احمد الشعار :: مراقب عام ::
المشاركات : 15936 العمر : 36 محل الاقامة : ميت غمر _ المنصوره الهوايات : التامل _ قراءه القران _ الشغل لاعبك المفضل : سيد معوض تاريخ التسجيل : 06/01/2009 التقييم : 109 نقاط : 30650 ::: :
| موضوع: أسامة بن زيد ( الحبّ بن الحبّ ) 2011-07-20, 6:41 pm | |
| جلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقسّم أموال بيت المال على المسلمين..
وجاء دور عبدالله بن عمر, فأعطاه عمر نصيبه.
ثم جاء دور أسامة بن زيد, فأعطاه عمر ضعف ما أعطى ولده عبدالله..
وإذا كان عمر يعطي الناس وفق فضلهم, وبلائهم في الإسلام, فقد خشي عبدالله بن عمر إن يكون مكانه في الإسلام آخرا, وهو الذي يرجو بطاعته, وبجهاده, وبزهده, وبورعه,إن يكون عند الله من السابقين..
هنالك سأل أباه قائلا:" لقد فضّلت عليّ أسامة, وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد"..؟
فأجابه عمر:
" إن أسامة كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك..
وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك"..!
فمن هذا الذي بلغ هو وأبوه من قلب الرسول وحبه ما لم يبلغه ابن عمر, وما لم يبلغه عمر بذاته..؟؟
إنه أسامة بن زيد.
كان لقبه بين الصحابة: الحبّ بن الحبّ..
أبوه زيد بن حارثة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آثر الرسول على أبيه وأمه وأهله, والذي وقف به النبي على جموع أصحابه يقول:
" أشهدكم إن زيدا هذا ابني, يرثني وأرثه"..
وظل اسمه بين المسلمين زيد بن محمد حتى أبطل القرآن الكريم عادة التبنّي..
أسامة هذا ابنه..
وأمه هي أم أيمن, مولاة رسول الله وحاضنته,
لم يكن شكله الخارجي يؤهله لشيء.. أي شيء..
فهو كما يصفه الرواة والمؤرخون: أسود, أفطس..
أجل.. بهاتين الكلمتين, لا أكثر يلخص التاريخ حديثه عن شكل أسامة..!!
ولكن, متى كان الإسلام يعبأ بالأشكال الظاهرة للناس..؟
متى.. ورسوله هو الذي يقول:
" ألا ربّ أشعث, أعبر, ذي طمرين لا يؤبه له, لو أقسم على الله لأبرّه"..
فلندع الشكل الخارجي لأسامة إذن..
لندع بشرته السوداء, وأنفه الأفطس, فما هذا كله في ميزان الإسلام مكان..
ولننظر ماذا كان في ولائه..؟ ماذا كان في افتدائه..؟ في عظمة نفسه, وامتلاء حياته..؟!
لقد بلغ من ذلك كله المدى الذي هيأه لهذا الفيض من حب رسول الله عليه الصلاة والسلام وتقديره:
" إن أسامة بن زيد لمن أحبّ الناس إليّ, وإني لأرجو إن يكون من صالحيكم, فاستوصوا به خيرا".
كان أسامة رضي الله عنه مالكا لكل الصفات العظيمة التي تجعله قريبا من قلب الرسول.. وكبيرا في عينيه..
فهو ابن مسلمين كريمين من أوائل المسلمين سبقا إلى الإسلام, ومن أكثرهم ولاء للرسول وقربا منه.
وهو من أبناء الإسلام الحنفاء الذين ولدوا فيه, وتلقوا رضعاتهم الأولى من فطرته النقية, دون إن يدركهم من غبار الجاهلية المظلمة شيء..
وهو رضي الله عنه على حداثة سنه, مؤمن, صلب, ومسلم قوي, يحمل كل تبعات إيمانه ودينه, في ولاء مكين, وعزيمة قاهرة..
وهو مفرط في ذكائه, مفرط في تواضعه, ليس لتفانيه في سبيل الله ورسوله حدود..
ثم هو بعد هذا, يمثل في الدين الجديد, ضحايا الألوان الذين جاء الإسلام ليضع عنهم أوزار التفرقة وأوضارها..
فهذا الأسود الأفطس يأخذ في قلب النبي, وفي صفوف المسلمين مكانا عليّا, لأن الدين الذي ارتضاه الله لعباده قد صحح معايير الآدمية والأفضلية بين الناس فقال:
( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13}الحجرات)..
وهكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل مكة يوم الفتح العظيم ورديفه هذا الأسود الأفطس أسامة بن زيد..
ثم رأيناه يدخل الكعبة في أكثر ساعات الإسلام روعة, وفوزا, وعن يمينه ويساره بلال, وأسامة.. رجلان تكسوهما البشرة السوداء الداكنة, ولكن كلمة الله التي يحملانها في قلبيهما الكبيرين قد أسبغت عليهما كل الشرف وكل الرفعة..
وفي سن مبكرة, لم تجاوز العشرين, أمر رسول الله أسامة بن زيد على جيش, بين أفراده وجنوده أبو بكر وعمر..!!
وسرت همهمة بين نفر من المسلمين تعاظمهم الأمر, واستكثروا على الفتى الشاب, أسامة بن زيد, إمارة جيش فيه شيوخ الأنصار وكبار المهاجرين..
وبلغ همسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فصعد المنبر, وحمد الله وأثنى عليه, ثم قال:
" إن بعض الناس يطعنون في إمارة أسامة بن زيد..
ولقد طعنوا في إمارة أبيه من قبل..
وإن كان أبوه لخليقا للإمارة..
وإن أسامة لخليق لها..
وإنه لمن أحبّ الناس إليّ بعد أبيه..
وإني لأرجو أن يكون من صالحيكم..
فاستوصوا به خيرا"..
وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل إن يتحرّك الجيش إلى غايته ولكنه كان قد ترك وصيته الحكيمة لأصحابه:
" أنفذوا بعث أسامة..
أنفذوا بعث أسامة.."
وهكذا قدّس الخليفة أبو بكر هذه الوصاة, وعلى الرغم من الظروف الجديدة التي خلفتها وفاة الرسول, فإن الصدّيق أصرّ على إنجاز وصيته وأمره, فتحرّك جيش أسامة إلى غايته, بعد إن استأذنه الخليفة في إن يدع عمر ليبقى إلى جواره في المدينة.
وبينما كان إمبراطور الروم هرقل, يتلقى خبر وفاة الرسول, تلقى في نفس الوقت خبر الجيش الذي يغير على تخوم الشام بقيادة أسامة بن زيد, فحيّره إن يكون المسلمون من القوة بحيث لا يؤثر موت رسولهم في خططهم ومقدرتهم.
وهكذا انكمش الروم, ولم يعودوا يتخذون من حدود الشام نقط وثوب على مهد الإسلام في الجزيرة العربية.
وعاد الجيش بلا ضحايا.. وقال عنه المسلمون يومئذ:
" ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة"..!!
وذات يوم تلقى أسامة من رسول الله درس حياته.. درسا بليغا, عاشه أسامة, وعاشته حياته كلها منذ غادرهم الرسول إلى الرفيق الأعلى إلى أن لقي أسامة ربه في أواخر خلافة معاوية.
قبل وفاة الرسول بعامين بعثه عليه السلام أميرا على سريّة خرجت للقاء بعض المشركين الذين يناوئون الإسلام والمسلمين.
وكانت تلك أول إمارة يتولاها أسامة..
ولقد أحرز في مهمته النجاح والفوز, وسبقته إنباء فوزه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرح بها وسر.
ولنستمع إلى أسامة يروي لنا بقية النبأ:
".. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم, وقد أتاه البشير بالفتح, فإذا هو متهلل وجهه.. فأدناني منه ثم قال:
حدّثني..
فجعلت أحدّثه.. وذكرت إنه لما انهزم القوم أدركت رجلا وأهويت إليه بالرمح, فقال لا اله إلا الله فطعنته وقتلته.
فتغيّر وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال:
ويحك يا أسامة..!
فكيف لك بلا اله إلا الله..؟
ويحك يا أسامة..
فكيف لك بلا اله إلا الله..؟
فلم يزل يرددها عليّ حتى لوددت إني انسلخت من كل عمل عملته. واستقبلت الإسلام يومئذ من جديد.
فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا اله إلا الله بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم".
هذا هو الدرس العظيم الذي وجّه حياة أسامة الحبيب بن الحبيب منذ سمعه من رسول الله إلى أن رحل عن الدنيا راضيا مرضيّا.
وإنه لدرس بليغ.
درس يكشف عن إنسانية الرسول, وعدله, وسموّ مبادئه, وعظمة دينه وخلقه..
فهذا الرجل الذي أسف النبي لمقتله, وأنكر على أسامة قتله, كان مشركا ومحاربا..
وهو حين قال: لا اله إلا الله.. قالها والسيف في يمينه, تتعلق به مزغ اللحم التي نهشها من أجساد المسلمين.. قالها لينجو بها من ضربة قاتلة, أو ليهيئ لنفسه فرصة يغير فيها اتجاهه ثم يعاود القتال من جديد..
ومع هذا, فلأنه قالها, وتحرّك بها لسانه, يصير دمه حراما وحياته آمنة, في نفس اللحظة, ولنفس السبب..!
ووعى أسامة الدرس إلى منتهاه..
فإذا كان هذا الرجل, في هذا الموقف, ينهى الرسول عن قتله لمجرّد إنه قل: لا اله إلا الله.. فكيف بالذين هم مؤمنون حقا, ومسلمون حقا..؟
وهكذا رأيناه عندما نشبت الفتنة الكبرى بين الإمام علي وأنصاره من جانب, ومعاوية وأنصاره من جانب آخر, يلتزم حيادا مطلقا.
كان يحبّ عليّا أكثر الحب, وكان يبصر الحق إلى جانبه.. ولكن كيف يقتل بسيفه مسلما يؤمن بالله وبرسله, وهو لذي لامه الرسول لقتله مشركا محاربا قال في لحظة انكساره وهروبه: لا اله إلا الله..؟؟!!
هنالك أرسل إلى الإمام علي رسالة قال فيها:
" إنك لو كنت في شدق الأسد,
لأحببت أن أدخل معك فيه.
ولكن هذا أمر لم أره"..!!
ولزم داره طوال هذا النزاع وتلك الحروب..
وحين حاءه بعض أصحابه يناقشونه في موقفه قال لهم:
" لا أقاتل أحدا يقول لا اله إلا الله أبدا".
قال أحدهم له: ألم بقل الله: ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ {193}البقرة)..؟؟
فأجابهم أسامة قائلا:
" أولئك هم المشركون, ولقد قاتلناهم حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله"..
وفي العام الرابع والخمسين من الهجرة.. اشتاق أسامة للقاء الله, وتلملمت روحه بين جوانحه, تريد إن ترجع إلى وطنها الأول..
وتفتحت أبواب الجنان, لتستقبل واحدا من الأبرار المتقين. -===============-
|
|
marwa adel :: مشرفـــة ::
المشاركات : 7565 العمر : 34 محل الاقامة : الاسكندرية الهوايات : الغناء بتشجع نادي إيه : الاهــــــــلـــــى لاعبك المفضل : ابو تريكة و ميسى
تاريخ التسجيل : 01/01/2010 التقييم : 40 نقاط : 17382 ::: :
| موضوع: رد: أسامة بن زيد ( الحبّ بن الحبّ ) 2011-07-20, 7:19 pm | |
| جزاك الله كل خير يااحمد للافادة تسلم |
|
احمد الشعار :: مراقب عام ::
المشاركات : 15936 العمر : 36 محل الاقامة : ميت غمر _ المنصوره الهوايات : التامل _ قراءه القران _ الشغل لاعبك المفضل : سيد معوض تاريخ التسجيل : 06/01/2009 التقييم : 109 نقاط : 30650 ::: :
| موضوع: رد: أسامة بن زيد ( الحبّ بن الحبّ ) 2011-08-05, 6:15 pm | |
| شكرا لمرورك القيم يا مروه جزاكي الله خيرا |
|
nile.rose :: مشرفـــة ::
المشاركات : 5266 العمر : 36 محل الاقامة : محافظة كفر الشيخ الوظيفة : مُدرسة لغة عربية الهوايات : كتابة الشعر ومشاهدة المباريات بتشجع نادي إيه : الاهلى (نادى القرن) لاعبك المفضل : تريكه واحمد حسن وبركوته تاريخ التسجيل : 08/08/2010 التقييم : 31 نقاط : 12037 ::: :
| موضوع: رد: أسامة بن زيد ( الحبّ بن الحبّ ) 2011-08-06, 2:05 am | |
| رضى الله عنه وجزاك خيرا يا احمد |
|
Treikawia Ana :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 4723 العمر : 28 محل الاقامة : EgYpT الوظيفة : StudenT الهوايات : Writing poetry&watching Al-ahly بتشجع نادي إيه : ُAL-AHLy)))) لاعبك المفضل : TREIKA>> تاريخ التسجيل : 25/08/2010 التقييم : 68 نقاط : 11710 ::: :
| موضوع: رد: أسامة بن زيد ( الحبّ بن الحبّ ) 2011-08-06, 2:40 am | |
| شكرا احمد ع التوبيك القيم دا وجعله الله في ميزان حسناتك |
|
احمد الشعار :: مراقب عام ::
المشاركات : 15936 العمر : 36 محل الاقامة : ميت غمر _ المنصوره الهوايات : التامل _ قراءه القران _ الشغل لاعبك المفضل : سيد معوض تاريخ التسجيل : 06/01/2009 التقييم : 109 نقاط : 30650 ::: :
| موضوع: رد: أسامة بن زيد ( الحبّ بن الحبّ ) 2011-08-15, 5:32 pm | |
| شكرا للمرور القيم يا ايمان وساره جزاكم الله خيرا |
|