[center] [center]بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَٰنِ الرَّحِيمِ
قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
( عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَ سَيِّئُهَا
فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنْ الطَّرِيقِ
وَ وَجَدْتُ فِي مَسَاوِئ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ )
صحيح مسلم - كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَ مَوَاضِعِ الصَّلَاة - التفل في المسجد خطيئة و كفارتها دفنها
الراوي : أبو ذر الغفاري ـ المحدث : مسلم – المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 553 ـ خلاصة حكم المحدث : صحيح
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله - فيما نقله عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَ سَيِّئُهَا )
( عُرِضَتْ عَلَيَّ ) يعني : بُلغت عنها و بُينت لي ، و الذي بينها له هو الله عز و جل
لأن الله ـ سبحانه و تعالى ـ هو الذي يحلل و يحرم و يوجب .
فعرض الله ـ عز و جل ـ على نبينا محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ
المحاسن و المساوئ من أعمال الأمة
فوجد من محاسنها الأذى يماط عن الطريق و يماط : يعني يُزال
و الأذى ما يؤذي المارة من شوك و أعواد و أحجار و زجاج و أرواث و غير ذلك
كل ما يؤذي فإماطته من محاسن الأعمال .
و قد بين النبي ـ عليه الصلاة و السلام ـ أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة
فهو من محاسن الأعمال ، و فيه ثواب الصدقة
و بين النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أن الإيمان بضع و سبعون شعبة
أعلاها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان
فإذا وجدت في الطريق أذى فأمطته فإن هذا من محاسن أعمالك
و هو صدقة لك و هو من خصال الإيمان و شعب الإيمان .
و إذا كان هذا من المحاسن و من الصدقات
فإن وضع الأذى في طريق المسلمين من مساوئ الأعمال
فهؤلاء الناس الذي يلقون القشور : قشور البطيخ أو البرتقال أو الموز أو غيرها
في الأسواق ، في ممرات الناس لا شك أنهم إذا آذوا المسلمين فإنهم مأزورون
قال الله تعالى :
( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا
فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا )
[ الأحزاب : 58 ]
قال العلماء : و لو زلق به حيوان أو إنسان فانكسر فعلي من وضعه ضمانه
يضمنه بالدية ، أو بما دون الدية إذا كان لا يحتمل الدية .
المهم أن هذا من أذية المسلمين . و من ذلك أيضا
ما يفعله بعض الناس من إراقة المياه في الأسواق فتؤذي الناس
و ربما تمر السيارات من عندها فتفسد على الإنسان ثيابه
و ربما يكون فيها فساد لا شك للأسفلت
لأن الأسفلت كلما أتى عليه الماء و تكرر فإنه يذوب و يفسد .
فالمهم أننا مع الأسف الشديد و نحن أمة مسلمة
لانبالي بهذه الأمور و كأنها لا شيء
يلقي الإنسان الأذى في الأسواق و لا يهتم بذلك
يكسر الزجاجات في الأسواق و لا يهتم بذلك
الأعواد يلقيها لا يهتم بذلك ، حجر يضعه لايهتم بذلك .
إذن يستحب لنا كلما رأينا ما يؤذي أن نزيله عن الطريق
لأن ذلك صدقة و من محاسن الأعمال .
ثم قال : ( وَ وَجَدْتُ فِي مَسَاوِئ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ )
النخاعة يعني : النخامة و سميت بذلك لأنها تخرج من النخاع
النخامة تكون في المسجد لاتدفن
لأن المسجد في عهد الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ مفروش بالحصى الصغار
فالنخامة تدفن في التراب . أما عندنا الآن فليس هناك تراب
و لكن إذا وُجدت فإنها تحك بالمنديل حتى تذهب
و اعلم أن النخامة في المسجد حرام ، فمن تنخم في المسجد فقد أثم
لقول النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ :
( الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَ كَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا )
سنن النسائي - كِتَاب الْمَسَاجِدِ - البصاق في المسجد خطيئة و كفارتها دفنها
الراوي : أنس بن مالك ـ المحدث : الألباني – المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم : 722 ـ خلاصة حكم المحدث : صحيح
فأثبت النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنها خطيئة و كفارتها دفنها
يعني : إذا فعلها الإنسان و أراد أن يتوب فليدفنها
لكن في عهدنا فليحكها بمنديل أو نحوه حتى تزول .
و إذا كان هذه النخاعة
فما بالك بما هو أعظم منها مثل ما كان فيما مضى
حيث يدخل الإنسان المسجد بحذائه و لم يقلبها و يفتش فيها
و يكون فيها الروث الذي ينزل إلى المسجد فيتلوث به
فأنت اعتبر بالنخامة ما هو مثلها في أذية المسجد أو أعظم منها .
ومن ذلك أيضا أن بعض الناس تكون معه المناديل الخفيفة ثم ينتخع فيها
و يرمي بها في أرض المسجد ، هذا أذى و لا شك أن النفوس تتقزز إذا رأت مثل ذلك
فكيف إذا كان ذلك في بيت من بيوت الله ؟
فإذا تنخعت في المنديل فضعه في جيبك
حتى تخرج فترمي به فيما أُعد لذلك ، على ألا تؤذي به أحدا .
[/center]