سحل أمام القصربقلم/حسن المستكاوي
وأنت تقرأ هذه السطور لعلك تكون وجدت قرارات صارمة وسريعة بشأن
مشهد سحل المواطن أمام قصر الاتحادية. وهو المشهد الذى حول دفة المصريين
المشاهدين أو المتفرجين من رفضهم الغاضب والشديد للعنف وقنابل المولوتوف
التى ترسل نحو القصر إلى غضب عارم وحالة غليان ضد ساكن القصر وإزاء ضرب
وسحل وتعرية هذا المواطن، وهو أمر سيكون له ردود فعل تتخطى حدود البلاد إلى
العالم.. فالواقع أن السلطة أصبحت مرئية، إنها لا تقدر على إخفاء شىء، لا
قرار ولا سلوك. هناك آلاف العيون تراقبها. وأحد تلك العيون وراء كشف جريمة
السحل التى وقعت أمام القصر كأننا فى مينامار. •• خرج المتحدث الرسمى لوزارة الداخلية للرد على المشهد الفظيع، واعترف
بالخطأ، واعتبر أن الاعتراف به يعد سبقا. وأخذ يشرح ويتكلم كثيرا. ولم تدرك
الدولة، ولم يدرك أطراف اللعبة السياسية جميعا أننا زهقنا من الكلام، طول
الوقت كلام وتنظير ولا توجد قرارات. فكيف يقول المتحدث الرسمى للداخلية إن
هناك تحقيقا سوف يجرى. ولست ضد التحقيق. لكنى ضد عدم فهم مشاعر الناس
وكيفية مخاطبتهم فى المواقف الصعبة والخطيرة. كانت النار تغلى فى الصدور
بسبب مشهد السحل، وتنتظر قرارا رئاسيا بشأن الوزير والضباط والجنود الذين
تجاوزا فى حق كرامة هذا الرجل. وكان سلوكهم جريمة ضد الإنسانية.
•• كنا نحذر من النفاق السياسى، والمنافقون الذين يرحبون بالمظاهرات وهم
يدركون أنها تسير بالبلد إلى الخلف (ضحايا اليوم السلمى الأخير 80 جريحا
وقتيل ومسحول). ولا يوجد استثناء واحد من المسئولية. لا الإخوان، ولا
الحرية والعدالة، ولا جبهة الإنقاذ، ولا أى جبهة.. كلهم يدركون أن الحشد
والحشد المضاد يسير بنا إلى كارثة.. وكنا نطالب طوال عمرنا قبل الثورة
وبعدها باحترام القانون وتطبيقه. إلا أن التغاضى عن عنف مواجهة المتظاهرين
أمام الاتحادية فى الصدام الأول الذى راح ضحيته 9 قتلى. وقبل ذلك التغاضى
عن حصار الدستورية والإنتاج الإعلامى، وبعد ذلك الانقضاض على مقر حزب
الوفد. وتهديد قسم الدقى. كل هذه الأمور وغيرها جرائم لم نعرف بعد نتائج
التحقيق فيها، أو لم يعلن عن إجراء تحقيقات رسمية بشأنها. فهل هى دولة
قانون أمام ناس، وليست دولة قانون أمام ناس؟!
•• كل عنف هو جريمة يقود البلد إلى كارثة كبيرة. ومن صمت إزاء عنف جماعة
أو جموع لأى سبب مهما كان، لا يستطيع أن يلعب دور الحاكم والحكيم أمام
جماعة أو جموع أخرى.. لا يستطيع ولن يسمح له بأن يرفع رأسه محذرا من الخطر
الذى يهدد مصر.
•••
ما يضحك. يقول قارئ النشرة ما معناه: تقرر إلقاء القبض على كل من يرتدى
قناعا اسود. وكل من ينتمى إلى البلاك بلوك. وتقرر إغلاق مصنع كان يقوم
بصناعة أقنعة سوداء».
وأراقب ما يحدث. فالتصريحات التى تخرج من المؤيدين، ومن المعارضين،
ويتهم الآخر بأنه الفاعل.. المشهد السياسى فى مصر يجعلنى أشعر كأننى أقرأ
مجلة ميكى.