ولم يمض على اقتراح مشهور عام واحد حتى اكتشفت أجهزة الأمن المصرية خطة أطلق عليها الإخوان آنذاك "خطة التمكين" والتي عرفت إعلامياً بقضية "سلسبيل" التي تحمل رقم 87 لسنة 1992، وخطة التمكين التي تقع في ثلاث عشرة ورقة فلوسكاب، ضبطت في منزل قيادي الجماعة المهندس خيرت الشاطر عام 1991، وتعتبر الوثيقة "هي أخطر وثائق جماعة الإخوان المسلمين السرية على الإطلاق، وهي – كما يشير عنوانها – تتعلق بخطة الجماعة من أجل الاستيلاء على الحكم؛ لأن معنى "التمكين" كما تقول الوثيقة بالحرف الواحد: هو الاستعداد لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة، وذلك لن يتأتّى - كما تؤكد الوثيقة - بغير خطة شاملة تضع في حساباتها ضرورة تغلغل الجماعة في طبقات المجتمع الحيوية، وفي مؤسساته الفاعلة مع الالتزام باستراتيجية محددة في مواجهة قوى المجتمع الأخرى والتعامل مع قوى العالم الخارجي".
وتضع الوثيقة - المكونة من 13 ورقة فلوسكاب - مهمة التغلغل في قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين وقطاع رجال الأعمال والفئات الشعبية الأقل قدرة، باعتبارها حجر الزاوية في خطة التمكين؛ لأن من شأن انتشار جماعة الإخوان في هذه القطاعات – كما تقول الوثيقة – أن يجعل قرار المواجهة مع الجماعة أكثر صعوبة ويفرض على الدولة حسابات أكثر تعقيداً، كما أنه يزيد من فرص الجماعة وقدرتها على تغيير الموقف وتحقيق "التمكين".
وتشير الوثيقة بوضوح بالغ إلى أهمية تغلغل جماعة الإخوان في المؤسسات الفاعلة في المجتمع، وهنا مكمن الخطورة؛ لأن المؤسسات الفاعلة في عرف الجماعة ليست فقط النقابات المهنية والمؤسسات الإعلامية والقضائية ومجلس الشعب، لكنها أيضاً "المؤسسات الأخرى" التي تتميّز بالفاعلية والقدرة على إحداث التغيير، والتي قد تستخدمها الدولة في مواجهة الحركة وتحجيمها.
إن وثيقة "التمكين" لا تقول صراحة ما هي "المؤسسات الأخرى" التي يجري تجهيلها عمداً، لكن الوصف يشير بوضوح بالغ إلى مؤسستي الجيش والشرطة، على أن أخطر ما تطرحه الوثيقة هو رؤية جماعة الإخوان لكيفية التعامل مع قوى العالم الخارجي، خاصة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتكشف الوجه الحقيقي للجماعة؛ لأن الوثيقة تؤكد على أهمية إشعار الغرب - وأمريكا على وجه الخصوص - بأن الإخوان لا يمثلون خطراً على مصالحهم، وأن من صالح الغرب أن يتعامل مع الإخوان عند "التمكين"؛ لأن الإخوان يمثلون قوة تتميز بالاستقرار والانضباط.
"ثلاث عشرة صفحة فلوسكاب من الحجم الكبير معنونة بكلمة "التمكين"، موضوعة في شكل تقرير يؤكد على أن المرحلة الجديدة من عمر التنظيم تتطلب المواجهة ولا تحتمل عمومية الأهداف السابقة في الانتشار والتغلغل، وتحذر الوثيقة من التضارب في القرارات بالنسبة للمواقف التي تتعرض لها الجماعة، فضلاً عن التحدي والتهديد الخارجي والمواجهة السافرة بين الأنظمة الموجودة وحركات الإسلام السياسي العاملة على الساحة، وتتساءل الوثيقة: ما هي الأوضاع التي ينبغي أن تكون عليها الحال؟، والنتائج الموجودة على المدى القريب والقصير من حيث:
- تحقيق الرسالة.
- توافر الاستمرارية.
- الاستعداد للمهام المستقبلية.
- رفع الكفاءة.
والرسالة في عرف الجماعة - وحسب نص الوثيقة - تستهدف التهيؤ لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة الدولة وإعداد البناء الداخلي لمهام مرحلة "الكفاءة"، والأخيرة تقصد بها الوثيقة وضع سياسة مواجهة لذلك التهديد الخارجي، يقصدون به محاولات إجهاض مخططات الجماعة للسيطرة والتغلغل، وذلك عن طريق:
- الانتشار في طبقات المجتمع الحيوية والقدرة على تحريكها.
- الانتشار في المؤسسات الفاعلة ويقصدون بها الجيش والشرطة.
- التعامل مع القوى الأخرى.
- وأخيراً.. الاستفادة من البعد الخارجي".