عرّينى.. شوية شوية!!!بقلم - محمد فتحى
أيام مبارك كان التعذيب والسحل والتعرية وإدخال العصا فى المؤخرات يتم
داخل أقسام الشرطة وفى سرية تامة، ربما خوفاً من المساءلة، وربما لأن
الانحدار والانحطاط الأخلاقى لضابط الشرطة لم يكن قد وصل بعد للدرجة التى
نعيشها الآن، التى تختلط فيها الرغبة فى إرضاء السادة، بالرغبة فى
الانتقام، بالعديد من الأمراض النفسية الأخرى.
أيام المجلس العسكرى، رأينا ضابط الجيش وعساكره يعرون فتاة منتقبة
على مرأى ومسمع من الجميع ويسحلونها، ولم يحاسبهم أحد، وما زلت شخصياً أرى
كافة لواءات المجلس العسكرى السابق بمشيره وفريقه، ولا أستثنى منهم وزير
الدفاع الحالى الفريق السيسى، متواطئين ويستحقون محاكمة على ما حدث، وإن لم
يفعل أحد ذلك على ما يبدو، لكنها تظل (بشلة) و(تعليمة) فى وجه الجيش الذى
سحل وعرى وفحص عذرية النساء، ثم لم (يسترجل) أحد منه لرفض ما حدث والتحقيق
فيه بجدية ليحاسب المخطئ ويحاكمه، قبل المحاكمة الكبيرة التى ستكون أمام
المولى عز وجل، والتى لن ينفعهم فيها عساكر أو ضباط أو سلطة طالما ألغوا
ضمائرهم وبرروا لأنفسهم ما حدث، وطرمخوا وناموا قريرى الأعين، وهو ما ستظل
تذكره أجيال وأجيال، وسيبقى علامة سوداء نذكرهم بها و(ننكد) عليهم بين
الحين والآخر.
أما الآن، فى أيام مرسى، فالتعرية أصبحت للرجال مع كثير من السحل
والضرب والتعذيب ومواصلة (التقليع) من بعض الجنود والضباط الذين لا يمكن أن
تعتبرهم أسوياء، بل مجموعة من الشواذ الذين لن يعاقبهم أحد، رغم تأكيد
المتحدث الرسمى باسم الداخلية على التحقيق فى الواقعة التى بثتها فضائيات
مصرية وقنوات ووكالات عالمية لضرب وسحل وتقليع المواطن حمادة صابر، مبيض
المحارة البسيط، الذى انتهكت آدميته بالصوت والصورة، لمجرد أن وزير
الداخلية الحالى يريد إثبات جدارته بمنصبه ووفائه لأسياده بأسلوب يثبت أنه
دموى وسيذهب كما ذهب كثيرون قبله لأحط مزابل التاريخ التى يبدو وكأنها
(لمت) ولم تعد تسع الجميع.
لن أخفى رأسى فى الرمل مثل كثيرين وأدافع عمن أشعلوا الاشتباكات فى
الأصل من المتظاهرين، ولا أوافق كل من سيبرر لهم بأى حال من الأحوال، ولا
كل من انتهزها فرصة لتصفية حسابات سياسية مع من دعوا لوثيقة الأزهر، فواقع
الأمر أن صفوف الثوار مليئة كذلك بالموتورين والـ(مأفورين)، لكن من فضلك
حين تطبق القانون عليهم -ولا شىء إلا القانون- فلتطبقه على قتلة الاتحادية
ومحمد محمود وبورسعيد والسويس، ولتُرِنا أنك (عادل) ولن أقول (دكر) حين
تحاسب أبوإسماعيل على ما فعله وهدد به وزير الداخلية السابق الذى أطحت به
لمجرد أنه (أغضب) الشيخ زوما.
وصلنا فى مصر يا سادة إلى مرحلة غباء الفعل وحمورية رد الفعل، والكل
يواصل الحرق فى مصر بلا اكتراث، وإلقاء المسئولية على الطرف الآخر، رغم
أننا جميعاً شركاء فى الجريمة التى تعرينا جميعاً شوية.. شوية.
جريمة قتل الوطن..
قتل مصر..