رغم مرور شهور قليلة على إسقاط الجماعة الإرهابية، ورغم أن أغلب أحداث هذه الفترة تم توثيقها بالصوت والصورة إلا أنه مازال يوجد مغيبون يتعاطفون مع الجماعة.
«روزاليوسف» ترصد أبرز جرائم «الإخوان» على مر العصور وصولا إلى 30 يونيو وأحداث العنف التى شهدتها جميع محافظات الجمهورية ولاتزال مستمرة حتى الآن، بالإضافة إلى رصد النماذج الموجودة فى دول أخرى حول توثيقها لجرائم تسببت فيها حركات أو عدوان خارجى.
ففى عام 1948 ظهرت أهم أهداف الجماعة في تطبيق نظام إسلامى اجتماعى والمساهمة فى الخدمات الاجتماعية فى مصر، وفى الفترة ما بين الحرب العالمية الثانية وعام 1952 سمح الملك فاروق للإخوان بالعمل كحزب سياسى لمواجهة حزب الوفد، وفى عام 1948 شارك متطوعون منهم فى حرب فلسطين.. ولدى عودتهم إلى القاهرة وجهت إليهم اتهامات بالتآمر ضد النظام الملكى بهدف إقامة جمهورية ثيوقراطية، وأصدر رئيس الوزراء - آنذاك - محمود النقراشى مرسوما بحل الجماعة، ومصادرة ممتلكاتها واعتقال أفرادها، وبعد عشرين يوما قام أحد أعضاء الجماعة باغتيال النقراشى، وفى أوائل عام 1949 اغتيل مؤسس الجماعة حسن البنا.
∎ تأسيس التنظيم السرى
وفى 10 ديسمبر سنة 1946 ضبط بعض أفراد الجماعة بمدينة الإسماعيلية، أثناء محاولاتهم لصنع قنابل ومفرقعات، ووقعت بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1946 حوادث إلقاء القنابل، إذ انفجرت 5 منها فى عدة أماكن بمدينة القاهرة وضبط من مرتكبيها اثنان من الجماعة قدما لمحكمة الجنايات، التى قضت بإدانة أحدهما «الجناية رقم 767 سنة 1946 قسم عابدين- 177 سنة 1946 كلى».
بعد تأسيس التنظيم السرى شهدنا مزيدا من الاغتيالات السياسية، أبرزها اغتيال أحمد بك الخازندار، القاضى الذى أصدر أحكاما على مجموعة من شباب حزب مصر الفتاة، بسبب قيامهم بنسف النادى الإنجليزى بالإسكندرية، وفى يوم من أيام شهر مارس 1948 بضاحية حلوان بالقاهرة، وحين كان يخرج من منزله باغته اثنان من الشبان وأطلقا عليه النار، فخر صريعا، وتبين بعد ذلك أن الشابين ـ وهما حسن عبد الحافظ، ومحمود زينهم ـ ينتميان إلى جماعة الإخوان المسلمين.
أيضًا من بين أشهر الحوادث فى 20 يونيو 1948 اشتعلت النيران فى بعض منازل حارة اليهود، وفى 19 يوليو تم تفجير محلى «شيكوريل» و«أركو» المملوكين لتجار يهود، ويكون الأسبوع الأخير من يوليو والأول من أغسطس هما أسبوعا الرعب بالقاهرة، حيث تتوالى الانفجارات فى ممتلكات اليهود وتهتز المرة تلو الأخرى شوارع قلب العاصمة بتفجيرات عنيفة راح ضحيتها الكثيرون، وخلال أسبوعين دمرت محلات «بنـزايون» و«جاتينيو» و«شركة الدلتا التجارية» ومحطة «ماركونى» للتلغراف اللاسلكى.
∎ المنشقون عن الجماعة
فى عام ,1960 دعا المنشقون عن الجماعة، بقيادة سيد قطب، علنا إلى استخدام العنف لقلب نظام عبد الناصر «النظام المرتد» على حد قولهم، مما دفع عبدالناصر إلى شن حملة اعتقالات جماعية لقيادات وأعضاء الإخوان، وفى عام 1966 تم إعدام 6 من قيادات الإخوان فى مقدمتهم سيد قطب.
وبعد وفاة ناصر عام ,1970 أفرج السادات عن عدد من المسجونين الإخوان الذين قد تخلوا عن اللجوء للعنف كأسلوب فى التعامل. وفى عام 1977 طلب الإخوان المسلمين تعزيز علاقتهم بالسادات، ورفع المرسوم الذى أصدر عام 1954 بالحظر العسكرى عليهم، ورفضت المحكمة إلغاء الحظر وقدم استئناف لهذه القضية عام 1992 لمحكمة أعلى.
لكن على مدار 30 عاما من تولى مبارك حكم البلاد لم تشهد تلك الفترات أحداث عنف فجة كما شهدتها الأنظمة السابقة، وكانت الجماعة فى علاقات تفاهم ومصالح مع النظام سواء بالحصول على مقاعد فى مجلس الشعب أو السيطرة على النقابات، وكان أبرز أشكال الصدام بين الجماعة والسلطة على سبيل المثال فى 2007 حيث تم القبض على 40 من قيادات الإخوان فى مقدمتهم خيرت الشاطر، النائب الثانى لمرشد الجماعة، وتوجيه تهمة تمويل جماعة محظورة وغسيل الأموال لهم والحكم عليهم بمدد مختلفة، تراوحت بين ثلاث وعشر سنوات.
فى العام 2008 أصدر مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية تقريرا حول انتهاكات عناصر الإخوان المسلمين منذ 30 يونيو 2013 وحتى يناير 2014 أوضح التقرير أن إجمالى عدد الاعتداءات على المنشآت الحكومية 65 اعتداء وعدد المصابين جراء عنف جماعة الإخوان الإرهابية 1740 بينما توفى 124 مصريا نتيجة العنف المتواصل منذ فض اعتصامى رابعة والنهضة للجماعة الإرهابية.
وشملت أعداد الضحايا والمصابين فى أحداث القتل والتعذيب على أيدى أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية فيما قبل فض الاعتصام 82 قتيلا أثناء الاشتباكات و3 قتلى عمدا، و22 حالة تعذيب حتى الموت و44 حالة تعذيب واعتداء، فضلا عن قطع الطريق، وهو أمر يجرمه القانون، وحالات استغلال للأطفال والنساء وتعريضهم للتعذيب النفسى وأخطار الموت لاستدرار عطف المجتمع الدولى.
كما بلغ إجمالى حالات العنف الانتقامية التى ارتكبتها جماعة الإخوان وأنصارها بعد فض الاعتصامين 52 حالة عنف ما بين حرق كنائس ومنشآت شرطية ومنشآت عامة، فضلاً عن التعدى على ممتلكات خاصة واشتباكات وترويع لمدنيين.
∎ المنيا
تمت سرقة وحرق متحف ملوى بالكامل بمحافظة المنيا، حيث سرقت (1045) قطعة أثرية، واقتحام مقر مركز شرطة مغاغة بالمنيا وقتل ضباطه، وحرق والتعدى على 20 كنيسة ومبانى تابعة لها؛ ففى محافظة المنيا تم حرق 5 كنائس وهي كنيسة المعمدانية والكنيسة الإنجيلية وكنيسة الأمير تادرس وكنيسة الآباء اليسوعيين وكنيسة جمعية خلاص النفوس. والاعتداء على 3 كنائس وهي دير العذراء والأنبا إبرام والكنيسة الإنجيلية والكنيسة الرسولية الثالثة. بجانب الاعتداء على 5 منشآت تابعة للأقباط وهى مدرسة الراهبات بمدينة المنيا والمركز الطبى وسكن الراعى بالكنيسة الرسولية الثالثة وحرق قاعة العزاء على طريق مصر أسوان الزراعى مملوكة لمطرانية ديرمواس، وحرق مدرسة الأقباط بوسط مدينة المنيا. بجانب الاعتداء على عدد من المحال التجارية.
∎ حرق المحافظات
استمر مسلسل الدم فى محافظات عدة منها؛ محاولة حرق مجمع محاكم الجنايات والاستئناف بالإسماعيلية، حرق مقر الأمن الوطنى بالشرقية، حرق جراج محافظة بنى سويف، تحطيم مبنى مديرية القوى العاملة فى بنى سويف، اقتحام مبنى نيابة ومحكمة بنى سويف، وتحطيم واجهة مبنى المجلس المحلى بمحافظة بنى سويف.
كما تم حرق قسم شرطة الوراق، حرق قسم شرطة كرداسة والتمثيل بجثث الضباط، اقتحام قسم حلوان بالرصاص والخرطوش، ومحاولة اقتحام قسم شرطة بندر بنى سويف، ومحاولة اقتحام قسم شرطة الواسطى بنى سويف ومحاولة اقتحام قسم مدينة نصر أول أثناء ساعات حظر التجول.
وفى محافظة أسيوط تم حرق كنيستين وهما كنيسة الملاك وكنيسة نهضة القداسة التابعة للطائفة السبتية.
وفى محافظة سوهاج تم اقتحام وحرق مطرانية مار جرجس بالإضافة إلى عملية سلب ونهب لمحتويات المطرانية والاعتداء على عدد من القساوسة.
بينما فى محافظة الفيوم أُضرمت النيران فى ثلاث كنائس واستراحة ولم يتضح من المتسبب فى إحراق تلك الكنائس. وفى محافظة شمال سيناء تم إشعال النار فى كنيسة «مار جرجس» بالعريش.
أما فى محافظة الغربية فكانت هناك محاولة اقتحام مطرانية سان بول بشارع حسان بن ثابت بطنطا.
وقد تركزت الاشتباكات فى اليوم التالى لفض الاعتصام فى محيط ديوان عام محافظة الجيزة حيث قام أنصار الرئيس المعزول بإلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة على مبنى ديوان عام المحافظة. والاشتباكات فى منطقة نصر الدين.
∎ عروس البحر المتوسط تغرق فى الدماء
فقدت الاسكندرية منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن أكثر من101 شرطى ومدنى وأصيب خلال مواجهة الإرهاب700 شاب، وكان ثمنا باهظا دفعه السكندريون لإسقاط أسطورة أن مدينة الثغر معقل لجماعة الإخوان المسلمين. بدأ مخطط الإرهاب بالاسكندرية منذ يوم28 يونيو بمنطقة سيدى جابر فظهر شباب الجماعة يرتدون أغطية الرأس الخاصة بقائدى السيارات وحلت أسلحة الخرطوش محل الأسلحة البيضاء والعصى وظهر لأول مرة احتلال الجماعة لأسطح العقارات وتواجد القناصة ليطلع مشهد الإرهاب على المحافظة وتتحول منطقة سيدى جابر إلى معركة لحرب الشوارع ويسقط القتلى والمصابون من الأهالى والشرطة ويتصاعد عنف الجماعة صبيحة إعلان القوى الوطنية والقوات المسلحة عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى.
وكان المشهد الأكثر قسوة ودموية عندما رفعت أعلام القاعدة السوداء مصاحبة لإلقاء الجماعة للأطفال من أعلى أسطح العقارات: حاولت الجماعة الإرهابية تكرار مشاهد جمعة الغضب يوم28 يناير2011 فى الذكرى الثالثة لثورة يناير 2014 ولكن تصدى لهم كل من الجيش والشرطة والأهالى ولم يتمكنوا سوى من قطع الطرق وإشعال النيران فى مبنى المجلس المحلى بكوم الدكة المقر المؤقت للمحافظة ولم تشفع لمكتبة الإسكندرية قيمتها الحضارية والثقافية من محاولة أنصار الجماعة اقتحامها وإشعال النيران فيها حيث استطاعت القوات الخاصة وفرق مكافحة الشغب والإرهاب الوقوف فى وجه الإرهاب وجاءت خسائر المكتبة تلفيات بسيطة فى واجهة قاعة المؤتمرات الملحقة بالمكتبة .
الجماعة لم تخش حرمة المساجد واطلقت النيران من داخل مسجد القائد إبراهيم فى يوليو الماضى بل شهد محيط المسجد اشتباكات عنيفة فى شهر رمضان وليلة العيد التى اسفرت عن وقوع قتلى، وشهدت تعذيبا لعدد من النشطاء المعارضين للجماعة داخل المسجد وربطهم بالحبال والاعتداء عليهم بالضرب.
تحولت الجماعة وأعضاؤها إلى إرهاب المواطنين من خلال مسيرات رسمت لون الحداد على المناطق التى تمر فيها فالاشتباكات المسلحة واستخدام الأسلحة الآلية من جانب أعضاء الجماعة الملثمين الذين يتقدمون المسيرات رسمت الإرهاب فى فيكتوريا وسموحة والإبراهيمية أصبحت سمة، بينما ساحة مسجد القائد إبراهيم شهدت إطلاقا لأعيرة نارية من داخل المسجد.
∎ توثيق الجرائم
يقول د.رفعت السعيد - رئيس حزب التجمع سابقا - كعادتها «روزاليوسف» صاحبة المبادرات التنويرية، لأن فكرة توثيق متحف لجرائم الإخوان المسلمين هى خطوة جيدة جدا لتوضيح حقيقة هذه الجماعة الإرهابية للأجيال الجديدة بل لشباب جماعة الإخوان أنفسهم حتى قياداتهم فهم لايعرفون تاريخ الجماعة بشكل صحيح، كل مايعرفونه أن حسن البنا رجل عظيم وإمام ومفكر ولايعرفون حقيقة الأفكار الإجرامية التى ارتكبها منذ إطلاقه فكرة تأسيس الجماعة.
أضاف السعيد: أنا أول المتطوعين لتدشين هذا المتحف، لدى أكوام من المواد الوثائقية والكتب والدراسات التى يمكن ضمها للمتحف، فتاريخهم ملىء بالجرائم منذ الأربعينيات ابتداء من محاولات اغتيال النقراشى وأحمد ماهر وصولا إلى عبدالناصر ثم التنظيم القطبى لسيد قطب وأتباعه وأفكارهم الإجرامية، وملفات هذه القضايا تحتاج إلى الإفراج عنها من المتحف القضائى الموجود فى «بدروم» دار القضاء العالى الملىء بالوثائق ونصوص التحقيقات التى مازال لا يعرف عنها الكثير.
وأشار السعيد إلى أنه خلال شهرين يمكن أن تخرج فكرة المتحف إلى النور بمجرد أن يصدر قرار من رئاسة الوزراء بتسليم مقر الإرشاد لوزارة الثقافة.
∎ اليابان سبقتنا
ومن جانبه يحكى الكاتب الروائى يوسف القعيد عن نموذج مشابه لمتحف جرائم الإخوان فى اليابان، عندما سافر إليها فى إحدى المرات.. يقول: فى مدينة هيروشميا التى ضربتها القنبلة النووية الأمريكية لتسجل نهاية الحرب العالمية الثانية، قام اليابانيون بتوثيق هذه المذبحة الأبشع فى تاريخ الإنسانية، وعندما يدخل الزائر إلى المتحف يسألونه عن جنسيته، ليحصل على سماعات ليستمع إلى الترجمة باللغة العربية لوصف الاعتداء الأمريكى الغاشم على هيروشيما.
يضيف القعيد، أنه بمجرد تجوله فى المتحف وجد وصفا توصيفيا ليوم ضرب هيروشيما مصاحبا بمؤثرات صوتية وبصرية وكأن الزائر يعيش نفس اللحظة التاريخية، بكل تفاصيلها، من آخر شجرة نجت من القنابل والمرأة التى نجت من القصف، وكان عرضا فنيا رمزيا غاية فى الروعة والتأثير.
وشدد القعيد على أهمية توثيق جرائم الجماعة لأن التأخير فى ذلك يصب فى مصلحة الإخوان، فسوف يأتى 14 اغسطس ويتشدق المتعاطفون بحق الدم بدون وجود أى توثيق يرد على إرهابهم، مشيرا إلى أنه ضد ترميم جميع الكنائس التى طالتها يد الإرهاب والعدوان، حتى يبقى نموذج منها ليوضح ما فعله أفراد الإخوان فى المنيا وأسيوط وكل محافظات مصر، وأن يصاحب ذلك شرح تفصيلى بالصوت والمواد الفيلمية، وتكون فكرة تدشين المتحف قائمة على توصيل محنة 365 يوما عاشها المصريون بعد 30 يونيو والمحن الأخرى التى سطرتها الجماعة منذ تأسيسها.
∎ التلاعب بالتاريخ
«التاريخ المصرى يتم التلاعب به طوال الوقت».. هكذا بدأ الفنان التشكيلى محمد عبلة حديثه عندما طرحنا عليه فكرة المتحف، وأضاف: يمكن تقسيم المتحف إلى عدة أجزاء، أبرزها قسم جرائم الجماعة التى نفذها الجناح العسكرى لها منذ تأسيس حسن البنا للجماعة، بالإضافة إلى جناح العنف الطائفى والذى ظهر جليا بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة وحرق الكنائس والأديرة المسيحية فى جميع محافظات مصر، بالإضافة إلى جناح يضم المواد الفيلمية بالصوت والصورة التى تسجل عنف الجماعة للاعتصام الأشهر لرابعة العدوية واستخدامهم الأسلحة وخطفهم للمواطنين الأبرياء وتعذيبهم وتوثيق جميع الشهادات فى هذه المرحلة.
ويرحب وزير الثقافة د.جابر عصفور بمبادرة روزاليوسف قائلا: لا يوجد شىء لجماعة الإخوان المسلمين سوى تاريخ أسود، والوزارة بكامل استعدادها لدعم هذا المشروع للخروج إلى النور وسنوفر له جميع الإمكانيات لتنفيذه بالتواصل مع دار الكتب والوثائق وإمكانية الحصول على جميع الوثائق المحفوظة على مايكروفيلم منذ الأربعينيات، والتى تخص اغتيالات الخازندار وأحمد ماهر والنقراشى.
مشيرا إلى أن لجنة التاريخ فى المجلس الأعلى للثقافة تفتح أبوابها لأى بحث أو معلومة يمكن الاستفادة منها لتكون من محتويات هذا المتحف.
يضيف عصفور: إن المتحف يحتاج إلى الوسائط المتعددة ليجذب جميع الشرائح العمرية خاصة جيل الشباب المستهدف والذى ينساق وراء المعلومات المبتورة غير الصحيحة وغير الكاملة المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعى كالفيس بوك وتويتر.
أما عن اختيار مكان المتحف، فلم يعترض عصفور على اختيار أى مكان سواء مقر الإرشاد أو غيره مؤكدا على أهمية الوقوف على أكبر قدر من المعلومات والدراسات التى تبنى متحفا يوثق جميع جرائم الجماعة على مدار التسعين عاما الماضية، مؤكدا على أهمية إبراز محاربة هذه التيارات الظلامية للثقافة والفنون وهجومهم على اعتصام المثقفين وقتلهم للمخالفين لهم فى الرأى بميليشيات عسكرية أمام أبواب قصر الاتحادية تحت مسمع ومرأى من رئيسهم محمد مرسى.
∎ شمولية الجرائم
يقول سامح عيد، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، ومؤلف كتاب «تجربتى فى سراديب الإخوان»: إن فكرة التوثيق جيدة، لكن يجب أن تكون شاملة لكل جرائم الإخوان وأن أبسط أجزائها هو فى العصر الحديث وبعد وصولهم للحكم واسقاطهم فى 30 يونيو خاصة أن ذاكرة اليوتيوب سوف تكون عاملا مساعدا ورئيسيا فى استعادة هذه الفترات التاريخية القريبة، ولكن سيبقى الأهم فى هذا التوثيق هو استعادة تاريخ الجماعة منذ 1948 ثم مرحلة الاغتيالات وتنظيم 1965 لسيد قطب ومجموعة عبد الفتاح اسماعيل ثم حادثة الفنية العسكرية 1984 ثم الحقبة الدموية للجماعات الإسلامية التى خرجت من رحم الإخوان فى الفترة من 1985 إلى 1997 وحادث الأقصر الشهير.
يشير عيد إلى أن هناك جانبا مهما يجب ألا يتم إغفاله فى توثيق جرائم الإخوان المسلمين فى هذا المتحف وهو التركيز على جرائمها أيضا خارج الحدود المصرية ومحاولة هدمها لدول عربية آنذاك، موضحا أن اغتيال حسن البنا فى 1948 لم يكن فقط لجرائمه داخل مصر واغتيالات النقراشى والخازندار ولكن هو إدراك الملك فاروق وقتها لخطورة حسن البنا فى مساهمته فى قتل ملوك دول عربية.
وطالب عيد بأهمية أن يلف هذا المتحف جميع محافظات مصر، وتنظم على هامشه الندوات والمؤتمرات وورش العمل الخاصة بعقد أوراق بحثية يشارك فيها الشباب المصرى ليعلم حقيقة هذه الجماعة التى مارست العنف والإرهاب ضد الشعب المصرى على مدار سنوات بعيدة.
ويتفق معه الشيخ نبيل نعيم، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، مؤكدا على أهمية هذا المتحف والدليل أن الأتراك استطاعوا بمساعدة الإخوان فى العصر الحديث أن يجعل أردوغان الجماعة تحرق له وثائق المجمع العلمى بالتحرير لأنه كان المكان الوحيد الذى يضم ما يوثق مذبحة الأتراك للأرمن، وهو ما يؤكد أهمية وجود مكان لتوثيق جرائم الجماعة الإرهابية والأخلاقية.
أوضح نعيم أن الكثيرين لايعلمون السقوط الأخلاقى الذى وقعت فيه الجماعة والتى أجبرت حسن البنا على محاكمة عبدالحكيم عابدين أحد قيادات الجماعة بعدما ثبت تورطه بعلاقات نسائية مع أعضاء التنظيم، مشيرا إلى أن الكشف وفضح هذه الجرائم أمام الجيل الجديد سوف تلعب دورا كبيرا فى نفور أغلب المتعاطفين عن جهل وعدم معرفة مع الإخوان المسلمين.
∎ دماء معاصرة
ويوضح الدكتور خالد عزب - مؤلف كتاب الاغتيالات السياسية فى مصر (1910-1981) دماء فى تاريخ مصر المعاصر من خلال الوثائق ومحاضر التحقيق - أن محكمة شمال القاهرة تضم أشهر القضايا السياسية والجنائية الخاصة بالإخوان وغيرهم، وهى مادة ثرية جدا تحتاج إلى الإفراج عنها من هذا المكان الضيق الموجودة به وأغلب الجمهور لايعرفه، مشيرا إلى أن متاحف الجريمة منتشرة فى جميع أنحاء العالم سواء فى أمريكا أو فرنسا وألمانيا وكندا، والهدف منه يكون الإفصاح عن التاريخ للجمهور بالإضافة إلى أسلوب لردع المجرمين لعدم تكرارها وتعبيرا عن رفض المجتمع وتطهره من مثل هذه الأنواع من الجرائم.
ويرحب الأب أيوب يوسف، راعى كنيسة مارجرس للأقباط الكاثوليك بدلجا بفكرة المتحف قائلا: مستعد لتقديم جميع ما أحتفظ به من حطام وأمهات للكتب لرفاعة الطهطاوى ومحمد عبده، تعرضت للحرق وأثاث تم تدميره ليتم ضمها إلى المتحف ليشهد الجميع العنف الطائفى الذى أشعله فى البلاد بعد 30 يونيو وإسقاطهم، مشيرا إلى أن توثيق مثل هذه الجرائم هو الذى يجعل الأجيال الجديدة تقدر كيف يعيش أبناء هذا الوطن فى سلام ولا يمكن أن يفرقهم أحد رغم كل الأزمات المفتعلة.