ابحث عنه في كل مكان, انظر هنا وهناك لعلي اجده, اسال هذا وذاك أتعرفونه؟ أرايتموه؟ لكنهم يهزون رؤوسهم فقط, لا.
يا لهذه الدنيا, الا يعرفه احد في هذه البلد, فمن لا يعرفه لا يعرف شيئا, انه الوطن , وطني انا.
لقد غاب عني فترة من الزمن ولم يعد حتى الان, اتساءل كثيرا لم تركني دون ان يخبرني السبب؟ لماذا يا وطني فعلت هذا بي, الا تعرف كم احبك وكم اعشقك, اظنك لا تعرف, لكنني ساثبت لك ذلك عما قريب.
مررت بكل الاماكن, بحثت في شتى الزوايا, علني اجده لكن للاسف لا وجود له, ترى اين انت يا وطني؟ أتفعل هذا بي؟ الا تعرف كم يوجعني فراقك, فبدونك تختفي معاني الحياة وتُهزم الهوية والوطنية وتتشرد الحدود والقيم والمبادئ, ألست انت من زرع فينا هذا كله؟ بلى انه انت وفقط انت يا وطني.
فان ضعتَ ضعنا معك, وان تشردتَ تشردنا معك, لكنني اعرف بداخلي انك لا تقدر على هذا ولن تسمح بذلك ان يحدث لنا ابدا. فلماذا اذن هذا الفراق الموجع؟
الا تعرف انني اتحدى الجميع من اجلك؟ فعزيمتي لا تعرف الضياع واصراري لا يقهر, لهذا اصر على ايجادك اين ما كنت.
دفعني اصراري الى ان اتذكر شيئا قله لي وطني يوما, اخبرني بانه عندما يتالم ويتوجع ويشعر بالغربة, فانه يذهب الى مكان يسمى ب "شارع الاوطان" , هناك يلتقي باوطان تعاني وتتالم مثله تماما, كل يشكي للاخر همومه واوجاعه.
انطلقت وانطلق معي شوقي وعشقي الشديد له يسبقاني اليه, وما اسعدها من لحظة حينما وصلت الى ذاك الشارع, ورايته من بعيد يشرق وجهه نورا وضياء, لقد كان مجتمعا مع اصحابه الاوطان, فركضت اليه مسرعة واحتضنته بقوة, وقلت له ارجوك لا تتركني مرة اخرى, لن اسمح لك بان تضيع مني ابدا, فانت وطني وانا وطنك. ففرح لذلك اشد الفرح , ووعدني بانه لن يعيدها مرة اخرى.
فتشابكت ايدينا حبا وعشقا وعدنا بسلامة امنين , انا ووطني.