اللهم إني صائم
بقلم أ /عمرو خالد ٣/٩/٢٠٠٨
(١)
اللهم إني صائم....
**صائم عن الأكل والشرب والشهوة والمشي خلف النفس الأمارة بالسوء.
**صائم عن الأكل في لحم الناس وغيبتهم والتشهير بهم والتهوين مما يفعلونه أو ينجزونه.
**صائم عن كل غش وزور، لأني سمعت حديث الرسول - صلي الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».
**صائم عن إيذاء الناس كل الناس، لأني سمعت حديث الرسول: «فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم» يقولها مرتين، وكأنه مرة يذكر بها نفسه ومرة يقولها لمن يشاتمه.
**صائم عن أكل حقوق الغلابة، صائم عن شهوة جمع المال بأي وسيلة، بأي طريقة، صائم عن شهوة الطمع وهل الصيام إلا تدريب علي كسر الطمع... اللهم إني صائم.
**صائم عن المشي خلف نفسي الأمارة بالسوء، فالعقل هو ما يميزنا عن غيرنا من المخلوقات، وإذا فكرنا فيما يعترينا من انفعالات وضغائن وأحقاد أو بأي مشاعر سلبية تجاه أي شخص، حتي لو كان يستحق، سنفقد صيامنا من أجل من لا يستحق.
إن رمضان يشبه عملية المد والجزر، رمضان هو مد للنفس المؤمنة السليمة وجزر للنفس الأمارة بالسوء.
«إذا جاء رمضان نادي مناد يا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر» نعم إنه مد وجزر..
**صائم عن التعالي والكبر والغرور وعدم الاستماع إلي نصيحة الغير، فالدين النصيحة، وصديقك من صدقك، لا من طاوعك علي كل ما تريد أو شجعك علي معصية الله.
**صائم عن الكليبات الخليعة والمناظر المؤذية.. صائم عن التدخين وشتيمة اللاعبين في مباريات كرة القدم.. صائم عن نقد كل من حولي ولعن حالي دائما، لأنه من العدل والمنطق إذا كنت أنظر لمن هم أفضل مني بسخط وغيظ،
أن أنظر كذلك لمن جعلني الله أفضل منهم في عملي أو في مالي أو في محبتي للناس ومحبة الناس لي، فالمحبة طاقة إيجابية، وحب الناس لك من حب الله، ونسأل الله أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب العمل الذي يقربنا إلي حبه.
اللهم إني صائم، اللهم فتقبل.
(٢)
رمضان فرصة لإصلاح مستقبل بلادنا.....
إليكم قصة شاب إسباني التقيته ولم يكن قد سمع من قبل عن صيام المسلمين..
كان ذلك منذ عدة سنوات، حيث فوجيء هذا الشاب بأن المسلمين يصومون من الفجر إلي المغرب فسألني عن صحة الأمر وأكدته له.
قال لي: هل تصومون يوميا في رمضان دون إجبار؟ قلت: نعم.
يستغرب الشاب ويسألني مرة أخري: هل تصومون جميعا أم أن الأمر مقصور علي فئة دون أخر، فأجبته بأن الجميع يصومون حتي الصغار.. سكت الشاب وفكر، ثم سألني سؤالا لا أزال أفكر فيه حتي الآن، حيث قال: إذا كنتم تصومون هكذا فكيف أنكم متأخرون ومتخلفون؟
لو كان هناك قانون في إسبانيا مثل قانون الصيام الذي تلزمون به أنفسكم في الإسلام لأصبحت إسبانيا سيدة الأرض ومَنْ عليها.
الموضوع محير فعلا، فكأن البشر في رمضان غير البشر بعد رمضان، وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: «لو علم الناس ما في رمضان لتمنوا أن تكون السنة كلها رمضان».
رمضان فرصة لإصلاح مستقبل الأمة بما يمدنا به من طاقة روحية والتزام أخلاقي وانضباط نفسي وسيطرة علي النفس. رمضان يشبه شهر الشتاء، تعيش الأرض تنتظر الشتاء،
ليمد الأرض والكائنات بالخير والمطر لتعيش الكائنات علي خيره للعام التالي، كذلك يأتي رمضان فيمد الأمه باحتياجاتها من الخير والطاقة الروحية والأخلاق للعام التالي فهل سنصوم هكذا؟.. اللهم إني صائم..
(٣)
إذا أردت حقا أن تتغير، فرمضان هو المحك، والفرصة أمامك، بشرط أن تخلص النية وتعمل من أجل أن تبدأ مع الله عز وجل ومع نفسك ومع كل من حولك بداية جديدة، وليتذكر الجميع أن الله عز وجل لا يغير ما بقوم.. حتي يغيروا ما بأنفسهم.