تعلم كيف تعود إلى الله
العودة إلى الله .. !!!
وهل نحن نرحل بعيدا عنه أو نولى حتى نعود يا ترى .. ؟!
نعم .. كثيرا ما يحدث للأسف ..
كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام
" إلا من أبي .. .... "
كلٌ يدخل الجنة إلا من أبي .. وما يأبي إلا الخاسرون
الرحيل
تأخذنا الحوادث وثقال الأمور فى الدنيا .. فنلهو عن حقيقة أننا أمة أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام ..
أمه خصها الله تعالى .. بميزات تمناها كل المرسلين .. عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام
بسم الله الرحمن الرحيم ..
" كنتم خير أمة أخرجت للناس .. تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "
صدق الله العظيم
خصنا الله تعالى بأننا الأمة التى نالت شرف البعث المحمدى .. وخصنا بأننا الأقرب إلى رحمته .. وغفرانه
جعل للجنة آلاف الأبواب نصل بها إليها .. وأغلق النار أمامنا إلا من باب واحد ..
الشرك به والعياذ بالله تعالى ..
أفرد لنا من أبواب الجزاء ما لا يحصي عددا ولا يفنى بددا ..
وجعل لنا من سبل النجاة والقرب منه .. عشرات ومئات السبل ..
كلها أهون عملا من بعضها البعض .. وكلها أثقل من بعضها البعض فى خير الجزاء
جعل لنا التوحيد سبيلا للنجاة مهما طال العذاب ..
وجعل لنا حب رسوله عليه الصلاة والسلام طاعة مقربة
وجعل لنا القرآن شفاء .. من كل داء ..
والصلاة دعاء ..
جعل الصوم جُـنةً من كل فتنة .. وجعل الزكاة أمانا لعباده من شر البلايا
وجعل الحج إلى بيته الحرام عودٌ مأمول إلى يوم مقدمنا إلى الدنيا فارغى الكتاب من الذنوب
جعل لنا الطاعات جميعها .. سبلا للفوز فى الدنيا والآخرة .. فالعلم شرف الدنيا .. ومقياس فوز الآخرة
والجهاد طريق التميز فى الدنيا وسبيل القرب منه تعالى فى الآخرة
جعل الهروب منه إليه .. والنجاة منه فى كفيه .. علمنا بالقلم .. وأغدق بالنعم ..
فسبحانه من تفرد فى صفاته تفردا مطلقا ..
من دعانا لقرب منه .. فطوبي لمن أجاب الدعاء
كيف نعود إلى الله
عندما يفقد الإنسان الطريق الحقيقي لهدفه فى الدنيا أو يجهل قيمتها الدنيا .. والهدف منها فى الأساس تحت مختلف الدوافع ..
ثم تأت كلمة .. أو عبارة .. أو حادثة فردية .. أو شخص ما .. تكون الإشارة هنا .. دافعا للحيرة .. والتفكير
والحيرة وعلى الرغم من قسوتها البالغة ..
إلا أنها بداية طريق العودة .. لكن كيف نعود ؟!..
الحيرة فى إجابة السؤال يغلفها الخوف الرهيب من أن نخطئ طريق النجاة
فالمسالك متشابكة .. والأكمة غير واضحة المعالم
ونحن سائرون يأخذنا الإضطراب .. ولا طريق هنا إلا العلم .. والإقتناع
العلم .. لأنه لا هدى بسواه .. والإقتناع الروحى بما نسمعه من العلماء
فى ظل عالم من حولنا يكاد يـُفصح علانية عن ضلاله بعد أن تفرق البشر شيعا مصداقا لقول الرسول عليه والسلام فيما معناه " تتفرق أمتى إلى بضع وسبعين وشعبة كلها فى النار إلا ما أنا عليه وأصحابي "
وفى ظل هذا الوعيد الرهيب والذى تحققت خطواته فى عالمنا اليوم .. يكون الفزع أمرا هينا إلى جوار ما يشعر به كل باحث عن الحق فى ظلمات فتنة ضربت بجذورها فى الأعماق ..
فالثقة أصبحت مستحيلة بأى قول وبكل قائل .. بعد أن أصبحت قِـبلة العلم والممثلة فى العلماء غير مستقرة فى مكانها المعهود فى السعى خلف الحق المجرد .. !
العلماء أنفسهم انتفت عنهم صفة العلم بعد أن ضربت فتنة القول أقوالهم .. وطلبة العلم انتفت عنهم تلك الصفة بتخليهم عن آداب تلقي العلم المتمثلة فى أربعة محاذير تحققت كلها الآن وهى ألا نتعلم العلم لأربعة أشياء .. كى نمارى به السفهاء أو نباري به العلماء أو نأتى به أبواب الحكام أو لنصرف به وجوه الناس إلينا
فكيف يستدل العامة إلى الحق فى العودة إلى الله وأهل الإشارة المنوط بهم التوجيه .. فى حاجة إلى من يُـقيل ضيعتهم ؟!
وقد عاصرنا ورأينا أهوالا كان أبطالها أهل العلم ممن نستهدى بهداهم ..
وليس ما فعلته جماعة منكرى السنة ببعيد الذين أطلقوا على أنفسهم اسم " القرآنيين " فى تناقض غريب ليس له مثيل بين المسمى الذى يدعى الإنتساب للقرآن وبين النشاط الذى يخالف ـ أول ما يخالف ـ القرآن الكريم .. فى تقريره عن السنة وكيف أنها شطر العقيدة ومنكرها ـ بإجماع العلماء ـ كافر لمخالفتهم أدنى مبرر من المنطق قبل العقيدة فى رأيهم المريض الذى يفرق بين السنة المطهرة وبين آيات الله وكأن القرآن الكريم نزل بمعزل عن الرسول عليه الصلاة والسلام ناسين ومتجاهلين حكم القرآن الكريم
" وما أتاكم الرسول فخذوه "
وعاصرنا من قبل الفرق الشيعة المختلفة ولا زلنا نرى من عجائبها الكثير بين ادعائهم الإنتساب لما أسموه " مذهب أهل البيت " وبين احتكاكهم غير المقبول بالصحابة الكرام وهم أقرب الناس إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو القائل فى وضوح " الله الله فى أصحابي .. " فضلا على دور الصحابة فى بناء العقيدة الاسلامية والتى قامت ـ بتوفيق الله ـ على أكتافهم المخلصة
ورأينا زلات بعض أكابر العلماء فى أنشطة أطلقوا عليها اسم الإجتهاد المشروع وهى أبعد ما يكون عن هذا الوصف بخوضها فى مسائل ثابتة فى العقيدة كغيبيات يعتبر الحديث فيها بين العامة وبالشكل الذى انتشرت به داعيا للفتنة لا داعيا للتدبر القرآنى ..
ولا زال المثال الأكبر على هذا المجال ما فعله منذ سنوات قليله الدكتور عبد الصبور شاهين أستاذ اللغة العربية وأحد فقهائها المعروفين والرجل الذى أفنى عمره فى الذود عن الشريعة والفكر الإسلامى وكانت معاركه ضد الأفكار العلمانية والغربية مجال فخر الكثيرين لا سيما معركته ضد نصر أبو زيد فى منتصف التسعينيات والتى تعد من علامات فكره ..
رأيناه يخرج علينا بكتاب أسماه " أبي آدم " .. كتاب لا محل له من الإعراب ولا المنطق حوى من المغالطات العلمية والتشريعية ما يجعله محض تخريف أتى من عقل له تاريخه المعروف فى الفكر .. !
وخاض فى مسألة خلق آدم عليه السلام وكيف أنه ليس أول البشر وأن البشر تختلف عن الإنسان حيث سبق آدم خلق البشر ومن البشر تم اصطفاء آدم عليه السلام ودلل على هذا بأدلة أقرب إلى ترهات وشطحات الفلاسفة القدماء فى الغرب والذين قامت أسس أفكارهم على محاولة تبرير وجود الخلق والتى ظلت مسألة مغلقة الفهم على عقولهم الملحدة فى غيبة الإيمان بخالق ..
فجاء عبد الصبور شاهين ليثير تلك المسألة التى تعد من الغيبيات فى القرآن والسنة ولا مجال لأى فائدة من إثارتها .. لا سيما وأنه أخذ بنفس وجهة النظر الغربية فى التطور والتى حاول من خلالها مفكرو الغرب إيجاد بداية منطقية للخلق مخالفا بذلك ما هو ثابت فى عشرات الآيات والأحاديث زاعما أن هذا جاء نتاج بحث ربع قرن بينما كانت تلك الأفكار مطروحة من مائتى عام فى قدمها بل وتراجع عها بعض مؤيديها من كبار العلمانيين الغرب
وغاب عنا أى تبرير منطقي لما فعله هذا الرجل بكل تاريخه العتيق فى الدفاع عن صحيح الفكر والعقيدة !
والكارثة التى تزيد الأمر تعقيدا أننا لا نتحدث هنا عن اعتداءات جاءت من هواة الشهرة أو أصحاب المذاهب المعادية للعقيدة الاسلامية بل نتحدث عمن هم من رجال الفكر الاسلامى وكباره وعلمائه ..
فكيف بنا نستدل الطريق وسط ضباب الإختلاف المرير بين أهل العلم والذى أصبح اختلافا فى الثوابت لا فى الفروع كما عهدناه فى قدماء المفكرين والفقهاء
ليس أمامنا إلا البحث والتقصي والدراسة واستفتاء القلب بغض النظر عن شخصيات القائلين بالحق حتى يستبين واضحا .. كما قال الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه
" استفت قلبك وان أفتوك "
ولكن يا ترى ..
هل كل القلوب كقلب بن أبي طالب ؟ !!
أزمة قلب أم أزمة عقل
من البلايا المزمنة التى تعانيها الأجيال الحالية من الحائرين اللاهثين خلف الإجابة
هى رهنهم الهداية والحق بالأشخاص لا بالعلم .. ورهنهم للحق بالرجال
وتلك كارثة كبري ..
بسببها رأينا من أسلم نفسه لدعاة الإفراط تارة .. والتفريط تارة أخرى مع أن جوهر العقيدة الإسلامية بسيط الإدراك على الرغم من تعقيده البالغ
وتلك هى معجزة الإسلام الحقيقية ..
فالعقيدة الإسلامية جاءت موسوعة شاملة لما يخص البشر
" ما فرطنا فى الكتاب من شيئ "
صدق الله العظيم ..
من بداية إدراك وجود الخالق .. وحتى تسيير شئون الحياة .. فلا حاجة بنا إلى تعقيد ولا إلى تجهيل أو إفراط أو تعصب
فالإسلام معياره الحقيقي هو الوسطية وتعبر عن جوهره الآيات والأحاديث العملاقة التى اعتدنا سماعها لكن القليل منا من أنصت إليها
بسم الله الرحمن الرحيم
" أفلا ينظرون ... "
صدق الله العظيم
وما نظرنا ..
" أفلا يتدبرون القرءان .."
وما تدبرنا
جاء لنا الرسول عليه الصلاة والسلام بتلك الآيات التى تدعو لإعمال العقل فلا وجود للتعصب إذا .. فكل شيئ مطروح ..
بسم الله الرحمن الرحيم
" فان اختلفتم فى شيئ فردوه إلى الله ورسوله "
صدق الله العظيم ..
أما أن نسلم الآذان والقلوب والأهواء لشخص فلان أو علان مهما كانت قيمته أو قمته التى بلغها ونأخذ عنه دون رد أو سؤال فهذا هو الشرك بعينه ..
تماما كما يحدث للعامة إذا فُـتنت بشخص فقيه أو عالم أو داعية أو حتى مدع .. تجده عندهم قد بلغ الدرجة العليا من العصمة فكل ما يقوله حق حتى ولو كان محض خرافة ..
وما أبعد هذه الأمور عن الإسلام وجوهره المتين .. فالفارق ضخم بين الإحترام الجم الواجب للعلماء كما أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام وبين السؤال الوجب عند الإلتباس
فلا غرو مطلقا فى سؤال العالم عن فتواه أو رأيه ولا مجال للقول بعدم الإحترام عند مناقشة العالم فى أمر من الأمور طالما أنها تُطرح بالأسلوب الواجب للحوار .. فالحق كائنٌ بمكانه المستقل والناس تقصده أو تهدف إليه أو تحيد عنه لأنه لا يأتى إلي أحد قط ولا يُرهن بشخص أحد قط إلا من عصم الله فى رسالاته .. والناس لا تكون حجة على الحق بل الحق هو الحجة على سائر الناس
لكن الأهواء والتى تروق للناس فى مجملها وتمنحهم التصريح المطلوب لفض القلق والإقتناع النسبي بما يقال لهم دون زيادة وعى أو ادراك .. هذه الطباع هى السبب الرئيسي للضياع وللمظاهر الغريبة التى نراها بين الحين والآخر وتكون إما سببا فى الإتكالية أو الفتنة فى الدين
مثال ذلك ما ينتشر من الأحاديث المشرفة أو التفسيرات الموروثة أو الأدعية المأثورة من السلف الصالح ويراها البعض هى المنجى والمأمل فى العقيدة إذا قُرئت أو تم ترديدها ولذا نجد من ينشرها بين الناس ساعيا للحض عليها مبينا بركاتها فيلتقطها من يراها ويهمهم بها ويكتفي بهذا الوصول !
ونحن هنا نتحدث عن الثابت من القرآن والسنة وإجماع الفقهاء من حيث صحة النسبة والأثر
فتحت تأثير ما هو معروف أن من شهد لله بالوحدانية فقد أمن على نفسه حتى لو بعد حين من الخلود فى النار وكذلك بالنسبة للأدعية المشهورة والتى تردد فى كتب السلف أنها احتوت على اسم الله الأعظم والذى ما دعا به أحد إلا وأُجيب بالإضافة إلى عدد من الأدعية المنتقاه للأنبياء عليهم السلام والصالحين رضي الله عنهم ..
تحت تأثير هذا الأمر يركن العشرات إلى ما رددوه ويظنون بأنفسهم بلوغ النجاه دون أن يعطى الواحد منهم لنفسه فرصة التدبر قليلا ..
فالآيات الكريمات والأحاديث المشرفة والأدعية الثابتة والتى حاز إجماع العلماء فى آثارها وفضلها هى حقيقة دون شك ..
ولكن حقيقتها تبرز لمن .. هل تتحقق للجميع .. ؟!
كلا بالطبع ..
فكيف يمكن أن نتصور لحظة أن أشهد بلسانى لله عز وجل بالوحدانية وأشهد لرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام بأداء الرسالة والأمانة ثم أكتفي من هذا بالنطق المجرد منصرفا بقية عمرى إلى ما شئت من موبقات طالما اكتسبت الحصانة اللازمة بمجرد ترديد الشهادة .. ؟!
وكيف يمكن أن نتصور دعاء كريما ردده السلف واكتسب أسبقية الأفضلية يمكن أن يفيد معنا بمجرد اتباع ألفاظه فى القراءة والسمع .. ثم ننتظر اجابته بعد ذلك ؟!
لو أننا سلمنا بهذا فسنكون قد وضعنا الإسلام بعقيدته البالغة العمق فى دائرة بالغة السطحية لا تنتهى إلا إلى ضلال مؤكد لأن الاسلام بلا صكوك غفران ولا وجود فيه لالتماس الضمان على الله عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم
" أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا "
صدق الله العظيم
وأبو بكر الصديق ثانى اثنين إذ هما فى الغار وأفضل الناس بعد رسول الله عليه والسلام والرجل الذى وزن إيمانه إيمان الأمة بأكملها بل ورجح عليه كان هو القائل ..
" والله لو أن إحدى قدمى فى الجنة والأخرى فى النار لما أمنت "
فكيف يأمن من يردد بلسانه وهو فى التفريط قائم مقيم .. ؟!
إن الشهادة لله بالإسلام والتسليم له ما لم يصدقها القلب ويصدقها العمل فهى والعدم سواء بسواء ..
والأدعية التى تتردد وتدعو الناس إلى ترديدها لا فائدة منها مثقال ذرة إلا لمن توافرت فيه شروط الإجابة فهى أدعية مفضلة ومأثورة تمنح الفضل الأكبر لمن عنده الفضل الأصغر ..
لأنها بناء كامل لا يستوى قائما إلا على أساس متين وما لم يتوافر هذا الأساس فلن يبقي البناء مهما علا وبلغ من القوة لحظة واحدة من دون أساسه الساند
ولذلك وتحت تأثير التسطيح رأينا من يستخدم أدعية السلف ويرجو منها الفائدة وهو لا يصلي أو يزكى أو يصوم !
ورأينا من يردد الأدعية وقلبه ملئٌ بالوجد على أصحابه عامرٌ بالحقد على إخوانه أو يرددها وهو عاقٌ لوالديه ناكر لهما!
إن الأدعية وأقوال السلف والمأثور المحمود منهم هى كالسلاح بيد الجندى المحترف .. لو لم يكن جنديا مدربا مؤهلا لحمله واستخدامه فلا فائدة من السلاح هنا مطلقا فضلا على كونه ـ مع الإستخدام الخاطئ ـ قد يؤدى إلى المهلكة وهو ما رأيناه بالفعل عندما ظن هؤلاء بالله أنه يُخدع كما تخدع البشر بالأقوال دون الأفعال ..
فالإسلام أساس يرتكز على أسس العقيدة المسماه فى الشهادة والفرائض ومبنى عامرٌ يرتكز إلى النية الحاكمة لكل تصرف يبرهن على وجود الله عز وجل فى قلب كل مسلم وعند كل وقت
والإسلام الحنيف أعمق مما نظن ملايين المرات وهو العقيدة الأسمى وأمته خير أمة أخرجت للناس وما أكثر ما حوى من فكر وعمق ..
فتعالوا نتأمل ونستبصر ..
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ..
" بنى الإسلام على خمس ............... "
إلى نهاية أشهر الأحاديث النبوية قاطبة .. فكم منا سمعه .. ولكن كم ممن سمعوه تدبروا فى معانيه ؟!
بنى الإسلام على خمس .,
إذا فالمعنى واضح .. فهذه هى أركان الإسلام وأساسه .. فأين الإسلام . أين مبناه إذا .. ؟!
وان كان الإسلام لا يصح إلا بالأركان الخمسة ..
فهل تكفي تلك الأركان وحدها ومنفردة لاكتساب النجاة .. ؟
كلا بالطبع ..
وإلا لما سمعنا عشرات الأدلة التى تعنى هذا القول ومنها .. قول رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما معناه
" لا يدخلن الجنة نمام .. ولا قاطع رحم .. " ثم حديث آخر " ولا من فى قلبه مثقال ذرة من كبر "
ومن بيننا من يقوم ويقعد راكعا وساجدا والقلب منه فى فساد مقيم ..
لأن القلب ذاته محل النية لم يخلص لله تعالى ..
فالحديث الشريف الذى تحدث عن الأركان .. أتمه الحديث الذى تحدث عن النية .. وبه أتاح لنا الرسول عليه الصلاة والسلام معرفة الإسلام بدون لبس أو غموض فحديث النية الذى ورد فيه " ولكل امرئ ما نوى "رد أمر أنفسنا إلى أنفسنا .. وأن الإسلام يعتمد على الإخلاص .. والإخلاص سر غير مدرك إلا لخالق الكون تعالى
وحتى ممارسة الأركان .. إن كانت قياما وقعودا ..
فقد انتهت مبررات القيام بها لانعدام فائدتها دون أدنى شك ..
وتعبر عن ذلك الأحاديث النبوية الشريفة فى إعجاز مبهر ..
" من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له .. "
" رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش "
صدق رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام
إذا هى نية النجاة .. تلك التى تحكم رغبة المرء حقا .. فليس كل من عبر بلسانه عن رغبة النجاة بطالبٍ لها أو ساعٍ إليها إن لم تكن رغبته تلك أقرب إليه من حبل الوريد .. فلا رغبة ولا نية ..
كلنا قائلٌ برغبته .. معبرٌ عنها .. لكن هل تعمقنا فى أنفسنا فأدركنا هدفنا حقا ..
أم أن الأمر لا يعدو إلا كونه محاولة لإرضاء الضمير وفقط ..
وتحضرنى قصة بالغه التعبير
جاء إلى أحد العلماء ذات مرة .. رجل يطلب إليه أن يدله عن النوافل التى تكفل له رؤية رسول الله عليه الصلاة والسلام
فدله الفقيه على النوافل من صلاة وذكر ..
وبعد فترة أتاه الرجل شاكيا .. فدله على النوافل الأكبر وهكذا عدة مرات .,
حتى استغرب الفقيه من مثابرة الرجل وعدم ملاقاته للجزاء
فقال له ..
" اذهب إلى بيتك وقم بتناول عشاء دسم وحار .. ولا تتناول شربة ماء واحدة واخلد إلى النوم بعدها
وعندما تستيقظ عد إلى وقص على ما تلاقيه فى منامك "
ففعل الرجل ونام وهو على عطش شديد ..
وفى الصباح أتى للعالم وقال له ..
" قضيت ليلتى أحلم بحلم واحد لا يفارقنى .. وهو أنى أمر فى صحراء لاهبة أبحث عن الماء باستماتة فلا أجده "
فتبسم الفقيه وقال له ..
" لو بت وشوقك إلى رؤية رسول الله صلي الله عليه وسلم أكبر من شوقك للماء لرأيته "
فتأملوا معى ..
عندما تكون النية غير مصدقة لما وقع من عمل .. فلا جزاء ولا فائدة ..
والعودة إلى الله تعالى ..
لا تكون إلا بذهن وروح غارقة فى الخشية والإدراك لجلال الخالق وربوبيته المطلقة ..
فإن صح وجود هذا بِنية الإنسان .. فلا بأس عليه ولا خشية ..
وأحد العلماء من ذوى البصيرة المتقدة .. كان فى حلقات دروسه يبصر تلاميذه ويراقبهم بعين البديهة الحقة ..
فكان أن انتقي منهم واحدا فضله عن أقرانه وقربه إليه ..
ولم يشاهد أقرانه شيئا يفضل به زميلهم هذا حتى يقربه الإمام .. فلما أتوا إلى أستاذهم شاكين تلك القربي فى غبطة طلاب العلم
تبسم وقال لهم ..
" سأجعلكم تحكمون بأنفسكم .. "
وأتى لكل منهم بدجاجة وسكين ... وطلب إليهم جميعا أن يذهب كل منهم منفردا ويختبأ فى مكان لا تراه عين به قط ويذبح الدجاجة ويأت بها إليه وحذرهم تحذيرا قاسيا من أن مخالفة أوامره
فأطاعه جميع تلاميذه .. وعاد كل منهم وقد ذبح الدجاجة إلا هذا التلميذ النابغ المقرب
فسألهم الإمام جميعا عن أماكن اختبائهم وهل رآهم من أحد فأجابوا جميعا بالنفي
وعندما أتى التلميذ النابغ .. سأله الإمام ..
لماذا لم تذبح دجاجتك ؟!!
فقال له فى إيمان خاشع .. " بحثت حتى أرهقتنى الحيلة عن مكان لا يرانى به أحد فلم أجد مكانا لا يرانى به خالقي سبحانه وتعالى .. فأتيت "
فالتفت الإمام لتلاميذه وقال
" هل عرفتم الآن لماذا تفوق عليكم ؟"
تلك هى المعضلة الحقة .. إخلاص النية وإدراك معية الله وقربه تعالى منا إلى أقصي درجات القرب
وبعدها .. لا خشية كما أسلفنا القول .. ولا خوف
كما قال الإمام أبي الحسن الشاذلى عندما سؤل من تلميذه المقرب أبي العباس المرسي عن أى المناهج أصلح للمرء
التقشف والزهد أم التمتع بالأطايب
فأجاب سائلة فى حكمة بالغه ..
" يا أبا العباس .. اعرف الله وكن كيف تشاء "
نعم اعرف الله وكن كيف تشاء فحيثما كسبت عملا وجدت الله عنده
وهذا يقودنا إلى إدراك واحدة من أكبر الكوارث التى تحيق بالمجمعات الاسلامية
نسأل الله العفو والمغفرة .. والعودة إليه عودة طاهره ..