الناشئ سامي مجبور لفافة تبغ
وبدأ بقراءة ما في ذلك الدفتر من كلمات تنطوي على الكثير من الالم والشوق والحب والحنين والعذاب وقرء:
" لقد بدأت حياتي بالالام والعذاب والدموع .
وبالالام والدموع والعذاب انتهت هذه الحياه
وهنيئا لانسان يغمر قلبه الالم وتعصف به رياح الالام وترويه بمناهل الدموع
ذلك الانسان قريب من الله العلي العظيم
في ليلة عاصفة حالكة السواد من ليالي عام 1910 ولدتني امي في مدينه نيس الفرنسية القريبة من الجبال الالب العاتية الشماء
وكانت الولادة صعبة عسيرة
وليس ثمة طبيب يشرف على الولادة
ما هناك سوى قابلة لا تحمل براءة الطب ولا تنعم بالمهارة في جراحة التوليد
وما ان رات عيني نور الحياة حتى كانت عينا امي تطبقان على ظلام الموت
لقد ماتت امي اثر ولادتي
وتركتني يتيمة الاب في هذه الحياه الملاى باليتامي يتامى الامهات والاباء يتامى الرحمة والشعور والحنان يتامى التضحية والمحبة والتسامح والغفران
وتعهدت جدتي والدة امي تربيتي
فكانت تعطف علي عطف الام الحنون وتحنو حنوها
وقد رات بي صورة واضحة المعالم عن ابنتها الراحلة بسلام الى عالم الخلود
وكان والدي " سيزار شانتال " يعمل كل ما في وسعه لارضائي وتوفير الراحة والسعادة لي
لقد كنت كل يملك ذلك الوالد الحنون في هذه الحياه
وكنت سعيدة بين جدتي ووالدي
كل ما تصبو اليه الطفلة في مثل عمري الندي متوفر لدي وكانت السعادة وارفة الظلال تلوح لي كما تلوح لكل طفلة صغيرة في دمية جميلة او في قطعة حلوى شهيى او في ثوب زاهر زاه الوان
الا ان الاقدار هذه القوة الهائلة العظيمة ارادت ان تحرمني تلك السعادة
ارادت تلك الاقدار ان تحرمني عطف الاب كما حرمتني من عطف الام ...
فنشبت الحرب ...
لقد اندلعت الحرب الضروس الحرب الكونية الاولى 1914 ...
فهب والدي كما هب الجميع رجال فرنسا لذود عن الاوطان
الاوطان ؟
متى يعلم البشر ان لا وطن لهم على هذه الارض الفانية ؟.
متى يعلم بنو الانسان ان وطنهم ليس هنا علىكوكب الارضي الدائر في رحاب هذا الكون الفسيح الارجاء ...؟
متى يكف البشر عن التطاحن والتناحر والقتال في سبيل الارض التي هي ملك للجميع ..؟
وتركني والدي وانا يومذاك في الرابعة من العمر بعد ان اوصى جدتي بالسهر على راحتي والاعتناء بي ...
وجدتي لم تكن بحاجة الة من يوصيها بتوفير الراحة والسعادة لحفيدتها الصغيرة
وحبها لهذه الطفلى الجميلى الصغيرى لا يقل عن حب والدها لها
وودعني والدي وهو يهم بالمسير الى المصير المجهول ...ز
وها انا الان ما زلت اذكر ساعة الوداع الاليم عندما حملني والدي بين ذراعيه
وضمني الى صدره بعطف وحنان والدموع تغمر عينيه ...
ثم تركني وهرول مسرعا الى حيث يجود بروحه في سبيل ارض فرنسا
واجهشت بالبكاء وقد توارى والدي عن ناظري
فطيبت جدتي خاطري وكفكفت دموعي
واخذت تواسيني
الا انني لم اكف عن البكاء
واخذت اتمتم " بابا ... بابا.... اريد ان يعود بابا الي "
فهمست جدتي وهي تمسح معة بدأت تتدحرج على وجنتيها المجعدتين : سيعود والدك الينا قريبا يا رامونا فليس ثمة ما يدعو الى العويل والنحيب
وهمست : تعالي لنجثو ونصلي يا ابتني ليحفظ الله عز وجل والدك الحنون وبعيدة الينا قريبا سالما
وركعت مع جدتي اردد الكلمات الروحيى المقدسة التي تنطق بها والغصات تخنقني والدموع تحرق عيني والخوف الشديد يعصف بفلبي وروحي
لقد شعرت يومذاك في اعماقي وانا طفلى الصغيرى بانني فقدت هذا الوالد الحنون الى الابد
وخيل الي جدتي ان الايام القليلة المقبلة ستتكفل بتضميد جراحي وروحي وتنسيني الغائب البعيد
الا انها كانت على خطا
فلم تكن تلك الايام الا لتزيد في شوقي الىوالدي الحبيب وفي حنيني اليه
وكل يوم كنت اندفع الى جدتي متسائلة متى يعود والدي يا جدتي الحبيبة ...؟
فتضمني الى صدرها المتعب الواهي هامسة سيعود والدك قريبا ان شاء الله ...سيعود يا رامونا ....
ولكن والدي لم يعد
ودخلت الضروس في عامها الثاني
ونفدت الدراهم القليلة التي تركها لنا والدي قبل رحيله
فاصبحنا انا وجدتي مهدتتين بالموت جوعا
غير ان جدتي لم تياس ولم تهن ولم تتوان عن توفير لقمة الخبز لنا
فعمدت الى العمل بالرغم من شيخوختها ومن عيائها
وكانت تقودني بيدي الى العمل في دور بعض الاغنياء والوجهاء حيث تغسل الملابس وتقوم ببعض الاعمال المنزلية لقاء اجرة زهيدة تكاد لا تكفي لسد الرمق
غير ان الجدى العجوز لم تستطع ان تستمر طويلا في العمل
فالسنون السبعون كانت تشدها الى العياء
والشيخوخة القاسية تدفع بها الى الوهن
واصبخت بعد العمل الشاق ليس بطويل عااجزة عن مواصلة العمل
فكانت تقضي معظم اوقاتها في الفراش
وراتني مرغمة على مساعدتها وانا في الثامنة من عمري
فرحت اساعدها في النهوض من السرير واعمل بارشادها ونصحها على اعداد الطعام
وكدنا نشرف على الهلاك جوعا ...
فالمورد الضيئل انقطع
والجدة البائسة المريضة لاتستطيع العمل
وادركت جدتي ان الجوع لن يرحمنا وان الفاقة ستصل بنا الى الهلاك
وكان عليها ان تتدبر الامر وان تجد لنا من المال ما يدفع عنا شبح العوز والجوع
وكانت تلك الجدة الحنون تملك حقلا صغيرا في سفوح جبال الالب
وكانت تفضل جدتي الموت جوعا على اضاعة ذلك الحقل
لانه ارث انتقل اليها من والدها
وقد حرصت عليه مدى حياتها حرصها على الروح
بيد ان شبح الجوع الرهيب المخيف والمرض الذي يعصف بجسدها النحيل اهابا بها الى التفكير ببيع ذلك الميراث
وحيال حاجتي للقوت وحاجتها للاطباء وللادوية رات ان لابد من بيع الحقل
فباعته
باعته بقيمة زهيدة
وكانت الدموع تبلل مقلتيها وهي توقع سند البيع
وتتقاضى الثمن لقد ضاع ميراث الجدود الثمين من ايدي الاحفاد
وخيل الى جدتي احنون ان صفقة البيع الحقل العزيز انقذتنا من الفقر والعوز الجوع
الا انها كانت مخطئة
ثمن الحقل لم يكفنا مدة طويلة
فالقيمة ليست بالراجحة واسعار المواد الغذائية في الغلاء فاحش
وشعرنا ثانية بالخطر يحدق بنا ويهددنا بكارثة دهياء
فالمرض يعصف بجدتي وهي بحاجة الى الطبيب والدواء
وانا بحاجة الى القوت والثياب
ولاح لنا شبح الفقر المدقع الرهيب يقترب منا بسرعة واندفاع
ولم يكن لنا ما ندفع به عنا شبح المخيف
واستسلمنا للاقداروقد بتنا على يقين من ان ذلك الحكم سيكون قاسيا ظالما مريرا
انه الحكم بالموت
الحكم علي بالموت جوعا
والحكم علىجدتي بالموت مرضا بعد ان عز عليها الدواء والعلاج
الموت وحده ينقذنا من الحياه
والموت والحياة طريقان يلتقيان في رحاب العذاب وبيداء الالم
فمن يخف الموت يطلب الحياه
ومن تعذبه الحياه سيتنجد بالموت
ولكن الموت والحياة يرفضان مطالب الانسان ويعصيان اوامره
فلا الموت برضخ له
ولا الحياة تستجيب اليه
قد يشتاق الانسان الى الحياة فيموت ...
ويحيا في حين يطلب الموت