تزوير فى ملابس رسميةبقلم - حسن المستكاوى•• الليلة حفل افتتاح دورة لندن الأوليمبية.. سوف يدوى صوت اضخم
جرس يزن 27 طنا وهو الأضخم فى العالم، وقد صنع فى مصنع يعود عمره إلى 442
عاما، وهو نفسه الذى صنع جرس ساعة بج بن. ويتضمن الحفل مشاهد من مسرحية
جزيرة العجائب لوليام شكسبير. فيصيح أحد الممثلين: «لاتخف، الجزيرة مليئة
بالضوضاء».. ويعرض الحفل قديم بريطانيا وجديده. مراعيها فى مروجها الخضراء
التى تجسدها أغنام وأبقار. وتختلط موسيقى الروك بموسيقى الريف الإنجليزى
العتيق. ويمتزج الفن بالخيال. فيستدعى مخرج الحفل دانى بويل مقاطع من
مسرحية أليس فى بلاد العجائب، وفيلم هارى بوتر وقصة مارى بوبينز وأغنيات
البيتلز صيحة الستينيات، وسينتهى الحفل بأغنية يؤديها بول مكارتنى عضو
فريق البيتلز.•• حفل الافتتاح فى الألعاب الأوليمبية يعد أكبر عرض أزياء تعرفه
البشرية كل أربع سنوات. وتنفق الدول ملايين الدولارات من أجل هذا العرض،
وتتباهى بالتصميمات التى تخطف الأنظار.. وتنال البعثات بملابسها المختارة
بعناية وبألوانها الزاهية تحية الآلاف من الحضور، كما تشهد حفلات الافتتاح
فى كثير من الأحيان تحية تلقائية وصادقة من جماهير الأستاد إلى البعثات
التى تمثل دولا كافحت من أجل الحرية والديمقراطية أو السلام فى مشاعر
إنسانية تعلى من قيم الحدث ومن أهمية الرياضة.. وسوف تحظى وفود مصر وتونس
تحديدا بعاصفة من التصفيق حسب ظنى، لأنهما يمثلان ربيع الثورة العربية. وقد
تفوز البعثة السورية بنفس التقدير أو بعكسه الله أعلم..!
•• أما هذا الأسلوب الرخيص فى تقديم صورة البعثة المصرية بملابس فقيرة،
فإنها قضية قديمة جدا تعود إلى عام 1960 منذ وعينا بالألعاب الأوليمبية،
وقد كبرت معنا، واصبحت قضيتنا، ولم يتحرك مسئول لحلها بحسم وبيقظة وبفهم..
فالمشكلة أن ثقافة الرخيص منتشرة فى مصر، والادعاء بالفقر وبضعف الإمكانات
هى حجة البليد الذى لايريد أن يعمل ويبتكر، أو الذى لايعرف قيمة ومعنى
الألعاب الأوليمبية.. ويدهشك هنا أن الملايين والمليارات تهدر فى دولتنا
بلاسبب، وبسفاهة، وبغباء أيضا، ويكفى إصلاح طريق القاهرة الإسكندرية بأكثر
من مليار جنيه، ثم إعادة إصلاح وتوسعة وبناء الطريق بعد عام من الإصلاح
بأكثر من أربعة مليارات جنيه.. ألم يكن هذا الإهدار للمال العام يستحق
سؤالا واستجوابا وحسابا..؟!
•• ماحدث بشأن ملابس البعثة المصرية فى دورة لندن زاد على ماسبق
بالتزوير، و«الاسترخاص والاستعباط»، فكيف تكون هناك حقيبة تحمل علامتين
تجاريتين، وكيف لاتلتزم بعثة مصرية رسمية بالقواعد الدولية الخاصة بالملكية
وبالعلامات التجارية، كيف ترسخ بعثة رسمية مصرية فى محفل دولى ضخم
التزوير.. كيف يمكن أن يمضى مثل هذا التشويه بلارقابة وبلامراجعة وبلا
اهتمام؟
•• أعود إلى الليلة، فالعاصمة البريطانية لندن متوترة وقلقة ومزدحمة
ومبهجة وسعيدة وتزين شوارعها الأعلام وشعار الدورة، والحركة فيها لاتتوقف،
وهم يفكرون فى أرباح الأوليمبياد المادية، لكنهم يهتمون أكثر بأرباح
التاريخ، وبما يمكن أن يحمله عشرة آلاف رياضى وأكثر من 21 ألف إعلامى،
وملايين البشر من ذكريات يعودون بها من أكبر حركة سلام عرفها الإنسان..