كيف ترجم الأهلى الطريقة الإسبانية إلى اللغة العربية؟



بقلم/حسن المستكاوي

قد تكون الترجمة فيها مبالغة الفرحة بالأداء وبالنتيجة وبالمشهد
العام الذى عشناه على مسرح رادس. فالترجمة هى نص مطابق لنص آخر مكتوب بلغة
أخرى. ربما يكون التعبير الأفضل هو أن الأهلى نجح فى «تمصير» الطريقة
الإسبانية. ففى التمصير مثل الاقتباس، بعض الخيال الخاص، وبعض الإبداع
الخاص. والكلمة تسمح بأن يكون لك صوصية، فلا تكون صورة طبق الأصل.


●●استحق الأهلى هذا الفوز. واستحق جمهوره وجماهير الكرة المصرية تلك
الفرحة. لأن الفريق جمع بين أصعب شيئين فى اللعبة، وهما النتيجة والمتعة،
حتى أننا كنا نتمنى أن تطول المباراة. كذلك كان المشهد العام على مسرح رادس
مثل حلم قديم عشناه ولم يتحقق سوى فى تلك الليلة. حلم الروح الرياضية بين
الاشقاء. والسلوك المتحضر الذى يعكس مفاهيم الرياضة الحقيقية. وفى هذا
يستحق جمهور الترجى كل التحية.. فقد ساهم بدوره فى رسم لوحة فنية جديدة،
مبهجة، مبتكرة، ومتوازنة، ومترابطة توجها الأهلى.. تاجر السعادة.



●● أعود للسؤال: كيف ترجم الأهلى الطريقة الإسبانية إلى اللغة العربية؟



كيف جعل أسلوب «تيكى تاكا» مصريا. كيف كان حسام البدرى جريئا وشجاعا
وواثقا فى لاعبيه وفى نفسه، ولم يهتز إزاء نقد النقاد، وقد رأى بعضهم فى
استاد برج العرب مباراة أخرى غير تلك التى شاهدناها حتى أنهم اعتبروا أداء
الأهلى فيها سيئا، وهو الذى كان مسيطرا وحاكما؟





●● أصعب من تقييم الأداء بعد اللعب، هو أن ترى ما يمكن أن يحدث قبل
اللعب. وأضطر أسفا إلى التذكير بما صغته هنا. أضطر لأن زحام النقد شديد،
وراكبى الأمواج باتوا من المحترفين، أو يظنون أنهم من المحترفين.. ما
علينا، بعد مباراة برج العرب قلت نصا ما يلى: «لم تنته مباراة الأهلى
والترجى بعد. هناك جولة أخرى فى رادس. وإذا كانت النتيجة تعد لمصلحة الفريق
التونسى الشقيق حسابيا، فإن فرصة الأهلى فى لقاء العودة أيضا كبيرة.. ترى
هل أنا متفائل أرى ضوءا غير موجود أم من الأفضل أن أكون مثل هذا الأحمق
الذى يرى الضوء ولا يصدق أنه يراه؟



وأضفت: عندى اسباب فنية للتفاؤل، وسجلت الأسباب، كان السيناريو واضحا فى
الذهن، وكان نصا: «هناك فرصة للأهلى فى مباراة العودة. إذا لعب الترجى
كعادته بتحفظ، من أجل الحفاظ على تقدمه بالتعادل الإيجابى بالإسكندرية..
وهذا الحذر قد يمنح الأهلى فرصة امتلاك الكرة وبناء الهجمات. وفى جميع
الأحوال ستكون المباراة أكثر انفتاحا. وإذا لعب الأهلى بالضغط المتقدم فإنه
سيكون قادرا على دفع منافسه إلى الخطأ. ومن الأخطاء تأتى الأهداف.. هكذا
أرى الأمل. خاصة أن أداء الأهلى كان مميزا، وبدا قادرا على فرض أسلوبه أمام
فريق كبير مشهود له بالخبرات والمهارات».



●● لم يخيب الأهلى الظن. هاجم من البداية. وهاجم معظم الوقت وتقدم.
وهاجم بعد أن تقدم، وهاجم فى النهاية. وكسر بذلك واحدة من أسوأ ثوابت الكرة
المصرية عند اللعب خارج الأرض.. وهى الحذر لدرجة التراجع وبناء حائط دفاعى
حتى لو كان الفريق خياره الوحيد هو الهجوم. وصحيح أنه كان خيار الأهلى هذه
المرة أيضا، فلا خيار آخر. إلا أن الممتع كان هو طريقة الهجوم.. وطريقة
اللعب وكيفية تغييرها بين حالتى الدفاع والهجوم. فالأهلى لعب بطريقة:
4/4/2. لكنها كانت فى كثير من الأوقات بطريقة الثنائيات الثلاث : 4/2/2/2..
وكنا اقترحنا هنا فى يناير 2011 أن يلعب بها الفريق بعد صفقاته التى
أبرمها فى ذاك الوقت، وهى الطريقة التى سبق ولعب بها المنتخب الوطنى، وأيضا
لعب بها الزمالك فى الدورى، كما لعب بها منتخب البرازيل فى بطولة كأس
العالم 1982، عندما لعب فالكاو وشيرزو خلف زيكو وسقراط. وهو ما عرف بالمربع
الساحر. والواقع أن المدرب البرازيلى الراحل تيلى سانتانا كان أبدع فريقا
جديدا فى كأس العالم المصغرة فى أوروجواى عام 1981.. وكرر منتخب البرازيل
هذه الطريقة فيما بعد فى بعض مباريات مونديال 2006 ثم 2010.



●● وطريقة اللعب فى أبسط تعريف لها كما يقول كتاب كرة القدم هى: (تنظيم
قوى الفريق أى التشكيل على الوجه الذى يمكنه من أن يؤدى الوجبات المحددة
التى توضع له ). واختار البدرى مجموعة اللاعبين القادرة على التنفيذ. رباعى
الظهر قناوى، ونجيب، وجمعة، وفتحى. ونجح وائل فى رقابة نيانج، فيما قام
نجيب بتغطيات ممتازة فى وسط الملعب حين يندفع قناوى ووليد وحسام غالى فى
الهجوم. كذلك كان أحمد فتحى مثل حائط البنتاجون فى الدفاع.. وطائرا محلقا
عند الهجوم. إلا أن تحليقه كان بحساب لوجود السيد الأستاذ حمدى، أو وليد
سليمان أمامه.



●● فى الوسط لاعبان مدافعان، هما حسام غالى وحسام عاشور. وأمامها لاعبان
مهاجمان هما عبدالله السعيد ووليد سليمان. وأمام الأربعة الثنائى السيد
حمدى وجدو.. ولاحظ التناغم فى التحركات بين لاعبى الأهلى وحسن انتشارهم.
فيتقدم حسام غالى ويعود حسام عاشور، وفى أحيان كثيرة كان غالى وعاشور
يتقدمان لتراجع وسط الترجى. فيما شكل وليد سليمان وجدو والسيد حمدى
وعبدالله السعيد حركة دائرية مستمرة أضفت على دفاع الترجى حالة من عدم
التركيز والعشوائية.. وبدا إصابة لاعبى الترجى بالحيرة : فهل عبدالله
السعيد ووليد سليمان لاعبا وسط متقدمين أم جناحين متأخرين.. ولم يعرف
المنافس الإجابة؟



●● قمة أداء الأهلى وسر الفريق فى تلك المباراة كان التمرير. وتبادل
المراكز والحركة المستمرة فى مزج بين أسلوب الكرة الشاملة وبين أسلوب تبادل
اللاعبين للكرة بتمريرات قصيرة، لفرض السيطرة النفسية والذهنية والبدنية
ولإنهاك الخصم وقد حدث منذ الدقيقة الأولى. ويشهد بذلك كم الفرص التى أتيحت
للفريق، وهى كثيرة وغريبة فى مباراة نهائية، وأمام طرفى وصل للنهائى للمرة
الثالثة على التوالى. إلا أن نبيل معلول أخطأ بإشراك المساكنى وبدأ
المباراة بعشرة لاعبين. ونقص لاعب آخر حين تحرك وجدى بوعزى ناحية اليمين.
بخلاف غياب جبهته اليمنى القوية اصلا وهما الدربالى وأفول.



●● قد يطول الحديث عن طريقة 4/2/2/2.. لكنها اختصارا



ــ تسمح بزيادة عدد اللاعبين أصحاب النزعة الهجومية، كما تسمح بتغطية كل مركز فى الملعب بلاعبين على الأقل.



ــ يمكن أن يتأخر أحد رأسى الحربة لحظة فقدان الكرة إلى مركز لاعب وسط مدافع ثم يعود لمركز رأس الحربة لحظة امتلاك الفريق للكرة.



ــ تحقق الطريقة النزعة الهجومية للفريق بتقدم الظهيرين، كما يعزز
الهجوم باللاعبين المتأخرين خلف رأسى الحربة، وهما من أهم وسائل فتح الملعب
عرضيا وتحقيق الانتشار الجيد للفريق. ومن المهم أن تتسم التمريرات
بالدقة.



ــ إذا كان الفريق المنافس يعانى سوء الاتصال والانسجام بين لاعبى الوسط
المدافعين وقلبى الدفاع فإن هذه الطريقة تفرض على الخصم بناء هجماته
المضادة من الخط الخلفى مما يجعل هجومه بطيئا يستهلك الوقت والمسافة فيسهل
إجهاضه..



●● نقطة أخيرة: كان حسام البدرى شجاعا فى أسلوب اللعب وفى الطريقة التى
لعب بها، وفى التشكيل الذى خاض به اللقاء. ولكنه أختار أفضل ما يناسب الهدف
من اللقاء. اختار السرعة والتحرك المستمر وأكبر عدد من اللاعبين لديهم
قدرات دفاعية وهجومية.. وكانت شجاعته الحقيقية أنه بدأ دون ثلاثة نجوم، وهم
أبوتريكة، وبركات، ومتعب.. شكرا للأهلى وشكرا للبدرى.



مذكرة تفسيرية: زادت درجة إكرامى لأنه صمد إزاء الهجوم. ونقصت
درجات لاعبين لأنهم أهدروا فرصا مهمة مثل السعيد. أو لإطالة زمن المرواغة
والترقيص مثل السيد حمدى، أو لأن المنافس فى المواجهات الثنائية الحقيقية
لم يكن موجودا. كما فى حالة منافس فتحى.