مات ملبيا لربه مات بلبيك اللهم لبيك رافعا يداه بالدعاء خاضعا خاشعا لملك الملوك ..
أطبق عليه حديد الموت وحاصره من كل مكان فرفع أصبع التوحيد
بلا إله إلا الله محمد رسول الله ..
كان أخر ما يستطيع فعله هي الإشارة ونعم بها من إشارة
إعلانا ًللتوحيد ليلاقي بها الواحد الأحد..
نعم المصرع ساجد لفاطر السماوات والأرض وفي مسجد صفوة الخلق
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ..
لما رأت فاطمة رضي الله عنها ما برسول الله عليه الصلاة والسلام من الكرب الشديد
الذي يتغشاه عند الموت قالت:
واكرب أبتاه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم..
وهذا عبد الله بن جحش عندما خرج لمعركة أحد دعا الله عز وجل قائلا:
يا رب إذا لقيت العدو فلقني رجلا شديدا بأسه شديدا حرده فأقاتله فيكون يقاتلني
ثم يأخذني ويجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك غداقلت يا عبد الله من جدع أنفك وأذنك
فأقول:
فيك وفي رسولك..
فتقول : صدقت وبعد المعركة رآه بعض الصحابة مجدوع الأنف والأذن كما دعا.
وطعن جبار بن سلمي الكلبي عامر بن فهيرة يوم بئر معونةفنفذت الطعنة فيه
فصاح عامر قائلا: فزت ورب الكعبة.
وكان بلال بن رباح يردد حين حضرته الوفاة وشعر بسكرات الموت قائلا:
غداً نلقى الأحبة محمدا وصحبه فتبكي امرأته قائلة وابلالاه واحزناه
فيقول : وافرحاه
ولما حضرت آدم بن إياس الوفاة ختم ما تبقى عليه من سور القرآن وهو مسجّى
فلما انتهى قال:
اللهم ارفق بي في هذا المصرع اللهم كنت أؤملك لهذا اليوم وأرجوك
ثم قال: لا إله إلا الله وقضى.
و أبو الحسن النساج لما حضره الموت غشي عليه عند صلاة المغربثم أفاق ودعا
بماء فتوضأ للصلاة ثم صلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد ومات.
و ابن أبي مريم الغساني لم يفطر مع أنه كان في النزع الأخير وظل صائما فقال له من حوله:
لو جرعت جرعة ماء
فقال بيده: لا
فلما دخل المغرب قال: أذّن
قالوا: نعم فقطروا في فمه قطرة ماء ثم مات.
وكان أبو حكيم الخبري جالسا ينسخ الكتب كعادته
فوقع القلم من يده وقال:
إن كان هذا موتا فوالله إنه موت طيب فمات.