كما فرض الله سبحانه وتعالى علينا فروضا في العبادة والطاعة تدل على حبنا له وصدق عبوديتنا له فقد فرض علينا أن يكون لنا دور في دور أمتنا ومجتمعنا وأن ينتشر الخير على أيدينا وأن يذوق الناس من النعم التي أنعم الله بها علينا وألا يعيش الإنسان فقط لنفسه ولنفع نفسه وإنما من صميم العبودية والفوز والنجاة يوم القيامة نفع الناس وإدخال السرور عليهم وخدمتهم. فكما أن هناك علاقة بين العبد وربه وهي أساس الدين صلاة وذكرا وقرآنا وغض بصر، فإن هناك علاقة لا تقل أهمية هي خدمة الناس والسعي لإسعادهم وقضاء حوائجهم فقد استخلف الله البشر في أرضه ليصلحوها.
ونحن اليوم مع حديث قدسي من أجمل ما يكون، يظهر فيه حب الله لأهل الخير الذين يطعمون المسكين ويزورون المرضى ويسقون العطشان لا يعيشون فقط لأنفسهم ولكنهم يتحركون لغيرهم بالشفقة والعطف..
يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: "يا ابن آدم مرضت فلم تعدني. قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته وجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني. قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً استطعمك فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني. قال: كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: أما استسقاك عبدي فلاناً فلم تسقِه؟ أما علمت أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي؟".
هذا الحديث من أجمل الأحاديث التي توصل معنى أن فعل الخير يصل إلى الله وأننا سنجد ثوابه عند الله.. وكانت السيدة "عائشة" –رضي الله عنها- تعطر الدنانير قبل أن تتصدق بها وتقول: "لأنها تسقط في يد الله أولا".. إذن لنتفق على مبدأ وهو أن الله إذا وضع أمامك فعل خير من زيارة مريض أو إطعام مسكين أو قضاء حاجة من حوائج الناس، فإنما وضع أمامك هذا الخير ليأخذ بيدك إلى رضاه والجنة فلا ترفض هدية الله لك.
يجب علينا إذن الإصلاح في الأرض، وليس فقط العبادة التي تقتصر على الشخص نفسه -وإن كان هذا هو أساس الدين فالصلاة أول ما يحاسب عليه العبد".. إن إصلاح الأرض وظيفة للعبد ليكون عبداً صالحاً في نفسه مصلحاً لغيره، وهذه هي دعوة الأنبياء، واقرأ معي قول الله: "وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ". وقال الله تعالى:" يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
واقرأ معي هذه الأحاديث لتعلم فضل فعل الخير، لنسارع جميعاً له، فنصبح مثل الأنبياء الذين قال الله في حقهم: "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات".. حين سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن "أي الإسلام أفضل؟ فقال: أن تطعم الطعام وتلقي السلام على من تعرف ومن لا تعرف". هذا هو أعلى شيء في الإسلام بجوار الفرائض من صلاة وحجاب وبر للوالدين.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وكالقائم لا يفتر -يعني لا ينام طوال الليل ليصلي- والصائم لا يفطر".. في عمارتك أو شارعك ستجد أرملة أو مسكينا وإن لم تجد في عمارتك فاسأل عن أقرب دار للأيتام أو الفقراء أو الأرامل وادفع مبلغا شهريا بسيطا على قدر دخلك لتأتي يوم القيامة مع الشهداء والمجاهدين والمصلين والصائمين.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة". فحتى لو عمل الإنسان خيرا مع الحيوان فإن الله يحبه ويكرمه.
إن "الحسن البصري" أحد كبار من تربوا على يد جيل الصحابة يقول: "لأن أقضي حاجة من حوائج المسلمين أحب من أن أصلي ألف ركعة". وكان "محمد بن واسع" -أحد الصالحين- يقول: "إني لا أرد السائل عن حاجته حتى لو أدى ذلك إلى ذهاب كل مالي". كانوا رحماء بالناس فرحمهم الله ورضي عنهم.. "يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات".
وفي الحديث الجميل يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله اختص أقواماً بالنعم لمنافع الناس ويقرّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها، نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم".
ويحكى أن سيدنا "أبا بكر الصديق" أفلس ثلاث مرات في حياته أثناء الإسلام، وكانت أول مرة عندما أعتق بكل ماله عبيد المسلمين الذين كانوا يعذبون عند الكفار فاشتراهم منهم وأعتقهم ومنهم سيدنا "بلال" مؤذن الرسول".
والمرة الثانية لخدمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة؛ حيث أخذ كل ماله وخرج مع رسول الله. والثالثة حين جاءت إحدى غزوات المسلمين ولم يكن مع الجيش عدة وعتاد، فأخرج كل ماله، فلما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ماذا أبقيت لأهلك يا أبا بكر" قال: "أبقيت لهم الله ورسوله"، فياله من قلب رحيم خدوم لغيره من المسلمين!! إنه يستحق هذا اللقب؛ الصديق صاحب رسول الله.
اعمل من الآن للدنيا والآخرة.. نور قبرك وطريق آخرتك بحسنات خدمة الناس وكفالة اليتيم والسعي على المحتاج حتى ولو ساعدت أحدا يحمل شيئاً ثقيلاً في الشارع أو كفيفا ليعبر الشارع أو مسكينا يسألك طعاماً ما ليأكل فمن لم يجد فلا يبخل بالبسمة في وجوه الناس فإن "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
ولندخل على المواقع الخاصة بالجمعيات الخيرية ونحاول الانضمام إليها حتى نفعل ما نقول. وما رأيكم أن ينظر كل واحد منا إلى دولابه ليخرج شيئاً لا يحتاج إليه ويتصدق به قبل دخول عيد الأضحى..
منقووووووووووووووووول