كاتب الموضوع | رسالة |
---|
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-07-31, 6:56 pm | |
| البنتُ / الصرخة
على شاطئ البحر بنتٌ. وللبنت أَهلٌ
وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتان وبابْ...
وفي البحر بارجةٌ تتسلَّى
بصيدِ المُشاة على شاطئ البحر:
أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ
يسقطون على الرمل، والبنتُ تنجو قليلاً
لأن يداً من ضباب
يداً ما إلهيةً أسعفتها، فنادت: أَبي
يا أَبي! قُم لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!
لم يُجِبْها أبوها المُسجَّى على ظلهِ
في مهب الغياب
دمٌ في النخيل، دمٌ في السحاب
يطير بها الصوتُ أعلى وأَبعد من
شاطئ البحر. تصرخ في ليل برّية،
لا صدى للصدى.
فتصير هي الصرخةَ الأبديةَ في خبرٍ
عاجلٍ، لم يعد خبراً عاجلاً
عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتاً بنافذتين وباب!
|
|
| |
Treikawia Ana :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 4723 العمر : 28 محل الاقامة : EgYpT الوظيفة : StudenT الهوايات : Writing poetry&watching Al-ahly بتشجع نادي إيه : ُAL-AHLy)))) لاعبك المفضل : TREIKA>> تاريخ التسجيل : 25/08/2010 التقييم : 68 نقاط : 11723 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-07-31, 7:33 pm | |
| - AmiRa 3mR كتب:
البنتُ / الصرخة
على شاطئ البحر بنتٌ. وللبنت أَهلٌ
وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتان وبابْ...
وفي البحر بارجةٌ تتسلَّى
بصيدِ المُشاة على شاطئ البحر:
أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ
يسقطون على الرمل، والبنتُ تنجو قليلاً
لأن يداً من ضباب
يداً ما إلهيةً أسعفتها، فنادت: أَبي
يا أَبي! قُم لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!
لم يُجِبْها أبوها المُسجَّى على ظلهِ
في مهب الغياب
دمٌ في النخيل، دمٌ في السحاب
يطير بها الصوتُ أعلى وأَبعد من
شاطئ البحر. تصرخ في ليل برّية،
لا صدى للصدى.
فتصير هي الصرخةَ الأبديةَ في خبرٍ
عاجلٍ، لم يعد خبراً عاجلاً
عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتاً بنافذتين وباب!
راااااااااااااااااااااائـــــــــــــــــعـــة بجد |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-01, 5:42 pm | |
| |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-01, 6:30 pm | |
| الحزن و الغضب
الصوت في شفتيك لا يطرب
و النار في رئتيك لا تغلب
و أبو أبيك على حذاء مهاجر يصلب وشفاهها تعطي سواك و نهدها يحلب
فعلام لا تغضب
-1-
أمس التقينا في طريق الليل من حان لحان
شفتاك حاملتان
كل أنين غاب السنديان
ورويت لي للمرة الخمسين
حب فلانه و هوى فلان
وزجاجة الكونياك
و الخيام و السيف اليماني
عبثا تخدر جرحك المفتوح
عربدة القناني
عبثا تطوع يا كنار الليل جامحة الأماني
الريح في شفتيك تهدم ما بنيت من الأغاني
فعلام لا تغضب
-2-
قالوا إبتسم لتعيش
فابتسمت عيونك للطريق
و تبرأت عيناك من قلب يرمده الحريق
و حلفت لي إني سعيد يا رفيق
و قرأت فلسفة ابتسامات الرقيق
الخمر و الخضراء و الجسد الرشيق
فإذا رأيت دمي بخمرك
كيف تشرب يا رفيق
-3-
القرية الأطلال
و الناطور و الأرض و اليباب
و جذوع زيتوناتكم
أعشاش بوم أو غراب
من هيأ المحراث هذا العام
من ربي التراب
يا أنت أين أخوك أين أبوك
إنهما سراب
من أين جئت أمن جدار
أم هبطت من السحاب
أترى تصون كرامة الموتى
و تطرق في ختام الليل باب
و علام لا تغضب
-4-
أتحبها
أحببت قبلك
و ارتجفت على جدائلها الظليلة
كانت جميله
لكنها رقصت على قبري و أيامي القليلة
و تحاصرت و الآخرين بحلبة الرقص الطويلة
و أنا و أنت نعاتب التاريخ
و العلم الذي فقد الرجوله
من نحن
دع نزق الشوارع
يرتوي من ذل رايتنا القتيلة
فعلام لا تغضب
-5-
إنا حملنا الحزن أعواما و ما طلع الصباح
و الحزن نار تخمد الأيام شهوتنا
و توقظها الرياح
و الريح عندك كيف تلجمها
و ما لك من سلاح
إلا لقاء الريح و النيران
في وطن مباح
|
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-02, 3:05 am | |
| هي لا تحبك انت يعجبها مجازك انت شاعرها وهذا كل ما في الأمر يعجبها اندفاع النهر في الايقاع كن نهراً لتعجبها ويعجبها جماع البرق والأصوات قافية تسيل لعاب نهديها
على حرف
فكن الفا لتعجبها !!
ويعجبها ارتفاع الشيء
من شيء الى ضوء
ومن ضوء الى جرس
ومن جرس الى حس
فكن احدى عواطفها لتعجبها
ويعجبها صراع مسائها مع صدرها:
( عذبتني يا حب
يا نهراً يصب مجونه الوحشي
خارج غرفتي...
يا حب ! ان لم تدمني شبقاً
قتلتك)
كن ملاكاً لا ليعجبها مجازك
بل لتقتلك انتقاماً من انوثتها
ومن شرك المجاز
لعلها صارت تحبك انت مذ ادخلتها
في اللازورد وصرت انت سواك
في أعلى اعاليها هناك
هناك صار الأمر ملتبساً على الأبراج
بين الحوت والعذراء... |
|
| |
Treikawia Ana :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 4723 العمر : 28 محل الاقامة : EgYpT الوظيفة : StudenT الهوايات : Writing poetry&watching Al-ahly بتشجع نادي إيه : ُAL-AHLy)))) لاعبك المفضل : TREIKA>> تاريخ التسجيل : 25/08/2010 التقييم : 68 نقاط : 11723 ::: :
| |
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-03, 6:43 pm | |
| انتى اجمل والله نورتــــــى |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-03, 6:54 pm | |
|
كزهر اللوز أو أبعد!
لوصفِ زهرِ اللوز، لا موسوعةُ الأزهارِ تسعفني، ولا القاموسُ يسعفني... سيخطفني الكلامُ إلى أحابيلِ البلاغةِ والبلاغةُ تجرحُ المعنى وتمدحُ جرحه، كمذكَّرٍ يملي على الأنثى مشاعرها فكيفَ يشعُّ زهرُ اللوز في لغتي أنا وأنا الصدى؟ وهو الشفيفُ كضحكةٍ مائيةٍ نبتتْ على الأغصانِ من خفرِ النَّدى... وهو الخفيفُ كجملةٍ بيضاءَ موسيقيةٍ... وهو الضعيفُ كلمحِ خاطرةٍ تطلُّ على أصابِعنا ونكتبُها سُدى وهو الكثيفُ كبيتِ شعرٍ لا يدوَّن بالحروف لوصفِ زهرِ اللوز تلزمني زياراتٌ إلى الَّلاوعي ترشدني إلى أسماءِ عاطفةٍ معلقةٍ على الجدران. ما اسمه؟ ما اسمُ هذا الشيء في شعريةِ الَّلاشيء؟ يلزمني اختراقُ الجاذبيةِ والكلام، لكي أحسَّ بخفةِ الكلماتْ حين تصير طيفاً هامساً فأكونها وتكونني شفافةً بيضاء لا وطنٌ ولا منفى هي الكلمات، بل ولعُ البياضِ بوصفِ زهرِ الَّلوز لا ثلجٌ ولا قطنٌ فما هو في تعاليه على الألوان والكلمات لو نجحَ المؤلف في كتابةِ مقطع ٍ في وصفِ زهر اللوز، لانحسر الضباب عن التلال، وقالَ شعبٌ كاملٌ: هذا هوَ هذا كلامُ نشيدنا الوطني! |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-03, 7:14 pm | |
| الجداريــــــــــــــــــــــة
هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً… وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في الفَلَك الأَخيرِ .
وكُلُّ شيء أَبيضُ ، البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي : (( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ )) ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ، أَنا وحيدُ …
لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ . لا الزمانُ ولا العواطفُ . لا أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ الهواجس . لم أَجد أَحداً لأسأل : أَين (( أَيْني )) الآن ؟ أَين مدينةُ الموتى ، وأَين أَنا ؟ فلا عَدَمٌ هنا في اللا هنا … في اللازمان ، ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن … أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ ما أُريدُ … سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ … كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من تَفَتُّح عُشْبَةٍ ، لا القُوَّةُ انتصرتْ ولا العَدْلُ الشريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي وجودي . كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ اقتربتُ من الحقيقةِ ، وانبعثتُ من الرمادِ . أَنا حوارُ الحالمين ، عَزَفْتُ عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ رحلتي الأولى إلى المعنى ، فأَحْرَقَني وغاب . أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ الطريدُ .
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأَصير يوماً كرمةً ، فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن ، وليشربْ نبيذي العابرون على ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ ! أَنا الرسالةُ والرسولُ أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في مَمَرِّ بياضها . هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً ! لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ، كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف ، يااسمي : سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ سوف تحمِلُني وأَحملُكَ الغريبُ أَخُ الغريب سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات يا اسمي: أَين نحن الآن ؟ قل : ما الآن ، ما الغَدُ ؟ ما الزمانُ وما المكانُ وما القديمُ وما الجديدُ ؟
سنكون يوماً ما نريدُ
لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ، فلنذهب إلى أَعلى الجداريات : أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ، كلامُ الله عند الفجر أَرضُ قصيدتي وأَنا البعيدُ أَنا البعيدُ
في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها - خُذِ الجهةَ التي أَهديتني الجهةَ التي انكَسَرتْ ، وهاتِ أُنوثتي ، لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في تجاعيد البُحَيْرَة . خُذْ غدي عنِّي وهاتِ الأمس ، واتركنا معاً لا شيءَ ، بعدَكَ ، سوف يرحَلُ أَو يَعُودُ
- وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ فليس لي فيها سواكِ خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ . فأيُّنا منا (( أَنا )) لأكون آخرَها ؟ ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها : وُلِدْنا في زمان السيف والمزمار بين التين والصُبَّار . كان الموتُ أَبطأَ . كان أَوْضَح . كان هُدْنَةَ عابرين على مَصَبِّ النهر . أَما الآن ، فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ . لا قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى . ولا يتلو وصيَّتَهُ شهيدُ
من أَيِّ ريح جئتِ ؟ قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ ! وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني إلى زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
في الجرّة المكسورةِ انتحبتْ نساءُ الساحل السوريّ من طول المسافةِ ، واحترقْنَ بشمس آبَ . رأيتُهنَّ على طريق النبع قبل ولادتي . وسمعتُ صَوْتَ الماء في الفخّار يبكيهنّ : عُدْنَ إلى السحابة يرجعِ الزَمَنُ الرغيدُ
قال الصدى : لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء على مِسلاَّت المدى … [ ذهبيّةٌٌ آثارُهُمْ ذهبيّةٌٌ ] ورسائلِ الضعفاءِ للغَدِ ، أَعْطِنا خُبْزَ الكفاف ، وحاضراً أَقوى . فليس لنا التقمُّصُ والحُلُولُ ولا الخُلُودُ
قال الصدى : وتعبتُ من أَملي العُضَال . تعبتُ من شَرَك الجماليّات : ماذا بعد بابلَ؟ كُلَّما اتَّضَحَ الطريقُ إلى السماء ، وأَسْفَرَ المجهولُ عن هَدَفٍ نهائيّ تَفَشَّى النثرُ في الصلوات ، وانكسر النشيدُ
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ عالية ٌ… تُطِلُّ عليَّ من بطحاء هاويتي … غريبٌ أَنتَ في معناك . يكفي أَن تكون هناك ، وحدك ، كي تصيرَ قبيلةً… غَنَّيْتُ كي أَزِنَ المدى المهدُورَ في وَجَع الحمامةِ ، لا لأَشْرَحَ ما يقولُ اللهُ للإنسان ، لَسْتُ أَنا النبيَّ لأَدَّعي وَحْياً وأُعْلِنَ أَنَّ هاويتي صُعُودُ
وأَنا الغريب بكُلِّ ما أُوتيتُ من لُغَتي . ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ، وللكلمات وَهيَ بعيدةٌ أَرضٌ تُجاوِرُ كوكباً أَعلى . وللكلمات وَهيَ قريبةٌ منفى . ولا يكفي الكتابُ لكي أَقول : وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب . وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ الآخرين . وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ ، هل أَنا الفَرْدُ الحُشُودُ ؟
وأَنا الغريبُ . تَعِبْتُ من ” درب الحليب ” إلى الحبيب . تعبتُ من صِفَتي . يَضيقُ الشَّكْلُ . يَتّسعُ الكلامُ . أُفيضُ عن حاجات مفردتي . وأَنْظُرُ نحو نفسي في المرايا : هل أَنا هُوَ ؟ هل أُؤدِّي جَيِّداً دَوْرِي من الفصل الأخيرِ ؟ وهل قرأتُ المسرحيَّةَ قبل هذا العرض ، أَم فُرِضَتْ عليَّ ؟ وهل أَنا هُوَ من يؤدِّي الدَّوْرَ أَمْ أَنَّ الضحيَّة غَيَّرتْ أَقوالها لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما انْحَرَفَ المؤلّفُ عن سياق النصِّ وانصرَفَ المُمَثّلُ والشهودُ ؟
وجلستُ خلف الباب أَنظُرُ : هل أَنا هُوَ ؟ هذه لُغَتي . وهذا الصوت وَخْزُ دمي ولكن المؤلِّف آخَرٌ… أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ : اكتُبْ تَكُنْ ! واقرأْ تَجِدْ ! وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ ، يَتَّحِدْ ضدَّاكَ في المعنى … وباطِنُكَ الشفيفُ هُوَ القصيدُ
بَحَّارَةٌ حولي ، ولا ميناء أَفرغني الهباءُ من الإشارةِ والعبارةِ ، لم أَجد وقتاً لأعرف أَين مَنْزِلَتي ، الهُنَيْهةَ ، بين مَنْزِلَتَيْنِ . لم أَسأل سؤالي ، بعد ، عن غَبَش التشابُهِ بين بابَيْنِ : الخروج أم الدخول … ولم أَجِدْ موتاً لأقْتَنِصَ الحياةَ . ولم أَجِدْ صوتاً لأَصرخَ : أَيُّها الزَمَنُ السريعُ ! خَطَفْتَني مما تقولُ لي الحروفُ الغامضاتُ : ألواقعيُّ هو الخياليُّ الأَكيدُ
يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ … لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ ، دَعِ الماضي جديداً ، فَهْوَ ذكراكَ الوحيدةُ بيننا ، أيَّامَ كنا أَصدقاءك ، لا ضحايا مركباتك . واترُكِ الماضي كما هُوَ ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ
ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون … هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في ساعات أيديهمْ . وَهُمْ لايشعرون بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ . لا شيءَ ممَّا كُنْتُ أو سأكونُ . تنحلُّ الضمائرُ كُلُّها . ” هو ” في ” أنا ” في ” أَنت ” . لا كُلٌّ ولاجُزْءٌ . ولا حيٌّ يقول لميِّتٍ : كُنِّي !
.. وتنحلُّ العناصرُ والمشاعرُ . لا أَرى جَسَدي هُنَاكَ ، ولا أُحسُّ بعنفوان الموت ، أَو بحياتيَ الأُولى . كأنِّي لَسْتُ منّي . مَنْ أَنا ؟ أَأَنا الفقيدُ أَم الوليدُ ؟
الوقْتُ صِفْرٌ . لم أُفكِّر بالولادة حين طار الموتُ بي نحو السديم ، فلم أكُن حَيّاً ولا مَيْتاً، ولا عَدَمٌ هناك ، ولا وُجُودُ
تقولُ مُمَرِّضتي : أَنتَ أَحسَنُ حالا ً. وتحقُنُني بالمُخَدِّر : كُنْ هادئاً وجديراً بما سوف تحلُمُ عما قليل …
رأيتُ طبيبي الفرنسيَّ يفتح زنزانتي ويضربني بالعصا يُعَاونُهُ اثنانِ من شُرْطة الضاحيةْ
رأيتُ أَبي عائداً من الحجِّ ، مُغمىً عليه مُصَاباً بضربة شمسٍ حجازيّة يقول لرفِّ ملائكةٍ حَوْلَهُ : أَطفئوني ! …
رأيتُ شباباً مغاربةً يلعبون الكُرَةْ ويرمونني بالحجارة : عُدْ بالعبارةِ واترُكْ لنا أُمَّنا يا أَبانا الذي أخطَأَ المقبرةْ !
رأيت ” ريني شار ” يجلس مع ” هيدغر ” على بُعْدِ مترين منِّي ، رأيتهما يشربان النبيذَ ولا يبحثان عن الشعر … كان الحوار شُعَاعاً وكان غدٌ عابرٌ ينتظرْ
رأيتُ رفاقي الثلاثَةَ ينتحبونَ وَهُمْ يَخيطونَ لي كَفَناً بخُيوطِ الذَّهَبْ
رأيت المعريَّ يطرد نُقَّادَهُ من قصيدتِهِ : لستُ أَعمى لأُبْصِرَ ما تبصرونْ ، فإنَّ البصيرةَ نورٌ يؤدِّي إلى عَدَمٍ …. أَو جُنُونْ
رأيتُ بلاداً تعانقُني بأَيدٍ صَبَاحيّة : كُنْ جديراً برائحة الخبز . كُنْ لائقا ً بزهور الرصيفْ فما زال تَنُّورُ أُمِّكَ مشتعلاً ، والتحيَّةُ ساخنةً كالرغيفْ !
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ . نهرٌ واحدٌ يكفي لأهمس للفراشة : آهِ ، يا أُختي ، ونَهْرٌ واحدٌ يكفي لإغواءِ الأساطير القديمة بالبقاء على جناح الصَّقْر ، وَهْوَ يُبَدِّلُ الراياتِ والقممَ البعيدةَ ، حيث أَنشأتِ الجيوشُ ممالِكَ النسيان لي . لاشَعْبَ أَصْغَرُ من قصيدته . ولكنَّ السلاحَ يُوَسِّعُ الكلمات للموتى وللأحياء فيها ، والحُرُوفَ تُلَمِّعُ السيفَ المُعَلَّقَ في حزام الفجر ، والصحراء تنقُصُ بالأغاني ، أَو تزيدُ
لاعُمْرَ يكفي كي أَشُدَّ نهايتي لبدايتي أَخَذَ الرُّعَاةُ حكايتي وتَوَغَّلُوا في العشب فوق مفاتن الأنقاض ، وانتصروا على النسيان بالأَبواق والسَّجَع المشاع ، وأَورثوني بُحَّةَ الذكرى على حَجَرِ الوداع ، ولم يعودوا …
رَعَويَّةٌ أَيَّامنا رَعَويَّةٌ بين القبيلة والمدينة ، لم أَجد لَيْلاً خُصُوصِيّاً لهودجِكِ المُكَلَّلِ بالسراب ، وقلتِ لي : ما حاجتي لاسمي بدونكَ ؟ نادني ، فأنا خلقتُكَ عندما سَمَّيْتَني ، وقتلتَني حين امتلكتَ الاسمَ … كيف قتلتَني ؟ وأَنا غريبةُ كُلِّ هذا الليل ، أَدْخِلْني إلى غابات شهوتك ، احتضنِّي واعْتَصِرْني ، واسفُك العَسَلَ الزفافيَّ النقيَّ على قفير النحل . بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولُمَّني . فالليل يُسْلِمُ روحَهُ لك يا غريبُ ، ولن تراني نجمةٌ إلاّ وتعرف أَنَّ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ ، فهاتِني ليكونَ لي - وأَنا أُحطِّمُ جَرَّتي بيديَّ - حاضِريَ السعيدُ
- هل قُلْتَ لي شيئاً يُغَيِّر لي سبيلي ؟ - لم أَقُلْ . كانت حياتي خارجي أَنا مَنْ يُحَدِّثُ نفسَهُ : وَقَعَتْ مُعَلَّقتي الأَخيرةُ عن نخيلي وأَنا المُسَافِرُ داخلي وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ ، لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها وبطائرِ الدوريِّ … لم أُولَدْ لأَعرفَ أَنني سأموتُ ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ اللهِ يأخُذُني الجمالُ إلى الجميلِ وأُحبُّ حُبَّك ، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ وأِنا بديلي …
أَنا من يُحَدِّثُ نَفْسَهُ : مِنْ أَصغر الأشياءِ تُولَدُ أكبرُ الأفكار والإيقاعُ لا يأتي من الكلمات ، بل مِنْ وحدة الجَسَدَيْنِ في ليلٍ طويلٍ …
أَنا مَنْ يحدِّثُ نَفْسَهُ ويروِّضُ الذكرى … أَأَنتِ أَنا ؟ وثالثُنا يرفرف بيننا ” لا تَنْسَيَاني دائماً ” يا مَوْتَنا ! خُذْنَا إليكَ على طريقتنا ، فقد نتعلَّمُ الإشراق … لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ عليَّ تركتُ ظلِّي عالقاً بغصون عَوْسَجَةٍ فخفَّ بِيَ المكانُ وطار بي روحي الشَّرُودُ
أَنا مَنْ يحدِّثُ نفسَهُ : يا بنتُ : ما فَعَلَتْ بكِ الأشواقُ ؟ إن الريح تصقُلُنا وتحملنا كرائحة الخريفِ ، نضجتِ يا امرأتي على عُكَّازَتيَّ ، بوسعك الآن الذهابُ على ” طريق دمشق ” واثقةً من الرؤيا . مَلاَكٌ حارسٌ وحمامتان ترفرفان على بقيَّة عمرنا ، والأرضُ عيدُ …
الأرضُ عيدُ الخاسرين [ ونحن منهُمْ ] نحن من أَثَرِ النشيد الملحميِّ على المكان ، كريشةِ النَّسْرِ العجوز خيامُنا في الريح . كُنَّا طيِّبين وزاهدين بلا تعاليم المسيح . ولم نكُنْ أَقوى من الأعشابِ إلاّ في ختام الصَيْفِ ، أَنتِ حقيقتي ، وأَنا سؤالُكِ لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا وأَنتِ حديقتي ، وأَنا ظلالُكِ عند مفترق النشيد الملحميِّ … ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كُنَّ يبدأن النشيد بسحرهنَّ وكيدهنَّ . وكُنَّ يَحْمِلْنَ المكانَ على قُرُون الوعل من زَمَنِ المكان إلى زمان آخرٍ …
كنا طبيعيِّين لو كانت نجومُ سمائنا أَعلى قليلاً من حجارة بئرنا ، والأَنبياءُ أَقلَّ إلحاحاً ، فلم يسمع مدائحَنا الجُنُودُ …
خضراءُ ، أرضُ قصيدتي خضراءُ يحملُها الغنائيّون من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ كما هِيَ في خُصُوبتها . ولي منها : تأمُّلُ نَرْجسٍ في ماء صُورَتِهِ ولي منها وُضُوحُ الظلِّ في المترادفات ودقَّةُ المعنى … ولي منها : التَّشَابُهُ في كلام الأَنبياءِ على سُطُوح الليلِ لي منها : حمارُ الحكمةِ المنسيُّ فوق التلِّ يسخَرُ من خُرافتها وواقعها … ولي منها : احتقانُ الرمز بالأضدادِ لا التجسيدُ يُرجِعُها من الذكرى ولا التجريدُ يرفَعُها إلى الإشراقة الكبرى ولي منها : ” أَنا ” الأُخرى تُدَوِّنُ في مُفَكِّرَة الغنائيِّين يوميَّاتها : (( إن كان هذا الحُلْمُ لا يكفي فلي سَهَرٌ بطوليٌّ على بوابة المنفى … )) ولي منها : صَدَى لُغتي على الجدران يكشِطُ مِلْحَهَا البحريَّ حين يخونني قَلْبٌ لَدُودُ …
أَعلى من الأَغوار كانت حكمتي إذ قلتُ للشيطان : لا . لا تَمْتَحِنِّي ! لا تَضَعْني في الثُّنَائيّات ، واتركني كما أَنا زاهداً برواية العهد القديم وصاعداً نحو السماء ، هُنَاكَ مملكتي خُذِ التاريخَ ، يا ابنَ أَبي ، خُذِ التاريخَ … واصنَعْ بالغرائز ما تريدُ
وَلِيَ السكينةُ . حَبَّةُ القمح الصغيرةُ سوف تكفينا ، أَنا وأَخي العَدُوّ ، فساعتي لم تَأْتِ بَعْدُ . ولم يَحِنْ وقتُ الحصاد . عليَّ أَن أَلِجَ الغيابَ وأَن أُصدِّقَ أوَّلاً قلبي وأتبعَهُ إلى قانا الجليل . وساعتي لم تأتِ بَعْدُ . لَعَلَّ شيئاً فيَّ ينبُذُني . لعلِّي واحدٌ غيري . فلم تنضج كُرومُ التين حول ملابس الفتيات بَعْدُ . ولم تَلِدْني ريشةُ العنقاء . لا أَحَدٌ هنالك في انتظاري . جئْتُ قبل ، وجئتُ بعد ، فلم أَجد أحداً يُصَدِّق ما أرى . أنا مَنْ رأى . وأَنا البعيدُ أَنا البعيدُ
مَنْ أَنتَ ، يا أَنا ؟ في الطريقِ اثنانِ نَحْنُ ، وفي القيامة واحدٌ . خُذْني إلى ضوء التلاشي كي أَرى صَيْرُورتي في صُورَتي الأُخرى . فَمَنْ سأكون بعدَكَ ، يا أَنا ؟ جَسَدي ورائي أم أَمامَكَ ؟ مَنْ أَنا يا أَنت ؟ كَوِّنِّي كما كَوَّنْتُكَ ، ادْهَنِّي بزيت اللوز ، كَلِّلني بتاج الأرز . واحملني من الوادي إلى أَبديّةٍ بيضاءَ . عَلِّمني الحياةَ على طريقتِكَ ، اختَبِرْني ذَرَّةً في العالم العُلْوِيِّ . ساعِدْني على ضَجَر الخلود ، وكُنْ رحيماً حين تجرحني وتبزغ من شراييني الورودُ …
لم تـأت سـاعـتُنا . فـلا رُسُـلٌ يَـقِـيـسُـونَ الزمانَ بقبضة العشب الأخير . هل استدار ؟ ولا ملائكةٌ يزورون المكانَ ليتركَ الشعراءُ ماضِيَهُمْ على الشَّفَق الجميل ، ويفتحوا غَدَهُمْ بأيديهمْ . فغنِّي يا إلهتيَ الأثيرةَ ، ياعناةُ ، قصيدتي الأُولى عن التكوين ثانيةً … فقد يجدُ الرُّوَاةُ شهادةَ الميلاد للصفصاف في حَجَرٍ خريفيّ . وقد يجدُ الرعاةُ البئرَ في أَعماق أُغنية . وقد تأتي الحياةُ فجاءةً للعازفين عن المعاني من جناح فراشةٍ عَلِقَتْ بقافيةٍ ، فغنِّي يا إلهتيَ الأَثيرةَ يا عناةُ ، أَنا الطريدةُ والسهامُ ، أَنا الكلامُ . أَنا المؤبِّنُ والمؤذِّنُ والشهيدُ
ما قلتُ للطَّلَلِ : الوداع . فلم أَكُنْ ما كُنْتُ إلاّ مَرَّةً . ما كُنْتُ إلاّ مرَّةً تكفي لأَعرف كيف ينكسرُ الزمانُ كخيمة البدويِّ في ريح الشمال ، وكيف يَنْفَطِرُ المكانُ ويرتدي الماضي نُثَارَ المعبد المهجور . يُشبهُني كثيراً كُلُّ ما حولي ، ولم أُشْبِهْ هنا شيئاً . كأنَّ الأرض ضَيِّقَةٌ على المرضى الغنائيِّين ، أَحفادِ الشياطين المساكين المجانين الذين إذا رأوا حُلْماً جميلاً لَقَّنُوا الببغاءَ شِعْر الحب ، وانفتَحتْ أَمامَهُمُ الحُدُودُ …
وأُريدُ أُن أُحيا … فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة . لا لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من دُوَارِ البحر ، بل لأُشاهِدَ الطُوفانَ عن كَثَبٍ : وماذا بعد ؟ ماذا يفعَلُ الناجونَ بالأرض العتيقة ؟ هل يُعيدونَ الحكايةَ ؟ ما البدايةُ ؟ ما النهايةُ ؟ لم يعد أَحَدٌ من الموتى ليخبرنا الحقيقة … / أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض ، انتظرني في بلادِكَ ، ريثما أُنهي حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي قرب خيمتكَ ، انتظِرْني ريثما أُنهي قراءةَ طَرْفَةَ بنِ العَبْد . يُغْريني الوجوديّون باستنزاف كُلِّ هُنَيْهَةٍ حريةً ، وعدالةً ، ونبيذَ آلهةٍ … / فيا مَوْتُ ! انتظرني ريثما أُنهي تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ ، حيث وُلدتُ ، حيث سأمنع الخطباء من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه الزمان وجيشِهِ . سأقول : صُبُّوني بحرف النون ، حيث تَعُبُّ روحي سورةُ الرحمن في القرآن . وامشوا صامتين معي على خطوات أَجدادي ووقع الناي في أَزلي . ولا تَضَعُوا على قبري البنفسجَ ، فَهْوَ زَهْرُ المُحْبَطين يُذَكِّرُ الموتى بموت الحُبِّ قبل أَوانِهِ . وَضَعُوا على التابوتِ سَبْعَ سنابلٍ خضراءَ إنْ وُجِدَتْ ، وبَعْضَ شقائقِ النُعْمانِ إنْ وُجِدَتْ . وإلاّ ، فاتركوا وَرْدَ الكنائس للكنائس والعرائس / أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ حقيبتي : فرشاةَ أسناني ، وصابوني وماكنة الحلاقةِ ، والكولونيا ، والثيابَ . هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ ؟ وهل تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء ، أم تبقى كما هِي في الخريف وفي الشتاء ؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ ، أمْ أَحتاجُ مكتبةً ؟ وما لُغَةُ الحديث هناك ، دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ فُصْحى/
.. ويا مَوْتُ انتظرْ ، ياموتُ ، حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع وصحّتي ، لتكون صيَّاداً شريفاً لا يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع . فلتكنِ العلاقةُ بيننا وُدّيَّةً وصريحةً : لَكَ أنَتَ مالَكَ من حياتي حين أَملأُها .. ولي منك التأمُّلُ في الكواكب : لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً ، تلك أَرواحٌ تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها / يا موت ! ياظلِّي الذي سيقودُني ، يا ثالثَ الاثنين ، يا لَوْنَ التردُّد في الزُمُرُّد والزَّبَرْجَدِ ، يا دَمَ الطاووس ، يا قَنَّاصَ قلب الذئب ، يا مَرَض الخيال ! اجلسْ على الكرسيّ ! ضَعْ أَدواتِ صيدكَ تحت نافذتي . وعلِّقْ فوق باب البيت سلسلةَ المفاتيح الثقيلةَ ! لا تُحَدِّقْ يا قويُّ إلى شراييني لترصُدَ نُقْطَةَ الضعف الأَخيرةَ . أَنتَ أَقوى من نظام الطبّ . أَقوى من جهاز تَنَفُّسي . أَقوى من العَسَلِ القويّ ، ولَسْتَ محتاجاً - لتقتلني - إلى مَرَضي . فكُنْ أَسْمَى من الحشرات . كُنْ مَنْ أَنتَ ، شفَّافاً بريداً واضحاً للغيب . كن كالحُبِّ عاصفةً على شجر ، ولا تجلس على العتبات كالشحَّاذ أو جابي الضرائبِ . لا تكن شُرطيّ سَيْرٍ في الشوارع . كن قويّاً ، ناصعَ الفولاذ ، واخلَعْ عنك أَقنعةَ الثعالب . كُنْ فروسياً ، بهياً ، كامل الضربات . قُلْ ماشئْتَ : (( من معنى إلى معنى أَجيءُ . هِيَ الحياةُ سُيُولَةٌ ، وأَنا أكثِّفُها ، أُعرِّفُها بسُلْطاني وميزاني )) .. / ويامَوْتُ انتظرْ ، واجلس على الكرسيّ . خُذْ كأسَ النبيذ ، ولا تفاوِضْني ، فمثلُكَ لا يُفاوِضُ أَيَّ إنسانٍ ، ومثلي لا يعارضُ خادمَ الغيبِ . استرح … فَلَرُبَّما أُنْهِكْتَ هذا اليوم من حرب النجوم . فمن أَنا لتزورني ؟ أَلَدَيْكَ وَقْتٌ لاختبار قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ شأنَكَ . أَنت مسؤولٌ عن الطينيِّ في البشريِّ ، لا عن فِعْلِهِ أو قَوْلِهِ / هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها . هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد الرافدين . مِسَلَّةُ المصريّ ، مقبرةُ الفراعنةِ ، النقوشُ على حجارة معبدٍ هَزَمَتْكَ وانتصرتْ ، وأِفْلَتَ من كمائنك الخُلُودُ … فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
وأَنا أُريدُ ، أريدُ أَن أَحيا … فلي عَمَلٌ على جغرافيا البركان . من أَيام لوط إلى قيامة هيروشيما واليبابُ هو اليبابُ . كأنني أَحيا هنا أَبداً ، وبي شَبَقٌ إلى ما لست أَعرف . قد يكون ” الآن ” أَبعَدَ . قد يكونُ الأمس أَقربَ . والغَدُ الماضي . ولكني أَشدُّ ” الآن ” من يَدِهِ ليعبُرَ قربيَ التاريخُ ، لا الزَّمَنُ المُدَوَّرُ ، مثل فوضى الماعز الجبليِّ . هل أنجو غداً من سرعة الوقت الإلكترونيّ ، أَم أَنجو غداً من بُطْء قافلتي على الصحراء؟ لي عَمَلٌ لآخرتي كأني لن أَعيش غداً. ولي عَمَلٌ ليومٍ حاضرٍ أَبداً . لذا أُصغي ، على مَهَلٍ على مَهَل ، لصوت النمل في قلبي : أعينوني على جَلَدي . وأَسمع صَرْخَةَ الحَجَر الأسيرةَ : حَرِّروا جسدي . وأُبصرُ في الكمنجة هجرةَ الأشواق من بَلَدٍ تُرَابيّ إلى بَلَدٍ سماويّ . وأَقبضُ في يد الأُنثى على أَبَدِي الأليفِ : خُلِقتُ ثم عَشِقْتُ ، ثم زهقت ، ثم أَفقتُ في عُشْبٍ على قبري يدلُّ عليَّ من حينٍ إلى حينٍ . فما نَفْعُ الربيع السمح إن لم يُؤْنِس الموتى ويُكْمِلْ بعدهُمْ فَرَحَ الحياةِ ونَضْرةَ النسيان ؟ تلك طريقةٌ في فكِّ لغز الشعرِ ، شعري العاطفيّ على الأَقلِّ . وما المنامُ سوى طريقنا الوحيدة في الكلام / وأَيُّها الموتُ التَبِسْ واجلسْ على بلَّوْرِ أَيامي ، كأنَّكَ واحدٌ من أَصدقائي الدائمين ، كأنَّكَ المنفيُّ بين الكائنات . ووحدك المنفيُّ . لا تحيا حياتَكَ . ما حياتُكَ غير موتي . لا تعيش ولا تموت . وتخطف الأطفالَ من عَطَشِ الحليب إلى الحليب . ولم تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السريرَ ، ولم يداعِبْكَ الملائكةُ الصغارُ ولا قُرونُ الأيِّل الساهي ، كما فَعَلَتْ لنا نحن الضيوفَ على الفراشة . وحدك المنفيُّ ، يا مسكين ، لا امرأةٌ تَضُمُّك بين نهديها ، ولا امرأةٌ تقاسِمُك الحنين إلى اقتصاد الليل باللفظ الإباحيِّ المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ . ولم تَلِدْ وَلَداً يجيئك ضارعاً : أَبتي ، أُحبُّكَ . وحدك المنفيُّ ، يا مَلِكَ الملوك ، ولا مديحَ لصولجانكَ . لا صُقُورَ على حصانك . لا لآلئَ حول تاجك . أَيُّها العاري من الرايات والبُوق المُقَدَّسِ ! كيف تمشي هكذا من دون حُرَّاسٍ وجَوْقَةِ منشدين ، كَمِشْيَة اللصِّ الجبان . وأَنتَ مَنْ أَنتَ ، المُعَظَّمُ ، عاهلُ الموتى ، القويُّ ، وقائدُ الجيش الأَشوريِّ العنيدُ فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
وأَنا أُريدُ ، أُريد أَن أَحيا ، وأَن أَنساك …. أَن أَنسى علاقتنا الطويلة لا لشيءٍ ، بل لأَقرأ ما تُدَوِّنُهُ السماواتُ البعيدةُ من رسائلَ . كُلَّما أَعددتُ نفسي لا نتظار قدومِكَ ازددتَ ابتعاداً . كلما قلتُ : ابتعدْ عني لأُكمل دَوْرَةَ الجَسَدَيْنِ ، في جَسَدٍ يفيضُ ، ظهرتَ ما بيني وبيني ساخراً : ” لا تَنْسَ مَوْعِدَنا … ” - متى ؟ - في ذِرْوَة النسيان حين تُصَدِّقُ الدنيا وتعبُدُ خاشعاً خَشَبَ الهياكل والرسومَ على جدار الكهف ، حيث تقول : ” آثاري أَنا وأَنا ابنُ نفسي ” . - أَين موعدُنا ؟ أَتأذن لي بأن أَختار مقهىً عند باب البحر ؟ - لا …. لا تَقْتَرِبْ يا ابنَ الخطيئةِ ، يا ابن آدمَ من حدود الله ! لم تُولَدْ لتسأل ، بل لتعمل …. - كُن صديقاً طَيِّباً يا موت ! كُنْ معنىً ثقافياً لأُدرك كُنْهَ حكمتِكَ الخبيئةِ ! رُبَّما أَسْرَعْتَ في تعليم قابيلَ الرمايةَ . رُبَّما أَبطأتَ في تدريب أَيُّوبٍ على الصبر الطويل . وربما أَسْرَجْتَ لي فَرَسا ً لتقتُلَني على فَرَسي . كأني عندما أَتذكَّرُ النسيانَ تُنقِذُ حاضري لُغَتي . كأني حاضرٌ أَبداً . كأني طائر أَبداً . كأني مُذْ عرفتُكَ أَدمنتْ لُغَتي هَشَاشَتَها على عرباتك البيضاءِ ، أَعلى من غيوم النوم ، أَعلى عندما يتحرَّرُ الإحساس من عبء العناصر كُلّها . فأنا وأَنتَ على طريق الله صوفيَّانِ محكومان بالرؤيا ولا يَرَيَان / عُدْ يا مَوْتُ وحدَكَ سالماً ، فأنا طليق ههنا في لا هنا أو لا هناك . وَعُدْ إلى منفاك وحدك . عُدْ إلى أدوات صيدك ، وانتظرني عند باب البحر . هَيِّئ لي نبيذاً أَحمراً للاحتفال بعودتي لِعِيادَةِ الأرضِ المريضة . لا تكن فظّا ً غليظ القلب ! لن آتي لأَسخر منك ، أَو أَمشي على ماء البُحَيْرَة في شمال الروح . لكنِّي - وقد أَغويتَني - أَهملتُ خاتمةَ القصيدةِ : لم أَزفَّ إلى أَبي أُمِّي على فَرَسي . تركتُ الباب مفتوحاً لأندلُسِ الغنائيِّين ، واخترتُ الوقوفَ على سياج اللوز والرُمَّان ، أَنفُضُ عن عباءة جدِّيَ العالي خُيُوطَ العنكبوت . وكان جَيْشٌ أَجنبيٌّ يعبر الطُرُقَ القديمةَ ذاتها ، ويَقِيسُ أَبعادَ الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها … /
يا موت ، هل هذا هو التاريخُ ، صِنْوُكَ أَو عَدُوُّك ، صاعداً ما بين هاويتين ؟ قد تبني الحمامة عُشَّها وتبيضُ في خُوَذ الحديد . وربما ينمو نباتُ الشِّيحِ في عَجَلاتِ مَرْكَبَةٍ مُحَطَّمةٍ . فماذا يفعل التاريخُ ، صنوُكَ أو عَدُوُّكَ ، بالطبيعة عندما تتزوَّجُ الأرضَ السماءُ وتذرفُ المَطَرَ المُقَدَّسَ ؟ /
أَيها الموت ، انتظرني عند باب البحر في مقهى الرومانسيِّين . لم أَرجِعْ وقد طاشَتْ سهامُكَ مَرَّةً إلاّ لأُودِعَ داخلي في خارجي ، وأُوزِّعَ القمح الذي امتلأتْ به رُوحي على الشحرور حطَّ على يديَّ وكاهلي ، وأُودِّعَ الأرضَ التي تمتصُّني ملحاً ، وتنثرني حشيشاً للحصان وللغزالة . فانتظرني ريثما أُنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان ، ولا تُصَدِّقْني أَعودُ ولا أَعودُ وأَقول : شكراً للحياة ! ولم أكن حَيّاً ولا مَيْتاً ووحدك ، كنتَ وحدك ، يا وحيدُ !
تقولُ مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي كثيراً ، وتصرخُ : يا قلبُ ! يا قَلْبُ ! خُذْني إلى دَوْرَة الماءِ …/
ما قيمةُ الروح إن كان جسمي مريضاً ، ولا يستطيعُ القيامَ بواجبه الأوليِّ ؟ فيا قلبُ ، يا قلبُ أَرجعْ خُطَايَ إليَّ ، لأَمشي إلى دورة الماء وحدي !
نسيتُ ذراعيَّ ، ساقيَّ ، والركبتين وتُفَّاحةَ الجاذبيَّةْ نسيتُ وظيفةَ قلبي وبستانَ حوَّاءَ في أَوَّل الأبديَّةْ نسيتُ وظيفةَ عضوي الصغير نسيتُ التنفُّسَ من رئتيّ . نسيتُ الكلام أَخاف على لغتي فاتركوا كُلَّّ شيء على حالِهِ وأَعيدوا الحياة إلى لُغَتي !..
تقول مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي كثيراً ، وتصرخ بي قائلا ً : لا أُريدُ الرجوعَ إلى أَحَدِ لا أُريدُ الرجوعَ إلى بلدِ بعد هذا الغياب ألطويل … أُريدُ الرجوعَ فَقَطْ إلى لغتي في أقاصي الهديل
تقولُ مُمَرِّضتي : كُنْتَ تهذي طويلا ً ، وتسألني : هل الموتُ ما تفعلين بي الآنَ أَم هُوَ مَوْتُ اللُغَةْ ؟
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةٌ … على مَهَلٍ أُدوِّنُها ، على مَهَلٍ ، على وزن النوارس في كتاب الماءِ . أَكتُبُها وأُورِثُها لمنْ يتساءلون : لمنْ نُغَنِّي حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى ؟ … خضراءُ ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في كتاب الحقلِ ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ فيها وفيَّ . وكُلَّما صادَقْتُ أَو آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من الفَنَاء وضدَّه : (( أَنا حَبَّةُ القمح التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً . وفي موتي حياةٌ ما … ))
كأني لا كأنّي لم يمت أَحَدٌ هناك نيابةً عني . فماذا يحفظُ الموتى من الكلمات غيرَ الشُّكْرِ : ” إنَّ الله يرحَمُنا ” … ويُؤْنِسُني تذكُّرُ ما نَسِيتُ مِنَ البلاغة : ” لم أَلِدْ وَلَدا ً ليحمل مَوْتَ والِدِهِ ” … وآثَرْتُ الزواجَ الحُرَّ بين المُفْرَدات …. سَتَعْثُرُ الأُنثى على الذَّّكَر المُلائِمِ في جُنُوح الشعر نحو النثر …. سوف تشُّبُّ أَعضائي على جُمَّيزَةٍ ، ويصُبُّ قلبي ماءَهُ الأَرضيَّ في أَحَدِ الكواكب … مَنْ أَنا في الموت بعدي ؟ مَنْ أَنا في الموت قبلي قال طيفٌ هامشيٌّ : (( كان أوزيريسُ مثْلَكَ ، كان مثلي . وابنُ مَرْيَمَ كان مثلَكَ ، كان مثلي . بَيْدَ أَنَّ الجُرْحَ في الوقت المناسب يُوجِعُ العَدَمَ المريضَ ، ويَرْفَعُ الموتَ المؤقَّّتَ فكرةً … )). من أَين تأتي الشاعريَّةُ ؟ من ذكاء القلب ، أَمْ من فِطْرة الإحساس بالمجهول ؟ أَمْ من وردةٍ حمراءَ في الصحراء ؟ لا الشخصيُّ شخصيُّ ولا الكونيُّ كونيٌّ …
كأني لا كأني …/ كلما أَصغيتُ للقلب امتلأتُ بما يقول الغَيْبُ ، وارتفعتْ بِيَ الأشجارُ . من حُلْم إلى حُلْمٍ أَطيرُ وليس لي هَدَفٌ أَخيرٌ . كُنْتُ أُولَدُ منذ آلاف السنين الشاعريَّةِ في ظلامٍ أَبيض الكتّان لم أَعرف تماماً مَنْ أَنا فينا ومن حُلْمي . أَنا حُلْمي كأني لا كأني … لم تَكُنْ لُغَتي تُودِّعُ نَبْرها الرعويَّ إلاّ في الرحيل إلى الشمال . كلابُنا هَدَأَتْ . وماعِزُنا توشَّح بالضباب على التلال . وشجَّ سَهْمٌ طائش وَجْهَ اليقين . تعبتُ من لغتي تقول ولا تقولُ على ظهور الخيل ماذا يصنعُ الماضي بأيَّامِ امرئ القيس المُوَزَّعِ بين قافيةٍ وقَيْصَرَ …/ كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ آلهتي ، هنالك ، في بلاد الأرجوان أَضاءني قَمَرٌ تُطَوِّقُهُ عناةُ ، عناةُ سيِّدَةُ الكِنايةِ في الحكايةِ . لم تكن تبكي على أَحَدِ ، ولكنْ من مَفَاتِنِها بَكَتْ : هَلْ كُلُّ هذا السحرِ لي وحدي أَما من شاعرٍ عندي يُقَاسِمُني فَرَاغَ التَخْتِ في مجدي ؟ ويقطفُ من سياج أُنوثتي ما فاض من وردي ؟ أَما من شاعر يُغْوي حليبَ الليل في نهدي ؟ أَنا الأولى أَنا الأخرى وحدِّي زاد عن حدِّي وبعدي تركُضُ الغِزلانُ في الكلمات لا قبلي … ولا بعدي /
سأحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ فالأسطورةُ اتَّخَذَتْ مكانَتَها / المكيدةَ في سياق الواقعيّ . وليس في وُسْعِ القصيدة أَن تُغَيِّرَ ماضياً يمضي ولا يمضي ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ لكني سأحلُمُ ، رُبَّما اتسَعَتْ بلادٌ لي ، كما أَنا واحداً من أَهل هذا البحر ، كفَّ عن السؤال الصعب : (( مَنْ أَنا ؟ … هاهنا ؟ أَأَنا ابنُ أُمي ؟ )) لا تساوِرُني الشكوكُ ولا يحاصرني الرعاةُ أو الملوكُ . وحاضري كغدي معي . ومعي مُفَكِّرتي الصغيرةُ : كُلَّما حَكَّ السحابةَ طائرٌ دَوَّنتُ : فَكَّ الحُلْمُ أَجنحتي . أنا أَيضاً أطيرُ . فَكُلُّ حيّ طائرٌ . وأَنا أَنا ، لا شيءَ آخَرَ /
واحدٌ من أَهل هذا السهل … في عيد الشعير أَزورُ أطلالي البهيَّة مثل وَشْم في الهُوِيَّةِ . لا تبدِّدُها الرياحُ ولا تُؤبِّدُها … / وفي عيد الكروم أَعُبُّ كأساً من نبيذ الباعة المتجوِّلينَ … خفيفةٌ روحي ، وجسمي مُثْقَلٌ بالذكريات وبالمكان / وفي الربيع ، أكونُ خاطرةً لسائحةٍ ستكتُبُ في بطاقات البريد : (( على يسار المسرح المهجور سَوْسَنَةٌ وشَخْصٌ غامضٌ . وعلى اليمين مدينةٌ عصريَّةٌ )) /
وأَنا أَنا ، لا شيء آخَرَ … لَسْتُ من أَتباع روما الساهرينَ على دروب الملحِ . لكنِّي أسَدِّدُ نِسْبَةً مئويَّةً من ملح خبزي مُرْغَماً ، وأَقول للتاريخ : زَيِّنْ شاحناتِكَ بالعبيد وبالملوك الصاغرينَ ، ومُرَّ … لا أَحَدٌ يقول الآن : لا .
وأَنا أَنا ، لا شيء آخر واحدٌ من أَهل هذا الليل . أَحلُمُ بالصعود على حصاني فَوْقَ ، فَوْقَ … لأَتبع اليُنْبُوعَ خلف التلِّ فاصمُدْ يا حصاني . لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ … أَنتَ فُتُوَّتي وأَنا خيالُكَ . فانتصِبْ أَلِفاً ، وصُكَّ البرقَ . حُكَّ بحافر الشهوات أَوعيةَ الصَدَى . واصعَدْ ، تَجَدَّدْ ، وانتصبْ أَلفاً ، توتَّرْ يا حصاني وانتصبْ ألفا ً ، ولا تسقُطْ عن السفح الأَخير كرايةٍ مهجورةٍ في الأَبجديَّة . لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ ، أَنت تَعِلَّتي وأَنا مجازُكَ خارج الركب المُرَوَّضِ كالمصائرِ . فاندفِعْ واحفُرْ زماني في مكاني يا حصاني . فالمكانُ هُوَ الطريق ، ولا طريقَ على الطريق سواكَ تنتعلُ الرياحَ . أَُضئْ نُجوماً في السراب ! أَضئْ غيوماً في الغياب ، وكُنْ أَخي ودليلَ برقي يا حصاني . لا تَمُتْ قبلي ولا بعدي عَلى السفح الأخير ولا معي . حَدِّقْ إلى سيَّارة الإسعافِ والموتى … لعلِّي لم أَزل حيّاً /
سأَحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ أَيَّ معنىً خارجي . بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر الجفاف العاطفيِّ . حفظتُ قلبي كُلَّهُ عن ظهر قلبٍ : لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً ومُدَلّلاً . تَكْفيهِ حَبَّةُ ” أَسبرين ” لكي يلينَ ويستكينَ . كأنَّهُ جاري الغريبُ ولستُ طَوْعَ هوائِهِ ونسائِهِ . فالقلب يَصْدَأُ كالحديدِ ، فلا يئنُّ ولا يَحِنُّ ولا يُجَنُّ بأوَّل المطر الإباحيِّ الحنينِ ، ولا يرنُّ ّكعشب آبَ من الجفافِ . كأنَّ قلبي زاهدٌ ، أَو زائدٌ عني كحرف ” الكاف ” في التشبيهِ حين يجفُّ ماءُ القلب تزدادُ الجمالياتُ تجريداً ، وتدَّثرُ العواطف بالمعاطفِ ، والبكارةُ بالمهارة /
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ أُولى الأغنيات رأيتُ آثارَ القطاة على الكلام . ولم أَكن ولداً سعيداً كي أَقولَ : الأمس أَجملُ دائماً . لكنَّ للذكرى يَدَيْنِ خفيفتين تُهَيِّجانِ الأرضَ بالحُمَّى . وللذكرى روائحُ زهرةٍ ليليَّةٍ تبكي وتُوقظُ في دَمِ المنفيِّ حاجتَهُ إلى الإنشاد : (( كُوني مُرْتَقى شَجَني أَجدْ زمني )) … ولستُ بحاجةٍ إلاّ لِخَفْقَةِ نَوْرَسِ لأتابعَ السُفُنَ القديمةَ . كم من الوقت انقضى منذ اكتشفنا التوأمين : الوقتَ والموتَ الطبيعيَّ المُرَادِفَ للحياة ؟ ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا ، فنحن القادرين على التذكُّر قادرون على التحرُّر ، سائرون على خُطى جلجامشَ الخضراءِ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ … /
هباءٌ كاملُ التكوينِ … يكسرُني الغيابُ كجرَّةِ الماءِ الصغيرة . نام أَنكيدو ولم ينهض . جناحي نام مُلْتَفّاً بحَفْنَةِ ريشِهِ الطينيِّ . آلهتي جمادُ الريح في أَرض الخيال . ذِراعِيَ اليُمْنى عصا خشبيَّةٌ . والقَلْبُ مهجورٌ كبئرٍ جفَّ فيها الماءُ ، فاتَّسَعَ الصدى الوحشيُّ : أنكيدو ! خيالي لم يَعُدْ يكفي لأُكملَ رحلتي . لا بُدَّ لي من قُوَّةٍ ليكون حُلْمي واقعيّاً . هاتِ أَسْلِحتي أُلَمِّعْها بمِلح الدمعِ . هاتِ الدمعَ ، أنكيدو ، ليبكي المَيْتُ فينا الحيَّ . ما أنا ؟ مَنْ ينامُ الآن أنكيدو ؟ أَنا أَم أَنت ؟ آلهتي كقبض الريحِ . فانهَضْ بي بكامل طيشك البشريِّ ، واحلُمْ بالمساواةِ القليلةِ بين آلهة السماء وبيننا . نحن الذين نُعَمِّرُ الأر |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-05, 2:13 am | |
| يطير الحمام
(1) يطيرُ الحمامُ يَحُطّ الحمامُ -أعدِّي ليَ الأرضَ كي أستريحَ فإني أُحبُّكِ حتى التَعَبْ... صباحك فاكهةٌ للأغاني وهذا المساءُ ذَهَبْ ونحن لنا حين يدخل ظِلُّ إلى ظِلُّه في الرخام
وأُشْبِهُ نَفْسِيَ حين أُعلِّقُ نفسي
على عُنُقٍ لا تُعَانِقُ غَيرَ الغَمامِ
وأنتِ الهواءُ الذي يتعرَّى أمامي كدمع العِنَبْ
وأنت بدايةُ عائلة الموج حين تَشَبَّثَ بالبِّر
حين اغتربْ
وإني أُحبُّكِ , أنتِ بدايةُ روحي , وأنت الختامُ
يطير الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
أنا وحبيبيَ صوتان في شَفَةٍ واحدهْ
أنا لحبيبي أنا ,وحبيبي لنجمته الشاردهْ
وندخل في الحُلْمِ , لكنَّهُ يَتَبَاطَأُ كي لا نراهُ
وحين ينامُ حبيبي أصحو لكي أحرس الحُلْمَ
مما يراهُ ..
وأطردُ عنه الليالي التي عبرتْ قبل أن نلتقي
وأختارُ أيَّامنا بيديّ
كما اختار لي وردةَ المائدهْ
فَنَمْ يا حبيبي
(2)
ليصعد صوتُ البحار إلى ركبتيّ
وَنَمْ يا حبيبي
لأهبط فيك وأُنقذَ حُلْمَكَ من شوكةٍ حامدهْ
وَنَمْ يا حبيبي ..
عليكَ ضَفائر شعري , عليك السلامُ.
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
-رأيت على البحر إبريلَ
قلتُ: نسيتِ انتباه يديكِ
نسيتِ التراتيلَ فوق جروحي
فَكَمْ مَرَّةً تستطيعين أَن تُولَدي في منامي
وَكَمْ مَرَّةً تستطيعين أن تقتليني لأصْرُخَ :
أني أحبُّكِ ..
كي تستريحي ؟
أناديكِ قبل الكلامِ
أطير بخصركِ قبل وصولي إليكِ
فكم مَرَّةً تستطيعين أن تَضَعِي في مناقير هذا الحمامِ ..عناوينَ روحي
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
إلى أين تأخذني يا حبيبيَ من والديّ
ومن شجري , ومن سريري الصغير ومن ضجري,,,
(3)
من مرايايَ من قمري ,, من خزانة عمري ومن سهري ..
من ثيابي ومن خَفَري ؟
إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين
تُشعل في أُذنيَّ البراري , تُحَمَلَّني موجتين
وتكسر ضلعين , تشربني ثم توقدني , ثم
تتركني في طريق الهواء إليكِ
حرامٌ ... حرامٌ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
-لأني أحبك خاصرتي نازفهْ
وأركضُّ من وَجَعي في ليالٍ يُوَسِّعها الخوفُ مما أخافُ..
تعالي كثيراً , وغيبي قليلاً
تعالي قليلاً , وغيبي كثيراً
تعالي تعالي ولا تقفي ,آه من خطوةٍ واقفهْ
أحبُّكِ إذْ أشتهيكِ . أُحبُّك إذْ أشتهيك
وأحضُنُ هذا الشُعاعَ المطَّوق بالنحل
والوردة الخاطفهْ ..
أحبك يا لعنة العاطفهْ
أخاف على القلب مك , أخاف على شهوتي أن تَصِلْ...
أُحبُّكِ إذْ أشتهيكِ
أحبك يا جسداً يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتملْ ..
أُحبُّكِ إذْ أشتهيكِ
(4)
أُطوِّع روحي على هيئة القدمين –على هيئة الجنَّتين...
أحكُّ جروحي بأطراف صمتك ..والعاصفهْ
أموتُ ليجلس فوق يديكِ الكلامُ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
لأني أُحبُّك " يجرحني الماءُ"
والطرقاتُ إلى البحر تجرحني
والفراشةُ تجرحني
وأذانُ النهار على ضوء زنديك يجرحني
يا حبيبي , أُناديكَ طيلة نومي ,,,
أخاف انتباه الكلام
أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيَّ تبكي
لأني أحبُّك يجرحني الظلُّ تحت المصابيح, يجرحني..
طائرٌ في السماء البعيدة , عِطْرُ البنفسج يجرحني..
أوَِّل البحر يجرحني
آخِرُ البحر يجرحني
ليتني لا أُحبُّك
يا ليتني لا أُحبُّ
ليشفى الرخامُ
-أراكِ فأنجوا من الموت .جسمُكِ مرفأْ
بعشرِ زنابقَ بيضاء , عشر أناملَ تمضي السماءُ
إلى أزرقٍ ضاع منها
(5)
وأُمْسِكُ هذا البهاء الرخاميّ , وأُمْسِكُ رائحةً للحليب المُخبَّأْ..
في خوختين على مرمر, ثُم أعبد مَنْ يمنح البرَّ - والبحر ملجأْ ..
على ضفَّة الملح والعسل الأوَّلين , سأشرب خَرُّوبَ لَيْلِكِ... ثم أنامُ
على حنطةٍ تكسر الحقل , تكسر حتى الشهيق - فيصدأْ..
أراك فأنجو من الموت . جسمك مرفأْ
فكيف تُشَرِّدني الأرضُ في الأرض
كيف ينامُ المنامُ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
حبيبي أخَافُ سكوتَ يديكْ
فَحُكَّ دمي كي تنام الفرسْ
حبيبي , تطيرُ إناثُ الطيور إليكْ
فخذني أنا زوجةً أو نَفَسْ
حبيبي , سأبقى ليكبر فُستُقُ صدري لديكْ
ويجتثِّني مِنْ خُطََاك الحَرَسْ
حبيبي , سأبكي عليكَ عليكَ عليكْ
لأنك سطحُ سمائي
وجسميَ أرضُكَ في الأرضِ
جسمي مقَامُ
يطيرُ الحمامُ
يَحُطُّ الحمامُ
( 6 )
رأيتُ على جسر أندلُسَ الحب ّوالحاسَّة ----- السادسهْ ..
على وردة يابسهْ
أعاد لها قلبَها
وقال : يكلفني الحُبُّ ما لا أُحبُّ
يكلفني حُبَّها
ونام القمرْ
على ختام ينكسرْ
وطار الحمامُ
رأيتُ على الجسر أندلُسَ الحب والحاسَّة ----- السادسهْ ..
على دمعةٍ يائسهْ
أعادتْ له قلبَهُ
وقالت : يكلفني الحُبُّ ما لا أُحبُّ
يكلفني حُبَّهُ
ونام القمرْ
على ختام ينكسرْ
وطار الحمامُ
وحطَّ على الجسر والعاشِقْينِ الظلامُ
يطيرُ الحمامُ ,,,,,,
(من ديوان "حصار لمدائح البحر" 1984)
|
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-08, 11:04 pm | |
| في القدس، أعني داخل السور القديم،
أسير من زمن إلى زمن بلا ذكرى
تصوبني. فإن الأنبياء هناك يقتسمون
تاريخ القدس... يصعدون إلى السماء
ويرجعون أقل إحباطاً وحزناً، فالمحبة
والسلام مقدسان وقادمان إلى المدينة.
كنت أمشي فوق منحدر وأهجس كيف
يختلف الرواة على كلام الضوء في حجر؟
أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب؟
أسير في نومي. أحملق في منامي. لا
أرى أحداً ورائي . لا أرى أحداً أمامي.
كل هذا الضوء لي. أمشي. أخف. أطير
ثم أصير غيري في التجلي. تنبت
الكلمات كالأعشاب من فم أشعيا
النبوي: "إن لم تؤمنوا لن تأمًنوا".
أمشي كأني واحد غيري. وجرحي وردة
بيضاء إنجيلية. ويداي مثل حمامتين
على الصليب تحلقان وتحملان الأرض.
لا أمشي، أطير، أصير غيري في
التجلي. لا مكان ولا زمان . فمن أنا؟
أنا لا أنا في حضرة المعراج. لكني
أفكر: وحده النبي محمد
يتكلم العربية الفصحى. "وماذا بعد؟"
وماذا بعد؟ صاحت فجأة جندية:
هو أنت ثانية؟ ألم أقتلك؟
قلت: قتلتني... ونسيت، مثلك، أن أموت
|
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-08, 11:18 pm | |
| سيناريو جاهز
سيناريو جاهز
لنفترضِ الآن أَنَّا سقطنا،
أَنا والعَدُوُّ،
سقطنا من الجوِّ
في حُفْرة ٍ...
فماذا سيحدثُ؟ /
سيناريو جاهزٌ :
في البداية ننتظرُ الحظَّ ...
قد يعثُرُ المنقذونَ علينا هنا
ويمدّونَ حَبْلَ النجاة لنا
فيقول: أَنا أَوَّلاً
وأَقول: أَنا أَوَّلاً
وَيشْتُمني ثم أَشتمُهُ
دون جدوى،
فلم يصل الحَبْلُ بعد.../
يقول السيناريو :
سأهمس في السرّ:
تلك تُسَمَّى أَنانيَّةَ المتفائل ِ
دون التساؤل عمَّا يقول عَدُوِّي
أَنا وَهُوَ،
شريكان في شَرَكٍ واحد ٍ
وشريكان في لعبة الاحتمالات ِ
ننتظر الحبلَ... حَبْلَ النجاة
لنمضي على حِدَةٍ
وعلى حافة الحفرة ِ - الهاويةْ
إلى ما تبقَّى لنا من حياةٍ
وحرب ٍ...
إذا ما استطعنا النجاة!
أَنا وَهُوَ،
خائفان معاً
ولا نتبادل أَيَّ حديث ٍ
عن الخوف... أَو غيرِهِ
فنحن عَدُوَّانِ.../
ماذا سيحدث لو أَنَّ أَفعى
أطلَّتْ علينا هنا
من مشاهد هذا السيناريو
وفَحَّتْ لتبتلع الخائِفَيْنِ معاً
أَنا وَهُوَ؟
يقول السيناريو:
أَنا وَهُوَ
سنكون شريكين في قتل أَفعى
لننجو معاً
أَو على حِدَةٍ ...
ولكننا لن نقول عبارة شُكـْرٍ وتهنئة ٍ
على ما فعلنا معاً
لأنَّ الغريزةَ، لا نحن،
كانت تدافع عن نفسها وَحْدَها
والغريزةُ ليست لها أَيديولوجيا ...
ولم نتحاورْ،
تذكَّرْتُ فِقْهَ الحوارات
في العَبَث ِالمـُشْتَرَكْ
عندما قال لي سابقاً:
كُلُّ ما صار لي هو لي
وما هو لكْ
هو لي
ولكْ!
ومع الوقتِ، والوقتُ رَمْلٌ ورغوةُ صابونة ٍ
كسر الصمتَ ما بيننا والمللْ
قال لي: ما العملْ؟
قلت: لا شيء... نستنزف الاحتمالات
قال: من أَين يأتي الأملْ؟
قلت: يأتي من الجوّ
قال: أَلم تَنْسَ أَني دَفَنْتُكَ في حفرةٍ
مثل هذي؟
فقلت له: كِدْتُ أَنسى لأنَّ غداً خُـلَّبـاً
شدَّني من يدي... ومضى متعباً
قال لي: هل تُفَاوضني الآن؟
قلت: على أَيّ شيء تفاوضني الآن
في هذه الحفرةِ القبرِ؟
قال: على حصَّتي وعلى حصّتك
من سُدَانا ومن قبرنا المشتركْ
قلت: ما الفائدةْ؟
هرب الوقتُ منّا
وشذَّ المصيرُ عن القاعدةْ
ههنا قاتلٌ وقتيل ينامان في حفرة واحدةْ
.. وعلى شاعر آخر أن يتابع هذا السيناريو
إلى آخرهْ!
|
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-08, 11:22 pm | |
| حــــالة حصـــار
(مقاطع)
هنا، عند مُنْحَدَرات التلال، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت،
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعل العاطلون عن العمل:
نُرَبِّي الأملْ.
بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر. صرنا أَقلَّ ذكاءً،
لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة.
أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
في حلكة الأَقبية.
هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً...
سيمتدُّ هذا الحصارُ إلي أن نعلِّم أَعداءنا
نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ.
أَلسماءُ رصاصيّةٌ في الضُحي
بُرْتقاليَّةٌ في الليالي. وأَمَّا القلوبُ
فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ.
هنا، لا أَنا
هنا، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...
يقولُ علي حافَّة الموت:
لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ:
حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،
وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،
وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...
في الحصار، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
بين تذكُّرِ أَوَّلها.
ونسيانِ آخرِها.
هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان، علي دَرَج البيت،
لا وَقْتَ للوقت.
نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلي الله:
ننسي الأَلمْ.
الألمْ
هُوَ: أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
صباحاً، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.
لا صديً هوميريٌّ لشيءٍ هنا.
فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها.
لا صديً هوميريّ لشيء. هنا جنرالٌ
يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ
يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
بمنظار دبّابةٍ...
نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.
أَيُّها الواقفون علي العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
غقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلناف.
أَيها الواقفون علي عتبات البيوت!
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلي أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ!
نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
نلعبُ النردَ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
ونقرأ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
أَلفينِ واثنينِ تبتسم الكاميرا
لمواليد بُرْجِ الحصار.
كُلَّما جاءني الأمسُ، قلت له:
ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
وتعالَ غداً !
أُفكِّر، من دون جدوي:
بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
علي قمَّة التلّ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
فتوجعنُي الخاطرةْ
وتنتعشُ الذاكرةْ
عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
بيضاءَ بيضاءَ، تغسِلُ خَدَّ السماء
بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
الجوِّ واللَهْو. أَعلي وأَعلي تطيرُ
الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. ليت السماءَ
حقيقيّةٌ غقال لي رَجَلٌ عابرٌ بين قنبلتينف
الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
قَيْدَ التَشَابُهِ...
عمَّا قليلٍ سأعرفُ إن كان هذا
هو الوحيُ...
أو يعرف الأصدقاءُ الحميمون أنَّ القصيدةَ
مَرَّتْ، وأَوْدَتْ بشاعرها
غ إلي ناقدٍ: ف لا تُفسِّر كلامي
بملعَقةِ الشايِ أَو بفخِاخ الطيور!
يحاصرني في المنام كلامي
كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
ويكتبني ثم يتركني باحثاً عن بقايا منامي
شَجَرُ السرو، خلف الجنود، مآذنُ تحمي
السماءَ من الانحدار. وخلف سياج الحديد
جنودٌ يبولون ـ تحت حراسة دبَّابة ـ
والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ في
شارعٍ واسعٍ كالكنيسة بعد صلاة الأَحد...
نحبُّ الحياةَ غداً
عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
كما هي، عاديّةً ماكرةْ
رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ
وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
فليكن
خفيفاً علي القلب والخاصرةْ
فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!
قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
لو عرفتُ النهاية، منذ البدايةَ،
لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللٌّغَةْ
غإلي قاتلٍ:ف لو تأمَّلْتَ وَجْهَ الضحيّةْ
وفكَّرتَ، كُنْتَ تذكَّرْتَ أُمَّك في غُرْفَةِ
الغازِ، كُنْتَ تحرَّرتَ من حكمة البندقيَّةْ
وغيَّرتَ رأيك: ما هكذا تُسْتَعادُ الهُويَّةْ
غإلي قاتلٍ آخر:ف لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
فيكبر طفلاً معافي،
ويدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدي بناتكَ
تارِيخَ آسيا القديمَ.
وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟
لم تكن هذه القافيةْ
ضَرُوريَّةً، لا لضْبطِ النَغَمْ
ولا لاقتصاد الأَلمْ
إنها زائدةْ
كذبابٍ علي المائدةْ
الضبابُ ظلامٌ، ظلامٌ كثيفُ البياض
تقشِّرُهُ البرتقالةُ والمرأةُ الواعدة.
الحصارُ هُوَ الانتظار
هُوَ الانتظارُ علي سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفةْ
وَحيدونَ، نحن وحيدون حتي الثُمالةِ
لولا زياراتُ قَوْسِ قُزَحْ
لنا اخوةٌ خلف هذا المدي.
اخوةٌ طيّبون. يُحبُّوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
ثم يقولون في سرِّهم:
ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ.. ولا يكملون العبارةَ:
لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا .
خسائرُنا: من شهيدين حتي ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
وعَشْرَةُ جرحي.
وعشرون بيتاً.
وخمسون زيتونةً...
بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ
في الطريق المُضَاء بقنديل منفي
أَري خيمةً في مهبِّ الجهاتْ:
الجنوبُ عَصِيٌّ علي الريح،
والشرقُ غَرْبٌ تَصوَّفَ،
والغربُ هُدْنَةُ قتلي يَسُكُّون نَقْدَ السلام،
وأَمَّا الشمال، الشمال البعيد
فليس بجغرافيا أَو جِهَةْ
إنه مَجْمَعُ الآلهةْ
قالت امرأة للسحابة: غطِّي حبيبي
فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ
إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
فكُنْ شجراً
مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
فكُنْ حجراً
مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
فكن قمراً
في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا
غ هكذا قالت امرأةٌ
لابنها في جنازته ف
أيَّها الساهرون ! أَلم تتعبوا
من مُرَاقبةِ الضوءِ في ملحنا
ومن وَهَج الوَرْدِ في جُرْحنا
أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟
واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ علي كُلِّ شيء:
علي صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
ومختلفون علي واجبات النساء
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
مختلفون علي النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
مختلفون علي كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ...
ومن بعده يجدُ الفَرْدُ مُتّسعاً لاختيار الهدفْ.
قال لي في الطريق إلي سجنه:
عندما أَتحرّرُ أَعرفُ أنَّ مديحَ الوطنْ
كهجاء الوطنْ
مِهْنَةٌ مثل باقي المِهَنْ !
قَليلٌ من المُطْلَق الأزرقِ اللا نهائيِّ
يكفي
لتخفيف وَطْأَة هذا الزمانْ
وتنظيف حَمأةِ هذا المكان
علي الروح أَن تترجَّلْ
وتمشي علي قَدَمَيْها الحريريّتينِ
إلي جانبي، ويداً بيد، هكذا صاحِبَيْن
قديمين يقتسمانِ الرغيفَ القديم
وكأسَ النبيذِ القديم
لنقطع هذا الطريق معاً
ثم تذهب أَيَّامُنا في اتجاهَيْنِ مُخْتَلِفَينْ:
أَنا ما وراءَ الطبيعةِ. أَمَّا هِيَ
فتختار أَن تجلس القرفصاء علي صخرة عاليةْ
غ إلي شاعرٍ: ف كُلَّما غابَ عنك الغيابْ
تورَّطتَ في عُزْلَة الآلهةْ
فكن ذاتَ موضوعك التائهةْ
و موضوع ذاتكَ. كُنْ حاضراً في الغيابْ
يَجِدُ الوقتَ للسُخْرِيَةْ:
هاتفي لا يرنُّ
ولا جَرَسُ الباب أيضاً يرنُّ
فكيف تيقَّنتِ من أَنني
لم أكن ههنا !
يَجدُ الوَقْتَ للأغْنيَةْ:
في انتظارِكِ، لا أستطيعُ انتظارَكِ.
لا أَستطيعُ قراءةَ دوستوي÷سكي
ولا الاستماعَ إلي أُمِّ كلثوم أَو ماريّا كالاس وغيرهما.
في انتظارك تمشي العقاربُ في ساعةِ اليد نحو اليسار...
إلي زَمَنٍ لا مكانَ لَهُ.
في انتظارك لم أنتظرك، انتظرتُ الأزَلْ.
يَقُولُ لها: أَيّ زهرٍ تُحبِّينَهُ
فتقولُ: القُرُنْفُلُ .. أَسودْ
يقول: إلي أَين تمضين بي، والقرنفل أَسودْ ؟
تقول: إلي بُؤرة الضوءِ في داخلي
وتقولُ: وأَبْعَدَ ... أَبْعدَ ... أَبْعَدْ
سيمتدُّ هذا الحصار إلي أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
أَن الضَجَرْ
صِفَةٌ من صفات البشرْ.
لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ ـ
قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق: قلبي مليء
بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ.
قلبي بريء مضيء مليء،
ولا وقت في القلب للامتحان. بلي،
لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّي أُحبَّك؟
هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ: عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ !
جَلَسْنَا بعيدينَ عن مصائرنا كطيورٍ
تؤثِّثُ أَعشاشها في ثُقُوب التماثيل،
أَو في المداخن، أو في الخيام التي
نُصِبَتْ في طريق الأمير إلي رحلة الصَيّدْ...
علي طَلَلي ينبتُ الظلُّ أَخضرَ،
والذئبُ يغفو علي شَعْر شاتي
ويحلُمُ مثلي، ومثلَ الملاكْ
بأنَّ الحياةَ هنا ... لا هناكْ
الأساطير ترفُضُ تَعْديلَ حَبْكَتها
رُبَّما مَسَّها خَلَلٌ طارئٌ
ربما جَنَحَتْ سُفُنٌ نحو يابسةٍ
غيرِ مأهولةٍ،
فأصيبَ الخياليُّ بالواقعيِّ،
ولكنها لا تغيِّرُ حبكتها.
كُلَّما وَجَدَتْ واقعاً لا يُلائمها
عدَّلَتْهُ بجرَّافة.
فالحقيقةُ جاريةُ النصِّ، حَسْناءُ،
بيضاءُ من غير سوء ...
غ إلي شبه مستشرق: ف ليكُنْ ما تَظُنُّ.
لنَفْتَرِضِ الآن أَني غبيٌّ، غبيٌّ، غبيٌّ.
ولا أَلعبُ الجولف.
لا أَفهمُ التكنولوجيا،
ولا أَستطيعُ قيادةَ طيّارةٍ!
أَلهذا أَخَذْتَ حياتي لتصنَعَ منها حياتَكَ؟
لو كُنْتَ غيرَكَ، لو كنتُ غيري،
لكُنَّا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء.
أَما للغبيّ، كما لليهوديّ في تاجر البُنْدُقيَّة
قلبٌ، وخبزٌ، وعينان تغرورقان؟
في الحصار، يصير الزمانُ مكاناً
تحجَّرَ في أَبَدِهْ
في الحصار، يصير المكانُ زماناً
تخلَّف عن أَمسه وَغدِهْ
هذه الأرضُ واطئةٌ، عاليةْ
أَو مُقَدَّسَةٌ، زانيةْ
لا نُبالي كثيراً بسحر الصفات
فقد يُصْبِحُ الفرجُ، فَرْجُ السماواتِ،
جغْرافيةْ !
أَلشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
ويسألني: أَين كُنْت ؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدي
الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.
الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدي
عن عذاري الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
علي الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،
لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ
عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ في جَسَدِ اللازوردْ.
الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة
إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً
من أَحَدْ.
الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.
وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:
كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.
أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !
الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوي موقعي وأَثاثي الفقيرِ.
وَضَعْتُ غزالاً علي مخدعي،
وهلالاً علي إصبعي،
كي أُخفِّف من وَجَعي !
سيمتدُّ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبوديّة لا تضرّ، ولكن بحريَّة كاملة!!.
أَن تُقَاوِم يعني: التأكُّدَ من صحّة
القلب والخُصْيَتَيْن، ومن دائكَ المتأصِّلِ:
داءِ الأملْ.
وفي ما تبقَّي من الفجر أَمشي إلي خارجي
وفي ما تبقّي من الليل أسمع وقع الخطي داخلي.
سلامٌ علي مَنْ يُشَاطرُني الانتباهَ إلي
نشوة الضوءِ، ضوءِ الفراشةِ، في
ليل هذا النَفَقْ.
سلامٌ علي مَنْ يُقَاسمُني قَدَحي
في كثافة ليلٍ يفيض من المقعدين:
سلامٌ علي شَبَحي.
غ إلي قارئ: ف لا تَثِقْ بالقصيدةِ ـ
بنتِ الغياب. فلا هي حَدْسٌ، ولا
هي فِكْرٌ، ولكنَّها حاسَّةُ الهاويةْ.
إذا مرض الحبُّ عالجتُهُ
بالرياضة والسُخْريةْ
وَبفصْلِ المُغنِّي عن الأغنيةْ
أَصدقائي يُعدُّون لي دائماً حفلةً
للوداع، وقبراً مريحاً يُظَلِّلهُ السنديانُ
وشاهدةً من رخام الزمن
فأسبقهم دائماً في الجنازة:
مَنْ مات.. مَنْ ؟
الحصارُ يُحَوِّلني من مُغَنٍّ الي . . . وَتَرٍ سادس في الكمانْ!
الشهيدةُ بنتُ الشهيدةِ بنتُ الشهيد وأختُ الشهيدِ
وأختُ الشهيدةِ كنَّةُ أمِّ الشهيدِ حفيدةُ جدٍّ شهيد
وجارةُ عمِّ الشهيد غالخ ... الخ ..ف
ولا نبأ يزعج العالَمَ المتمدِّن،
فالزَمَنُ البربريُّ انتهي.
والضحيَّةُ مجهولَةُ الاسم، عاديّةٌ،
والضحيَّةُ ـ مثل الحقيقة ـ نسبيَّةٌ و غ الخ ... الخ ف
هدوءاً، هدوءاً، فإن الجنود يريدون
في هذه الساعة الاستماع إلي الأغنيات
التي استمع الشهداءُ إليها، وظلَّت كرائحة
البُنّ في دمهم، طازجة.
هدنة، هدنة لاختبار التعاليم: هل تصلُحُ الطائراتُ محاريثَ ؟
قلنا لهم: هدنة، هدنة لامتحان النوايا،
فقد يتسرَّبُ شيءٌ من السِلْم للنفس.
عندئذٍ نتباري علي حُبِّ أشيائنا بوسائلَ شعريّةٍ.
فأجابوا: ألا تعلمون بأن السلام مع النَفْس
يفتح أبوابَ قلعتنا لِمقَامِ الحجاز أو النَهَوَنْد ؟
فقلنا: وماذا ؟ ... وَبعْد ؟
الكتابةُ جَرْوٌ صغيرٌ يَعَضُّ العَدَمْ
الكتابةُ تجرَحُ من دون دَمْ..
فناجينُ قهوتنا. والعصافيرُ والشَجَرُ الأخضرُ
الأزرقُ الظلِّ. والشمسُ تقفز من حائط
نحو آخرَ مثل الغزالة.
والماءُ في السُحُب اللانهائية الشكل في ما تبقَّي لنا
من سماء. وأشياءُ أخري مؤجَّلَةُ الذكريات
تدلُّ علي أن هذا الصباح قويّ بهيّ،
وأَنَّا ضيوف علي الأبديّةْ.
رام الله ـ يناير 2002
|
|
| |
nile.rose :: مشرفـــة ::
المشاركات : 5266 العمر : 36 محل الاقامة : محافظة كفر الشيخ الوظيفة : مُدرسة لغة عربية الهوايات : كتابة الشعر ومشاهدة المباريات بتشجع نادي إيه : الاهلى (نادى القرن) لاعبك المفضل : تريكه واحمد حسن وبركوته تاريخ التسجيل : 08/08/2010 التقييم : 31 نقاط : 12050 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-09, 3:04 am | |
| |
|
| |
nile.rose :: مشرفـــة ::
المشاركات : 5266 العمر : 36 محل الاقامة : محافظة كفر الشيخ الوظيفة : مُدرسة لغة عربية الهوايات : كتابة الشعر ومشاهدة المباريات بتشجع نادي إيه : الاهلى (نادى القرن) لاعبك المفضل : تريكه واحمد حسن وبركوته تاريخ التسجيل : 08/08/2010 التقييم : 31 نقاط : 12050 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-09, 3:06 am | |
| وعاد ... في كفن
يحكون في بلادنا يحكون في شَجَنْ عن صاحبي الذي مضى وعاد في كفنْ كان اسمه... لا تذكروا اسمهْ ! خلوه في قلوبنا.. لا تدعوا الكلمهْ تضيع في الهواء’ كالرماد.. خلوه جرحاً راعفاً.. لا يعرف الضماد طريقه إليه.. أخاف يا أحبتي.. أخاف يا أيتام.. أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء ! أخاف أن تنام في قلوبنا جراحنا... أخاف أن تنام !! -2- العمرُ .... عُمْرُ برعمٍ لا يذكر المطر... لم يبك تحت شرفة القمر لم يوقف الساعات بالسهر... وما تداعت عند حائط يداه... ولم تسافر خلف خيط شهوةٍ.. عيناه ! ولم يُقَبِّل حلوةً... لم يعرف الغزل غير أغاني مطرب ضيَّعه الأمل ولم يقل لحلوة: الله ! إلاّ مرتين ! لم تلتفت إليه.. ما أعطته إلاّ طرف عين كان الفتى صغيرا.. فغاب عن طريقها ولم يفكر بالهوى كثيرا...! -3- يحكون في بلادنا يحكون في شجن عن صاحبي الذي مضى وعاد في كفن ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب لأمه : الوداع ! ما قال للأحباب.. للأصحاب : موعدنا غداً ! ولم يضع رسالة.. كعادة المسافرين تقول: إني عائدٌ .. وتُسكتُ الظنون ولم يَخُطَّ كلمةً.. تُضيء ليلَ أمه التي .... تخاطب السماء والأشياء , تقول : يا وسادة السرير ! يا حقيبة الثياب ! يا ليل ! يا نجوم ! يا إله ! يا سحاب ! : أما رأيتم شارداً... عيناه نجمتان ؟ يداه سلتان من ريحان وصدره وسادة النجوم والقمر وشعره أرجوحةٌ للريح والزهر ! أما رأيتم شارداً مسافراً لا يحسن السفر ! راح بلا زوَّادة , من يطعم الفتى إن جاع في طريقه ؟ من يرحم الغريب ؟ قلبي عليه من غوائل الدروب ! قلبي عليك يا فتى.. يا ولداه ! قولوا لها ’ يا ليل ! يا نجوم ! يا دروب ! يا سحاب ! قولوا لها : لن تحملي الجواب فالجرح فوق الدمع.. فوق الحزن والعذاب ! لن تحملي.. لن تصبري كثيرا لأنه.. لأنه مات ’ ولم يزل صغيرا ! -4- يا أمه ! لا تقلعي الدموع من جذورها ! للدمع يا والدتي جذور ’ تخاطب المساء كل يوم... تقول : يا قافلة المساء ! من أين تعبرين؟ غصَّتْ دروبُ الموت.. حينَ سَدَّها المسافرون سُدَّتْ دروب الحزن... لو وقفتِ لحظتينِ لحظتين ! لتسمحي الجبين والعينين وتحملي من دمعنا تذكار لمن قضوا من قبلنا.. أحبابنا المهاجرين يا أمه ! لاتقلعي الدموع من جذورها خلّي ببئر دمعتين ! فقد يموت في غد أبوه .. أو أخوه أو صديقه أنا خلي لنا ... للميتين في غد لو دمعتين... دمعتين ! -5- يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا حرائقُ الرصاصِ في وجناته وصدره.. ووجهه.. لا تشرحوا الأمور ! أنا رأيت جرحه حدقت في أبعاده كثيرا.. ((قلبي على أطفالنا)) وكل أُم تحضن السريرا ! يا أصدقاء الراحل البعيد لا تسألوا: متى يعود لا يسألوا كثيرا بل اسألوا : متى يستيقظ الرجال !
|
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-10, 4:24 pm | |
| حلو اوى يا ايمان تسلم ايدك |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-10, 4:27 pm | |
| كلّ خوخ الأرض ينمو في جسد و تكون الكلمة و تكون الرغبة المحتدمه سقط الظلّ عليها لا أحد
لا أحد ... و تغنّي وحدها في طريق العربات المهملة كل شيء عندها لقب للسنبلة و تغنّي وحدها : البحيرات كثيره و هي النهر الوحيد . قصّتي كانت قصيرة و هي النهر الوحيد سأراها في الشتاء عنما تقتلني و ستبكي و ستضحك عنما تقتلني و أراها في الشتاء . انّني أذكر أو لا أذكر العمر تبخّر في محطات القطارات و في خطوتها . كان شيئا يشبه الحبّ هواء يتكسّر بين وجهين غريبين ، و موجا يتحجّر بين صدرين قريبين ، و لا أذكرها ... و تغنّي وحدها لمساء آخر هذا المساء و أنادي وردها تذهب الأرض هباء حين تبكي وحدها . كلماتي كلمات للشبابيك سماء للعصافير فضاء للخطى درب و للنهر مصبّ و أنا للذكريات . كلماتي كلمات و هي الأولى . أنا الأول كنّا . لم نكن جاء الشتاء دون أن تقتلني ... دون أن تبكي و تضحك . كلمات كلمات . |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-10, 4:29 pm | |
| و كنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفلّ و أقسم: من رموش العين سوف أخيط منديلا و أنقش فوقه لعينيك و إسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا .. يمدّ عرائش الأيك .. سأكتب جملة أغلى من الشهداء و القبّل: "فلسطينية كانت.. و لم تزل!" فتحت الباب و الشباك في ليل الأعاصير على قمر تصلّب في ليالينا
وقلت لليلتي: دوري! وراء الليل و السور.. فلي وعد مع الكلمات و النور.. و أنت حديقتي العذراء.. ما دامت أغانينا سيوفا حين نشرعها و أنت وفية كالقمح .. ما دامت أغانينا سمادا حين نزرعها و أنت كنخلة في البال، ما انكسرت لعاصفة و حطّاب وما جزّت ضفائرها وحوش البيد و الغاب.. و لكني أنا المنفيّ خلف السور و الباب خذني تحت عينيك خذيني، أينما كنت خذيني ،كيفما كنت أردّ إلي لون الوجه و البدن وضوء القلب و العين و ملح الخبز و اللحن و طعم الأرض و الوطن! خذيني تحت عينيك خذيني لوحة زيتّية في كوخ حسرات خذيني آية من سفر مأساتي خذيني لعبة.. حجرا من البيت ليذكر جيلنا الآتي مساربه إلى البيت! فلسطينية العينين و الوشم فلسطينية الإسم فلسطينية الأحلام و الهم فلسطينية المنديل و القدمين و الجسم فلسطينية الكلمات و الصمت فلسطينية الصوت فلسطينية الميلاد و الموت |
|
| |
Treikawia Ana :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 4723 العمر : 28 محل الاقامة : EgYpT الوظيفة : StudenT الهوايات : Writing poetry&watching Al-ahly بتشجع نادي إيه : ُAL-AHLy)))) لاعبك المفضل : TREIKA>> تاريخ التسجيل : 25/08/2010 التقييم : 68 نقاط : 11723 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-10, 4:58 pm | |
| - AmiRa 3mR كتب:
كلّ خوخ الأرض ينمو في جسد
و تكون الكلمة
و تكون الرغبة المحتدمه
سقط الظلّ عليها
لا أحد
لا أحد ... و تغنّي وحدها
في طريق العربات المهملة
كل شيء عندها
لقب للسنبلة
و تغنّي وحدها :
البحيرات كثيره
و هي النهر الوحيد .
قصّتي كانت قصيرة
و هي النهر الوحيد
سأراها في الشتاء
عنما تقتلني
و ستبكي
و ستضحك
عنما تقتلني
و أراها في الشتاء .
انّني أذكر
أو لا أذكر
العمر تبخّر
في محطات القطارات
و في خطوتها .
كان شيئا يشبه الحبّ
هواء يتكسّر
بين وجهين غريبين ،
و موجا يتحجّر
بين صدرين قريبين ،
و لا أذكرها ...
و تغنّي وحدها
لمساء آخر هذا المساء
و أنادي وردها
تذهب الأرض هباء
حين تبكي وحدها .
كلماتي كلمات
للشبابيك سماء
للعصافير فضاء
للخطى درب و للنهر مصبّ
و أنا للذكريات .
كلماتي كلمات
و هي الأولى . أنا الأول
كنّا . لم نكن
جاء الشتاء
دون أن تقتلني ...
دون أن تبكي و تضحك .
كلمات
كلمات . جميـــــــــــلة - AmiRa 3mR كتب:
و كنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفلّ و أقسم: من رموش العين سوف أخيط منديلا و أنقش فوقه لعينيك و إسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا .. يمدّ عرائش الأيك .. سأكتب جملة أغلى من الشهداء و القبّل: "فلسطينية كانت.. و لم تزل!" فتحت الباب و الشباك في ليل الأعاصير على قمر تصلّب في ليالينا
وقلت لليلتي: دوري! وراء الليل و السور..
فلي وعد مع الكلمات و النور..
و أنت حديقتي العذراء..
ما دامت أغانينا
سيوفا حين نشرعها
و أنت وفية كالقمح ..
ما دامت أغانينا
سمادا حين نزرعها
و أنت كنخلة في البال،
ما انكسرت لعاصفة و حطّاب
وما جزّت ضفائرها
وحوش البيد و الغاب..
و لكني أنا المنفيّ خلف السور و الباب
خذني تحت عينيك
خذيني، أينما كنت
خذيني ،كيفما كنت
أردّ إلي لون الوجه و البدن
وضوء القلب و العين
و ملح الخبز و اللحن
و طعم الأرض و الوطن!
خذيني تحت عينيك
خذيني لوحة زيتّية في كوخ حسرات
خذيني آية من سفر مأساتي
خذيني لعبة.. حجرا من البيت
ليذكر جيلنا الآتي
مساربه إلى البيت!
فلسطينية العينين و الوشم
فلسطينية الإسم
فلسطينية الأحلام و الهم
فلسطينية المنديل و القدمين و الجسم
فلسطينية الكلمات و الصمت
فلسطينية الصوت
فلسطينية الميلاد و الموت سأكتب جملة أغلى من الشهداء و القبّل: "فلسطينية كانت.. و لم تزل!"
اكثر من رائعة القصيدة دي |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-14, 12:17 am | |
| لم تأتِ. قلتُ: ولن .. إذاً سأعيد ترتيب المساء بما يليق بخيبتي وغيابها: أطفأت نور شموعها، أشعلتُ نور الكهرباء،
شربتُ كأس نبيذها وكسرته أبدلتُ موسيقى الكمنجات السريعة بالأغاني الفارسية. قلتُ: لن تأتي. سأنضو ربطة العنق الأنيقة (هكذا أرتاح أكثر) أرتدي بيجامة زرقاء. أمشي حافيا لو شئتُ. أجلسُ بارتخاء القرفصاء على أريكتها فأنساها وأنسى كلّ أشياء الغياب. أعدتُ ما أعددتُ من أدوات حفلتنا إلى أدراجها. وفتحتُ كلّ نوافذي وستائري لا سرّ في جسدي أمام الليل إلاّ ما انتظرتُ وما خسرتُ. سخرتُ من هوسي بتنظيف الهواء لأجلها (عطرته برذاذ ماء الورد والليمون) لن تأتي .. سأنقل نبتة الأوركيد من جهة اليمين إلى اليسار لكي أعاقبها على نسيانها.. غطّيتُ مرآة الجدار بمعطفٍ كي لا أرى إشعاع صورتها فأندم قلتُ: أنسى ما اقتبستُ لها من الغزل القديم، لأنها لا تستحقّ قصيدة حتى ولو مسروقة .. ونسيتها، وأكلتُ وجبتي السرعة واقفاً وقرأتُ فصلاً من كتاب مدرسيّ عن كواكبنا البعيدة وكتبتُ كي أنسى إساءتها، قصيدة كتبتُ هذي القصيدة! |
|
| |
Treikawia Ana :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 4723 العمر : 28 محل الاقامة : EgYpT الوظيفة : StudenT الهوايات : Writing poetry&watching Al-ahly بتشجع نادي إيه : ُAL-AHLy)))) لاعبك المفضل : TREIKA>> تاريخ التسجيل : 25/08/2010 التقييم : 68 نقاط : 11723 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-14, 12:41 am | |
| جميـــــــــلة |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-15, 5:50 pm | |
| ريتـــــــــــــــــــــــــــا
بين ريتا وعيوني . . بندقية والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لإله في العيون العسلية وأنا قبلت ريتا عندما كانت صغيرة وأنا أذكر كيف التصقت بي وغطت ساعدي أحلى ضفيرة وأنا أذكر ريتا مثلما يذكر عصفور غديره
آه ريتا
بيننا مليون عصفور وصورة ومواعيد كثيرة أطلقت نارا عليها . . بندقية إسم ريتا كان عيدا في فمي جسم ريتا كان عرسا في دمي وأنا ضعت بريتا . . سنتين وهي نامت فوق زندي سنتين وتعاهدنا على أجمل كأس واحترقنا في نبيذ الشفتين وولدنا مرتين
آه . . ريتا
أي شيء رد عن عينيك عيني سوى إغفاءتين وغيوم عسليه قبل هذي البندقية كان يا ما كان يا صمت العشية قمري هاجر في الصبح بعيدا في العيون العسلية والمدينة كنست كل المغنين وريتا بين ريتا وعيوني . . بندقية
|
|
| |
nile.rose :: مشرفـــة ::
المشاركات : 5266 العمر : 36 محل الاقامة : محافظة كفر الشيخ الوظيفة : مُدرسة لغة عربية الهوايات : كتابة الشعر ومشاهدة المباريات بتشجع نادي إيه : الاهلى (نادى القرن) لاعبك المفضل : تريكه واحمد حسن وبركوته تاريخ التسجيل : 08/08/2010 التقييم : 31 نقاط : 12050 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-16, 2:16 am | |
| روعه اختياراتك يا اميره |
|
| |
Treikawia Ana :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 4723 العمر : 28 محل الاقامة : EgYpT الوظيفة : StudenT الهوايات : Writing poetry&watching Al-ahly بتشجع نادي إيه : ُAL-AHLy)))) لاعبك المفضل : TREIKA>> تاريخ التسجيل : 25/08/2010 التقييم : 68 نقاط : 11723 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-18, 2:31 am | |
| - AmiRa 3mR كتب:
ريتـــــــــــــــــــــــــــا
بين ريتا وعيوني . . بندقية والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لإله في العيون العسلية وأنا قبلت ريتا عندما كانت صغيرة وأنا أذكر كيف التصقت بي وغطت ساعدي أحلى ضفيرة وأنا أذكر ريتا مثلما يذكر عصفور غديره
آه ريتا
بيننا مليون عصفور وصورة ومواعيد كثيرة أطلقت نارا عليها . . بندقية إسم ريتا كان عيدا في فمي جسم ريتا كان عرسا في دمي وأنا ضعت بريتا . . سنتين وهي نامت فوق زندي سنتين وتعاهدنا على أجمل كأس واحترقنا في نبيذ الشفتين وولدنا مرتين
آه . . ريتا
أي شيء رد عن عينيك عيني سوى إغفاءتين وغيوم عسليه قبل هذي البندقية كان يا ما كان يا صمت العشية قمري هاجر في الصبح بعيدا في العيون العسلية والمدينة كنست كل المغنين وريتا بين ريتا وعيوني . . بندقية
جميــــــــــــــــــــــــــــلة اوووي |
|
| |
AmiRa 3mR :: من كبار التريكاويه ::
المشاركات : 13412 العمر : 29 محل الاقامة : Balady الوظيفة : Student الهوايات : El tarekh / Reading/EL AHLY بتشجع نادي إيه : MY best team :El Ahly لاعبك المفضل : treika we bas تاريخ التسجيل : 05/07/2009 التقييم : 40 نقاط : 22594 ::: :
| موضوع: رد: درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" 2012-08-19, 2:18 am | |
| نورتووووووووووو والله ايمان ..سارة |
|
| |
| درويشيــــــــات "فلنتذكـــر محمود درويــش" | |
|