نكتة تتحول إلى حقيقة

موضوع: نكتة تتحول إلى حقيقة 2010-02-02, 12:08 am

نكتة تتحول إلى حقيقة

بقلم/
سليمان جودة

٣١/ ١/ ٢٠١٠

هات خريطة للعالم، وحاول أن تحدد عليها
مواقع ثلاث دول: الصين، الاتحاد السوفيتى السابق، ثم فنلندا!.. وسوف تلاحظ
أن فيتنام إذا كانت تأخذ على الخريطة شكل حرف «S» فى اللغة الإنجليزية،
فإن الصين تأخذ هيئة دجاجة تطل برأسها على الشرق، فى اتجاه كوريا، وتقف
بقدميها فوق فيتنام!وقد كانت فنلندا، والصين، والاتحاد السوفيتى
السابق، موضع نكتة سياسية لاذعة، قيلت ذات يوم، على سبيل الفكاهة لا أكثر،
فإذا بها اليوم حقيقة ساطعة، لا يكاد يختلف عليها اثنان!

وقد جاء
يوم على الزعيم السوفيتى الراحل بريجنيف، كان فيه شديد القلق على بلاده من
وجود الصين على حدودها المباشرة، وكان يريد أن يطمئن على الاتحاد قبل
رحيله، ولم يكن يعرف طبعاً أنه سوف يأتى يوم آخر، يتفكك فيه الاتحاد
تماماً، فتبقى منه روسيا وحدها، ثم عدة دول متناثرة حولها!

وكان
بريجنيف، فيما أظن، يتطلع إلى خريطة الصين على حدود بلاده، ثم يصاب بالفزع
من أن تأتى لحظة، تتمكن فيها الحكومة فى بكين من إدارة ثروة البلد جيداً،
فتسبب الفزع، ليس فقط للدول التى ورثت ما بقى من الاتحاد، وإنما يصل الخوف
الآن إلى الولايات المتحدة التى تخشى أن يتحقق ما يتوقعه الخبراء
المتخصصون حالياً، عندما يقولون إن عام ٢٠٢٠ حين يأتى، فسوف يكون اقتصاد
الصين فى الغالب، متقدماً على اقتصاد واشنطن، وسوف يكون اقتصاد بكين
وقتها، هو الاقتصاد رقم واحد فى العالم!

والمسألة بطبيعة الحال،
ليست مجرد مساحة مترامية تتمدد عليها حدود الصين، فالمهم هو كيف تتمكن
الدولة، حين تكون لديها مساحة كبيرة كهذه، من إدارة ثروات أرضها، من البشر
والحجر، على نحو جيد.. وإلا فإن مساحة دارفور وحدها، أكبر من مساحة فرنسا،
ومع ذلك، فأين السودان كله، وليس دارفور وحدها، من فرنسا، إذا ما انعقدت
مقارنة من أى نوع بين الدولتين؟!

وعندما كنت فى بكين، الأسبوع
الماضى، رحت أتطلع إلى خريطة للصين، ومن حولها العالم، وتذكرت تلك
النكتة التى ارتبطت بالرئيس بريجنيف فى حياته!وقبل أن نتعرف على معالم
النكتة، وكيف كانت قد قيلت، يجب أولاً أن تعلم، أنك إذا كنت موجوداً فى
الصين، ثم تجاوزت حدودها غرباً، فى اتجاه الاتحاد السوفيتى السابق، فإنك
بعد أن تتجاوز أرض الاتحاد نفسه، وبعد أن تقطعها براً، سوف تجد أنك على
حدود فنلندا مباشرة!..

وهذا بالضبط، هو أساس النكتة التى تقول إن بريجنيف
كان مهموماً بمستقبل بلده، وكان يريد بقوة أن يتعرف على شكل العلاقة بين
موسكو وبكين، فطلب اختراع جهاز كمبيوتر يقرأ مستقبل العلاقة بين الدول،
ولما أجابوه بأنهم قد اخترعوا الجهاز المطلوب، أمر بأن يسألوه عن المستقبل
بين موسكو وبكين!وجاءت إجابة الجهاز من أربع كلمات أصابت بريجنيف
بالرعب.. وكانت الكلمات تقول: الحدود الصينية الفنلندية هادئة تماماً!!..

وكان معنى النكتة الموجع، كما ترى، أن المستقبل سوف يشهد اجتياحاً صينياً
كاملاً للاتحاد السوفيتى، بحيث تصبح للصين حدود مباشرة مع فنلندا!وبطبيعة
الحال، فإن الاجتياح، الذى تنبأ به الجهاز، ليس من الضرورى أن يكون
اجتياحاً عسكرياً، إذ يكفى جداً أن يكون الاقتصاد الصينى فى هذه اللحظة،
هو الاقتصاد الثانى عالمياً، بعد الولايات المتحدة، ثم تكون اليابان هى
الثالثة، وألمانيا الرابعة، دون أن تكون هناك مكانة أو حتى مكان لروسيا،
ليكون الاجتياح قد تحقق، وتكون للصين حدود مباشرة من نوع آخر مع فنلندا!

وعلى مدى أيام فى الصين، كنت أتساءل:
أين نحن من هذا كله؟!.. وأين حدودنا؟!

نكتة تتحول إلى حقيقة 78725687id4