حينما أطلق صالح سليم صرخته الأولى مقبلاً على الحياة فى مثل هذا اليوم الحادى عشر من سبتمبر عام 1930، كان هو اليوم الخالد فى ذاكرة عشاق الساحرة المستديرة فى المحروسة، فحينما ولد المايسترو بدأ يتحسس طريقة نحو عالم الشهرة والأضواء، فقاد أوركسترا الكرة المصرية من فوق مسرح الأهلى وعزف بالحب والإخلاص على وتر المجد الأحمر، وأصبح صانع البسمة فى القلعة الحمراء، ونجح أن ينال احترام الجميع بعدما تفرد بأن يكون أسطورة الأهلى الخالدة على مر العقود.
ففى حى الدقى بمحافظة الجيزة، ولد أسطورة الكرة المصرية وأحد النجوم الخالدة فى تاريخ الأهلى لاعبا ورئيساً، والده هو الدكتور “محمد سليم” أحد رواد طب التخدير فى مصر، ووالدته السيدة “زين الشرف” والتى تزوجها بعد قصة حب بدأت أحداثها فى سن مبكرة وتحدى بها ومعها الجميع حتى استطاع أن يظفر بها قلبه.
حكاية حب الساحرة ..
عشق صالح سليم كرة القدم منذ طفولته، وانضم إلى فريق المدرسة ثم منتخب المدارس الثانوية أثناء دراسته بالمدرسة السعدية، وفى عام 1944م انضم إلى صفوف الناشئين بالنادى الأهلى بعد أن اكتشفه حسن كامل المشرف على فريق الأشبال بالنادى.
نجاحات خالدة ..
انتقل “سليم” فى نفس العام لصفوف الفريق الأول للنادى الأهلى الذى استمر فى اللعب معه حتى عام 1963م، قبل أن يترك النادى للاحتراف فى فريق جراتس النمساوى، ثم عاد مرة أخرى للنادى الأهلى لإكمال مسيرة نجاحه حتى عام 1967 حيث قرر اعتزال اللعب، وفى نوفمبر من نفس العام منحه الرئيس المصرى الراحل “جمال عبد الناصر” وسام الرياضة.ر” وسام الرياضة.
صالح سليم ينتصر لكبرياء الأهلى على بروتوكول مبارك ..
فى عام 1995 أثناء مباراة نهائى البطولة العربية للأندية بين الأهلى المصرى والشباب السعودى، غضب صالح سليم رئيس النادى الأهلى قبل بداية المباراة لاكتشافه أن رجال الرئيس السابق حسنى مبارك اختاروا له مقعدًا فى نهاية الصف الأمامى من المقصورة الرئيسية لملعب القاهرة خلف الوزراء والضيوف الأشقاء من أمراء السعودية، فغضب بشدة من هذا البروتوكول التنظيمى، وقرر المايسترو الانسحاب ومغادرة الاستاد من أجل كرامة النادى الأهلى، صاحب الحفل ومستضيف الحدث”.
وعلى الفور جرت اتصالات وضغوط على المايسترو الغاضب، لكنه أصر على موقفه وانتهى الأمر برضوخ رجال البروتوكول للأصول، وجلس المايسترو بجانب حسنى مبارك الذى علم بكواليس ما حدث وطلب مصالحة رئيس الأهلى والجلوس بجواره، فى الوقت الذى جلس فيه رئيس الوزراء بعيداً عن الرئيس، لينتصر الأهلى وليُثبت فيه أنه الأقوى من رئيس الجمهورية نفسه.
ورغم محاولات عبد المنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة وقتها رد الصفعة لرئيس الأهلى الذى أحرجه بشدة، إلا أنه فشل حتى رحل من منصبه.
أرقام قياسية فى حياة المايسترو ..
كان الراحل “صالح سليم” دائماً ضمن القائمة الأساسية للنادى الأهلى والمنتخب المصرى حتى اعتزاله عام 1967م، واستطاع أن يحقق مع النادى 11 بطولة دورى من أصل 15 بطولة شارك بها منذ بداية الدورى المصرى لكرة القدم عام 1948م، وكذلك حقق مع النادى الأهلى بطولة كأس مصر 8 مرات، كما أحرز مع فريقه كأس الجمهورية العربية المتحدة عام 1961م.
على المستوى الدولى انضم “صالح سليم” إلى منتخب مصر عام 1950م، وكان كابتن الفريق الذى فاز بكأس بطولة الأمم الإفريقية عام 1959م بالقاهرة، كما شارك مع المنتخب الوطنى فى دورة الألعاب الأولمبية بروما عام 1960م.
عقب أربع سنوات من اعتزاله تولى “صالح سليم” منصب مدير الكرة وذلك فى عام 1971م، وبعد أن تم انتخابه عضواً فى مجلس إدارة النادى عام 1972م، خاض انتخابات رئاسة مجلس إدارة النادى أمام الفريق “عبد المحسن مرتجي” ولكنه لم يحقق الفوز، ليعاود المحاولة مرة أخرى عام 1980م، حيث استطاع الفوز برئاسة مجلس إدارة النادى الأهلى وأصبح أول لاعب كرة قدم يتولى هذا المنصب.
عودة الأسطورة للإنقاذ ..
استمر “صالح سليم” رئيساً للنادى الأهلى حتى عام 1988م حيث قرر الابتعاد عن الساحة وترك الفرصة للآخرين لخوض التجربة، إلا أن سوء نتائج الأهلى كانت سبباً لعودته مرة آخرى للنادى من أجل إعادة الاستقرار عام 1990م، حيث استطاع بشعاره المعروف “الأهلى فوق الجميع” إحلال الاستقرار داخل النادى الأهلى إلى أن وافته المنية عام 2002م.
أحرز صالح سليم فى حياته الكروية 101 هدف منهم 9 أهداف أحرزها خلال فترة احترافه فى النمسا مع فريق جراتس، و 92 هدفاً أحرزهم مع النادى الأهلى فى بطولتى الدورى والكأس.
حقق “المايسترو” إنجازاً شخصياً كونه اللاعب الوحيد الذى أحرز سبعة أهداف فى لقاء واحد وكان ذلك أمام النادى الإسماعيلى فى مباراة أحرز فيها الأهلى ثمانية أهداف، كما كان له انجازين شخصيين آخرين هما أكبر عدد من البطولات يحرزها نادى فى عهد رئيس واحد وهو 53 بطولة واجرازه هو وجيله من اللاعبين على 9 بطولات للدوى متتالية وهو رقم لم يكسر حتى الآن، لأن الرقم التالى هو 8 بطولات وللأهلى أيضا.
المايسترو يعزف على نغمة الفن ..
لم تقتصر شهرة الراحل “صالح سليم” على المجال الرياضى فقط، بل اقتحم المجال الفنى وشارك بالتمثيل فى عدد من الأفلام السينمائية منها “السبع بنات” و”الشموع السوداء” و”الباب المفتوح” محققاً نجاحاً كبيراً على المستوى الفنى وجاذباً إليه قدر كبير من الجماهير المصرية، وفى 6 مايو عام 2002م توفى الفنان والرياضى “صالح سليم” عن عمر يناهز 72 عاماً عقب معاناته مع مرض سرطان الكبد.
رحمك الله يافخر الكرة المصرية