مصاصة دماء برشلونة .. قصة أشهر سفاحة أطفال في أوربا الاثنين، 22 يوليو، 2013 مصاصة دماء برشلونة .. قصة أشهر سفاحة أطفال في أوربا في أفلام الرسوم المتحركة توجد شخصية العجوز الشمطاء التي تمتطي مكنستها السحرية في الليل باحثة عن الأطفال الصغار لتختطفهم و تحملهم معها الى كوخها القديم حيث ينتظرهم دائما قدر كبير يغلي بمواد غريبة , تضع الساحرة الأطفال فيه كجزء من تحضير وصفتها السحرية , و أنت عزيزي القارئ لابد ان شاهدت هكذا أفلام في طفولتك و حينها ربما خفت فسارع والداك لطمأنتك و أخبراك بأنها قصص خيالية لا توجد الا في عالم الرسوم المتحركة , لكن اليوم اعتقد بأنك كبرت كفاية لكي أفاجئك بالحقيقة , نعم هناك ساحرات شريرات!! ربما تضحك لكن لا تتسرع , اقرأ هذه القصة جيدا و تذكر و أنت تغمض عيناك ليلا لتنام بأن ما شاهدته في طفولتك لم يكن خيالا أبدا , و انه على طول التاريخ , كان هناك أطفال يخطفون ليقتلوا و يتم العبث بأجسادهم. من شحوم الأطفال و دمائهم كانت تصنع مستحضرات تجميل للأغنياء انركيتا مارتي ريبولس (Enriqueta Martí i Ripollés ) , اسم ربما لم يسمع به الكثيرون لأشهر قاتلة أطفال في التاريخ الحديث , امرأة كاتلونية تجردت من كل عاطفة و رحمة و تحولت الى مخلوق بشع يقتات على بقايا الأطفال و أشلائهم , ليس لمرض عقلي او عقدة نفسية كما هو الحال بالنسبة لبقية المجرمين , لكن من اجل المال , فالأطفال هم جزء من مهنتها و شحومهم و دمائهم هي أهم عنصر في صنعتها , فهي ساحرة شريرة تحتفظ بمجموعة من الكتب و المخطوطات السحرية القديمة و تستعملها لصنع وصفاتها الدموية , انركيتا لم تكن أول و لا اخر الساحرات , فهناك الكثيرات منهن , بعضهن يعشن في أحيائنا و ربما مررن بنا دون ان نشك بهن للحظة , عجائز طيبات وديعات في النهار و شريرات قاسيات يتجولن في الليل في المقابر للعبث بجثث الموتى او القيام بأمور لا أخلاقية و شاذة من اجل إرضاء الجن و الشياطين , الله وحده يعلم كم من الأطفال تم اختطافهم بواسطة هكذا عجائز؟ يخدعوهم بقطعة حلوى ثم لا يسمع عنهم احد بعد ذلك و لا يعلم ماذا جرى و حل بهم , أطفال مساكين لم تتخيل عقولهم البريئة هكذا إجرام و قسوة. في نهاية القرن التاسع عشر , في احد شوارع برشلونة القذرة , خطت شابة جميلة اول خطواتها داخل المدينة الكبيرة , لا احد يعلم على وجه الدقة من أين أتت و لكنها كانت واحدة من القرويات اللواتي يقدمن الى المدينة كل يوم باحثات عن حياة جديدة و فرصة عمل تساعدهن في التخلص من فقرهن المدقع و المزمن , لكن هذه الأماني و الأحلام سرعان ما تتبخر و تضيع في زحام المدينة , و غالبا ما ينتهي بهن المطاف الى مواخير العهر و بيوت الدعارة ليبعن أجسادهن بأبخس الأثمان , أحيانا من اجل مبيت ليلة او من اجل كسرة خبز , هذه القصة تكررت منذ القدم و لازالت تحدث كل يوم في اغلب المدن الكبرى حول العالم , و انركيتا لم تكن استثناءا من هذه القاعدة , في البداية عملت كخادمة في بيوت احد الأثرياء لكنها تركت هذه المهنة بعد فترة قصيرة و امتهنت الدعارة فغدت واحدة من عواهر برشلونة الجميلات , لكنها تميزت عن الأخريات في انها وضعت لنفسها هدفا , ربما كان لا أخلاقيا و سافلا , لكنه على كل حال كان حافزا لها للوصول الى غايتها التي تجردت في سبيلها من أي مشاعر إنسانية , لقد كانت ذكية و فهمت منذ البداية ما هي البضاعة الرائجة في مهنتها , فبعض الأغنياء مستعدين لدفع مبالغ كبيرة من اجل تحقيق نزواتهم الشاذة , و هؤلاء المرضى النفسيين , الموجودين في كل زمان و مكان , يبحثون عن الأطفال لتفريغ نزعاتهم السادية و رغباتهم الجنسية المنحرفة , و قد بدئت انركيتا بتوفير هؤلاء الأطفال لهم , لم يكن أحدا يعلم من أين تأتي بهم و لم يكن مصدرهم مهما بالنسبة للأغنياء الذين اخذوا يدفعون لانركيتا بسخاء لقاء خدماتها , في عام 1909 داهمت الشرطة شقة انركيتا لتكتشف داخلها مجموعة من الأطفال من الجنسين تتراوح أعمارهم بين الخامسة و الخامسة عشر , لكن رغم إلقاء القبض عليها متلبسة الا ان انركيتا لم تحاكم و سرعان ما أطلق سراحها بواسطة مال و نفوذ زبائنها الأغنياء. لا احد يعلم متى بدئت انركيتا بقتل الأطفال و متى بدء اهتمامها بالسحر و الوصفات السحرية , لكن الأكيد هو ان شغفها الكبير بالمال هو الذي دفعها الى هذا المسلك , فمنذ زمن بعيد , كان هناك اعتقاد قديم بان دماء الأطفال و شحومهم لها خواص طبية و سحرية , من الدم كان السحرة يحضرون إكسير الحب بعد ان يمزجوه بمواد أخرى مذكورة لديهم في وصفات سحرية قديمة , و من الشحم كان يحضر زيت يدهن به الجلد فيعيد له شبابه و نظارته , و في القرن التاسع عشر كان هناك الكثير من الناس لازالوا يؤمنون بهذه الخرافات , فكانت بعض أغنى و أجمل نساء برشلونة يستعملن هذه المستحضرات , و رغم ان اغلبهن يعلمن ما هي المواد التي تصنع منها , إلا ان ذلك لم يكن له أي أهمية , فأطفال الفقراء في نظرهن اقل مرتبة حتى من الحيوانات. في النهار كانت انركيتا تتنكر في ملابس رثة و قذرة أشبه بملابس المتسولين ثم تتوجه الى أكثر أحياء المدينة فقرا و فاقة , كانت تبحث عن ضحاياها قرب الكنائس و الجمعيات الخيرية حيث يتجمع الأطفال الفقراء من اجل الحصول على كسرة خبز , و كانت تراقب الأطفال الذين يلعبون في الشارع بعيدا عن أنظار أهلهم , كان صيدها المفضل هو الأطفال المشردين و اليتامى الذين لا يسأل عنهم احد و الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة و اثنا عشر عاما , عادة تقوم بخداعهم بقطعة حلوى او وعد بوجبة شهية و أحيانا عنوة إذا كانوا صغار في الثلاثة او الرابعة من العمر , ثم تحملهم معها الى إحدى شققها الكثيرة المبثوثة في أنحاء المدينة. اما في الليل فكانت انركيتا تتحول الى دوقة او ماركيزة , فترتدي افخر الثياب و المجوهرات و تذهب بواسطة عربة فاخرة الى دار الأوبرا و المنتديات الاجتماعية الراقية , هناك كانت تتواصل مع زبائنها من الطبقة العليا , تتعرف الى الأغنياء من وجهاء و أعيان المدينة و توفر لهم ما تتطلبه نزواتهم الشاذة , تتقرب الى النساء الجميلات الباحثات عن كسب قلوب الرجال فتقدم لهن اكاسير و تعاويذ سحرية مصنوعة من دماء و أشلاء الأطفال , اما الراغبات ببشرة ناعمة فكانت تمدهن بمستحضراتها التجميلية المصنوعة من شحوم الأطفال , و بالمقابل كان هؤلاء الزبائن الأثرياء يقدمون لانكريتا المال الوفير و الحماية. صورة الطفلة تريزيتا بعد ان حررتها الشرطة من قبضة السفاحة و كذلك صورة لها مع والديها و رجال الشرطة الذين انقذاها اخر ضحايا انركيتا كانت طفلة في الخامسة من عمرها اسمها تريزيتا غيوتر , اختطفتها عام 1912 بينما كانت تلعب أمام منزلها في إحدى الضواحي الفقيرة ثم نقلتها الى إحدى شققها لتحبسها مع طفلة أخرى , و فيما بدء والدا تريزيتا يجولان بيأس في أحياء المدينة و مراكز الشرطة بحثا عن ابنتهم الصغيرة , كانت الطفلة المسكينة قد بدئت تعي ما ينتظرها من مصير اسود , فقد أخبرتها الطفلة المسجونة معها عن طفل صغير كان يلعب معها في الشقة لكن في احد الأيام اصطحبته انركيتا الى المطبخ و مددته على الطاولة الخشبية ثم ذبحته بالسكين و قطعت جسده و ملئت عدة قناني من دمه ثم قامت بإلقاء أشلائه في قدر كبير يغلي لاستخلاص الشحم و لتحضير خلطاتها السحرية , كانت الطفلتان تعلمان بأنهما ستلاقيان المصير ذاته بالتأكيد لولا تدخل القدر الذي شاء ان يضع نهاية أخرى لحياة هاتين الطفلتين , فبعد سبعة عشر يوما على اختطاف تريزيتا لاحظت احدى الجارات , عن طريق الصدفة , طفلة تحدق نحو الشارع بحزن من خلال الزجاج القذر لنافذة شقة انركيتا , كانت المرأة تعرف أطفال الحي جميعهم و لم تكن قد رأت هذه الطفلة من قبل , كما انها كانت تشبه الأوصاف التي عممتها الشرطة عن الطفلة المخطوفة , لذلك قامت المرأة باستدعاء الشرطة. في 12 شباط / فبراير عام 1912 فتحت انركيتا باب شقتها لتفاجئ برجلا شرطة يسألانها عن وجود طفلة غريبة في بيتها , بدت انركيتا مضطربة و مترددة في الإجابة فازدادت شكوك الرجلين بحدوث أمر مريب مما حدا بهما الى دخول الشقة , خلف الباب شاهدا الفتاتين المخطوفتين و عندما سألا انركيتا عنهما أجابت بتلعثم بأن إحداهما ابنتها و الأخرى فتاة وجدتها ضائعة في الشارع فأشفقت عليها و جلبتها الى شقتها , بدا الجواب غير مقنع كما ان نظرات الخوف التي علت محيا الطفلتين و كذلك ملابسهن و أجسامهن القذرة جعلت الشرطيان يرتابان أكثر فقررا تفتيش الشقة , و سرعان ما بدئت تتكشف في زوايا البيت و أركانه , أشياء مرعبة لم يكونا يتخيلان رؤيتها في أسوء كوابيسهما , في المطبخ وجدا كيسا فيه ثياب طفل ممزقة و مغطاة بالدماء و في إحدى الغرف اكتشفوا بقايا بشرية , شعر و أجزاء من الجلد , قناني من الدم , أسنان و عظام لطفل , الغرف الأخرى كانت تعبق برائحة الموت و الجدران و الأرضية مغطاة بالدم , بعد رؤية هذه المناظر الرهيبة سارع الشرطيان الى اعتقال انركيتا و نقلها مع الأطفال الى مركز الشرطة , و سرعان ما بدئت تتكشف خبايا واحدة من أشهر القضايا الإجرامية في تاريخ برشلونة و اسبانيا لتنشر موجة من الخوف و الهلع بين السكان , و أخذت الجرائد تكتب في صفحات كاملة عن انركيتا و جرائمها مطلقين عليها لقب مصاصة دماء برشلونة " la vampira de Barcelona " و هو لقب تستحقه بجدارة , و أخذت التقارير و الشائعات حولها تعم اسبانيا حتى طغت على أخبار القلاقل السياسية و الأمنية التي كانت تعصف بالبلاد آنذاك. في مخابئها الكثيرة المنتشرة في أنحاء المدينة عثرت الشرطة على أشياء مروعة , جثث و بقايا بشرية في كل مكان , ملابس أطفال مغطاة بالدماء , مخطوطات سحرية قديمة مكتوبة بلغات و رموز غير مفهومة , قدور كبيرة كانت تستعمل لغلي الأطفال , و ربما كان اهم و اخطر الأشياء التي تم العثور عليها هو سجل يحتوي على أسماء و عناوين زبائن انركيتا الأغنياء , كانت بينهم أسماء كبيرة و مشهورة كان الإفصاح عنها سيؤدي الى فضيحة مدوية في البلد , الا ان هذه الأسماء لم تنشر أبدا فقد اختفى السجل فجأة و محت آثاره يد خفية متنفذة , و نفس الشيء حدث مع انركيتا حيث لم تحاكم و لم تنشر اعترافاتها بشكل كامل و ادعت الشرطة بأنها حاولت الانتحار مرتين في سجنها ثم وجدت ميتة بعد حوالي السنة على اعتقالها و ادعت إدارة السجن بأنها قتلت على يد السجينات الأخريات و تم دفنها بسرعة في قبر حقير في إحدى مقابر برشلونة و دفن معها الى الأبد سر الأشخاص المتنفذين الذين كانت تتعامل معهم. على الرغم من بشاعة جرائمها , الا ان الكثيرون اليوم يعتبرون انركيتا مجرد أداة و ان القاتل الحقيقي هو أولئك الأشخاص الأغنياء الذين تجردوا من كل شعور إنساني من اجل تحقيق مأربهم و نزواتهم الدنيئة , و هؤلاء هم أيضا من رتبوا لمقتل انركيتا في السجن لكي لا يفتضح أمرهم , و أمثال هؤلاء موجودون في كل عصر و زمان , فاليوم تعتبر تجارة جنس الأطفال و القاصرين من الجرائم المنتشرة في العالم , خصوصا في الدول الفقيرة , حيث لم تعد هناك حاجة لخطف الأطفال اذ ان ذويهم الفقراء غالبا ما يبيعوهم مجبرين مقابل مبالغ زهيدة ليتم استغلالهم جنسيا او يتم قتلهم من اجل الحصول على أعضاء جسدهم.