أكرم السعدني

«إن مصر ليست ملكاً للحزب الوطني».. مقولة توقفت أمامها خصوصاً أن قائلها هو أحد أعمدة لجنة السياسات وهي العقل المفكر للحزب الوطني الحاكم وهو السيد علي الدين هلال الرجل الذي أعتز بمعرفته منذ وقت بعيد، وقد تعرفت عليه ليس بفضل عظمتي أو عبقريتي لا سمح الله ولكن عن طريق السعدني الكبير الذي اتسعت دائرة صداقاته لتشمل الصغار والكبار،

والحق أقول إن كلمات الدكتور علي الدين هلال أطربتني وأدخلت السرور علي قلبي ولكنها لم تستطع أن تخترق جمجمتي المصفحة ليس لأنني حمار أو لا أفهم لكن لأن الواقع يفيد بعكس ذلك تماماً، فمصر منذ أيام حكم الرئيس الراحل أنور السادات والحزب الوطني يتحكم فيها وبها فهو يمثل مقار الاتحاد الاشتراكي العربي وهو التنظيم السياسي الحاكم أيام عبد الناصر صحيح أن هذا التنظيم انكشف وبان علي حقيقته وتبين لنا جميعاً أنه حزب هش ورقي كارتوني، لكنه عندما يكون في السلطة وهو بهذه الصفات كلها فإنه يحكم ويتحكم لأن التنظيم السياسي المحرك للشارع والحكومة في بر مصر ولو هبت نسمة ديمقراطية حقيقية تجعل من تداول السلطة أمراً طبيعياً فإن الحزب الوطني الديمقراطي سيلقي نفس المصير الذي آل إليه المرحوم الاتحاد الاشتراكي، ذلك لأن التجربة علمتنا أن الأحزاب الهابطة لا تستطيع العيش إلا من خلال الدعم المتواصل، أما الأحزاب القادمة من وسط الناس وبهم فهي التي لها جذور ولها أهداف وعندها بدائل وحلول ونظريات، ولو أننا مثلاً استمعنا في عهد المرحوم صدام حسين لمسئول عراقي بارز يقول إن العراق ليست ملكا لحزب البعث هنا سوف تصيبنا الدهشة ويتملكنا العجب لأن البعث في العراق يستطيع أن يفعل ما يشاء، ولكن بمجرد سقوط صدام حسين ذهب حزب البعث في الكازوزة غير مأسوف علي جبروته وعنجهية قادته، ولأنني أحترم وأقدر الدكتور علي الدين هلال فإنني أسأله هل يمكن ممارسة أي نوع من أنواع العمل العام في أي مكان في مصر إلا من خلال الحزب الوطني؟! هل يمكن الترشح للمجالس المحلية بدون موافقة الحزب الوطني ناهيك عن الوصول إلي المناصب القيادية في كل مجال وعليه فإن مصر تصبح ملكاً للحزب الوطني سواء كان اتحاداً اشتراكياً أو حزب مصر أو حزب الوسط أو الحزب الوطني الديمقراطي السعيد، ولأنني أيضاً متأكد من أن الدكتور علي الدين هلال رجل ليبرالي فإنني استحلفه بالله أن يدعو داخل الحزب إلي حوار وطني مع الأحزاب المصرية التي تهشمت وتهمشت بفضل الحزب الوطني، وبالتأكيد المرحلة القادمة من العمل الوطني تحتاج إلي جهود جميع أبناء هذا الوطن وإلي تبادل الأفكار للوصول إلي بر الأمان.

فمصر بالفعل لا تكون ملكاً لحزب عندما يقرر الجميع مصير البلد ومستقبله وعندما يتدارس الجميع قضايا البلد والحزب الوطني الديمقراطي الحاكم يكون مقبولا من الجميع عندما يتبادل الحوار مع الآخر وأزمات المجتمع الحقيقية تصبح مطروحة للنقاش عندما ندير دفة الحوار مع أحزاب لها قاعدة جماهيرية أو أحزاب تناضل لخير عامة شعب مصر وليست لرجال أعماله وصناعاته فقط ويا أيها العم العزيز الغالي الدكتور علي الدين هلال أنا لست عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي ولا أسعي لنيل هذا الشرف في أي وقت من الأوقات، ولكن سوف أنحني لهذا الحزب احتراماً وأمنحه صوتي عندما أشعر بأن مصر لم تعد ملكا له ،وأن الحكم في بر مصر سيكون مداولة بين الحزب الوطني وغيره من بقية الأحزاب!!