6 أكتوبر.. حرب الأجيال



بقلم - حسن المستكاوى

●● هل من الضرورى أن يعيش جيل معركة أجيال سبقته حتى يدرك قيمة ومعنى تلك المعركة؟

●● يدفعنى إلى هذا التساؤل أن الجيل الحالى الذى ثار ضد الاستبداد والفاشية والديكتاتورية واستيلاء السلطة على البلد يظن أن الأجيال التى سبقته استسلمت ورضخت وقبلت بكل ذلك. وهو أمر غير صحيح إطلاقا. فلكل جيل معاركه.. وبعض المعارك دفعت فيها أجيال عشرات الألوف من الشهداء.. إنها الحروب التى خاضتها جيوش مصر. حتى حربها الحالية ضد الإرهاب.. كانت هناك حروب ضد الاحتلال. وحروب ضد الاستعمار العائد. والاستعمار المقنع. ونحن أبناء جيل عاش حياته محاربا. كلها معارك. حتى بناء السد العالى كان معركة لها ثمن دفعه هذا الجيل.. وكان هذا الانغماس فى تلك الحروب وراء تأخر معركة المصريين ضد الاستبداد وبحثا عن الحياة الديمقراطية وبحثا عن حق الشعب فى ممارسة السياسة.. وربما من نتائج هذا التأخر ما نراه اليوم من حال السياسة وحال السياسيين..؟!

●● تظل حرب السادس من أكتوبر من عام 73 هى حرب الأجيال.. التى عاشها المصريون 6 سنوات كاملة فى الخنادق والصحارى وفى تدريب وقتال مستمر تجلت فيه شجاعة الرجال فيما سمى بحرب الاستنزاف.. فى هذا اليوم حقق الجيش المصرى معجزة عسكرية، وكان له ما يقرب من 80 ألف مقاتل فى الجانب الشرقى من قناة السويس.. وفى هذا اليوم مارس الجيش المصرى عملية خداع رائعة فيها التخطيط والمثابرة والذكاء.. وفى هذا اليوم استردت مصر كرامتها التى أهينت فى معركة 67 التى لم تخوضها فعليا.. وحررت أرض سيناء المحتلة.. وهى واحدة من المرات النادرة فى التاريخ التى سلبت من المصريين أرضهم. والأرض المسلوبة هى كرامة مسلوبة، وهى حرية مسلوبة، وهى حياة مسلوبة..

●● جزء مهم من قيمة حرب السادس من أكتوبر 73.. أنها كانت بهدف محدد مخطط له كى يخدم السياسة.. فلم تكن حربا عشوائية. يقامر قائدها بجيوشه. وقد كنت فى لندن أيام هذه الحرب مثل ملايين الطلبة المصريين فى مطلع السبعينيات نعمل صيفا ونعيش تجربة صعبة وثرية ثم نعود.. وساعتها مضينا فى مظاهرة بشوارع العاصمة الإنجليزية ونحن نهتف لمصر ولجيشها.. كنا قبل أشهر قليلة نشارك فى مظاهرات ضد الرئيس السادات نطالبه بالحرب. وهتفنا هذه المرة لصاحب قرار الحرب.. وعندما توقف القتال وعدنا إلى القاهرة يوم 29 أكتوبر قمنا نحن ركاب الطائرة المصرية جميعا بتقبيل أرض المطار..

●● لن أنسى أبدا تلك اللحظة ولن يغادرنى أبدا معناها.. كيف يمكن لمصرى أن ينسى هذه المعركة. ونتائج هذه المعركة. كيف يمكن لجيل أن يتهم جيل الآباء بأنه استسلم للاستبداد.. هل تعلمون ما هى الحرب.. هل تعلمون قدر شجاعة الرجال الذين واجهوا النار والدبابات والدانات والمدافع والطائرات وصوت أزيزها وانقضاضها.. يا بنى عاشت أجيال فى الصحراء 6 سنوات تنتظر لحظة الثأر والانتقام.. يا بنى قدمت هذه الأجيال أكثر من 120 ألف شهيد.. يا بنى كانت معارك الأجيال التى سبقتك من من أجلك ومن أجل ثورتك ومن أجل حريتك..

●● تحيا مصر.. الحرة القوية..